الفصل السادس: جغرافيا نفسية (بريطانية)

الرئيسية Node الفصل السادس: جغرافيا نفسية (بريطانية)

عادةً ما ارتبطت الجغرافيا النفسية بالأدب أكثر منها بالسينما.  وكانت أقرب إلى اللهو قبل أن يجري تناولها بمزيد من الجدية بعد الحرب.  وهي مرتبطة بالسريالية والروح المرحة اللعوب، وتجمع الانخراط العاطفي والمادي إلى الأساس الأرضي ومساراته.  والمنعطف الجغرافي النفسي –أو الـ derive، كما يُشار إليه بالفرنسية- هو ذاك الذي تقوده الأفكار، لا الخريطة.  وهو نشاط يعيد تعريف الفضاءات بناءً على ما يُرى ويشعر به، كأننا إزاء استكشاف عشوائي.  وإذا ما كنّا نظرنا من قبل إلى انقسامات المدينة على أساس الاقتصاد، فإننا نتعمق هنا الانقسامات على أساس الانفعالات والأجواء.

 

تعود المنظورات السياسية للجغرافيا النفسية إلى أفكار مجموعة تعرف باسم الأممية الظرفيّة (Situationists International) أو ((SI تشكلت في أوائل خمسينيات القرن الماضي حول نقد ماركسي للرأسمالية الآخذة في التوسع (نظريات تمكن مقارنتها بنظرية المشهد في الفصل الأول).  وقد تماشت هذه الأفكار مع المادية الجدلية الوجودية في تأملها الآن هنا، ومحوها الحنين والذاكرة.  وكانت الجغرافيا النفسية النشاط الأكثر مرحاً وفنيّة بين أنشطة تلك المجموعة.

 

تشير الجغرافيا النفسية البريطانية، في سياق هذا البرنامج، إلى الجوانب الأكثر سياسية في فعل المشي والتفكير العادي اليومي، تلك الجوانب التي تأتي من مفكّرين وصانعي أفلام بريطانيين على وجه التحديد.  ويُعَدُّ أول فيلمين نعرضهما مثالاً نموذجياً على السينما البريطانية التي تصور هذه الممارسة: الأول هو لإيان سينكلير وهو من بين الكتاب البارزين في هذه المدرسة.  والثاني للفنان البصري والمخرج باتريك كيلر الذي أصبح مرادفاً لمشهد لندن المُعاد تخيله.  فهو في أفلامه، يقوّض صور المكان بسردها مع صنوف من إعادة التعريف التخييلية، مشابهة لما يمكن فعله برصد وملاحظة حقيقيين، الأمر الذي يسبغ معنى جديداً على المشهد.  أمّا الفيلم الثالث، وعلى الرغم من كونه لمخرجة بريطانية، ومن بطولة ممثلة بريطانية، فيركّز تماماً على المناطق المحيطة بجدار برلين.  وبخلاف فكرة ويل سيلف، الكاتب وأستاذ الجغرافيا النفسية، القائلة إنَّ الرجال أكثر ملاءمة للجغرافيا النفسية من النساء، فإنَّ فيلمي سينثيا بيت وتيلدا سوينتون بسبرهما العميق، في الفكر والجغرافيا، تدوير الإطار (Cycling the Frame)، والإطار الخفيّ (The Invisible Frame)، تقدمان مثالين رؤيويين على هذا النوع من الكتابة والسينما والممارسة.

لندن أوفرغراوند (2016)

50 دقيقة| المملكة المتحدة| الإنجليزية| المخرج: جون روجرز

عن الفيلم: 

