نظّمت مكتبة برنامج البحث والتطوير التربويّ/مؤسّسة عبد المحسن القطّان فعاليّاتٍ ثقافيّة خلال شهر آذار، جمعت كتّاباً وباحثين ومعلّمين وطلبة مدارس، حيث يسعى البرنامج إلى تطوير وظيفة المكتبة كمصدر معرفيّ رئيسيّ، وكمجال لنشاطات دوريّة نوعيّة.
أهميّة المطالعة
استضافت المكتبة، الأربعاء 7/3/2018، طالباتٍ ومعلّماتٍ من مدرسة حميدي البرغوثي الثانويّة في عابود، حيث قدّم لهنّ الباحث والإعلاميّ مهند عبد الحميد ندوةً حول أهميّة المطالعة.
شارك عبد الحميد مع الطالبات تجربته في القراءة منذ صغره، حين شجّعه معلّمه على القراءة واكتشف العالم الخياليّ في الكتب، واختبر فهماً أعمق للواقع المجتمعيّ جرّاء تحليل شخصيّاتِ الروايات وأبطالها. إنّ أبرز ما تعلّمه في حياته الجامعيّة، وما يودّ نقله إلى الطالبات، هو عدم التوقف عن التعلّم أبداً. ويعتبر عبد الحميد القراءة معيار التقدّم للشعوب، إضافة إلى أنّها تخلقُ قدرةً لدى القارئ للاستماع لغيره، والانفتاح على تجارب جديدة.
كما قُدّمت في الندوة نماذج من التاريخ العربيّ والإسلاميّ تدلّل على أهميّة العلم والمطالعة، ونبذة عن إقبال العالم على القراءة والإنتاج العلميّ والأدبيّ حاليّاً.
استُكملت الندوة مع مدير وحدة المكتبة في "القطّان"، عزمي شنارة، الذي قدّم تعريفاً عن المعلومات الببليوغرافية للكتب، وكيفيّة إيجادها في المكتبة، وشرحاً موجزاً عن الفرق بين أنواع المنشورات المختلفة؛ كالمعاجم، والموسوعات، والكتب، والمجلات.
نقاش قصص وروايات
نظّمت المكتبة جلسةَ نقاشٍ للمجموعة القصصيّة "معطف السيّدة" مع طلبةٍ من مدرسة المستقبل في رام الله، الثلاثاء 13/3، قدّمتها كاتبة المجموعة ميس داغر، الفائزة بجائزة "الكاتب الشاب" التي تنظمها "القطّان" منذ العام 2000- في دورتها للعام 2015.
كان الطلبة قد قرأوا نصوصاً من المجموعة القصصيّة، وتشكلت لديهم أسئلة للكاتبة داغر، فتحاوروا معها حول مضمون القصص، وصياغتها. من القضايا التي أثارت تساؤلاتٍ لدى الطلبة هي توظيف العاميّة ودمجها بالفصحى، واستدخال السخريّة لخلقِ معنى أقوى، كما تحدثت داغر عن استلهام الأفكار من واقعها الشخصيّ والاجتماعيّ ومن قراءاتها منذ الصغر، وعن دافعها الأوّل لكتابة المجموعة؛ أنْ تروي قصصاً حول الطبيعة البشرية ذات الوجهيْن: الواضح والخفيّ.
وفي لقاءٍ آخر، الخميس 29/3، ناقشت الكاتبة داغر روايتها "إجازة اضطراريّة" مع طالباتٍ من مدرسةِ بيرزيت الأساسيّة، وهي رواية موجّهة لليافعين، بحيث تسعى الكاتبة ومكتبة برنامج البحث والتطوير التربويّ إلى تنمية الحسّ الأدبيّ النقديّ لدى الأطفال واليافعين، وتعزيز اهتمامهم بالقراءة والكتابة الإبداعيّة.
بدورها، قدّمت الكاتبة عائشة عودة روايتها "ثمناً للشمس" ومجموعتها القصصيّة "يوم مختلف" في جلسةِ نقاشٍ مع طلبة مدرسة ذكور قبلان في نابلس، وتستحضر عودة في كثير من قصصها في المجموعة يوميّات الإنسان الفلسطيني وتفاصيل تنقله بين الحواجز. بينما تعدّ "ثمناً للشمس" سيرة ذاتيّة تندرج تحت فئة "أدب السجون"، توثّق الكاتبة فيها أحداثاً حصلت في سجون الاحتلال، وتختمها بفصل "الولادة الجديدة" قائلة: "أهي لحظة الميلاد وأنا الوليد الذي يطلّ برأسه خارجاً من الحياة؟ وأنا أرغب في الصراخ ... صرخة فرح بالحريّة بعد حياة سجن راكدة كمياه المستنقع، صرخة فرح بالصمود رغم كلّ شيء."
الخيال والإبداع
شاركَ معلّمون ومعلّمات من منتدى خان يونس- إحدى مبادرات المعلّمين التي تشرف عليها "القطّان"- في ندوةٍ مع الباحث أمين دراوشة من رام الله عبر الفيديوكونفرنس، وذلك يوم السبت 17/3.
تمحورت الندوة حول كتيّب "الخيال والإبداع في مرحلة الطفولة"، لليف فيجوتسكي، بحيث قدّم دراوشة قراءة تأمليّة في مضامينه، قال المشاركون إنّهم في أشدّ الحاجة لها، لأنّ البيئة المدرسيّة في فلسطين -باعتقادهم- فقيرة من حيث ثراء التجارب التي يتعرّض لها الأطفال، فيجب أن يتحوّل الإبداع إلى منهجيّة وممارسةٍ يوميّة.
يؤسسُ الكتيّب إلى أنّ الخيال أساس لكلّ الأنشطة الإبداعيّة، ويطرحُ فيجوتسكي تساؤلاتٍ حول كيفيّة نشوء النشاط الإبداعيّ، ومسبّباته والآلية النفسيّة التي يستندُ إليها الخيال، ثمّ يناقش اختلاف مخيّلة الأطفال عن مخيّلة البالغين والصعوبات التي تصاحبُ الإبداع.
كما يصفُ فيجوتسكي تعلّق الأطفال في المرحلة المبكّرة بالرّسم، وضعف ارتباطهم به مع الوقت ليحلّ مكانه الإبداع اللّفظي والأدبيّ خلال فترة البلوغ، ويفسّر التباين بين تطوّر اللّغة الشفوية والمكتوبة، إضافةً إلى أسباب اندماج الأطفال في سنّ المدرسة مع الإبداع المسرحيّ والدراما.
وتعدّ هذه الندوة واحدة من سلسلة ندواتٍ تناولت منشوراتٍ تربويّة كالكتب أو المقالات التي نُشرت في مجلة "رؤى تربويّة"، أشرف عليها منتدى معلّمي خان يونس في السابق.
ورشة في الكتابة الإبداعيّة
في سياقٍ متصل، لم تكن ورشة الكتابة الإبداعيّة التي قدّمها المعلّم والكاتب زياد خدّاش في مدرسة بنات قلنديا الأساسيّة، الأولى التي تنظمها مكتبة برنامج البحث والتطوير التربويّ بالتعاون مع خداش، ولن تكون الأخيرة؛ فستنظم المكتبة لقاءاتٍ مماثلة في مدارس متعدّدة في الشهور المقبلة.
شاركت في الورشة يوم الاثنين 26/3، طالباتٌ من الصفوف السابع والثامن والتاسع، وصغن كتاباتهنّ الخاصّة بناءً على تفاعلهنّ مع خدّاش.