تقييم الانخراط وحدوث التعلم في المعارض العلمية: دراسة حالة معرض "صدى"

الرئيسية تقييم الانخراط وحدوث التعلم في المعارض العلمية: دراسة حالة معرض "صدى"

أسماء المزين ورامي محتسب*

 

تتمحور خبرة الزائر في المتاحف أو المعارض حول الزائر نفسه، وليس حول المعرض أو المتحف، وهي تحدث في تلك اللحظة الفريدة والعابرة عندما تصبح كل من هذه الحقائق واحدة ومتشابهة؛ فالزائر هو المتحف والمتحف هو الزائر (Falk, 2016).  وحتى نتمكن من فهم هذه الخبرة، يتوجب علينا فهم استخدام الزائر للمتحف كما يرى الباحث الأمريكي جون فولك، الذي يعتبر أن هنالك علاقة سببية بين خبرة الزائر بالفعل داخل المتحف وما يتذكره، لذا تساعدنا الذكريات على فهم كيفية استخدام الزائر للمتحف ومكوناته (Falk, 2013).

نستعرض في هذا المقال بعض الأدوات التي نوظفها في استوديو العلوم لتقييم الانخراط وحدوث التعلم لدى الزوّار من خلال تفاعلهم مع المعروضات العلميّة، ونسعى لتجريب وتطوير أدوات متنوعة استُخدمت في دراسات سابقة، محاولين بناء نهج تقييم مبني على البحث والتجربة، إضافة إلى الاستعانة بالدراسات السابقة في مجال التفاعل والتعلم في المتاحف العلمية ومراكز العلوم التفاعلية.

يضمّ معرض صدى[1] معروضات تفاعلية وأخرى توضيحية، موزعة على ثلاثة أقسام، تتمثل بفيزياء الصوت وحاسة السمع، والمحيط الصوتي (البيئة الصوتية الطبيعية والعمرانية)، والصوت في علم الموسيقى والآلات الموسيقية.  بدأنا كفريق ببناء تصور لعملية جمع البيانات منذ بداية العمل على معرض صدى، مستعينين بدراسات سابقة، حيث تم تبني نموذج مشاهدات تم استخدامه في دراسة سابقة لتقييم وتطوير معروضة بعنوان (Noise pollution exhibit) تناولت ظاهرة التلوث السمعي، وهي موجودة في أحد معارض متحف (Eco Taruim) في الولايات المتحدة.  تم استخدام هذا النموذج في مرحلة النمذجة من قبل فريق الباحثين في هذا المتحف (Styloss et al. ,2014).  قمنا بترجمة هذا النموذج واستخدامه ومشاركته مع فريق مطوري المعروضات قبل اعتماده بهدف الحصول على ملاحظاتهم لتطويره بما يتناسب مع سياق العمل في استوديو العلوم، ومع أهداف معرض "صدى" الذي كان في مرحلة التطوير.  إضافة إلى ذلك، تم استخدام نموذج مؤشرات الانخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف،[2] وهو نموذج يقدم مؤشرات تندرج تحتها مجموعة مشاهدات يمكن ملاحظتها خلال تفاعل الجمهور داخل المعرض.  ويعتبر هذا النموذج أداة لجمع مؤشرات، وجودها يُبين إمكانية حدوث تعلم دون تحديد نوع التعلم بشكل واضح وصريح (Griffin & Symington, 1991).

إضافة إلى استخدام نموذج مؤشرات التعلم لتعزيز ما تم جمعه في نموذج المشاهدات، تم استخدامه كأداة لتحليل بعض التسجيلات المرئية والصوتية التي تظهر تفاعل الجمهور داخل المعرض، وذلك من خلال وضع كاميرا في بعض جوانب المعرض لنتمكن من مشاهدة ما يحدث من تفاعل على بعض المعروضات.  قُمنا أيضاً بعمل مقابلات على شكل مجموعات بؤرية مع طلاب مدارس من مناطق مختلفة، وذلك بعد مرور أسابيع عدة على زيارتهم للمعرض.  نحاول من خلال هذه المقابلات فحص أثر زيارة المعرض على الطلاب، وأثر التفاعل مع المعروضات على فهمهم للظواهر والقضايا التي تم طرحها، ومعرفة إن كان التفاعل مع المعروضات قد أثار فضولهم لطرح تساؤلات مرتبطة بها.

