تطوير تصميم المعارض التفاعلية لتعزيز خبرة الزائر: دراسة حالة من معرض صدى

الرئيسية تطوير تصميم المعارض التفاعلية لتعزيز خبرة الزائر: دراسة حالة من معرض صدى

أسماء المزين ورامي محتسب*

          

 

 

 

تهدف المتاحف ومراكز العلوم إلى توفير فضاءات تقدم من خلالها خبرات تعلّمية متنوعة ومختلفة عن الخبرات التي تقدمها مؤسسات التعليم الرسمي، وتشجع هذه المؤسسات الزائر على التجريب والتفاعل مع المعروضات التي تثير فضوله وتكوين خبرته التعليمية بنفسه، ومن ثم ربطها بتطبيقات وقضايا من الحياة اليومية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنه من الصعب على الطلاب إدراك العلاقة ما بين القضايا العلمية التي يواجهونها في الحياة اليومية والعلوم التي يدرسونها في المدرسة (Awsakulsutthi, 2015).  إن تحقيق ذلك يقتضي بحثاً مستمراً وفهماً لكيفية حدوث التفاعل في المعرض ومع المعروضات، إضافة إلى فهم العلاقة ما بين التصميم والتفاعلية، وذلك يتم عادةً من خلال البحث والتجربة والتقييم، ويقود إلى تطوير مستمر على المعارض.

 

يشمل التطوير على المعرض تغييرات في تصميم المعروضات واحتياجاتها وأماكن وضعها في المعرض والبحث في علاقة المعروضات وعناصرها بالتفاعلية، إضافة إلى تحسين محتوى وتصميم اليافطات التعريفية الخاصة بالمعروضات (Exhibit label).  لذلك، من المهم الاستمرار بدراسة خبرة الزائر وكيفية التفاعل مع المعروضات، والحصول على تغذية راجعة من زوار المعرض.  ويُعد التقييم من أهم الأدوات المستخدمة من قبل المتاحف ومراكز العلوم لهذا الغرض.  إن حدوث التعلم وغنى الخبرات التعليمية من أهم ما يتم تقييمه في المعرض من خلال البحث في أثر التفاعل مع المعروضات على حدوث التعلم؛ سواء أكان ذلك في داخل المعرض (خلال الزيارة) أم خارجه (ما بعد الزيارة).  يشير فولك وديكرنج إلى أن الهدف الرئيسي من التقييم هو دراسة وفهم معرفة الزائر المسبقة حول الموضوع أو المعرض، ومحاولة دراسة أثر زيارة المعرض على الأفراد وعلى تعلمهم والمخرجات الأخرى من هذه الزيارات كالمتعة والتجربة (Falk & Dierking , 2016).  كما تساهم المعلومات والمشاهدات التي يتم جمعها في تطوير المعروضات في تحقيق أطول فترة ممكنة من الاندماج الفعال بين الزائر والمعروضة.  يطلق على هذا النوع من الانخراط اسم الانخراط الفعال طويل المدى (Active Prolonged Engagement) (Humphrey & Gutwil, 2017).

 

كما أنه من المهم أخذ جميع عناصر المعرض والمعروضة بالاعتبار أثناء رحلة تطوير وتقييم المعرض.  يذكر كولمان (2007) أنه في بعض الأحيان يصف الزائرون المعروضات بأنها معطلة بسبب طريقة تصميمها أو بسبب مواجهة بعض المشاكل أو العوائق التي تؤثر على آلية التفاعل معها، فمثلاً، ذكر كولمان أن العديد من الزوار وصفوا أن هناك مشكلة في تصميم إحدى المعروضات تسببت في جعل هذه المعروضة معطلة، وقد شوهد هذا "العطل" في التصميم عبر أدوات جمع البيانات.  ذكر كولمان، أيضاً، أنه من ضمن مشكلات التصميم التي أدت إلى وصف الزوار لمعروضة بأنها معطلة كانت معلومات غير صحيحة أو مفقودة على اليافطات التعريفية، أو صعوبة في استخدام أو فهم الأنشطة، إضافة إلى معروضات بدت أنها لا تعمل أثناء وجودها في حالة الراحة (2007 ,Kollmann).

