*ياسمين قعدان
الفن الجداري المجتمعي (مسار) في قرية قطنة مع الفنان منذر جوابرة ضمن مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية" الذي ينفذه برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان بالشراكة مع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC). |
مقدّمة
لقد بُحث الفن تاريخياً عبر مجموعة متعددة من الدراسات، التي كانت وما زالت تحاول الوصول إلى فهم كل التمفصلات الوسيطة التي تُشكل الواقع الفني البصري منذ نشأته وحتى اليوم، وهذا المجال البحثي الطويل الذي درسه علماء الاجتماع، والفلاسفة، والمختصون في الجمالية، إنما هو محاورة للحظة التشكيل الفني، وسياساته، وتذوقه، ما بين الاجتماعي والجمالي. ففكرة سلطة "الذائقة" الفنية، تأتي من كيفية نسب الأحقية لأشخاص معينين يحتكرون "احترافية" الفن، والمعرفة فيه ضمن عمليات وشروط مؤسساتية، بل ومفاضلة مؤسساتية. إن الحقل الفني يطرح شروطه الصارمة، غير المتجاوز عنها، في آلية عرض المنتجات الفنية، وقيمتها، وإضافة أو تشكيل رساميل الفنان، أو أماكن العرض الفني، ويستخدم لجاناً من القيّمين، يكون لهم "شرعية" اتّخاذ القرار لكشف العمل الفني داخل صالات المعارض أو المتاحف للجمهور المتلقي، وتصبح هذه العملية من الوساطة بين الفنان وفنه عبارة عن "صناعة" تُرسم بها سياسات تحدد ما هو العمل الفني الذي يحمل أثراً ومضموناً ثقافياً، والذي سيتم إرساؤه كتشكيل جديد يستحق تصنيفه كفن. تكمن الصورة العامة هنا عند النظر في العلاقات والصلات بين عالم الفن والمؤسسات الاجتماعية، فالفن قد أصبح بالعصر الحديث مستقلاً جزئياً وليس كلياً عن بقية المؤسسات الاجتماعية، وتاريخ الفن متصل ومرتبط مع تاريخ المؤسسات الاجتماعية الأخرى.[1] ومما سبق تصبح القيمة الفنية تبعاً لبيير بورديو ليست متشكلة بالأعمال الفنية نفسها؛ بل في المؤسسات الاجتماعية؛ أي الحقول الفنية التي تتم عملية إنتاج الفن وتلقيه ضمن إطارها.[2]
وضمن الإطار النقدي لهذه المفاضلة المؤسساتية والحقلية الاحترافية لتشكيل معاني الفن، فإن هذه الورقة تحاول دراسة تطويع الفن كأداة لإنتاج المعاني الاجتماعية عند الفاعلين "غير الفنانين"، دون الوساطة الاحترافية للخبير، وتصنيفات الذائقة الجمالية، أو لحظات العرض المتحفية؛ وذلك من خلال تتبع التغيير الاجتماعي الذي يخلقه تَدخُل الفن في الأمكنة المعاشة والبنى الثقافية الاجتماعية، وفي الأدوار الاجتماعية اليومية للفاعلين بعد هذا التدخل الفني، ومن هذه النماذج اللوحات الجدارية التي رسمت في قرية قطنة، وفيلم المعبر في قرية نعلين، والتي كانت جزءاً من مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية، الذي نفذته مؤسسة عبد المحسن القطان، بدعم مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون SDC)).
فمن سطوة الحقول على تشكيل المعاني داخلها؛ يظهر لدينا عبور آخر من تكسير الحدود والممكنات، وذلك عندما ندرس استدخال الفن كأداة من الفعل التواصلي الاجتماعي؛ تظهر هذه الأداة كطريقة لتشكيل المعاني عن العالم الاجتماعي من فاعلين ليسوا ضمن تشكيلة اللاعبين في الحقل الفني، وفي الوقت ذاته تَظهر رحلة انتقال المعنى بين الأعمال الفنية الخارجة عن سلطة الخبير، وبين الفنان الذي يصارع هيمنة الرساميل في حقله، وبين كسر ألفة المكان، نحو تقاطع آخر ممكن لرسم فاعلية جديدة من التواصل الاجتماعي بفاعلين جدد، وذلك عند رسم اجتماعي لجمالية المكان داخل قطنة، أو في إعادة إنتاج المكان والعبور منه، أو التموضع أمام الكاميرا لتصوير فيلم عن معبر نعلين. ومن كل ما سبق، ستحاول الورقة البحثية قراءة لحظة التمفصل التي يرتحل فيها المعنى في تطويعه للحقل الفني من هذه الأماكن الصغيرة، من أجل تحقيق لحظة الألفة الممكنة مع المكان، أو تقديم مبررات للتعايش معه كحوار مجتمعي كامل بين الماقبل إلى الآن.