من خلال الأدوات الثلاث، وهي: 1) المجموعات البؤرية.  2) نموذج المشاهدات.  3) تحليل بعض الفيديوهات المصورة، تمكنّا من فحص أثر معرض "صدى"، والخروج بتغذية راجعة حول المعرض، والتفاعل، وخبرة الزائر، وما تم تعلمه خلال الزيارة.  سوف نتناول في هذا المقال ثلاث معروضات وطرق تقييمها، وهي معروضة "التموجات وأشكالها"، و"قارب الجزري"، و"محيطنا الصوتي".

 

نموذج المشاهدات والمجموعات البؤرية

تم تقييم بعض المعروضات باستخدام نموذج المشاهدات الذي اعتمدناه في هذا المعرض، إضافة إلى بعض المقابلات مع مجموعة من الطلاب الذين زاروا المعرض.  سوف نركز في هذا القسم على تحليل حدوث التعلم والتفاعل مع معروضة "التموجات وأشكالها".

 

معروضة التموجات وأشكالها (Cymatics)

تتكوّن المعروضة من ثلاث صفائح تتنوّع بالخامة والسمك عليها مواد مختلفة.  عندما تتعرض الصفائح لاهتزازات الأمواج الصوتية، تظهر تشكلات مختلفة للمواد الموجودة عليها باختلاف تردد الموجات الصوتية الخارجة من السماعة.  ويعود سبب اختلاف الأشكال الظاهرة إلى طبيعية المواد واختلاف خامة الصفائح وسمكها.

صفحة المعروضة على الموقع الإلكتروني

 

في هذه المعروضة، يتحكّم الزائر بعاملين من خلال تحريك مقبضين، الأول خاص بتردّد الموجة الصوتية، والآخر للتحكّم بشدّة الصوت وقوّته.  سيدخل الزائر عقب التفاعل مرحلة استكشاف لتفسير تأثّر المواد المختلفة (نشا، ورمل، وماء) مع تردّدات الموجة الصوتية وشدّتها.  سيلاحظ الزائر في هذه المعروضة الفرق بين تأثر المادة الواحدة مع اختلاف شدة الصوت وتردّد الموجة، كما سيلاحظ اختلاف تفاعل المواد المختلفة مع التردّد نفسه.

 

أهداف المعروضة:

خلال مرحلة التفاكر (Ideation) حول معروضات صدى، تم بناء ورقة مفاهيمية لكل معروضة تشمل الهدف منها، والمبدأ العلمي، وطريقة التفاعل معها.  حسب الورقة المفاهيمية الخاصة بمعروضة التموجات وأشكالها، فإن الهدف منها هو:

تعريف الزائر بالخصائص الفيزيائية والموسيقية للصوت (frequency, amplitude)، إضافة إلى ربط هذه العناصر مع أشكال مرئية، يستطيع الزائر من خلالها تخيّل ما تأثير التردّدات والاهتزازات على المواد المختلفة.

كجزء من تقييم المعرض، نحاول البحث في مدى تحقق أهداف كل معروضة على حدة.  ولنتمكن من الإجابة عن هذا التساؤل، تم استخدام نموذج المشاهدات، حيث تمت تعبئته خلال مراقبة تفاعل الزوار مع المعروضة.  إضافة إلى ذلك، قمنا بعمل مجموعات بؤرية مع طلاب من مناطق مختلفة تتراوح أعمارهم بين 9-14 عاماً.  تم سؤال المجموعات عن المعروضات التي أثارت إعجابهم بشكل كبير، وما تعلموه حول هذه المعروضة، من حيث المبدأ أو الظاهرة التي تحاكيها.  تساهم المشاهدات التي تم جمعها من خلال النموذج وإجابات الطلاب في المجموعات البؤرية في الاستدلال على مدى تحقق أهداف المعروضة.