 

إضافة إلى ذلك، فإن البحث والتقييم يساهمان في فهم العيوب المحتمل تواجدها في المعرض، التي قد تؤثر سلباً على خبرة الزائر، ويتم ذلك استناداً إلى نماذج بحثية مختلفة تبحث في موضوع الزائر وتفاعله في السياقات غير الرسمية، والبحث في أثر ما يقدم للزائر لكي يتفاعل معه من نصوص وتصاميم.  وعادة ما يتم تقديم بعض النتائج والتوصيات إلى مطوري المعروضات (مع إظهار علاقتها بالدراسات السابقة) حتى يستكمل مطورو المعروضات عملية التطوير من خلال ما تم جمعه حول المعرض، وذلك لتطوير المعروضات والأفكار بشكل مستمر، وبذلك يمر المعرض بعملية تطوّر مستمرة (تكون العملية مستمرة وتطويرية).

 

تطوير المعروضات هي عملية مستمرة

نهدف في استوديو العلوم إلى التطوير بشكل مستمر على المعارض العلمية التي نقدمها، إضافة إلى تطوير خبراتنا في إنتاج المعارض والمعروضات العلمية من نواحٍ تربوية ومعرفية وتطبيقية.  إن تطوير المعارض وأجزائها هي عملية مستمرة (كما في الشكل) تبدأ من تطوير المعرض وتستمر إلى ما بعد الافتتاح، وهي أيضاً مهمة عند نقل المعرض لفضاءات جديدة، تشمل التحديثات جوانب مختلفة كالمعروضات واليافطات ومكونات المعرض البصرية (كالبوسترات) ومخطط المعرض.

رحلة تطوير المعروضات العلمية في استوديو العلوم

 

نسعى إلى تقييم المعارض خلال فترة استقبال الجمهور العام، وتطوير جوانب متنوعة من المعرض وفقاً للملاحظات من قبل فريق استوديو العلوم، إضافة إلى التغذية الراجعة التي يحصل عليها فريق تطوير المعروضات من الباحثين، أو من الزائرين، من خلال أدوات جمع البيانات.  كما نسعى إلى البحث في كيفية تبسيط المحتوى وتقديمه بشكل يلائم الأعمار المتنوعة لجمهور استوديو العلوم، من خلال التعمق في المواضيع المطروحة، وعقد ورشات عمل مع مختصين.

 

في هذا المعرض، قام الفريق على تغيير بعض أماكن البوسترات، وإضافة بوسترات أخرى، وأيضاً بعض التصاميم الإضافية للمعرض، التي توفر الراحة للزائرين.  وتمت هذه الإضافات بعد مراقبة التفاعل مع المعروضات، وملاحظة احتياجات زائري المعرض.  يؤكد بيتجود (2014) الباحث في التصميم الاجتماعي والعلاقات بين السلوك والبيئة، على أهمية السلامة والراحة للزوار من جميع الأعمار، ويمكن التخطيط لراحة المستخدمين من خلال توفير مقاعد، وذلك لاحتمالية قضاء الزوار وقتاً طويلاً في المعرض (Bitgood, 2014).

 

نحاول من خلال هذه الورقة أن نسلط الضوء على بعض القضايا المتعلقة بالتصميم وتأثيرها وارتباطها بعملية التعلم، التي عادة ما تُقدَّم كتغذية راجعة لمطوري المعروضات لاستكمال العملية.  سنستعرض بعض الأمثلة والقضايا وتأثيرها وارتباطها من معرضنا الأخير "صدى"، الذي ضمّ معروضات تفاعلية وأخرى توضيحية، موزعة على ثلاثة أقسام، تتمثل بفيزياء الصوت، وحاسة السمع، والمحيط الصوتي (البيئة الصوتية الطبيعية والعمرانية)، والصوت في علم الموسيقى والآلات الموسيقية.  سيتم تسليط الضوء على بعض القضايا من خلال دراسة حالتين: الأولى لمعروضة أنابيب الهواء، والثانية لليافطات التعريفية والبوسترات المساندة.