لوحات لقطنة: خلق الأُلفة الثابتة للمكان باستخدام الفن
عند التنقل بين اللوحات التي زينت بها قرية قطنة بأيدي شبابها ضمن مسار كامل في قطنة حُدد من قبلهم بعد دراستهم الكاملة لمكانهم ومعانيه، نحاول منها أن نفهم كيف يعاد إنتاج المكان ومعانيه من خلال الفن، فتأخذنا العملية الموثقة بأكملها من لحظات تخيل المكان بكلمات أهله، إلى الرغبة في رؤية التغيير على المكان، وصولاً لتدخل الفنان بأدواته، ومناورته مع بناء المكان، والتفاعل الاجتماعي، حتى لحظة تسليم الفعل الفني ليد شباب قطنة "غير الفنانين" في تغيير مكانهم، وإعادة صنع الألفة معه، وإعادة إنتاج العلاقة الاجتماعية مع المكان، ورسم المعاني التي غابت وعادت.
ضمن هذا النموذج، تحاول الورقة أن تفهم المجتمع من انعكاساته الفنية بعيون ساكنيه، وخلق معرفة مركزية من التجربة وإليها، فالعلم بالمجتمع أمر صعب بالذات، فالمجتمع بشكل خاص موضوع معرفي. وفي الآن ذاته، هو الموضوع المطلق، والنموذج الأصيل للمعرفة الصادقة. وتولد المعرفة العلمية بوصفها انعكاساً للمجتمع، لأن العلاقات المشكلة للمجتمع هي التي تتبدى على الفور أمام البشر. وتأتي العناصر الأساسية للفئات العلمية "من الحياة الاجتماعية" لأن العلاقات التي يتم التعبير عنها لا يتم العلم بها دون المجتمع ودون الوجود فيه "فالزمن الاجتماعي، المكان، التحليل هي أساس الفئات المصاحبة، لأنه بالقوالب الاجتماعية تفهم العلاقات المختلفة بوضوح معين بفضل العقل".[3] فلحظة الانطلاق هي من قطنة، والعلاقات الاجتماعية التي يخلقها أبناء قطنة مع مكانهم، وكيف حاولوا إعادة إنتاج المعاني للمكان، وبالتالي تغيير العلاقات الاجتماعية معه بالتوالي، والذي سنراه من أقوال المبحوثين الذي كانوا جزءاً متواصلاً من المشروع التطوعي، لمسار قطنة، في مشروع "القطان".
إن البنية الثقافية هي مصطلح طبّقه إدوارد تي هول على السلوك في مستويات تنظيمية متدنية، والتي تشكل أساس الثقافة. إنه جزء من نظام التصنيف البروكسيميكي، ويدل ضمناً على مجموعة مستويات محددة للعلاقات مع أجزاء أخرى من النظام. إن مصطلح بروكسيميكس (Proxemics) يستخدم لتعريف المشاهدات والنظريات ذات العلاقات المتبادلة لاستخدام الإنسان للحيز،[4] فكان المشروع هو عبارة عن استخدام الحيز المكاني للثقافي في قطنة، وتحديداً في الحارة الغربية، أو "البلدة القديمة" لقطنة، والعمل على رسم شكل جديد للعلاقات المتبادلة مع هذا الحيز المكاني، وبنيته الثقافية الكاملة.
تُصمم الأماكن تبعاً لـ تي هول إلى شكل الحيز "ثابت الميزة"؛ الذي يمثل أحد الطرق الأساسية لتنظيم نشاطات الأفراد والمجموعات. ويتضمن المظاهر المادية كما يشمل التصاميم الخفية والمستدخلة والمستبطنة التي تحكم السلوك عندما ينتقل الإنسان على هذه الأرض. الأبنية هي أحد التعبيرات عن نماذج الحيز ثابت الميزة، ولكن الأبنية، أيضاً، مجتمعة مع بعضها بطرق مميزة كما هي مقسمة داخلياً وفقاً للتصاميم المحددة ثقافياً.[5] وبما أن الأبنية والأماكن هي جزء من الحقل البصري الذي نعايشه يومياً، بالتالي وكما يؤكد بياجيه؛ فإن علاقة الجسم مع البصر علاقة متداخلة، بحيث يتم استبطان واستدخال الحيز البصري بالأجسام، انتقالاً إلى العلاقات الاجتماعية.[6] فقد خلقت الحارة الغربية في قطنة كمكان ثابت منفر، ورافض للتغيير، ومجمد للعلاقات الاجتماعية التي تعبر وتخرج منه وإليه بالصفات نفسها. إن من أبرز المظاهر الاجتماعية للحارة الغربية، أنها كانت مقصاة عن عملية التفاعل الاجتماعي، من الآخر القطني الذي يسكن خارجها، وذلك لأنها رتبت ثقافياً، على أنها بنية طاردة، وتحتوي على ممارسات اجتماعية وطابع اقتصادي منفر للبصري والاجتماعي، لمن هو خارجها، بحيث أصبحت بذلك حيزاً ثابتاً بعيداً وغير مرغوب في بنائه وعلاقاته الاجتماعية.