خلال لقاء الأطفال في المجموعات البؤرية، تم سؤالهم عن المعروضات التي يذكرونها وأحبوها، كانت بعض الإجابات الخاصة بهذه المعروضة:

 

  • "معروضة السماعات انو ترددات المي والنشا، بتخلي المي والنشا يتحرك بطريقة حلوة" (13 سنة).
  • "حبيت معروضة الغرفة العازلة اللي بنشوف فيها النبضات تعون المي والأصوات، أنا حبيت فيها لأنه حسيت إنو أنا بسمع صوت المي وبسمع كل إشي فيها، وحسيت فيهم يعني" (9 سنوات).
  • " في إنه مثلاً هون في نشا وهون في مي وهون في رمل وهون كل ما تلفي بطلع صوت وبتحرك النشا ع الصوت وكان يتحرك أكثر من الرمل" (9 سنوات).
  • "كمان بالتجربة اللي حكا عنها إنو المي والنشا لما كان يتحرك إنو مش التلاته كانوا يتحركوا على نفس الدرجة اللي كنا نحطها، كل وحدة على درجة صوت مختلفة كانت تتحرك" ليش فكرك هيك كانت؟ "بعرفش .. عشان المادة؟" (9 سنوات).

 

عندما يشرح الأطفال الظواهر العلمية، يستخدمون الاستعارات بشكل عفوي، ليس بكثرة، ولكن بين الحين والآخر لجعل تفسيرهم أكثر قابلية للفهم، غالباً ما يشير الأطفال إلى التجارب التي يجدونها مشابهة لبعض سمات الظاهرة، أو أنهم يفسرون التشابهات والاستعارات لجعل الأمور أكثر وضوحاً (Holgersson, 2013).

تظهر الاقتباسات والمشاهدات اكتساب الطلاب خبرات تعلمية مرتبطة بهدف المعروضة، حيث قام بعض الطلاب بوصف الخصائص الفيزيائية للصوت وربطها ببعض الأشياء من حياتهم اليومية، إضافة إلى تعبيرات ذكرها الطلاب حول الظاهرة بلغتهم البسيطة، فتم استخدام مصطلحات تعبر عن مفهوم التردد.  ومن خلال هذه البيانات، يتبين لنا ملاحظة الطلاب للتأثير الذي يحدثه تغيّر نوع المادة على اهتزازها وتأثّرها بالتردد.

أما فيما يتعلق بنموذج المشاهدات، فقد أظهرت المشاهدات تحقق بعض مؤشرات التعلم والانخراط التي تم تحديدها في هذا النموذج، منها:

 

  • التفاعل بدون أي توجيهات مباشرة ولفظية.
  • قراءة اليافطة التعريفية.
  • حث زائر آخر على تجريب المعروضة.
  • نقاش التفسير العلمي للظاهرة.
  • نقاش حول التصميم الفيزيائي للمعروضة.
  • مقارنة المعروضة بظواهر من الحياة اليومية.

 

يتم تسجيل مدة التفاعل مع كل معروضة على حدة في نموذج المشاهدات.  من خلال المشاهدات التي تم جمعها حول معروضة "التموجات وأشكالها"، تبين أن غالبية الطلاب يتفاعلون معها لـمدة 3 دقائق فأكثر.  وبناء على ذلك، بإمكاننا اعتبار أن مستوى التفاعل مع هذه المعروضة كان مرتفعاً نسبياً.

تشير دراسة الحالة إلى كيفية تقييم مدى تحقيق المعروضات لأهدافها، وذلك وفقاً لما ينتج من مؤشرات باستخدام نموذج المشاهدات ومقابلات الأطفال في المجموعات البؤرية.

 

 رابط نموذج المشاهدات

 

 

التسجيلات المرئية

تم استخدام هذه الأداة في معارض استوديو العلوم، وتعتبر من الأدوات المهمة التي تمكننا من تحليل ما حدث على أرض المعرض بعد انتهاء الزيارات.  تحتوي هذه التسجيلات[3] على أصوات، وانفعالات، وردود أفعال، وتفاعل الجمهور مع المعروضات ومساحات المعرض.

 

مشاهدات عامة في المعرض من خلال التسجيلات:

