الفصل الخامس: مشاهد التاريخ

الرئيسية Node الفصل الخامس: مشاهد التاريخ

الواقعية مقابل التخييل، الماضي مقابل الحاضر: تتراوح أفلام هذه المجموعة المختارة بين الشعري والفكاهي والموضوعي.  يقدم كل فيلم طريقته الخاصة في ترتيب التواريخ التي تُرسَم عبر المشاهد وتُبقي على اللحظة المعاصرة في الموقع المركزي.  وسواء كانت تعلّق على حوادث ماضية، أو تغشّيها بما هو ذاتي، فإنّ موقع التعليق هو الحاضر.  يمضي بنا فيلم القسم الأميركي (The American Sector) خارج الزمان والمكان؛ فهو فيلم رحلة يزور أجزاء جدار برلين التي أقيمت في مدن عدة من الولايات المتحدة.  ويتساءل عمّا تعنيه هذه الآثار المشحونة بالتاريخ في السياقات التي وُضعت فيها، وما التاريخ الذي تحتفظ به هنا، وما الذي تفضي لنا به عن الوضع الحالي؟ يأتي من ثمّ فيلم ابن بابل (Son of Babylon)، وهو فيلم ملحمي تخييلي من أفلام الطريق يجوب العراق، ويعرض لتواريخ الدمار هناك. أمّا فيلم التايمز (Thames Film)، فهو تحفة بريطانية، وفيلم وثائقي تجريبي يستخرج طبقات تاريخ نهر التايمز، ويعيد الربط بينها.  وهناك، أخيراً، ثلاثية بيروت لجوسلين صعب (بيروت لم تعد كما كانت، 1976؛ رسالة من بيروت، 1978؛ بيروت مدينتي، 1982)، وهي من بين أوضح الأمثلة للأفلام عن الحرب الأهلية اللبنانية التي أُنتجت في أثناء تلك الواقعة.  وهذه الأفلام الثلاثة ليست مجرد أفلام وثائقية، بل ذاتية وتوثيقية، تعرض تفاصيل من الحرب لا يمكن إلا لصحافي أن يلتقطها، إنّما مع مسحة شخصية مرهفة لا يمكن إلا لفنان أن ينقلها.

 

القسم الأميركي (2020)

70 دقيقة | الولايات المتحدة | اللغة الإنجليزية مع ترجمة باللغة الإنجليزية | المخرج: كورتني ستيفنز وباشو فيليز

عن الفيلم: 

يأخذ هذا الفيلم المشاهدين في رحلة برية يزورون فيها أجزاء جدار برلين المنتشرة في أنحاء الولايات المتحدة.  ومن خلال الصور الفيلمية الثابتة لهذه القطع، نلقي نظرة على شتّى الأماكن المتوقعة وغير المتوقعة التي نُصبت فيها هذه الآثار.  وتتراوح من المكتبات الرئاسية إلى مراكز التسوق والمنازل الخاصة.  ويتحدث صانعا الفيلم، كورتني ستيفنز وباشو فيليز، إلى السكان المحليين حول ما تعنيه لهم هذه النُّصُب: أيقونات من التاريخ، رموز لدور أميركا في هزيمة النازية، وأفكار الحرية الأكثر مراوغة، وسقوط الشيوعية، والسلام.  وعلاوة على هذا، فإنَّ أفكاراً غير متوقعة عن هذه القطع السياسية "الأجنبية"، تفسح المجال أمام تأملات أخرى حول مراقبة حدود الولايات المتحدة والهجرة إليها.

تُنظَر مراجعة ريتشارد برودي لكيفية تحويل كورتني ستيفنز وباتشو فيليز هذه المعالم التاريخية إلى "أدوات للحقيقة" تعكس الحاضر.



ابن بابل (2009)

100 دقيقة | العراق | العربية والكردية | المخرج: محمد الدراجي

عن الفيلم: 

في استخدام حاد للمفارقة الدرامية، صوِّر هذا الفيلم في العام 2008 عند نهاية (إذا جاز التعبير) الوجود الأميركي في العراق، وقدّم رؤية واضحة للفراغ الذي خلّفه انسحاب القوات الأجنبية من البلد.  لكنّ الفيلم يعرض مشاهد فراغ سابقة.  فهو يعود إلى قبل ذلك بست سنوات، في العام 2003، بعد سقوط صدام حسين، وإطلاق أسرى الحرب العراقيين.  أحمد، صبي في الثانية عشرة من عمره، ينضم على مضض إلى جدته في بحثها عن والده الذي لم يعد إلى وطنه منذ حرب الخليج في العام 1991.  وفي أثناء رحلتهما من طرف البلاد إلى طرفها الآخر، نرى بنى مهجورة، تكاد تكون أسطورية، هياكل عظمية لما كان يمكن أن يكون.  يمسح المشاهد الخلفيات بناظريه ويعبر مناطق، من زقورة بورسيبا القديمة إلى المقابر الجماعية المعاصرة، ومواقع البناء غير المكتملة، ما يدل على استمرار تعرية العراق.  هذا الفيلم عبارة عن رحلة ملحمية تعصر القلب عبر الحروب والتعذيب وصنوف الظلال التي تعشش في الشقوق والصدوع.