يقف إيان سينكلير الذي لعلّه الكاتب الأشد صلةً بلندن المعاصرة، في القلب من هذا الفيلم.  فهذا الأخير، وهو من إخراج جون روجرز، يقوم على كتاب سنكلير الصادر في العام 2015، ويحمل العنوان ذاته. يتساءل الفيلم، على غرار الكتاب، عما فعله إنشاء ترام لندن أوفرغراوند بشرق لندن، حيث يعمل.  يوثّق الفيلم، شأنه شأن الكتاب، المسير البالغ 35 كيلومتراً الذي قطعه سنكلير وأندرو كوتنغ، وهو مستكشف حضري وصانع أفلام آخر، حول أحياء لندن التي يربطها الآن الترام فوق الأرض.  وهذا الفيلم الوثائقي –وهو مزيج من قصيدة ومقال وإثنوغرافيا- يرويه سنكلير وكوتنغ وهما يشقان طريقهما خلال رحلتهما التي استغرقت يوماً كاملاً.  وهنا تُدَمَّر التأملات والشعر والمقابلات مع المحامين وذكريات المباني، ليُفسَح المجال لهذا المدار، ولهذه التواريخ، الشخصية والموضوعية التي هي الخيوط التي تجمع السرد معاً.  لقد جمع الترام قرى لندن الصغيرة معاً، خالقاً فجوات في غير مكان، ومهمّشاً عائلات، وماحياً جماعات، ومنشطاً أصوات التحسين وروائحه.  فنرى طريقنا ونسمعه ونشعر به عبر لندن الشاسعة مكاناً وزماناً.  ما من أحد أفضل من إيان سينكلير ليقودنا فيها، فهو سيّد المشّائين، وموثق التوسّع الجديد في شرق لندن.

 

لندن (1994)

85 دقيقة| المملكة المتحدة| الإنجليزية| المخرج: باتريك كيلر

عن الفيلم: 

ينسج باتريك كيلر تواريخ واقعية ويوميات متوهّمة للحوادث، مستلهماً مشاهد لندن، العاصمة التي لا تتغيّر، والمترعة بالقلق السياسي والحركة الثقافية.  والفيلم يضج بالفكاهة المتأتية عن عناصره المتناقضة.  ويرى المشاهدون، في هذا المثال من أمثلة الجغرافيا النفسية السينمائية، صورة للوطن ولندن بريطانية مناهضة للاستعمار من خلال صور لنقيضهما: ممزقة وصدئة ومكتوب عليها وباهتة.  يتحدث الراوي عن نوع معين من الحقيقة، أكثر أهمية من الواقع الذي نشهده، مبرزاً بذلك صورة مجتمع يعاني من الضيق والفقر والتخلي.

تُنظر هذه المقابلة مع باتريك كيلر على:

https://www.theguardian.com/film/2012/nov/30/patrick-keiller-london-original-interview

 

تدوير الإطار (1988)

27 دقيقة| المملكة المتحدة وألمانيا| الإنجليزية| المخرج: سينثيا بيات

عن الفيلم: 

تتبع الفيلم الماضي "تدوير الإطار" رحلة الممثلة تيلدا سوينتون التي دارت فيها على دراجة هوائية حول جدار برلين برفقة المخرجة سينثيا بيات، العام 1988، انطلاقاً من وسط برلين، وطوافاً حول البحيرات والريف، وفي مناطق المدينة الداخلية. أما في هذا الفيلم "الإطار الخفي" الذي أنتج بعد 21 عاماً، فتعيد المخرجة الرحلة من جديد عبر تتبع خط الجدار الذي عزل برلين عن نفسها في يوم من الأيام.

 

الإطار الخفي (2009)

59 دقيقة| المملكة المتحدة وألمانيا| الإنجليزية| المخرج: سينثيا بيات

عن الفيلم: 

تتبع الفيلم الماضي "تدوير الإطار" رحلة الممثلة تيلدا سوينتون التي دارت فيها على دراجة هوائية حول جدار برلين برفقة المخرجة سينثيا بيات، العام 1988، انطلاقاً من وسط برلين، وطوافاً حول البحيرات والريف، وفي مناطق المدينة الداخلية. أما في هذا الفيلم "الإطار الخفي" الذي أنتج بعد 21 عاماً، فتعيد المخرجة الرحلة من جديد عبر تتبع خط الجدار الذي عزل برلين عن نفسها في يوم من الأيام.

 

مراجع من أجل مزيد من القراءة:

https://www.theguardian.com/cities/2016/jul/29/female-flaneur-women-reclaim-streets

 

Pyschogeography: Will Self and Iain Sinclair in conversation with Kevin Jackson (transcript), online at: http://literarylondon.org/the-literary-london-journal/archive-of-the-literary-london-journal/issue-6-1/psychogeography-will-self-and-iain-sinclair-in-conversation-with-kevin-jackson/

 

Pschogeography: A Purposeful Drift Through the City, online at: https://thereader.mitpress.mit.edu/psychogeography-a-purposeful-drift-through-the-city/