نظّم برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطّان، مؤخّراً في غزّة، أربع ورشاتِ عمل في الدراما والتعلّم التكامليّ مع مجموعة من معلّمي مدرستيْ ذكور بيت لاهيا الابتدائية والنصيرات الابتدائية المشتركة (د)، وذلك استكمالاً للمساق الذي أطلقه البرنامج في كانون الثاني الماضي.
وانخرط المعلّمون المشاركون خلال الورش في رحلة استقصاء حول صورة خزانة خشبيّة قديمة ذات أدراج غريبة الشكل، ليكتشفوا لاحقاً أنّها جزء من أثاثٍ في محل عطارة قديم توفّي صاحبه، تاركاً إرثه لحفيدته الشابة "سارة" التي تسكن خارج البلد، وعاشت طفولتها برفقة جدّها وأحبّت عمله، لتظهر بعد زمن على صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة بها، بصورة للجدّ المتوفّى تدلّ على الحداد.
جرّب المعلّمون طرقاً متعدّدة للتواصل مع "سارة" كأشخاص من العالم الافتراضي جذبتهم الصورة، واهتمّوا لأمر صاحبتها، مستكشفين ما يمكن أن توفّره هذه الطرق من فرص لفهم العلاقات الاجتماعية عبر العالم الافتراضي، وكيفية بنائها، وفحص مجموعة من القيم والسلوكيات ذات العلاقة بها، وتبعات كل منها، إضافة إلى ما توفّره من فرص تعلّم متنوّعة ومتعدّدة المستويات، من محادثة تفاعليّة مع شخص لا نراه، إلى محادثة جماعيّة، تبدأ بالتفاعل الكتابي المباشر وتأويل ما تحتمله الكتابة لغريب عبر العالم الافتراضي من معانٍ ودلالات، لتتحوّل إلى الشكل الارتجالي الصوتي وتبعاته، التي قد لا تعطينا فرصة في العالم الحقيقي لتغيير ما تحدثنا به، وتتطوّر إلى توظيف الكاميرا، وذلك عبر تجريب الخوض، بشكل أعمق، في الإمكانات التي تتيحها أعراف الدراما التي ابتكرتها "دوروثي هيثكوت".
استكشف المشاركون بنية عباءة الخبير والعناصر المركزية التي تشكّلها، كاختيار فريق الخبراء الذين سيكونه الطلبة ضمن الخيال القصصيّ، ما يعطيهم الفرصة للعمل كأناسٍ ذوي معرفة متخصّصة ومسؤوليّة، والزبون المتخيّل الذي سيكلّفهم بتنفيذ مهام من أجل تحقيق هدفٍ أو مشروعٍ محدّد.
وضمن نهج عباءة الخبير التربويّ، خاض المعلّمون في كيفية بناء فريق الخبراء وماضيهم وقيمهم التي يعملون وفقها، فجرّبوا أن يعملوا كخبراء في مؤسسة إعلامية، يقدّمون عرضاً للشابة "سارة"، التي أعلنت على صفحتها عن حاجتها إلى توثيق حكايات الناس الذين تعاملوا مع جدّها، وابتاعوا من محلّه نباتات طبّية، لإبراز نجاحات جدّها وتاريخه الحافل. كما جرّب المعلّمون أن يكونوا هؤلاء الناس ليفهموا الدافع وراء اللجوء للعطارة والنباتات الطبّية، ويتعلموا عن أنواعها وفوائدها ومخاطر استخدامها، واحتماليّة أن يكون هناك أشخاص ضرّتهم هذه النباتات، وما يجلبه ذلك من تحدّ أخلاقيّ لفريق الخبراء.
وعمل المعلّمون على فهم وتحليل بعض الطرق المستخدمة في بناء السياق المتخيّل، التي يمكنهم توظيفها مع طلبتهم، فقاموا بتحليل نصّ أعدّته معلّمة لاستدراج الطلبة نحو الخيال وإخراطهم فيه، وفهم كيفيّة عمل عباءة الخبير عبر خلق عالميْن للطلاب؛ أحدهما داخل العالم التخيلي للخيال القصصي، والآخر داخل عالم غرفة الصف الدراسيّ الحقيقي.
يُذكر أنّ المعلّمين قد بدأوا بتجريب بعض ما تعلّموه في صفوفهم، والتأمل سوياً فيه، حيث من المقرّر أن يستكملوا تطوير خبرتهم في تخطيط تطبيقات صفّية وتجريبها، خلال المرحلة التالية التي ستبدأ في العطلة الصيفية، وتستمر على مدار العام الدراسيّ الجديد.