تدين مؤسسة عبد المحسن القطان، بأشد مستويات الإدانة والتنديد، استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي مبنى مؤسسة سعيد المسحال للثقافة والعلوم في مدينة غزة، وترى فيه اعتداءً سافراً جديداً يضاف إلى سجلات هذا الاحتلال ومحاولاته المتواصلة لتجريد الفلسطيني، ولاسيما في قطاع غزة، من أدوات بقائه ومقاومته الإنسانية، وبخاصة تلك التي تشكلها الثقافة كحصن وملاذ أخير من قسوة الواقع ولا إنسانيته، بعد أن أمعن في حصاره على مدى السنوات الطويلة الماضية، وتجريده من كل أسباب الحياة الإنسانية الكريمة.
إن هذا القصف سوّى بالأرض مبنى مكوناً من خمسة طوابق، ويضم، إضافة إلى مسرح مؤسسة المسحال، الذي يكاد يكون الوحيد في قطاع غزة، والذي طالما فتح أبوابه لكل أشكال التعبير الفني والثقافي، ويشكل متنفساً حيوياً للعاملين في المجال، مقر مركز غزة للثقافة والفنون، وجمعية أبناؤنا للتنمية، وغيرها من المؤسسات.
يبدو أن الدمار الذي طال قرية الفنون الحرف منتصف الشهر الماضي جراء قصف آخر، ذهب ضحيته طفلان، وقصف مبنى دار الكتب الوطنية، ما هو إلا مقدمات لهذا العمل الوحشي، الذي ينذر بمزيد من الاعتداءات المماثلة.
وفي الوقت الذي تعلن فيه مؤسسة عبد المحسن القطَّان عن تضامنها ومساندتها لمؤسسة المسحال، وللزملاء في مركز غزة للثقافة والفنون، وكل الفنانين والعاملين في الحقل الثقافي في القطاع، فإنها تدعو كافة مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين، إلى فضح وإدانة هذه الممارسات البربرية، التي يتم تسويقها في العالم على أنها "محاربة للإرهاب"، في حين أنها تثلج صدور كل القوى الظلامية التي تحارب كل فعل ثقافي وتنويري، من شأنه أن يبقي على فسحة صغيرة من الأمل لدى المواطنين في قطاع غزة، في ظل ما يشهده القطاع من ظروف لا إنسانية بسبب الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض عليه منذ أكثر من عشر سنوات، وما تخلل ذلك من حروب وتدمير وتقتيل وتشريد، وتحث المؤسسات الدولية، ولاسيما اليونسكو، ومؤسسات حقوق الإنسان، وكل شركائها في المنطقة وحول العالم، إلى إدانة هذا العمل الهمجي، وحث دولة الاحتلال على التوقف عن حصار قطاع غزة، والتنكيل بسكانه، والكف عن تدمير مقدراته، والمس بمؤسساته الثقافية وإرثه الحضاري.
إن قصف مبنى مؤسسة سعيد المسحال وتسويته بالأرض، لا يمكن النظر إليه إلا في سياق محاولات دولة الاحتلال المتزايدة لخنق القطاع، وقتل أسباب الحياة القليلة المتاحة فيه، ولجعل الحياة غير قابلة للعيش تماماً، لاسيما لأولئك الذين بإمكانهم أن يقدموا الأمل للناس، ويحلموا بالتغيير، ويعملوا عليه.
وفي هذا السياق، تشيد مؤسسة عبد المحسن القطَّان بحركة التضامن الشعبية الواسعة التي تجسدت جراء قصف هذا المعلم الثقافي، ولاسيما المبادرات التي قام بها الفنانون في الموقع، واحتشاد كثير من المواطنين، مجسدين تحديهم لإجراءات الاحتلال، ومجددين تمسكهم بالأمل.