فماذا قدم الفن لهذا الحيز الثابت بصرياً واجتماعياً وثقافياً، في لحظة استخداله على المكان؟
كان جواب خالد[7] على سبب اختياركم للفن في قطنة؟ "هلأ إحنا درسنا شو في إشي بالحارة بنقدر نغيره، أول ما نزلنا كان المجال كله مفتوح قدامنا، واحنا اخترنا الفن، لأنه أقرب إشي لفكر الناس، الحارة التحتا محصورة شوي، كانت الحيطة مليانة مثلاً نفايات، فكيف بدنا نمنعهم يحطوا النفايات هون، ومكنش الإشي بهالسهولة، كان بعد لقاءات كثيرة، فاحنا الأساس كان إنه نبدل الأشياء القبيحة مثل النفايات، باشي جميل مثل الفن، صاروا الناس ينزلوا يشتغلوا معنا، ويكونوا بالحارة، وهاي الحارة هي قطنة الأصل، ففكر الناس بدأ يتغير".
أما قصى،[8] "الإشي إله علاقة بأنه هل رح يضل موجود، اليوم ما حدا بخربش على رسوماتنا، وفي رسومات حطوا عندها ورقة إنه ما تخربوا الرسومات، قبل المشروع كنت أنزل على هاي الحارة بس عشان العيد، ومش عشان العيد نفسه، عشان في المقبرة هناك، بس هاي الأيام، بنزل الحارة لحالي وبتفقد الرسمات، أو إزا في إشي ناقص نزيده. واحنا مستمرين في الحارة وفي كل قطنة بكل حاراتها".
يحاول المبحوثان هنا تقديم المحاولات لإعادة إنتاج الألفة مع المكان من خلال سمات الفن الدائم والجمالي، والسيطرة على المكان بطبيعته الثقافية الثابتة نحو تغييره، وعلى تعبير تي هول، فالفن تاريخياً يعود إلى محاولة سيطرة الإنسان على الطبيعة، فكانت خطوته الأولى بصنع النسخة عنه،[9] وصولاً إلى لحظة التشكل الراهنية، فإن محاولات الفن هنا تعيد إنتاج آليات السيطرة نفسها، ولكن من أجل خلق طابع ثقافي مختلف، متفاعل ومتواصل وأليف، وتحريك الحيز الثابت بعلاقتهم معه، لم يقتصر ذلك على المشاركين بالمشروع، وإنما أصبحت عملية تحريك الحيز الثابت، هي عملية جماعية، يشارك فيها كل من يسكن قطنة، وبالذات الحارة الغربية، بحيث أصبح الفن أداةً تواصلية وتغييرية، في المكان وعلاقاته، ومنها إشارات المبحوثين لكيفية محاورتهم مع أبناء الحارة الغربية، عند لحظة الرسم على الحيطان، يقول خالد عن تفاعل الناس مع المشروع الفني إنه: "أول إشي كانوا معترضين، صاروا الناس يقاتلوا، لما بلشنا نخلص بحيطة، واحد من إللي تقاتلوا معنا شافها، ولما جينا عند حيطة بيتو قلنا وقفوا أول إشي بزبط الحيطة "بقصرها"، وبعديها بتبلشوا، هلأ لما شافوا إنا عم نختار زحارف فلسطينية، غيروا رأيهم". ويضيف عن لوحة "قطنة بلادٌ أحبها" التي تم إضافتها مسبقاً في الورقة أن "لوحة "قطنة بلادٌ أحبها"، الناس لما شافونا بنعمل هاللوحة، صاروا الناس بدهم يزبطوا الحيطة عشان نعرف نرسم عليها، واشتغلوا على الهد والبنا طول الليل، عشان نعرف نشتغل عليها الصبح".
في هذه العملية قفزت الأداة الفنية عن حقلها المختص بالذائقة، وبالتصنيف الجيد، أو غير الجيد، الفني واللافني، بل أصبحت أداة مجتمعية لخلق نوع آخر من التفاعل مع المكان، وتبعاً لديفيد إنجلز أصبحنا في هذه اللحظة نتحدث عن آليات خلق الجماعة لما هو جميل، وليس الاختصاصي الفني للجمالية، وبالتالي يتم تكسير كل المعايير التابعة للحقل الفني بسطوته على المعاني الجمالية بلحظة التشكل، لتصبح منتجاً ثقافياً خاصاً ومشكلاً، من الجماعة نفسها مع مكانها،[10] وبالتالي لا يعود للفن صفة الإقصاء للجماعات الخارجة عنه، بل يصبح أداة استدخالية لمعاني تكاملية وتضامنية عند الجماعة الواحدة.
