رام الله – (مؤسسة عبد المحسن القطان 23/7/2018):
نظم برنامج البحث والتطوير التربويّ/مؤسّسة عبد المحسن القطان، مؤخّراً، عدّة فعاليات مجتمعيّة ثقافيّة ميدانيّة مع المجتمع المحليّ في مدينة خان يونس؛ وذلك ضمن مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية"، الذي تنفذه المؤسسة، بدعم مشارك من الوكالة السويسريّة للتنمية والتعاون (SDC)، ويشرف على تنفيذه المنسّقان حمدان الآغا ومحمد شبير، والباحثة عبير سحويل.
وانخرطت مجموعة من الطلبة، خلال المشروع، في عمليّة بحثيّة عبر سلسلة من الورش التفاعلية للتفكير في الطرق والأدوات التي سيشاركون بها مجتمعهم للبحث معاً في القضايا المجتمعية التي عملوا على رصدها سابقاً، عبر توظيف الصورة كأداة للتعبير والتفاعل.
وقال الآغا: إنّ طلبة المشروع انخرطوا في عملية بحثيّة تم خلالها توظيف الكاميرا لرصد القضايا المجتمعية عبر جولات ميدانيّة، ومن بين تلك القضايا التي تمّ رصدها: الأحياء العشوائية، الدفيئات الزراعية المهجورة، مكبّ الصرف الصحي، برك تجميع مياه الأمطار، المشاتل الزراعية، المتاحف الأثرية الشخصية، سور قلعة برقوق.
وتخلل العمل الميداني إجراء مقابلات مع المواطنين لرصد قضايا مجتمعية وطرح الأسئلة الاستكشافية والبحثية حول مسببات القضايا وممكناتها. وفي ضوء ذلك، تم توثيق التجربة كتابياً عبر كتابة تأملات الطلبة في الجولة وتحليل المقابلات، وبصرياً عبر إنتاج فيلم توثيقي عن التجربة.
تم توظيف منتجات المرحلة في خان يونس من كتابات وصور وأفلام ورسومات كمصدر لعملية تشاركيّة مع المجتمع، تضمنت سلسلة من اللقاءات، منها لقاء مع النشطاء المجتمعين في خان يونس، تمحور حول دور النشطاء في التغيير المجتمعيّ. وقالت دعاء شراب، إحدى المشاركات في اللقاء: "لم نرَ في خان يونس مشروعاً بهذا العمق يربط الطلبة بمجتمعهم ويوظف الفنون".
دور المرأة في المجتمع
كما عُقد لقاء مع مجموعة من السيدات والأمهات، كان بمثابة فضاء حواري تفاعلي للبحث في دور المرأة في المجتمع، لتفكيك العقد المجتمعية التي تواجهها المرأة في خان يونس، ولطرح عدة تساؤلات حول القيود التي تفرضها نظرة المجتمع وسلطته الذكورية مُشكلةً هاجساً أمام المرأة.
وطرح اللقاء كذلك علاقة المرأة بمحيطها وعلاقتها بالأطفال ومدى المسؤولية الاجتماعية.
وعبرت إسراء كلخ، الطالبة المشاركة في المشروع، قائلةً: "لطالما كنت أحلم بأنْ أغير في تفكير مجتمعيّ، وأخيراً سأواجه المجتمع وجهاً لوجه لنعمل معاً على التغيير".
وفي السياق ذاته، تم تنظيم جلسة حوارية مع مجموعة من الشباب وطلبة الجامعات لمناقشة الدور الشبابي في الحراك المجتمعي نحو واقع أفضل، وتعزيز العمل التطوعي كنافذة نحو التغيير.
وأشار شبير إلى أنّ المشروع قد نجح في خلق مساهمات واضحة من المجتمع، ونقاط تأثير، وما زالت البقعة تتسع لتضم شركاء لفتح حوار عميق يعزز دور الفرد في المشاركة والمساءلة.
ويعمل فريق المشروع في تطويره عبر تكوين شركاء مجتمعيين يحملون رؤية المشروع ويبنون حواراً مجتمعياً في المجتمع والتعبير عن هذا الحوار وعن العملية البحثية في المجتمع من خلال الفن بأشكاله المختلفة.
المدرسة والتكوين المجتمعي
وفي إطار العمليّة البحثية في المجتمع، تم عقد ورشتيْ عمل مع المعلّمين بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم في خان يونس، وتم التركيز على أهمية تطوير دور المدرسة في التكوين المجتمعي وبناء سياقات وأدوار للفرد للانخراط في المجتمع بعيداً عن مفهوم التحصيل العلمي، كما تم عرض مقطع فيديو للمفكر الفلسطيني منير فاشة.
وقالت عبير سحويل، الباحثة في المشروع: "طرق الكثير من المعلمين جدار الخزان، وتساءلوا حول أي نوع من التعليم نحتاج، ليخرج الطلبة من الحيز النمطي، ومن الإطار، كما عُرضت تجربة المشروع في توظيف الفنون والدراما مع مجموعة من الطلبة في مشروع يربطهم بواقعهم ومحيطهم، بحيث يصبح التعلم مغايراً لذاك الذي يحدث داخل الغرف الصفيّة، والذي يكون فيه الطالب متلقيّاً وليس منتجاً للمعرفة".
وسيستمر المشروع في العمل خلال المرحلة المقبلة على خلق شراكات حقيقيّة مع البلديات ومؤسّسات الحكم المحلي استكمالاً للقاءات التشاركية مع الطلبة ولجان الأحياء والمجتمع بأكمله لخلق أدوار مغايرة مع صناع القرار.
ومن الجدير ذكره أنّ المشروع ينفذ في مواقع عدّة إضافة إلى خان يونس، منها: قطنة، نعلين، عنبتا، أريحا، قلقيلية، بحيث تعمل فرقٌ من الباحثين والنشطاء المجتمعيين والفنانين على استكشاف قضايا مجتمعيّة لدمج الفن والثقافة في الممارسة الحياتية، ليس لأجل الناس، بل من خلال عمل الناس لأجل أنفسهم؛ عبر العمل ضمن منظوراتهم وحاجاتهم وتوظيف الفن وأدواته كسياقات للرؤية والتعبير والتدخل. إذ يتضمن معارض فنيّة بصريّة وأعمالاً فنيّة في الحيّز العام وأفلاماً ومسرحيّات ومنشورات؛ تأتي كلّها كنتاجٍ لعمليّة بحثٍ مجتمعيّ، وورش عملٍ مع طلبة وأمّهات وفنّانين ومعلّمين.