نظمت مؤسسة عبد المحسن القطان ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، بالشراكة مع بلدية رام الله يوم الأحد 17 تموز 2017، ندوة حول أعمال وسيرة الفنان إسماعيل شموط، في المسرح البلدي لبلدية رام الله، لمناسبة إطلاق كتاب الفنانة تمام الأكحل "اليد ترى والقلب يرسم"، الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية العام الحالي، الذي يروي سيرتها الذاتية وزوجها الراحل إسماعيل شموط.
وتحدث في الندوة كل من الكاتب اللبناني إلياس خوري، والفنان خالد حوراني، وقيّمة المعارض ريم فضة، والفنان سمير سلامة، الذين بدورهم قدموا مداخلات حول أعمال وسيرة الراحل شموط، ورووا بعضاً من تجاربهم الشخصية معه.
وقال خوري مخاطباً الجمهور عبر "سكايب": "مشكلتكم مع إسماعيل شموط أنه ليس هنا، ففي رحلة الألوان والأشكال كان الرجل يرسم طريقه من اللد وإليها، لذا لن تجدوا في لوحاته سوى معالم الطريق إلى المدينة المنكوبة، وأؤكد لكم أنكم لن تلتقوا به إلا إذا ذهبتم إلى اللد، كي تلتقطوا الأنين ... أعرف أن العطش الذي احتل اللد، يحتلنا جميعاً، لكن ما أعرفه أن عطشي الذي ولد مع النكبة لن يرتوي إلا حين يلتقط إسماعيل شموط وعاء الماء ويشرب، عندها فقط، تستعيد اللد اسمها، ويستعيد المنفيون ماءهم وحكايتهم".
وفي مداخلته قال حوراني إن الندوة شكلت فرصة لإعادة النظر في أعمال شموط، وقراءتها على ضوء الحاضر، موضحاً "أعمال شموط وشخصياته في اللوحات تطورت بمرور السنين ... الطفل الذي رسمه شموط في الخمسينيات كبر، ونراه في لوحات ثانية، أو الرجل يصبح عمره أكبر، والمرأة أيضا تكبر، وكأنه يرسم أسرة واحدة فيها جد وجدة، وأب وأم، تنمو وتتطور وكأنها تصور تطور الحياة".
من ناحيتها، تحدثت فضة عن تجربتها الشخصية مع الفنان إسماعيل شموط وزوجته تمام، قائلة "أعتقد من خلال دراستي للوحات إسماعيل، أنها كانت غالباً ما تنطوي على ألوان وحركة، وهو من بداياته في العام 1953 كان "الشاب الكهل" بلوحاته، وصارت الشخصيات كلها في لوحاته شابة، وكأنه يعول على ذاكرة شابة حية لا تموت".
ويعتبر شموط الذي ولد في مدينة اللد العام 1930 وزوجته تمام المولدة في مدينة يافا العام 1930، من أبرز رواد الفن التشكيلي في فلسطين ما بعد النكبة، وأقاموا العديد من المعارض الفردية والجماعية في أماكن عديدة حول العالم.
وقال خالد فراج مدير مكتب مؤسسة الدراسات الفلسطينية في رام الله، إن تعاون مؤسستي القطان والدراسات مستمر منذ فترة طويلة، مضيفاً "الندوة كانت بمثابة إضاءة ليس فقط على المسيرة الفنية والثقافية المهمة، وإنما المسيرة السياسية أيضاً لشعب من خلال أعمال إسماعيل شموط".
وتتعاون مؤسسة عبد المحسن القطان ومؤسسة الدراسات الفلسطينية ضمن إطار برنامج "تشارك"، الذي ينفذه البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان، ويقوم على اختيار مؤسسة أو مجموعة من المؤسسات المحلية أو الدولية والتعاون معها على تصميم برنامج مشترك، لتنفيذ أنشطة عامة استناداً إلى تخصص المؤسسة والقواسم المشتركة.
وتلا الندوة افتتاح للمعرض الفني "قريب لا أراه وبعيد أمامي" في دار الصاع بالبلدة القديمة في رام الله، الذي يرتكز في فكرته الأساسية على السيرة الذاتية لتمام الأكحل وإسماعيل شموط "اليد ترى والقلب يرسم"، التي تتوارى خلفها قراءةٌ لمفارقة بمفهوم الزمن.
وتسعى ثيمة المعرض، إلى الابتعاد عن الأيقونات الفلسطينية التقليدية، بحيث تصبح اللوحة بمثابة وسيط للتفكير بطريقة معاصرة، والربط بين زمنين مختلفين داخل اللوحة، تمزج بين الأعمال السابقة والزمن المتعلق بآنية رسم اللوحة الحالية، كما يفتح المجال لعملية إنتاج العمل الفني في استوديو الفنان الذي لا يظهر غالباً في المعارض الفنية.
وشارك في المعرض 14 فناناً فلسطينياً تنوعت أعمالهم وأساليبهم الفنية في المعرض، وهم: بشار خلف، بشير قنقر، تقي الدين السباتين، خالد حوراني، دينا مطر، رأفت أسعد، سليمان منصور، سماح شحادة، عامر الشوملي، محمد جولاني، محمد الحواجري، محمد صالح خليل، ميخائيل حلاق، نبيل عناني.
وحضر الندوة وافتتاح المعرض مجموعة من طلبة كليات الفنون وتخصصات أخرى من جامعتي القدس والنجاح.
وقال الأستاذ بكلية الفنون الجميلة في جامعة النجاح أحمد الحاج أحمد: "من المهم جداً أن يكون الطلبة جزءاً من هذا الجو الثقافي، وكانت فرصة مهمة للاطلاع على مسيرة الفنان إسماعيل شموط من خلال المداخلات والسرد التاريخي لأعماله والتفاصيل الإنسانية التي تجمع حياة الفنان الكبير إسماعيل شموط مع زوجته تمام الأكحل".
وقال قيّم المعرض عبد الرحمن شبانة ومنسق برامج البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان، "بالنسبة لي كتجربة أولى في مجال إنتاج المعارض، كان من المهم جداً التواصل مع الفنانين، والنظر إلى قيمة المعرض وكيف تطورت الفكرة وكذلك الأعمال الفنية".
من ناحيته، قال الفنان نبيل عناني إن الفكرة حفزت الفنانين للعمل على ثيمة معينة كلٌّ بأسلوبه، "المهم أيضاً أن المشاركين في المعرض من أعمار مختلفة، والفكرة الأساسية ارتكزت على لوحة لإسماعيل شموط رسم فيها مرسمه الخاص، تظهر في خلفيتها صور للوحات أخرى رسم فيها أولاده وزوجته".
ويستمر المعرض حتى الأول من آب 2017.