لم يكن خلق التكامل ورسم بنية واحدة للجماعة مقتصراً على قطنة الصغيرة، وإنما كانت الدلالات الفنية التي رسمت بيد الشباب، هي محاولة أخرى للسيطرة على مكانهم الفلسطيني، ومحاولة القفز عن السياسات الاستعمارية التي تحد مكانهم وتفتته، ومن هذه اللوحات، لوحة كتب عليها "أريد ما أرى من البحر!". إن الإنتاج الفني في هذا السياق، يحتاج إلى موضعة هذه التعبيرات داخل العمل الفني، بحيث يتم نشرها عبر سلطة الرمزية، بغض النظر عن محتوى اللوحة، فهي بذاتها ترميز للواقع، من خلاله عكسه بصيغته المباشرة، أو من خلال خلق رمزيات تستدعيه أو تمثله، وبحسب الطرح البوردزياني" فإن السلطة الرمزية هي سلطة خلق الأشياء بالكلمات، ولا يمكن لوصف أن يستطيع خلق الأشياء إلا إذا كان صادقاً أي ملائماً للأشياء، بهذا المعنى فإن السلطة الرمزية هي سلطة تكريس، أو كشف، سلطة إخفاء، أو إظهار للأشياء الموجودة بالفعل"،[11] وهذا التلاؤم يأتي من الارتباط بين ما يتم عرضه، وما يتم إنتاجه في بيئة اجتماعية قادرة على الامتصاص، وإعادة التأويل، أو لديها القدرة على عدم المواجهة واستبطان الخطاب بالطريقة التي تجعل هذا الخطاب مؤهلاً لأن يشكل حالة اجتماعية، وتكون هذه المعاني قريبة، وتستطيع التعبير عن "الكل" الجمعي، وعن المشترك داخل الجماعة الواحدة، فتصبح قطنة وساكنيها متملكين للوعي والرمز، والتمثيل عنه بفنهم، وبمكانهم.
ليس المكان فقط ما أصبح مطواعاً في ممارسة الفن داخل قطنة؛ بل حتى الفنان الذي قدم أدواته للمشروع، أصبح مطواعاً بيد ثقافة المكان، والمشاركين غير الفنانين، وقام باستخدام الكلمات التي اختارها ساكنو قطنة، ورسومات تمثل ثقافة أجمع وأعم للكلي الفلسطيني، من خلال زخارف التطريز الفلسطيني، وأصبح امتداداً للتطبيق الثقافي اللحظي، والحالي، الذي يود التكون والظهور، معه وبدونه، وعلى حد تعبير تي هول، فإن "الفنان ليس معلقاً فقط على القيم الأكبر للثقافة، ولكن على الأحداث الثقافية المحلية التي تعمل على تكوين القيم".[12]
تبدلت الأدوار الاجتماعية، والعلاقات الاجتماعية، في قطنة بفعل الفن، ما رسم بعداً ومعنىً اجتماعياً ينسحب على هيمنة الخطاب الفني كمؤسسة، وفاعليه المختصين، وإنما كأيادٍ مجتمعية، ترسم مكانها، وتعيد إنتاجه، وتطوّع الفن لصالح رؤيتها ومخيالها عنه، وهو بحد تعبير المشاركين، ديمومة وجمالية أخرى بعيونهم هم، ودون الحاجة لوصاية مؤسسة، أو خبير للتعريف عنهم أنهم فنانون، وأن رسوماتهم أعمال متحفية.
الفن الجداري المجتمعي (مسار) في قرية قطنة مع الفنان منذر جوابرة ضمن مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية" |
فيلم المعبر: تموضع فني يُخرج الخطاب الاجتماعي الآخر عن نعلين
تحاول هذه الورقة ضمن النموذج الثاني وهو "فيلم المعبر" من إخراج بسام الجرباوي،[13] تحليل الفيلم بدلالاته الفنية والاجتماعية واللغوية، ابتداءً من الأثر والمضمون في العنوان، لنحاول العبور في دلالاته، والتمظهرات المختلفة التي يطرحها مع وفرة التناقضات، داخل الواقع الاستعماري، لنأخذ نعلين وحاجزها، والمشهد الطبيعي المتغير فيها كوحدة صغرى، وصولاً إلى فهم السياسات الاستعمارية على فلسطين الكبرى، من خلال استخدام الفن وتصوير المشهد والقصة من عيون معايش/ة المكان في نعلين، إلى عيون عدسات الكاميرا السينمائية، ومعاني هذا التدخل والتداخل على الدور الاجتماعي المتغير لحظة التموضع للكاميرا، والبعد الثالث الناتج على الكشفية والعلنية للقصة الأخرى عن مكاننا، ومجاراة الاحترافية الإخراجية للقصة وبالعكس.