 

معروضة أنابيب الهواء

تظهر دراسة حالة معروضة أنابيب الهواء الترابط ما بين التغذية الراجعة وتطوير جوانب مختلفة من المعروضات كالمحتوى والتصميم والشكل والتفاعلية.  يتم الحصول على التغذية الراجعة من خلال مشاهدات الباحثين ومطوري المعروضات والميسرين لما يحدث من تفاعل أثناء الزيارات، إضافة إلى نماذج خاصة تستخدم لتدوين المشاهدات وتركز على عناصر مختلفة كفترة التفاعل والحوارات بين الزوار.

رابط صفحة المعروضة على الموقع الإلكتروني

 

 

المعروضة عبارة عن حائط تفاعلي يعمل على تفكيك العناصر المكوّنة للصوت في الآلات النفخية (Aerophones).  عند الاقتراب من المعروضة، سيلاحظ الزائر وجود ثلاثة تركيبات نفخية متشابهة الشكل، تتكوّن كل منها من صافرة (مسبّب الصوت)، وأنبوب، وذراع تحكّم، ومكبس للأقدام.  وهذه التركيبات مختلفة عن بعضها البعض في المادة المصنّعة لأنبوب الهواء.  من خلال الضغط على مكبس القدم، يتم فتح صمّام الهواء الموصول بالتركيب النفخي، ما يؤدي إلى ضخ الهواء في الأنبوب.  الصافرة المشبوكة فوق عنق الأنبوب تعمل على إنتاج موجة صوتية، يتم التحكّم بتردّدها من خلال تحريك الذراع إلى الأعلى أو الأسفل.  تعمل الذراع على تغيير طول عمود الهواء داخل الأنبوب، ما يسبب في تغيّر تردّد الموجة الصوتية الصادرة عن الصافرة.

بعد افتتاح المعرض، بدأ مطورو المعروضات بالعمل على تصميم جديد لمعروضة أنابيب الهواء بناءً على توصيات نتجت عن تقييم المعروضة، وتم أخذ ملاحظات الفريق والبيانات التي تم جمعها بعين الاعتبار، بهدف الوصول إلى شكل للمعروضة يحفز الزائر على التجربة والانخراط الطويل معها.

 

 

 

تحتوي هذه المعروضة على عنصرين من المفترض للجمهور أن يلاحظها ويلاحظ الاختلاف فيما بينها، وهي طول الأنبوب ونوع المادة.  من خلال الملاحظات التي تم جمعها بأدوات مختلفة (المراقبة، ونموذج الملاحظات، والمقابلات)، تبين أن وجود عنصرين للمعروضة، وحقيقة أن المعروضة مكونة من ثلاثة أجزاء، قد أدى إلى تشتت الزائرين، وقلل من انتباههم، ما ساهم سلباً في تحقيق أهداف هذه المعروضة، وذلك لأن وجود عناصر متنافسة في المعروضة، ووجودها بجانب بعضها البعض، من المرجح أن يشتت الانتباه، حيث يتم التركيز على عنصر واحد، أو يؤدي إلى زيادة الانتقائية خلال التفاعل (Bitgood, 2014)، فمثلاً، أظهر نموذج مراقبة المعروضة حدوث حوار بين المعلمة وطالباتها حول المعروضة، خلاله ذكرت الطالبات أن اختلاف الصوت سببه فقط نوع المادة، ما دفع المعلمة إلى شرح مبدأ المعروضة لهم بالشكل التقليدي المعتاد حدوثه داخل الحصة الدراسية، مستعينة بالمعروضة.  وهذا ما دفعنا إلى التساؤل عما إذا كان ذاك التصميم يحقق أهداف المعروضة.

