رام الله - (مؤسسة عبد المحسن القطان)
نظمت مؤسسة عبد المحسن القطان في مركز المعلمين/نعلين، وبالشراكة مع مكتب معلومات البحر المتوسط للبيئة والثقافة والتنمية المستدامة (MIO-ECSDE)/اليونان، ورشة بعنوان "الفنون كسياق للتعلم الجامع"، في 19 و26 تشرين الأول، و2 تشرين الثاني 2019، بإشراف كل من وسيم الكردي وديما سقف الحيط، ومشاركة 25 معلم ومعلمة من معلمي المدارس المحيطة بمنطقة نعلين.
انطلقت الورشة في يومها الأول من المشهد الافتتاحي للفيلم الأمريكي "أسطورة 1900" للمخرج جوسيبي تورناتوري، الذي يُظهر لحظة وصول المهاجرين الإيطاليين إلى أمريكا بحث عن "الحياة الجديدة" مطلع القرن الماضي. فشرع المعلمون بتحليل المشاهد باستخدام مستويات المعنى الثلاثة بحسب رولاند بارث، وانتقلوا تدريجياً من المستوى المعلوماتي إلى المستوى التفسيري، انتهاءً بالمعنى الثالث الشخصي والخاص الذي يستيقظ في ذهن كل شخص لدى رؤية العمل الفني.
"من، ماذا، لماذا، أين؟" أسئلة رافقت المشاركين في الأيام الثلاثة لانعقاد الورشة، فقاموا بتوظيفها في تحليلهم وفهمهم للأعمال الفنية التي تم استخدامها في الورشة، ما ساعد في تعزيز قدرتهم على التفكير المعمق بالأعمال الفنية ومساءلة جميع التفاصيل المتعلقة بها.
ووظفت الورشة أنواعاً مختلفة من الفنون ضمن منهجية سعت إلى تعزيز انخراط الطلاب من مختلف الخلفيات الاجتماعية والثقافية في عملية تعلمية/تعليمية في السياق المدرسي، لمنحهم فرصة إنتاج معنى لحيواتهم عبر البحث والاستكشاف والتخيل.
وأشار الكردي إلى أن "التركيز على التشويق أحياناً لمعرفة ما سيحدث تلهي عن التأمل والبحث"، مضيفاً أنه يتعين على المعلمين أن "يركزوا في عملهم، وبخاصة عند استخدام القصص، على التأمل والبحث، وليس على الجانب التشويقي لمجريات القصة". فطرح المشاركون أسئلة استكشافية تتعلق بقضايا جوهرية بالإمكان الاستدلال عليها من الفيلم ونقاشها مع الطلاب مثل الطبقية على متن سفينة المهاجرين.
انتقالاً من المشهد الافتتاحي للفيلم الذي حدد السياق العام للدراما، أصغى المشاركون لمونودراما "1900: مونولوج عازف البيانو في المحيط" لأليساندرو باريكو، ليدخلوا تدريجياً إلى أحداث الدراما، ويتعرفوا على اللغز المحيط بـ"عازف البيانو" في الفيلم. أعدوا من بعدها آلات موسيقية أشار الكردي إلى أنها تساعد في "بناء الاعتقاد" في الدراما، ووضعوها في متجر آلات مستعملة، ليدخل من بعدها المتجر عازفُ البوق لبيع آلته الموسيقية قائلاً "هذه ليست مجرد آلة موسيقية. هذه كل حياتي". أفسحت العبارة مجالاً للمشاركين لطرح أسئلة تهدف إلى استكشاف السبب الذي قد يدفع شخصاً ما لبيع "حياته"، في السياق الزماني والمكاني للفيلم.
أما في اليوم الثاني للورشة، فقد أكمل المشاركون رحلتهم مع الآلات الموسيقية عبر إعدادهم لشبّابة، كانت نقطة انطلاق لدراما عازف المزمار، الواردة في كتاب "الدراما والقصة الشعبية لسنوات الطفولة المبكرة" لنايجل توي وفرانسيس برنديفيل من منشورات القطان.
وأشارت المعلمة سمر اسطيح من مدرسة دير قديس الثانوية إلى أن الورشة قد أطلعتها على "إمكانية استخدام الدراما كأسلوب تعليمي ممتع يفتح المجال لسماع المعلمة للطلبة، وسماعهم لبعضهم البعض". فاشتمل اليوم على أنشطة كتابة ورسم وأداء مشاهد ثابتة، وتحليل لوحات فنية وصور فوتوغرافية بإمكان المعلمين تطبيقها داخل الغرفة الصفية.
أما اليوم الثالث، فتم استخدام الفيلم مرة أخرى كنقطة انطلاق للكتابة المسرحية. فأشارت سقف الحيط إلى أهمية عنصر التوتر في الأفلام والدراما كحد سواء، الذي بالإمكان تطويره عن طريق بناء الرغبات المضادة وتحديد الصراع والمعيقات أمام تحقيق رغبات الشخصية.
وقام المشاركون بتأليف تمارين كتابة مسرحية، استكشفوا من خلالها أهمية التكثيف والاختزال في كتابة الحوار، وأهمية الرغبات المضادة في بناء التوتر. كما قاموا بتطوير شخصيات مستلهمة من حياتهم الواقعية، حيث قالت المعلمة ثائرة قنداح من مدرسة بيت عور الفوقا أن "الدراما تلخص حياتنا، فنرى فيها حكاياتنا". أما المعلمة بثينة ضرغام حجة من روضة الخطوة الصغيرة، فأشارت إلى أن الورشة ساعدتها في "دراسة الشخصيات والتعمق في أمور صغيرة جداً وخلق موضوع منها".