يصف فيلم المعبر حياة المكان الفلسطيني في نعلين من خلال المعبر، بحيث تدور سرديات شخصيات الفيلم وهم أبناء قرية نعلين-رام الله، حول تحولات فضائهم الزماني والمكاني، من خلال تعايشهم مع معبر نعلين، وتتحول جميع علاقاتهم الاجتماعية تبعاً لسيطرة المعبر عليهم، إضافة إلى تحولات المشهد الطبيعي بفعل السياسات الاستعمارية. يبدأ الفيلم بزمان ليلي متخارج عن حياة الفلسطيني، ويختتم بالزمان النهاري، وهذا يعكس أول التحولات في الأدوار الاجتماعية مع الزمن بوظيفته ومعناه الاجتماعي، بربطه في تبريرات الغايات الاقتصادية لصالح زمن المعبر.
يفتتح فيلم المعبر بصورةٍ لمشهدٍ مكاني فلسطيني ليلاً، تظهر فيه صبارة مجاورة لبيت فلسطيني، ويترافق معها صوت الشخصية الأولى الرئيسية في الفيلم "حمدان"، يجلس بملابس للعمل، في فصل الشتاء، الساعة الثانية صباحاً، حاملاً هاتفاً متنقلاً بسيطاً، ويجري فيه مجموعة من المكالمات لتجميع العمال، وتبدأ بعدها عملية التجهيز البضائعي للتوجه نحو المعبر، ويتداخل الصوت والصوت برؤية لبضائع "إسرائيلية"، ونمرة صفراء "إسرائيلية" تنتقل في شوارع نعلين، لتصل إلى المعبر، وتسرد بعدها وضع العمل على المعبر، وتبرير ذلك في لحظة مخاطبة الكاميرا بصعوبات الوضع الاقتصادي للعمال أو الأطفال، الذين يتخذون منه وسيلةً للرزق، ويصبح فيه حاجز نعلين هو معبر للمورد الاقتصادي، وبتعبير الشاب الثاني هي "البوابة الوحيدة لتأمين المستقبل". تنتقل الكاميرا بعد هذه الجملة لتصوير صفوف مئات العمال المتوجهين للعبور، من مختلف الأعمار، بملابس تحاول إزالة برد اللحظة الطويلة في صف العبور. تخفي هذه المرحلة أي وجود للآخر المستعمِر، متوارياً كجهة أخرى يُعبر إليها فقط، وتظهر لنا حالة التناقض في التعبير عن قسوة ظروف العمال على المعبر، وآليات التفتيش التي تمارس عليهم، دون إشارة إلى الفاعل المستعمِر، والاختتام بأنه "لا يوجد بديل، هذا شعب بده يعيش" مع سير عاملين بظهريهما للكاميرا، ووجهيهما للمعبر.
مع انجلاء عتمة المشاهد الأولى، تظهر المشاهد النهارية، لتضيء على أثر المعبر في تشكيل العلاقات الاجتماعية داخل نعلين، والتحولات المشهدية على المكان. تتموضع "نجاح" أمام الكاميرا، وتصف تأثير عمل زوجها على المعبر، في علاقته الاجتماعية مع عائلته، بحيث تصف كل حياتها من خلال "تصريح" العمل، الذي يسمح لزوجها بالعبور، ليصبح تصريحاً اجتماعياً لتسيير حياتهم بكاملها، فارضاً قانوناً مراقباً، وذاتياً على حدود التعبير السياسي اللغوي على الزوجة، وعلى الأولاد، بصورة مطواعة، دون مجابهات، وتجنب كامل لأي تصادمات بالمحيط السياسي، بحيث تحاول نجاح استخدام منظومة لغوية حذرة في التعبير عن ذلك، في وعيها الكامل لانكشافها أمام كاميرا التصوير، وتعيد منظومة التبريرات الاقتصادية، التي تبرر حالات الانسلاخ عن دورها كزوجة عامل، وكأم لعامل، وكامرأة فلسطينية.
تتوالى بعدها للمُشاهد لقطات تصوير إخراجية من مساقط علوية لنعلين، يُشاهد منها توسع عمار القرية، ومجاورتها للمستعمرة، نزولاً إلى اختراق الشوارع والفضاء الداخلي لنعلين، بأرقام السيارات الصفراء، وبالإعلانات العبرية المنتشرة في القرية، لتحاول (فردوس) تقديم وصفها الواعي للتحولات التي حدثت على عينها الفاحصة والمحبة لنعلين، فتتحرك السيارة والكاميرا وعيون فردوس، ويتحرك مع كل ما سبق الوعي في إظهار الاستلاب الاستعماري، للمهلل[14] وتغير هويتها البصرية في الاستدخالات الاستعمارية بأبعاد لغوية، واقتصادية وسياسية واضحة ومعلنة داخل فضاء فلسطيني صغير وكبير.