  • شعور بالحماس، وبخاصة عند الدخول للمعرض: رقص، ضحك، ركض، تسابق على معروضة ما.
  • نداءات للزملاء وأخذهم لمشاهدة معروضة (ظهر بشكل متكرر سلوك شد الزميل أو الزميلة لرؤية شيء ما).
  • كان ملحوظاً الرغبة في التجربة الجماعية للمعروضات بدل التجربة الفردية.
  • لم يُلحظ استخدام مصطلحات علمية في الحوارات - ربما لأن الكاميرا لم تلتقط أصوات حوارات قريبة.
  • مدة مكوث الأطفال على المعروضة تظهر أكثر بعد أول دقائق من الزيارة، حيث إنه في بداية الزيارة تكون لدى الأطفال حركة سريعة على المعروضات كأنهم يبحثون عن أكثر الأشياء أو الأغراض تشويقاً، ثم يعودون إلى المعروضات ويقضون وقتاً أكثر.
  • لوحظ أن الزائر يقضي وقتاً أكثر على المعروضات التي تحوي تجربة مفتوحة (مثل الراديو أو تأليف المشهد الصوتي أو التنويت الرسومي)، ووقتاً أقل على معروضات فيها نمط محدد لا يمكن التغيير في معطياتها (كالمحيط الصوتي، والجزري)، لكن لُوحظت العودة المتكررة إلى التفاعل مع هذه المعروضات خلال التجول في ساحة العرض.
  • تمت ملاحظة أن المعروضات التي توضع في المنتصف تجذب انتباه الزائرين لمشاهدة الظاهرة.

 

تم تقييم معروضتي "قارب الجزري" و"محيطنا الصوتي" عن طريق تحليل التفاعل من خلال التسجيلات المرئية لإحدى الزيارات المدرسية وربطها بمؤشرات الانخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف.  تم استخدام فيديو من هذه التسجيلات مدته 14 دقيقة، يتبين لنا حركة الطلاب في جزئية المحيط الصوتي التي تجمع معروضات عدة (المحيط الصوتي، التأليف الصوتي، أصوات من حياتنا اليومية، التنويت الرسومي، الراديو، قارب الجزري)، وبإمكاننا تتبع حركة الطلاب في هذه الجزئية وبعض الأحاديث والتفاعل مع المعروضات، وبشكل خاص معروضتي المحيط الصوتي وقارب الجزري.

أحد التحديات التي واجهتنا، أن تسجيل الصوت لهذه المعروضات لم يكن مفهوماً بسبب بعد الكاميرا عن المعروضات وكثرة الأطفال في المعرض، لكن بالإمكان ملاحظة أن الأحاديث تدور حول المعروضات من خلال إشارات أيديهم.  قمنا بتحليل المشاهدات لما حدث من تفاعل مع المعروضات تبعاً لمؤشرات الانخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف (Grifflin, 1999).  يظهر المثالان أدناه كيفية تصنيف المشاهدات الخاصة بمعروضتي المحيط الصوتي وقارب الجزري وفقاً لنموذج جريفلين.  إضافة إلى ذلك، قمنا بإضافة مشاهدات ومؤشرات حول التفاعل لوحظت في المعرض لم تُذكر في هذا التصنيف، لكنها شوهدت بشكل متكرر في سياق الزيارات لمعرض صدى.

 

معروضة قارب الجزري

تعمل المعروضة وفقاً لمخطوطة الزورق الموسيقي للجزري، الذي يعتمد، في عمله، على مبدأ تحويلات الطاقة الميكانيكي، إذ تتحول طاقة الماء الهيدروليكية إلى طاقة حركية ينتج عنها موسيقى إيقاعية.

ولتفصيل التجربة أكثر، عليك المرور بمراحلها، فبعد امتلاء الوعاء، بدأت المياه بالتدفق إلى الطاحون، ما أدى إلى دورانه مع استمرار انسياب الماء، وتلقائياً سيدور محور الطاحون، وسينقل الطاقة الحركية إلى المسننات المثبتة عليه أسفل العصي الخشبية التي ستندفع إلى الأمام والخلف وتقرع الطبل.

 صفحة المعروضة على الموقع الإلكتروني

 

 

مؤشرات الانخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف لمعروضة قارب الجزري

تفاعل الطلاب مع المعروضة بشكل متكرر وبشكل فردي وجماعي أيضاً، كما لوحظت عودة الطلاب للتفاعل مع المعروضة، على سبيل المثال، تفاعلت طالبة مع المعروضة 5 مرات بشكل فردي وجماعي ولفترات مختلفة.  كما لوحظ التفاعل إما من خلال قراءة الطلاب لليافطة التعريفية، وإما من خلال تجربة المعروضة والإشارة إلى أجزاء المعروضة، وإما الضحك والتصفيق.  وكان بالإمكان ملاحظة تعابير مختلفة من الاندهاش والرغبة بإعادة التجربة.  كما أن التجربة الجماعية لا تقتصر على أحد الطلاب ضمن المجموعة، بل تتم تجربة المعروضة من قبل أفراد المجموعة بشكل دوري على الرغم من أن المخرج واحد من هذا التفاعل.

