في 16 كانون الثاني من العام 1940، وصفتْ رسالةٌ وُجِّهَتْ إلى السيد مايسون؛ كبير الموظفين الزراعيين في إدارة الزراعة والثروة السمكية إبَّان الانتداب البريطاني للقدس، معرضاً غريباً للأعشاب الضارة والبذور متنقلاً في أنحاء فلسطين، مُرفَقاً بمُحاضرات تتعلق بطرق مكافحة الأعشاب الضارة. كما أُرْفِقت الرسالةُ بهدية تذكارية احتوتْ على صور توضيحية للأعشاب الضارة الأكثر شُيوعاً في فلسطين، إضافة إلى أسمائها العلمية، وبذورها.
تُعَدُّ الرسالةُ والصُّوَرُ جزءاً من وثيقةٍ من حقبة الانتداب البريطاني بعنوان "مكافحة الأعشاب الضارة (بما في ذلك التجارب)"، التي تحتوي على أكثر من 45 رسالة مُوَجَّهةً إلى وزارة الزراعة والثروة السمكية من جميع المناطق في فلسطين حول القضايا المتعلقة بالأعشاب، والأضرار التي تلحقها. يُبرزُ جزءٌ كبيرٌ من المُراسلات نُسخاً من أبحاثٍ علميةٍ أُجْريتْ بين بريطانيا وفلسطين الواقعة تحت الانتداب، لا سيما مع شركة إمبيريال للصناعات الكيميائية (المشرق العربي). ولقد أوضحت الأبحاثُ كلّاً من الإحصائياتِ والتجارب الميدانية على الميثوكسون والمواد الكيميائية الأخرى لكبحِ أعشاب المحاصيل الزراعية الضارة، والتحكم في نموها، ومكافحة انتشارها.
يبحثُ معرضُ الهيمنة على الحشائش في التحوُّلِ الحاصلِ في فهمِ الغطاء النباتي الفلسطيني، ومواطنه البيئية عبر التاريخ، وعلاقته بحياة الفلسطينيين، وبخاصة مع ظهور الصناعات الزراعية المبكرة خلال الانتداب البريطاني، وبدء عمليات الزراعة المكثفة للمحاصيل. ومرَّ التاريخُ الطويلُ للمُمارسات الزراعية المستدامة في فلسطين بتحول كبير نتج عنه اهتمام بتلك النباتات التي لا تُعطي، بالضرورة، منفعةً اقتصاديّةً، أو زراعيةً متخصصة، بل كان هناك اهتمامٌ بالنباتات التي تُستخدم لأغراضٍ أخرى مثل الاستخدامات الطبية، والفلكلورية، وحتى استعمال النباتات لأغراض الخرافات والشعوذة، والاستعمالات الأخرى في الحقل (كالتكاثر، وطرد الحشرات، والتغذية، وغيرها)، وتُعتبر هذه الاستعمالات غير متلائمة مع القيم الصناعية الجديدة، المبنية على المنفعة الاقتصادية. وقام علم تصنيف النباتات الغربي فجأة بتصنيف الكثير من هذه الأجناس المحلية كأعشاب ضارة، بحيث تمّ إدخال المبيدات والأساليب الجديدة الأخرى لمكافحتها، إضافة إلى الحملات والنشرات التوعوية. وكانت لهذا المنعطف التاريخي تبعات ما زالت أصداؤها تتفاعل حتّى يومنا هذا. كما اقتصرت معرفة النباتات، كجزء من هوية شعب فلسطين وجغرافيتها، على الجوانب المتعلقة بالمنفعة من هذه النباتات.
أُعطِيَ ثلاثةٌ وثلاثون فناناً وفنانةً ثلاثاً وثلاثين بذرةً بناءً على الرسم التوضيحي لأكثر الحشائش الضارة شُيوعاً في فلسطين، الذي كان جزءاً من المعرض المتنقل الذي أقيم في العام 1940. يُطلَبُ من كلِّ فنانٍ أن يتفحَّصَ العشبة بين يديه عبر تشريحها تشريحاً دقيقاً، ومن ثمَّ يُحوِّلُ البذرة إلى منحوتة. يُطلَبُ، أيضاً، من كلِّ فنانٍ أن يدرس عشبته الضارة، ويُوفِّرَ الموادَّ المُصاحبةَ للمنحوتة التي من شأنها أن تُقوِّضَ القيمة التي أسبغتْها الصناعة البريطانية على البذرة إبان الاستعمار، وتُحوِّلَها إلى قيمةٍ أخرى أكثر شخصية، أو شاعرية. تمّ إنتاج كتاب يرافق المعرض، ويحتوي على النصوص والترجمات، إضافة إلى المواد الواردة في الأبحاث التي أجراها الفنانون، والكتاب، والمفكّرون المحليّون الآخرون.
الفنانون:
ألكسندرا صوفيا حنظل، إيناس حلبي، بشار الحروب، تيسير بركات، جمانة إميل عبود، جمانة مناع، جواد المالحي، حنا قبطي، خالد جرار، ديما حوراني، ديما سروجي، رأفت أسعد، رندا مداح، رونين زين، سليمان منصور، شذى صفدي، عاصم ناصر، عامر شوملي، عايد عرفة، عبد الرحمن الجولاني، عريب طوقان، علاء أبو أسعد، علا زيتون، عيسى غريّب، فيرا تماري، مجد عبد الحميد، محمد أبوسل، منال محاميد، مهدي براغيثي، ميرنا بامية، ناصر سومي، نبيل عناني، هيثم حداد
قيم المعرض: يزيد عناني
التنسيق: أحمد ياسين
الفريق التقني: ضياء جعبة، خالد فني، استوديو العلوم، نادر خوري