يدخل الفيلم الآن في مرحلة سرد الخطاب الآخر لنعلين، وهو دخول مع استشعار كامل عند المتلقي لرائحة قنابل الغاز المسيل للدموع، وسرعة قفز الشبان في مظاهرات نعلين ضد الاستعمار، في عبور لمعنى آخر، متصدٍّ بشكله المباشر العنيف، مع الاستعمار ووجوده المادي. هذا الخطاب الرافض لمطواعية نعلين للاستداخلات الاستعمارية، بصوت أطفالها وشبابها ونسائها، المعبرين علانيةً عن رفضهم، بمحاولاتهم اللامتناهية عن تخطي الغاز والمقابل لمعرفتهم الحقة بمكانهم الطبيعي من الرياح المحاربة للغاز، والصخور المتصدية للرصاص.
إلا أن نهاية الفيلم بقسوتها الحادة تعلي صوت الخطاب المتواطئ، والمُبرر، للمعبر، في إشارة حمدان بالنهاية إلى كون المعبر حقيقة واقعة من قبل الاحتلال، وعلى الجميع إعلاء صوت استفادتهم من كون المعبر أداة اقتصادية تسود لأهل نعلين وغيرهم، لترد فردوس خاتمةً فيلمنا هذا، أن كل هذه الصور المترائية أمامها هي صور متعبة وموجعة للذات الفلسطينية الواعية، التي تحاول إيجاد تعيينها في المكان بوطنيته وليس بانسحابه.
جميع المشاهد قدمت من المخرج مع استخدام أربع مقطوعات موسيقية لـ(Komiku)، هذه المقطوعات تحت عناوين (الزمن، وشخص كبير في مدينة ضئيلة، والخطر الأكبر، وكيف تهرب من مكان بدون جدران)، تتقاطع كل المقطوعات مع مختلف مشاهد الفيلم، بحيث تتكون عند المتلقي كل معاني المقطوعات مع معاني الفلسطيني من نعلين، في الخطر والانسحاب، ومحاولات الهروب، وتغيرات المشاهد الطبيعية، والفضاءات الزمنية، في ظل التدخل الاستعماري.
تُشكل هذه الخمس وعشرون دقيقة من فيلم المعبر طرحاً من الواقع الفلسطيني، عن أدوات الهيمنة الاستعمارية، كما تطرحها آنيا لومبا بأن الحكومات الاستعمارية حاولت أن تكسب "موافقة" بعض المجموعات على الرغم من استخدامها للإكراه العنيف مع مجموعات أخرى. ويكمن تأثر المجموعات الموافقة باليات الدمج والأفكار الأيديولوجية عند المهيمن عليهم أنفسهم، وتصبح بالتالي إحدى مركزيات الحكم الاستعماري.[15] ويأتي ذلك باستخدام الاستعمار للسلطة التأديبية، التي تقوم على تطبيع علاقات القوة والهيمنة، عن طريق تفتيت حياة المستعمر اليومية، واحتواء مكوناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، باستخدام أقل ما يمكن من وسائل العنف، والاهتمام برفع المستوى المعيشي للأفراد، دون إحداث تغيير بنيوي لتنمية اقتصادية شاملة، وبالتالي يتم احتواء السخط السياسي على المستعمِر، وإخضاع المستعمَر عن طريق التطبيع، واستبطان القواعد التي يفرضها المستعمِر دون اللجوء إلى الإكراه بوسائل عنيفة،[16] فيصبح الطرح الاقتصادي أعلى من الطرح السياسي الاستعماري، ويتكون ليظهر كحالة طبيعية في رسم التفاعل معه، وهي حلقة دائرية في النهج الاستعماري داخل لعبة الأفكار، التي يشير لها بن نبي، حيث يقوم الاستعمار بخلق مسرح كامل معتم ببعض أجزائه، ويسلط الضوء على ركن معين فيه، أي على النقطة التي يريد لها أن تظهر، من أجل امتصاص القوى الواعية في البلاد المستعمرة حتى لا تتعلق بفكرة مجرّدة عن طريق تعبئتها لحساب فكرة متجسدة، يستطيع النيل منها سواء بالقوة أو الإغراء.[17]
ولكن، يبقى الخطاب الآخر؛ خطاب الذاكرة، وخطاب الثأر، مشكلاً موروثاً خفياً في المقاومة،[18] فكل جماعة تخلق من محنتها المشتركة موروثاً مخفياً يمثل نقداً للسلطة، ويقال من وراء ظهر صاحب السلطة،[19] حتى وإن لم يظهر بلغة (نجاح) المترددة، أو باستطراد (حمدان) عن صعوبة ظرف العامل على المعبر، فهذا جزء من تكون هذا الموروث الخفي عند الجماعات نتيجة الإهانة التي تلحق الفرد، والتي قد تنمي استيهامات في داخله تتعلق بالثأر والمجابهة، ولكن حين تكون الإهانة موزعة منهجياً على شريحة من الناس، تصبح هذه الإيهامات نتاج ثقافة جماعية.[20] يقوم اللاعبون في كلا المسرحين الصامت والعلني بتقليد وعي زائف يتمثل عند المحكوم بخوفه من العقاب والعنف الذي سيتعرض له في حالة إفصاحه عن وعيه الفعلي، من السجن، أو من خسارة تصريح العمل، أو خسارة أم لدورها على أطفالها. تبقى الإشارة إلى أن علاقات السلطة الرمزية التي تجري في الموروث الخفي عند المحكومين؛ عبارة عن علاقات مقاومة،[21] بذلك ينفي الصمت فكرة الرضا والقبول، وتبقى الأزمة متواجدة ضمن إطار الخطاب المستتر بفعل العنف المنظم المحتكر؛ يخضعون له إرادياً، ولكن لا يعني ذلك بأنهم على اتفاق معه.
