رام الله - (مؤسسة عبد المحسن القطّان – 25/4/2024):
مع مرور 200 يوم على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واستمرارها بعنف متصاعد، نظمت مؤسسة عبد المحسن القطّان، ومؤسسة مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد)، الثلاثاء 23 نيسان 2024 في رام الله، ورشة حوارية تأسيسية بعنوان: "تعليم بلا مدارس"، لنقاش واقع التعليم والمنظومة التعليمية اليوم في قطاع غزة، بحضور مجموعة من المبادرين الغزيين الذين يعملون بشكل فردي على خلق بدائل تعليمية للأطفال، بإمكانيات شبه معدومة، إلى جانب مهتمين بهذا الحقل.
تأتي هذه الورشة بعد انقضاء ثلث العام الدراسي في فلسطين تحت نار الحرب، حرم فيها طلاب غزة من التواجد في مدارسهم كطلاب، وحوتهم كنازحين، فيما تعرضت 111 مدرسة في القطاع لأضرار بالغة، إضافةً إلى تدمير أكثر من 40 مدرسة بشكل كامل، فيما يتم استخدام 133 مدرسة كمراكز إيواء.
وخلال الورشة، عرض المنسق التربوي أ. ممدوح أبو كميل من قطاع غزة توصيفاً لواقع المنظومة التعليمية اليوم، والمخاطر التي تهددها مستقبلاً، متقصياً تداعيات الحرب عليها، ومآلات استهدافها كجزء من سياسة التجهيل الممنهجة التي يمارسها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن أكثر من 625 ألف طالب وطالبة يواجهون اليوم ظروفاً صعبة، ويعانون من صدمات نفسية، عوضاً عن كونهم محرومين من الالتحاق بمدارسهم ومحرومين من حقّهم الأساسي في التعليم.
وحسب إحصائيّات وزارة التربية والتعليم الفلسطينيّة، فقد أسفرت المجازر الإسرائيليّة عن استشهاد 296 معلّماً ومعلمة، و6237 طالباً وطالبة في غزة، و59 طالباً شهيداً في الضفة الغربية منذ تشرين الأوّل، وإصابة 10300 طالب وطالبة، و973 معلّماً ومعلّمة بجروح متفاوتة في قطاع غزة.
وتناولت الورشة تعريفاً وعرضاً لمجموعة من المبادرات التعليمية لمعلمين/ات عدة من قطاع غزة، التي نبعت من أهمية عدم انقطاع الأطفال عن العملية التعلمية، وضرورتها لهم في مثل هذه الظروف.
واتسمت المبادرات بإبداعها في تقديم ما هو متاح للطلبة والطالبات لتدارك الفاقد التعليمي خلال الحرب، على الرغم من التحديات الناجمة عن النزوح وتدمير المباني وشح الموارد الموجودة.
بدوره، قدم الباحث والمؤسس في مرصد السياسات أ. إياد الرياحي شرحاً مفصّلاً لمبادرة "تعليم بلا مدارس" التي تقوم، بشكل أساسي، على تعزيز المبادرات الفردية لاستئناف العملية التعليمية في قطاع غزة؛ من خلال استغلال أي مبنى قائم لغرض تعليم الطلاب/الطالبات، كاستجابة لحالة الطوارئ، وإصلاح وتطوير العمل بنظام المناوبات، وإنشاء المخيمات التعليمية للأطفال، والسعي إلى خلق أكبر عدد ممكن من المعلمين/ات المتطوعين/ات، كذلك خلق نظام مدمج للتعليم الإلكتروني، يشمل الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأكد الرياحي ضرورة إنشاء صندوق لدعم وتعزيز هذه المبادرات، للحد من تراكم الخسائر وتعاظم المصاعب التي يتكبدها الطلاب والأهالي من جهة، والمدارس وكوادر مؤسسات التعليم من جهة أخرى، إضافةً إلى أهمية مؤسسات المجتمع المدني في الضغط لإعادة إعمار قطاع غزة، التي ستكون عملية طويلة وخاضعة للشروط السياسية.
واختتمت الورشة بفتح باب النقاش حول مبادرة "تعليم بلا مدارس"، للتباحث في آفاق تطويرها ودعمها، وسط تفاعل الحضور الممثل بعدد من المؤسسات الوطنية والتربويين والمعلمين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.