 

يوضح الجدول التالي بعض المشاهدات والمؤشرات التي تم تدوينها من تحليل التسجيل المرئي لإحدى الزيارات:

 

المشاهدة

التكرار

المؤشر

التحدثُ فيما بينهم

6

إبداء المسؤوليّة تجاه تعلّمهم والمبادرة إليه

اتّخاذ القرار بشأن إلى أين ينتقلون ومتى؟

9

الوقوف والنظر/القراءة

9

الانغماس بنشاطٍ في التعلّم

إبداء الفضول والاهتمام عبر الانخراط بمعروضة ما

4

التفحّص العميق والدقيقُ وشديد التركيز

9

التعامل مع المعروضات بحرصٍ واهتمام

3

استغلال الموادّ والأفكار والتحكّم بها ضمن هدفٍ واضحٍ

الحديثُ عن الأشياء والإشارة إليها

6

مشاركة التعلّم مع الأقران والخبراء

دعوة الآخرين لرؤيةِ شيءٍ ما

3

الاستعدادُ لقبولِ دعوةِ الآخرينَ لرؤيةِ شيء ما

3

التحدث إلى الكبار/الخبراء (المعلّم أو الطاقم الإداري)

1

القراءةِ للأقران؛ الشرح للأقران

6

إبداءُ الثقةِ في قدراتِ التعلّم الشخصيّة

 

 

معروضة محيطنا الصوتي

يستعرض هذا العمل التركيبي دراسة ميدانية لمجموعة من المناطق في مدينة رام الله ومحيطها، التي تشكل مناطق ذات سياقات جغرافية وتاريخية وسياسية وطبيعية متنوعة ومتباينة.  تعتمد هذه الدراسة على جولات إصغاء سجِّل خلالها مجموعة من الأصوات التي تشكل المحيط الصوتي لتلك المناطق المختلفة، بعضها ريفية وطبيعية، وأخرى سكانية أو صناعية أو تجارية.

 

 صفحة المعروضة على الموقع الإلكتروني
 

مؤشرات الانخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف لمعروضة محيطنا الصوتي

بالإمكان ملاحظة الأحاديث وطبيعة التفاعل من خلال التسجيلات المرئية، ويظهر أيضاً انتظار الطلاب لبعضهم البعض بهدف التفاعل مع المعروضة، على سبيل المثال، لوحظ انتظار طالب لمعروضة كانت مشغولة من قبل المعلمة لغاية ترك المعلمة للسماعة، بعدها أخذ الطالب السماعة واستمع لمدة دقيقة، بعد ذلك جاءت زميلته للسماعة المجاورة تحدث معها حول ما يسمع، ثم جاء زميله بعد ذلك فأعطاه السماعة، كما يوجد إنصات جيد للمحتوى الصوتي وأحاديث واضحة حوله، صاح طالب "صوت الحسبة!" مع نبرة تعجب في صوته، ثم رد زميله "الحسبة" بعد قليل "خيار" "بندورة".

 

الجدول التالي، هو جدول يوضح بعض المؤشرات التي حدثت من خلال التسجيلات المرئية لإحدى الزيارات:

المشاهدة

التكرار

المؤشر

الوقوف والنظر/القراءة

(لفترة زمنية تتراوح بين 2-3 دقائق)

3

الانغماس بنشاطٍ في التعلّم

التفحّص العميق والدقيقُ وشديد التركيز

2

الوقوف والنظر/القراءة

1

الحديثُ عن الأشياء والإشارة إليها

2

مشاركة التعلّم مع الأقران والخبراء

دعوة الآخرين لرؤيةِ شيءٍ ما

4

مقارنة المعروضات

1

بناء الروابطِ ونقلُ الأفكار والمهارات

اتّخاذ القرار بشأن إلى أين ينتقلون ومتى

5

إبداء المسؤوليّة تجاه تعلّمهم والمبادرة إليه

الشرح للأقران

1

إبداءُ الثقةِ في قدراتِ التعلّم الشخصيّة

 