يظهر في الفيلم الذي أمامنا كلا الخطابين بحضور الخفي والمعلن فيهما، ويصبح الفيلم السينمائي لسردية الأفراد، هو أداة محركة للتعبير عن المعاني، لكل الأطراف المشاركة بعملية إنتاجه، فالفيلم هو قبل كل شيء إخراج اجتماعي، عرض لعالم، والصورة الفيلمية تفهم كانعكاس لغياب ما. إن الصورة هي حضور معاش وغياب واقعي، إنها حضور وغياب من الوعي واللاوعي الاجتماعي للأدوار المختلفة. يقول بييرسورلان "لا تكشف الشاشة عن العالم كما هو، بل كما يتم تجزيئه، وفهمه في مرحلة معينة"، وفي هذا الإطار يأتي دور الكاميرا التي تلتقط ما هو مهم وتستبعد ما هو ثانوي، ما يجعلنا نعتبر أن الكاميرا غير محايدة، فهي تصنع المرئي حسب نسق وآفاق تخضع لتصور واتجاه معين للفضاء المرئي، كذلك أنها غير ثابتة ولا تتحرك وحدها، بل موجهة من طرف عين واعية بمجمل الفضاء المقصود. وهو بالضبط ما يتم تحديده داخل الإطار والتأطير، أي إننا من خلال آلة الكاميرا ورؤية المخرج، نحدد ما هو قابل للرؤية وللعرض وما لا يمكن أن يمثل داخل حقل الرؤية، إنها المقاربة التي تتحكم في السينما من خلال وظيفة الإخراج التي تتحكم في كل الأدوار الأخرى المساهمة في إنجاح العرض السينمائي.[22] وأعتقد أن هذا الفيلم كان عبارة عن فصول متتالية من العبور في معاني المواراة؛ من مواراة الآخرية بأنواعها في سرديات المشاركين، عن معاني نعلين، مثل الآخر المقاوم الرافض، ولكن المطاوع لصالح رزقه، والآخر المحارب عن طفولته، والعارف بقيمة الرياح في المقاومة، والآخر الاستعماري المتواري والحاضر في تشكيل كل ما سبق، وعبور الكاميرا بين كل تناقضات القصة، والموسيقى، والمشهد الطبيعي المتغير بصباره.
لم تكن لهذه التناقضات الوفيرة أن تتجلى في الفيلم دون عملية طويلة من محاورة المكان، وشجاعة القصة والقاص/ة، والبحث بينهما، وفي استخدام التقنية الفنية كأداة للتغيير، وللكشف السردي عن قصص الحياة في نعلين ومعبرها، وعن انجلاء ستائر كاملة في بنية اجتماعية منعت الكشف الواعي عن وجود خطابين في المكان الفلسطيني الصغير، والكبير، وكيف كان للحظة التموضع أثر واضح في البحث عن أنانا وآخرنا، والعبور لمعاني اجتماعية جديدة نتجسدها، ونكشف عنها، لنبررها، وعلى الأغلب نغيرها في إنتاج الطرق البديلة.
خاتمة
مثلت تجربتا قطنة ونعلين تواصلاً ثقافياً واجتماعياً مع لحظة الاستدخال الفني، فكانت التقنية الفنية مطواعة ومتشكلة تبعاً لقواعد المجتمع والفاعلين الاجتماعيين في مكانهم المُعايش، وقافزة عن صرامة القواعد الاحترافية في حقلها، ما جعلها تكون سبباً في رسم وكشف معانٍ اجتماعية جديدة مع تغير أدوار الفاعلين، وتغير المكان، من خلال استخدام الفن، بذائقة قُبِلت لتكون جزءاً مُرَحباً وثابتاً، بحيث رسمت وأَخرجت خطابات تزحزح ثبات البنية الاجتماعية لما قبل الفن، وعن تجلي ثبات آخر لقوى التغيير المجتمعي في التعبير، وإعادة إنتاج المعاني، وإعادة تملك المكان وقصته، وارتحال أثر التجربة بين البحث، واللوحة، والفيلم، والنص اللغوي.