 

التصميم الجديد لمعروضة أنابيب الهواء

إضافة إلى تنافس العناصر في المعروضة نفسها، فإن صوت المعروضة يتنافس مع باقي أصوات المعروضات الموجودة حولها، فهذه المعروضة صوت صفيرها عالٍ، ويؤثر على المعروضات الأخرى، وبخاصة المعروضة المجاورة "طاولة الأوتار"، التي تعتمد، بشكل رئيسي، على تمييز الفرق في أصوات الأوتار.  يرى بيتجوود (2014) أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير الصوت على المكان المحيط الذي قد يؤثر، بشكل سلبي، على انتباه الزائر للمعرض والمعروضات، وهذا قد يقلل من نصيب المعروضات الأخرى (Bitgood, 1991)، وهذا ما لاحظناه في المعرض، حيث كان هناك صعوبة في سماع صوت المعروضة المجاورة التي تعتمد بشكل أساسي على الإصغاء.

إضافة إلى ما سبق، نحاول الحصول على تغذية راجعة من الجمهور حول تصميم المعروضات وقابلية استخدامها، فمن خلال الملاحظات التي تم جمعها، ظهر أن تصميم المعروضة لا يبين للزائر كيفية البدء في التفاعل مع المعروضة أو ما هو المطلوب من الزائر القيام به، ما تمت ملاحظته هو الحاجة لوجود أحد الميسرين ليبين للزائرين كيفية التفاعل، ومن ثم يبدأ الزائر بمشاركة الطريقة مع الآخرين، فمثلاً لاحظنا قيام إحدى الطالبات بمساندة زميلتها على التفاعل وقالت لها "ادعسي على هاي" لإرشادها إلى مكبس الأقدام.  قمنا بمقابلة الطالبة وسؤالها عن التصميم واقتراحها للتصميم، فأجابت بـ "لون دعسة القدم لازم يتغير وتكون أكبر"، واستكملت زميلتها بملاحظة حول تصميم الخشب، واقترحت إضافة "زخارف ملفتة أكثر جمالاً".  لذا، بدا لنا أن هذه المعروضة بحاجة إلى إشارة ضمنية للاستجابة أو التفاعل، أو بما يعرف مبدأ "الرؤية"، بحيث يجعل مظهرها البصري للاستخدام الصحيح واضحاً (Bitgood, 1991).  وبناءً على المشاهدات والتغذية الراجعة من الزائرين، استنتجنا أن هذه المعروضة بحاجة إلى تقليل عدد عناصرها، إضافة إلى إعادة تصميمها بشكل جمالي وواضح بصرياً، وضبط صوت صفيرها، وهذا ما تم العمل عليه في التصميم الجديد للمعروضة.

 

اليافطات التعريفية والبوسترات المساندة

للنصوص دور مهم في تعزيز خبرة الزائر في المعارض العلمية، لذلك من المهم إضافة إلى جمع ملاحظات حول التفاعل مع المعروضات أن يتم جمع ملاحظات حول كيفية تفاعل الجمهور مع هذه النصوص.  تنقسم النصوص في معرض صدى لنوعين: اليافطات والبوسترات المساندة.  تعتبر اليافطات نصوصاً سردية، وليست فقط قائمة بالحقائق، وهي تعمل على شرح أو توجيه أو طرح سؤال بطريقة معينة، والغرض من اليافطات التعريفية هو المساهمة في إثراء تجربة الزائر بشكل إيجابي ومثير واستفزازي وهادف (Serrell, 2015).

