غزة – (مؤسسة عبد المحسن القطان – 28/1/2019):
نظم مشروع "الفنون البصرية: نماء واستدامة" في مؤسسة عبد المحسن القطان، لقاء حوارياً استضافه محترف شبابيك للفن المعاصر في غزة، السبت 26/1/2019، شارك فيه تسعة فنانين من قطاع غزة وهم: دعاء قشطة، يسري الغول، محمد الحاج، نبيل أبو غنيمة، مجدل نتيل، سلمان النواتي، ميسرة بارود، سهيل سالم، وسهير جودة، فيما شارك الفنان خالد الحوراني عبر السكايب من رام الله.
وناقش اللقاء الذي أدارته الفنانة آلاء يونس، البحث الذي أعده حوراني بعنوان "زيت على قماش"، والذي يتناول عمل "جمل المحامل" للفنان الفلسطيني سليمان منصور، والأهمية التي اكتسبها باعتباره جزءاً من حالة توثيق الممارسات الفنية للتطورات والأحداث السياسية والفنية والاقتصادية داخل المشهد الفلسطيني وخارجه.
وهذا اللقاء هو الرابع الذي ينظمه مشروع "الفنون البصرية: نماء واستدامة"، ضمن تدخله لتطوير معارف وأدوات الفنانين والباحثين في قطاع غزة، الذي بدأ تنفيذه في شهر كانون الأول 2018، ويستمر، بواقع لقاء كل أسبوعين، حتى شهر نيسان من العام 2019.
وقال الحوراني: "يستعرض البحث، مشهد الفن التشكيلي الفلسطيني منذ سبعينيات القرن الماضي والمواقف التي عاصرها الفنانون وظروف عملهم وإنتاجهم الفني، عبر قصص وحكايات يرويها البحث عن مصير هذه اللوحة الأيقونة".
وجاءت مداخلات المشاركين لتصب في وصف تجاربهم الشخصية مع لوحة "جمل المحامل" وأكثر الأعمال الفنية التي أثرت فيهم في مرحلة البدايات كفنانين وباحثين.
وقال الفنان النواتي: "لوحة جمل المحامل موجودة في كل مكان، وأذكر أنني رسمتُها، أول مرة، وأنا طالب في السنة الثانية في الجامعة مقابل 400 شيكل لشخص من عائلة كحيل في غزة".
فيما قال الفنان ميسرة بارود: "كنا في فترة الانتفاضة الأولى نهتم كثيراً بالقضايا الوطنية، وكانت لوحات للفنانين سليمان منصور وعصام بدر متداولة ومعروفة، فكنا نحصل عليها من خلال بوسترات في المراكز الثقافية بغزة، وقمت وقتها بتقليد هذه الأعمال".
أما الفنانة قشطة، فقالت: "بالنسبة للوحة "جمل المحامل"، فقد رأيتها بعد أن تعرفت على الفنانة سمية الأقرع، لأنها كانت قد رسمت لوحة لسيدة عجوز تحمل ملابسها هرباً من غرق منزلها من الأمطار، تيمنا بلوحة "جمل المحامل"، وبالتالي ذهبت وبحثت عن اللوحة في الإنترنت وكانت أول مرة أشاهد فيها هذه اللوحة".
وحول هدف اللقاءات، قالت يونس: تهدف هذه اللقاءات إلى التوسع في نقاش مواد تتعلق بالطرق التي يتجاوز أو يتعامل فيها الإنتاج الفني مع ظروف الحرب، أو تطور التكنولوجيا، أو اعتماد الإنتاج على التمويل ... وغيرها من المواضيع.
وأوضحت: في كل لقاء تلتقي المجموعة بعد التحضير من خلال قراءة نص أو مشاهدة فيلم مقترح، وتناقش المحاور التي يتناولها النص أو الفيلم بربطها بالممارسات الفنية المحلية.
