كيف يُسجن العلم في حبر على ورق؟ وكيف تتسّع المناهج لاحتضان خيال الأطفال؟ فالإبداع لا ينشأ بمعزل عن الخيال، والتخيّل لا يقلّ أهميّة عن العلوم المختلفة التي تُدرّس للأطفال، على العكس، فهو يساعد على تنمية الذكاء ومهارات التفكير والتعلّم لدى الأطفال، فكيف ننمّي ملكة التخيّل؟ وكيف نطلق العنان لمخيّلة الطفل خارج الجدران والمناهج؛ حتّى يقود الطفل نموّه بإبداعه، وضمن سياق حياته ومحيطه الاجتماعي.
إنّ إدخال عنصر الدراما في العملية التعليمية يساعد على تنميّة الخيال، الذي يتعلّم فيه الطفل من خلال ممارسته أدواراً، واكتشافه عوالم جديدة، وهو ما لمسته مربيّات رياض الأطفال - ضمن مشروع التطوير الشامل لرياض الأطفال في القدس - مع الأطفال منذ أنْ بدأن المشاركة في مساقات الدراما ومنظومة عباءة الخبير مع مركز القطان للبحث والتطوير التربوي، وآخر هذه المساقات اللقاء المتقدّم الذي نظّمه المركز يومي 18 و20 تموز، في مفهوم عباءة الخبير بإشراف الخبير البريطاني لوك أبووت.
وتطرّق اللقاء، الذي حضرته 28 مربيّة، إلى تفاصيل أدقّ وأعمق في نهج عباءة الخبير، ما دفع المربيّات إلى التأمّل أكثر في تفاصيل عملهن مع الأطفال، والمشاريع التي قمن بتطبيقها في الصفوف.
وتحدّثت المربيّة فردوس ريّان من روضة السلام في قرية بيت دقّو، عن التغيير الذي أحدثه انخراطها في المشروع على طلابها قائلة: "في السابق، كانت الفكرة السائدة لدينا أنّنا بحاجة إلى التقليل من مستوى تفكيرنا في تعاطينا مع الأطفال حتّى نصبح أقرب إليهم، أمّا الآن فهذه الفكرة أضحت معكوسة، فنحن بحاجة إلى الارتقاء بتفكيرنا حتّى نتواصل مع الأطفال".
وتضيف: "منذ بدأت تطبيق مفاهيم الدراما وعباءة الخبير مع الأطفال، لاحظت أنّ خيالهم لا حدود له، وهم قادرون على الوصول إلى أماكن وتحليلات واستنتاجات تفوق توقّعاتنا، ولا تخطر ببال".
أمّا المربية خلود أرناؤوط، من روضة العيزرية النموذجية، فتقول: "أنا وزميلاتي مواظبات على حضور جميع اللقاءات التي يقدّمها "القطان"، على الرغم من إنهائنا المشروع، فـ"القطان" يوفّر لنا بيئة تعليمية ممتعة وتبادلية ومفيدة، نستطيع من خلالها التعبير عن ذاتنا وقدراتنا وأفكارنا، كما أنّ التزام المدرّبين والمشرفين الشديد في تعليمنا، ودعمهم المتواصل لنا، يجعلنا أكثر التزاماً، ويزيد من رغبتنا في التعلّم والعطاء".
وأخيراً، كانت وقفتنا مع المربية رشا موفّق، مديرة روضة الأوائل في قرية بيت سوريك، التي أخبرتنا بأنّ روضتها ستتبّنى نهج التعليم التكاملي ضمن منظومة عباءة الخبير، لتكون الأولى من نوعها في فلسطين، فقد نظّمت الروضة مخيّماً صيفياً لمدة 25 يوماً للمربيّات والأطفال كمرحلة تحضيرية للعام القادم الذي سيكون الأول في تطبيق هذا النهج التعليمي، وسيشرف على المربيات والروضة مدرّبون ومشرفون وخبراء من "القطان".
يُذكر أنّ مشروع التطوير الشامل لرياض الأطفال، المموّل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، بإشراف مؤسسة التعاون، وبالشراكة مع وزارة التربية واتحاد الجمعيات الخيرية في القدس، يمتدّ على مدار ثلاث سنوات، ويهدف إلى المساهمة في تطوير العملية التربوية والتعليمية للأطفال من 4-6 سنوات في مدينة القدس وضواحيها، من خلال تطوير قدرات المربيات والإداريين، وتحسين جودة الخدمات المُقدّمة في مرحلة رياض الأطفال، وتطوير البنية التحتية من بناء وأثاث وتجهيزات، وتوفير بيئة تربوية آمنة وصحية، وتعزيز قدرات رياض الأطفال في محافظة القدس.