 

إن العمل على إنتاج هذه النصوص ليست بالعملية السهلة، بل هي أيضاً عملية مستمرة وتتطور بشكل دائم مع تطور المعروضة نفسها، نسعى، بشكل مستمر، إلى أن نطور على اليافطات التعريفية لكي تكون واضحة وملفتة للزائر كوسيلة لتمكين الزائر من تحقيق الهدف الذي صممت المعروضة من أجله.  لذا، نسعى إلى فحص إن كانت تؤدي الغرض منها تجاه المعروضة أم أنها بحاجة إلى تطوير أو صياغة جديدة.  نذكر في هذا المقال يافطة معروضة التموجات وأشكالها كمثال على يافطة تم تطويرها ما بعد الافتتاح.  في البداية كانت اليافطة تتسم بالبساطة والسردية (كما هو موضح في الصورة بالأسفل).

 

 

 

تبين خلال تقييمنا لزيارات المعرض، أن هذه اليافطة تفتقد لتوضيح مفهوم التردد، والفرق بين أنواع الموجات الصوتية.  لذا، تم التعديل على اليافطة مستعينين برسوم بيانية كما هو موضح (الشكل بالأسفل).  فمن المرجح أن يقضي الزوار المزيد من الوقت على المعروضة، وأن يتعلموا المزيد عندما يكون لديهم توجيه مفاهيمي جيد وواضح (Bitgood, 1996).

 

 

بعد ذلك، وخلال إحدى المقابلات لمدرسة بنات قطنة (بعد زيارة المدرسة لمعرض صدى)، تم طرح اليافطة الجديدة مقابل القديمة أمام الطالبات.  طلبنا من الطالبات قراءة نصوص اليافطتين وإخبارنا بما تم فهمه.  ومن خلال تعليقاتهن، تبين أن اليافطة الجديدة تساهم بشكل أفضل في شرح كيفية التفاعل مع المعروضة والتعريف بالظاهرة العلمية.  وبذلك فإن وضوح وسهولة فهم محتوى اليافطات التعريفية، من المحتمل أن يزيد من نسبة فهم الزوّار والمتفاعلين للمفاهيم المرتبطة بالمعروضة والظاهرة (Bitgood, 1996).  إن ذلك لا يعني أن هذه اليافطة هي نهائية، بل هنالك احتمالية التعديل عليها وتطويرها عند ملاحظة فجوة أخرى، من خلال التقييم المستمر لزيارات المعرض.

 

البوسترات المساندة

اعتمدنا في معرض صدى، بشكل كبير، على البوسترات وعرض محتوى علمي كبير مرتبط بالصوت وظواهره من خلالها، وتم استخدامها كأداة توضيح وإثراء للمعروضات والمعرض.  لم تكن البوسترات جميعها موجودة في أرض المعرض منذ افتتاحه، بل تمت إضافة عدد من البوسترات الأخرى، وتغيير موقع أخرى بعد الافتتاح، وذلك تبعاً لحاجة المعرض وتفاعل الزوار.

بعد افتتاح المعرض، تمت إضافة بوستر مساند وهو بوستر بعنوان "الارتداد"، وكان الهدف من وجوده مساندة معروضة صفيحة الارتداد واليافطة التعريفية الخاصة بها.

معروضة صفيحة الارتداد وعلى يمينها بوستر مساند بعنوان "الارتداد"

 

تعد معروضة صفيحة الارتداد معروضة مربكة من حيث المبدأ العلمي، كذلك وجدنا أنه من المهم التعريف بتاريخ هذه التقنية في التسجيلات الصوتية، لأنه يساهم في إيضاح العديد من المفاهيم حول تطور التسجيلات الصوتية وأدواتها، فتمت الاستعانة بالبوستر كأداة مساندة للمعروضة.

 

استغرق العمل على تطوير البوستر الخاص بهذه المعروضة أسابيع عدة، تم خلالها عقد لقاءات داخلية عدة، والاستعانة بالمصادر، والتأكد من صحة المعلومات، وأن طبيعة اللغة المستخدمة في البوستر تؤدي وظيفتها التفسيرية بطريقة سلسة وواضحة.  كان هذا البوستر أول تجربة لاستخدام البوستر كأداة مساندة للمعروضات.

