اختتم مشروع وليد وهيلين القطان لتطوير البحث والتعليم في العلوم التابع لمركز القطان للبحث والتطوير التربوي، بالشراكة مع الإدارة العامة للتأهيل والإشراف التربوي، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مساقاً صيفيّاً نظم في دار الندوة الدولية في مدينة بيت لحم في الفترة بين 17-22 آب بمشاركة 90 معلّماً ومعلّمة من معلمي العلوم للصفوف من الأول حتى العاشر الأساسي، وبحضور مجموعة من المشرفين التربويين في محافظتي القدس وبيت لحم.
ويهدف المساق، الذي يأتي ضمن برنامج التكون المهني القائم في المشروع، إلى تعرّف عددٍ من معلمي العلوم في محافظتي القدس وبيت لحم، والعمل معهم ضمن مساقات تعليمية تقوم على منهجيات التعليم التكاملي، وتطوير أساليب تعليم العلوم، حيث ستكون هذه المرحلة تمهيدية لاختيار المعلمين الذين سينخرطون في مشروع تعليمي يمتدّ على مدار العام، وسيتضمن أبعاداً مختلفة، منها التكوّن المهني للمعلمين، وتهيئة فضاءات ومختبرات تعليمية في مدارس عدّة في المنطقة.
وأكد الأستاذ سامي مروّة، مدير التربية والتعليم في محافظة بيت لحم، في مفتتح كلمته، حرص وزارة التربية والتعليم العالي على تأهيل المعلمين وتطوير كفاياتهم، كواحد من أهداف الوزارة الإستراتيجية، وانطلاقاً من إيمانها بأنّ العملية التعليمية الناجحة تبدأ من المعلّم نفسه، مشيراً إلى سعي الوزارة الحثيث إلى أنْ يكون المعلّم مُوجّهاً ومُيسّراً في الصف، لا مُلقنّاً، بحيث يصبح الطالب محور العملية التعليمية التعلمية.
وشدد مروّة على أهمية شراكة الوزارة مع مؤسسات المجتمع المدني في رفع كفاية المعلمين، ما يسهم في تحسين العملية التعليمية التعلمية، مثنياً على الشراكة الحقيقية التي تجمع الوزارة مع مؤسسة عبد المحسن القطان، والجهد التربوي الذي تبذله المؤسسة في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة.
بدوره، رحب د. نادر وهبة مدير مشروع وليد وهيلين القطان لتطوير البحث والتعليم في العلوم خلال الافتتاح بالمعلمين المشاركين في البرنامج، معرباً عن شكره لوزارة التربية والتعليم العالي، و"الأونروا" على تعاونهما الكبير من أجل التنسيق لعقد هذا البرنامج وإنجاحه، مشيراً إلى وجود إشكاليات في تعليم العلوم في المدارس مما يتطلب العمل على تقديم بدائل فعالة.
وقال وهبة: "هناك فجوة بين التعليم النظري للعلوم والتطبيق العملي لما يتعلّمه الطلاب داخل الصفوف، ما جعل مادة العلوم هاجساً لكثير من الطلبة الفلسطينيين، لذا فإن المسؤولية والأمانة تتطلب إعادة النظر في طرائق تعليم العلوم ليُصبح تعليم مادة العلوم أكثر متعة وفائدة للطلبة، وعلى صلة بحياتهم اليومية، لتتحوّل العلوم إلى ثقافة يستند إليها المجتمع في تفسيراته للظواهر والمشكلات، وفي بناء قراراته نحوها".
من جهتها، قالت سمر قرش، الباحثة الرئيسية في المشروع، "إنّ برنامج التكون المهني ليس برنامجاً تدريبياً بالمفهوم المتعارف عليه، بل هو برنامج تفاعلي يتضمّن العمل مع المعلمين في مدارسهم وصفوفهم، وذلك من أجل خلق تجارب تعليمية فلسطينية ناجحة، تستمدّ أمثلتها من السياق الفلسطيني، وتمتدّ للتجارب العالمية، بحيث يمكن اتخاذها نقطة انطلاق نحو التغيير المنشود في تعليم العلوم".
وتمّ خلال تنفيذ البرنامج طرح أفكار وإستراتيجيات حديثة في تعليم وتعلّم العلوم، تخرج عن النطاق التقليدي التلقيني، وتحاكي اهتمامات الطلاب ورغباتهم في العلوم وترتبط بخبراتهم اليومية، وتستمدّ مصادرها من البيئة المحيطة، وتوائم في الوقت ذاته تعليم العلوم المختلفة مع السياق الفلسطيني.
كما اشتمل البرنامج التدريبي على مساقات عدّة منها مساق الاستقصاء العلمي الذي يهدف إلى دعم الاستكشاف العلمي، وتمكين المشاركين من بناء بيئة علوم غنية تحفّز تفكير الطلبة وخيالهم العلمي، كما تضمّن مساقاً في "العلوم غير الرسمية" بإشراف وهبة وقرش والباحثين في المشروع بيسان البطراوي ومحمد عودة الله، ويقوم على ربط العلوم بالمجتمع عبر نشاطات علمية مجتمعية، إضافة إلى مساق "التعلّم عبر المشروع" بإشراف مالك الريماوي مدير مسار اللغات والعلوم الاجتماعية في المركز، الذي يسعى إلى تمكين المعلّم من بناء مشروع علمي تطبيقي متصّل بالموضوعات المنهاجية والحياتية باستخدام إستراتيجيات التعليم المناسبة، وبناء التقاطعات المنهجية، وتدوير المهام والمواد بين المعلمين والطلبة داخل الصفوف.
واحتوى البرنامج أيضاً على مساقي التعليم التكاملي عبر دراما نهج عباءة الخبير والدراما التكوّنيّة، وهما نهجان في التعليم، يعملان على بناء سياقات تعليمية، ينخرط فيها المعلّم والمتعلّم، ويصبح كلاهما مسؤولاً عن التعلّم عبر تحديّات تعليمية متنوّعة، إضافة إلى مساق في موضوع الدراما التكونية، بإشراف وسيم الكردي مدير مركز القطان للبحث والتطوير التربوي.
وأشرف على المساقات، إلى جانب طاقم مركز القطان، ضيوف مختصون في مجال العلوم وتعليمها، وهم: البروفيسور مانويل كوستا من جامعة مينو في البرتغال، رئيس الجمعية العلمية للبصريات في البرتغال، الذي قدم مساقاً استقصائياً يبحث في طبيعة الضوء والعدسات؛ والبروفيسور ستاماتيس فوكوس من جامعة سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي قدّم مساقاً حول استكشاف النماذج الذهنية التي يبنيها الطلبة في موضوع المغناطيس؛ وريتشارد كيرن من بريطانيا، الذي أشرف على مساق عباءة الخبير بالتعاون مع طاقم المركز، تناول خلاله موضوع الكهوف الفلسطينية مدخلاً لتعليم علوم تكاملي.
وأبدى المعلّمون المشاركون سعادتهم للمشاركة في هذا البرنامج الذي شكّل إضافة نوعية للخبرات التي يمتلكونها، فقد تعرّفوا على مجموعة مبتكرة من المفاهيم والأدوات الحديثة في طرائق تعليم العلوم، الأمر الذي سيدفعهم إلى إعادة النظر في الأساليب والإستراتيجيات التي سيتبّعونها مستقبلاً في تعليمهم داخل الصفوف، ليصبح تعليم العلوم عملية تبادلية تشاركية بين المعلّم والطالب.