 

فيلم التايمز (1986)

66 دقيقة | المملكة المتحدة | اللغة الإنجليزية مع ترجمة باللغة الإنجليزية | المخرج: وليم ربان

عن الفيلم: 

يشتهر وليم رابان، صانع هذا الفيلم، بأعمال تجمع صوراً وقصصاً شتّى في عمل واحد.  يحكي فيلم التايمز تاريخ النهر بالجمع بين لقطات صورها رابان، ولقطات أرشيفية ورسوم على مدى ثلاثين عاماً، وسرد لنصوص يزيد عمرها على مائتي عام.  يوضح الفيلم الذي يرويه جون هيرت، تلك التغيرات الطبيعية والتغيرات التي أحدثها الإنسان على طول هذا النهر بالمقارنة بين تغيرات المكان الخفية على مدى قرون.

(تُنظَر أيضاً أفلام الجغرافيا النفسية لباتريك كيلر في الفصل التالي).

تتفحّص هذه المقالة الأفلام الوثائقية عن المدن، وفيلم التايمز في القلب منها.

 

 

ثلاثية بيروت لجوسلين صعب

 

بيروت لم تعد كما كانت (1976)

35 دقيقة | لبنان | الإنجليزية | المخرج: جوسلين صعب

عن الفيلم: 

صُوِّر هذا الفيلم على مدى ستة أشهر بين العامين 1975 و1976، وهو يُظهر مجريات المدينة الداخلية في تلك الفترة المبكرة من الحرب الأهلية اللبنانية.  تقتفي صعب الدمار اليومي في وسط المدينة، وتتجول بكاميرتها كل صباح بين 6-10 صباحاً، حين تكون الميليشيات نائمة على كلا الطرفين.  وهنا نرى المباني التي قُصفت والبشر، لا سيما الشباب، الذين أصبح مستقبلهم مرتبطاً بالصراع.  ويخلق امتزاج أصوات الحرب الطبيعية مع شعر إيتيل عدنان مدخلاً جارحاً ومؤثراً إلى هذا الفيلم.

 

رسالة من بيروت (1978)

52 دقيقة| لبنان| الإنجليزية | المخرج: جوسلين صعب

عن الفيلم: 

في هذا الجزء الثاني من الثلاثية، تأخذنا جوسلين صعب إلى زوايا بيروت وتقاطعات طرقها، ثم إلى حدود لبنان بطولها.  ومثل فيلم لرحلة عبر مدينة في خضم الحرب، يأخذنا رسالة من بيروت عبر مدينة منقسمة.  ترصد صعب التفاصيل بوصفها علامات على الوضع المحيط بها تحفر وتنقب في تواريخ الماضي والحاضر.  يتشارك البشر تجاربهم ويوضحون بالتفصيل كيف تركت خطوط المدينة الجديدة أثرها في حياتهم.  وتعطي الحوارات فكرة عن تأثّر الهوية بهذه الانقسامات.  وتُظهر زيارات القوات الدولية الحضور الاستعماري المتواصل في الخلفية، وقد زكّته الأمم المتحدة الآن.  تتجول صعب مثل صحافية متجولة تزور منزلها، وتجد الاضطراب والخراب حيثما حلّت.

 

بيروت مدينتي (1982)

28 دقيقة| لبنان| اللغة الإنجليزية | المخرج: جوسلين صعب

عن الفيلم: 

بعد الغزو الإسرائيلي للبنان، عادت صعب إلى مدينتها لترى منزلها، وهو مبنى عمره 150 عاماً، قد احترق تماماً.  في ذلك العام المحوري في تاريخ لبنان والشرق الأوسط، تشهد كاميرا صعب انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، بينما تحلق الطائرات الحربية الإسرائيلية في سماء المدينة.  ونواصل رؤية تغيّر المدينة في الزمن الفعلي وسط عنف لا نهاية له.

 

يُنظَر الفصل عن أفلام جوسلين صعب الصحافية الفنية في:

Negotiating Dissidence: The Pioneering Women of Arab Documentary, edited by Stefanie Van de Peer, online at:

https://books.google.co.uk/books?id=sjZYDwAAQBAJ&pg=PT84&source=gbs_toc_r&cad=2#v=onepage&q&f=false