كما ذكرنا سابقاً، فإن هذه المؤشرات تمت ملاحظتها من خلال التسجيلات المرئية وتحليلها بالاستعانة بنموذج مؤشرات الانخراط وعملية التعلم في سياق المتاحف لجريفلين.  لكن خلال مراجعة التسجيلات، لاحظنا وجود مشاهدات ملفتة، لذا سعينا إلى تدوينها لوعينا لأهميتها ودلالاتها على الانخراط وحدوث تعلم، وقد تكون مرتبطة، بشكل خاص، بثيمة المعرض أو بالسياق الفلسطيني.  أدناه بعض المشاهدات المضافة من خلال تحليل التسجيلات المرئية لمعروضتي قارب الجزري ومحيطنا الصوتي:

  1. العودة إلى التفاعل مع المعروضة.
  2. الضحك.
  3. التصفيق.
  4. انتظار بعضهم الآخر للتفاعل مع المعروضة.
  5. مقارنة المعروضات.
  6. تقليد المخرج من المعروضة.

 

يذكر باريولت (2014) أن الانخراط والتفاعل مع المعروضات داخل المعارض والمتاحف يُترجمان على شكل استجابات إيجابية مختلفة كالابتسامات والكلمات الصوتية والضحك أثناء التفاعل النشط مع المعروضات، ويعتبر هذا جزءاً مهماً من عملية التعلم، كما يتعلم الجمهور من خلال تكرار أفعالهم والتعبير عن المشاعر الإيجابية، وإظهار بعض الحماس والدافعية لمزيد من الانخراط في فرص التعلم التي يقدمها المعرض أو المكان (Barriault, 2014).  وكما يرى ديوي، أن الخبرة تتجه بأجزائها نحو الاكتمال والانتهاء، ولا ينتظر هذا الاكتمال بوعي انتهاء المهمة كلها، بل يتوقعها طوال الوقت، ويتم الاستمتاع بتكرارها.[4]  بذلك، بإمكاننا اعتبار المؤشرات التي تمت إضافتها من العودة إلى المعروضة، أو تقليد الأصوات، والضحك، ... وغيرها من أفعال واستجابات، أنها مؤشرات انخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف.

 

خاتمة

يسعى فريق البحث في استوديو العلوم إلى العمل على جمع ملاحظات حول التفاعل والتعلم داخل معارض الاستوديو وتحليلها بهدف التحقق من حدوث التعلم وآليات تعزيزه، وتقديم تغذية راجعة لمطوري المعروضات حول معروضاتهم بهدف تطويرها، ونقوم بالربط مع ما جاء في أدبيات علوم المتاحف، في محاولة لإنتاج معرفة في علم المتاحف باللغة العربية وتصميم أدوات تقييم أكثر ملاءمة للسياق الفلسطيني.

 

*باحثان في استوديو العلوم/ برنامج البحث والتطوير التربوي

 

 

 

 

المراجع:

  • Barriault, C. L. (2014). Visitor engagement and learning behaviour in science centres, zoos and aquaria (Doctoral dissertation, Curtin University).
  • Falk, J. H. (2016). Identity and the museum visitor experience. Routledge.
  • Falk, J. H. (2013). Understanding museum visitors’ motivations and learning. AAVV, Museums Social Learning and Knowledge Producing Processes, Copenhaga, Danish Agency For Culture, 106-127.
  • Griffin, J., & Symington, D. (1999). Finding evidence of learning in museum settings. Communicating science: Contexts and channels, 110-119.
  • Holgersson, I. (2003). Children's use of metaphors and analogies while explaining matter transformations. Paper presented at Esera-3, Thessaloniki, August 2001. In Esera-4, Noordwijkerhout, Holland, aug 2003.
  • Stylos, A. C., Calzada-Mariaca, D. M., Bell, G. T., & Lafontant, K. (2014). Noise Pollution Exhibit at the EcoTarium.

 

 

الهوامش:

[1]  للمزيد حول معرض صدى: http://qattanfoundation.org/ar/Sada

[2] مؤشرات الانخراط وعملية التعلم ضمن سياق المتاحف: http://qattanfoundation.org/ar/node/9172

[3] نود التأكيد على وجود يافطات في المعرض تعلم الزائرين بإمكانية وجود تصوير داخل المعرض لأغراض البحث والتطوير، كذلك نُعلم المعلمين بوجود تصوير من خلال نموذج الزيارات الذي يقومون بملئه قبل الزيارة.

[4] من مقال مترجم بعنوان "تعلم العلوم من منظور ديوي" لـ ديفيد وونغ وكيفين باف، مجلة رؤى تربوية، العدد السادس والأربعون:

http://qattanfoundation.org/sites/qcerd-rua