وأضافت: "ينتج النقاش طيفاً واسعاً من الملاحظات، تساعد على فهم المشهد الثقافي والفني، وتخيّل ما يمكن العمل على تطويره فيه. من جهةٍ أخرى، يتم النظر في نصوص وأفلام مُتداولة في عالم الفن المعاصر، وطرحها للنقاش ومقارنتها ومقاربتها مع أفكار المشاركين وممارساتهم من جهة، ومع المشهد الفني في غزة من جهة أخرى، من حيث شكله ومحدداته".
وكان اللقاء الأول قد استضاف الكاتب ومنسق الأفلام المصري علي حسين العدوي من مدينة الإسكندرية، وتناول اللقاء تحليلاً لفيلم "نار لا تخمد" (Inextinguishable Fire) للمخرج المصري هارون فاروقي، والمنتَج في العام 1969.
وناقش العدوي الفيلم كبادرة في صناعة الأفلام الملتزمة، أو التي تحمل قضايا أو تختار طرقاً غير معتادة في السياق العام لإنتاج أفلام ذات رسالة.
وناقش المشاركون في اللقاء طريقة الفيلم في استخدام وتأثير الصور العنيفة للحرب، وعلاقة شركات إنتاج الأسلحة بتشييد هذه الصورة، وموقع الفنانين والمخرجين من هذه العمليات الإنتاجية.
واستضاف اللقاء الثاني الفنان الأردني الفلسطيني رائد إبراهيم، وتم خلاله مناقشة موقع الفنانين من كتابة النصوص واستلام المنح، ووعيهم بموقعهم من عمليات تقسيم العمل الثقافي، وذلك عبر قراءة نص مترجم للعربية للفنان فيلكس جونزاليز توريس، وعرض فيلم "مقطع الزهرة الورقية" للمخرج بيير باولو بازوليني.
أمّا اللقاء الثالث فكان مع الكاتبة والباحثة الفلسطينية عدنية شبلي، ونوقش خلاله نص "القرائن: موريللي، فرويد، وشيرلوك هولمز"، من تأليف كارلو غينزبورغ، وترجمة أريج بطة.
ويتطرق النص إلى الطريقة التي يرى الناس بها العالم، وكيف تتغير المعرفة من موقع التهميش، وكيف يمكن إعادة قراءة التفاصيل الصغيرة التي تعيد تعريف مركزية السرد أو العمل الفني أو التاريخ ككل.
وعرضت شبلي أعمالاً فنية أوروبية شهدت تحولات في طريقة التعامل مع عناصر اللوحة.
وعلى صعيد الفنانين المشاركين، فقد أتاحت هذه اللقاءات مساحة لعرض أفكارهم وأبحاثهم، وبالتالي إعطائها فرصة للنقد والتطور، حيث يقول الفنان نبيل أبو غنيمة؛ وهو أحد المشاركين: "كان لدي الكثير من التساؤلات التي وجدت الفرصة المناسبة لطرحها والحصول على تغذية راجعة حولها".
بدورها، قالت الفنانة مجدل نتيل: "المواد التي تم نقاشها عززت أدوات النقد عند جميع المشاركين، وبخاصة أنّ غياب النقد أثّر في مخرجات الساحة الفنية هنا في الآونة الأخيرة".
أما مديرة مشروع "الفنون البصرية: نماء واستدامة" في مؤسسة عبد المحسن القطان يارا عودة، فقالت: "صُمم هذا التدخل في محاولة لتوسيع أفق التواصل بين المشهد الفني في قطاع غزة والعالم، ولكسر عزلة الفنانين في القطاع في ظل ما ينطوي عليه المشهد الفني هناك من زخم كبير في الإنتاج. وهذا التدخل يعتبر جزءاً من سلسلة تدخلات تطويرية يُنفذها المشروع في مجالات متنوعة منها بناء الجمهور، وأرشفة وحفظ الأرشيف الفني، والتخطيط المالي للمشاريع الفنية، وغيرها من المواضيع".