لكن بقي السؤال إن كان هذا الحل الأنسب في إيصال المعلومة بهذا الشكل؟

 

من خلال مراجعة بعض الكتابات حول تجربة الزائر وعلاقة ذلك بالتصميم والمحتوى، تبين أن هذا الشكل من النصوص قد تُرهق الزائر.  فمثلاً، يرى بيتجود أن الزائر الذي يحاول قراءة كل أو معظم النصوص في المعرض مع محاولة لفهم معظمها قد يصاب بالإرهاق أو التعب العقلي (Bitgood, 2010)، لذا يدعو إلى تقليل النصوص وعدد الكلمات.  يشير بيتجود إلى أن وجود عدد أقل من الكلمات داخل النصوص التفسيرية أو التوضيحية يؤدي إلى ارتفاع معدل القراءة داخل المعرض، حيث إن الزائر يستثمر وقته وطاقته في الأنشطة أو الأشياء التي يجدها ذات قيمة ومعنى بالنسبة له (رضا وتمتع)، مقابل جهد يبذله الزائر بنسبة أقل (Bitgood, 2014)، وذلك ما يفسر التفاعل القليل من الجمهور مع البوسترات الموجودة في المعرض، ولذلك سنسعى إلى تقليل النصوص في المعارض القادمة من حيث عدد الكلمات وايضا أعداد البوسترات بحيث لا ترهق الجمهور خلال زيارته للمعارض.

 

 

 

 
خاتمة

في السنوات الأخيرة ، أصبح زوار المتاحف يتوقعون مستوى عالياً من التفاعل في المعارض التي تنظمها المتاحف، وبخاصة المعارض غير الفنية (Pekarik, 2002)، وهذا ما يجعلنا في استوديو العلوم نفترض أن الجمهور يتوقع تفاعلاً أكثر عند زيارة معارضنا، لذا نحاول كفريق أن نقدم معارض ذات مستوى عالٍ من التفاعلية، ولكي نتمكن من تقديم ذلك فنحن بحاجة للبحث بشكل مستمر عن الفجوات في جميع عناصر المعرض والمعروضات، والتي قد تحد من تفاعل الجمهور، بهدف تحسينها، ولكي نعزز نهج عمل متمحور حول الجمهور بشكل أساسي، فكل ما يقدم في معارض الاستوديو هو موجه لإثراء خبرة الزائرين، وإتاحة فرص تعلم واكتساب خبرات غنية.

 

*باحثان في استوديو العلوم / برنامج البحث والتطوير التربوي 

 

المراجع:

 

  • Awsakulsutthi, S. (2015). A study of the importance of cultural factors in the user interaction with, and the design of, interactive science and technology exhibits in museums (Doctoral dissertation, Loughborough University).
  • Bitgood, S. (2014). The Importance of Attention and Value for Interpretation. Paris: The International Heritage Interpretation E-Magazine.
  • Bitgood, S. (1996). Practical guidelines for developing interpretive labels. Visitor Behavior, 4, 4-7.
  • Bitgood, S. (1991). Suggested guidelines for designing interactive exhibits. Visitor Behavior, 6(4), 4-11
  • Falk, J. H., & Dierking, L. D. (2016). The museum experience revisited. Routledge.
  • Humphrey, T., & Gutwill, J. P. (Eds.). (2017). Fostering active prolonged engagement: The art of creating APE exhibits. Routledge.
  • Kollmann, E. K. (2007). The effect of broken exhibits on the experiences of visitors at a science museum. Visitor Studies, 10(2), 178-191.
  • Serrell, B. (1996). Exhibit Labels: An Interpretive Approach. Rowman Altamira.
  • Pekarik, A. J. (2002). Developing interactive exhibitions at the Smithsonian.