*طالبة دكتوراه في جامعة بيرزيت وباحثة اجتماعية
قائمة المراجع
إنجلز، ديفيد. 1990. سوسيولوجيا الفن، طرق للرؤية. ترجمة: ليلى الموسري، الكويت: عالم المعرفة.
بن نبي، مالك. 2009. الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، دمشق: دار الفكر.
بورديو، بيير. 2002. بعبارة أخرى، محاولات باتجاه سوسيولوجيا انعكاسية، ترجمة: أحمد حسان، القاهرة: ميريت للنشر والمعلومات.
تي هول، إدوارد. 2007. البعد الخفي. ترجمة: لميس اليحيى، عمان: الأهلية للنشر والتوزيع.
سكوت جيمس. (د. ت.). المقاومة بالحيلة، كيف يهمس المحكوم من وراء ظهر الحاكم؟ ترجمة: إبراهيم العيس، بيروت: دار الساقي.
العماري، الصديق. "سوسيولوجيا السينما، الصورة والمجتمع"، شبكة ضياء: https://diae.net/
فيلم المعبر. 2017. إخراج بسام الجرباوي. تم إنتاجه ضمن مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية/برنامج البحث والتطوير التربوي، مؤسسة عبد المحسن القطان، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.
لومبا، آنيا. 2007. في نظرية الاستعمار وما بعد الاستعمار الأدبية، ترجمة: محمد غنوم، اللاذقية: دار الحوار للطباعة والنشر والتوزيع.
ليمان، جينيفر. 2013. تفكيك دوركهايم، نقد ما بعد بعد بنيوي، ترجمة: محمود عبد الله، القاهرة: المركز القومي للترجمة.
المالكي، مجدي، ولدادوة، حسن. 2018. "تحولات المجتمع الفلسطيني منذ سنة 1948، جدلية الفقدان وتحديات البقاء"، مجلة الدراسات الفلسطينية، بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
الهوامش:
[1] إنجلز، ديفيد، سوسيولوجيا الفن، طرق للرؤية، تر ليلى الموسري، عالم المعرفة، الكويت، 1990، ص 24- 25.
[2] المرجع السابق، ص49.
[3] ليمان، جينيفر، تفكيك دوركهايم. نقد ما بعد بعد بنيوي، ترجمة: محمود عبد الله، القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2013، ص 228.
[4] تي هول، إدوارد. البعد الخفي، ترجمة: لميس اليحيى، عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 2007، ص 139.
[5] تي هول، إدوارد، مرجع سابق، ص 142.
[6] المرجع السابق، ص 93.
[7] خالد شماسنة (18 عاماً)، متطوع في المشروع.
[8] قصي حوشية (19 عاماً)، متطوع في المشروع.
[9] تي هول، إدوارد، مرجع سابق، ص 112.
[10] إنجلز، ديفيد. سوسيولوجيا الفن، طرق للرؤية، ترجمة: ليلى الموسري، الكويت: عالم المعرفة، 2007، ص 32.
[11] بورديو، بيير. بعبارة أخرى، محاولات باتجاه سوسيولوجيا انعكاسية، ترجمة: أحمد حسان، القاهرة: ميريت للنشر والمعلومات، 2002، ص 228.
[12] تي هول، إدوارد، مصدر سابق، 107.
[13] فيلم المعبر. (2017). إخراج بسام الجرباوي. تم إنتاجه ضمن مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية/برنامج البحث والتطوير التربوي، مؤسسة عبد المحسن القطان، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون.
[14] اسم منطقة في نعلين.
[15] لومبا آنيا. في نظرية الاستعمار وما بعد الاستعمار الأدبية، ترجمة: محمد غنوم، اللاذقية، 2007، 43- 46.
[16] المالكي، مجدي، ولدادوة، حسن. تحولات المجتمع الفلسطيني منذ سنة 1948، جدلية الفقدان وتحديات البقاء، الدراسات الفلسطينية، بيروت، 2018، ص 282.
[17] بن نبي، مالك. الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، دمشق: دار الفكر، 2009، 14-36.
[18] سكوت جيمس. المقاومة بالحيلة، كيف يهمس المحكوم من وراء ظهر الحاكم، ترجمة: إبراهيم العيس، دار الساقي، 11.
[19] المصدر السابق، 10.
[20] المصدر السابق، 22.
[21] المصدر السابق، 67.
[22] العماري، الصديق. "سوسيولوجيا السينما، الصورة والمجتمع"، شبكة ضياء: https://diae.net/.