نظّمت وحدة التكوّن التربوي/برنامج الثقافة والتربية في مؤسّسة عبد المحسن القطَّان، بتمويلٍ مشترك مع المؤسّسة السويسرية للتنمية والتعاون، ورشة عمل بعنوان "كيف نرى الاجتماعي في أفعالنا وأشيائنا الشخصيّة"، وذلك يوم الإثنين 12 تموز 2021، في قاعة فندق المارنا هاوس غزة، نفّذتها الباحثة علا بدوي مع عشر معلمات مشاركات في برنامج الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية في - غزة.
وركّزت الورشة على طرقٍ يمكن للمعلّمة عبرها إثارة "الخيال الاجتماعي" للطلبة، بإعادة النظر في الأشياء المألوفة في حياتهم اليوميّة، كفرشاة الأسنان والهاتف والتلفاز وعلبة العصير، باعتبارها أمثلة حيّة لخيارات الحياة وتوجّهات المجتمع، وأنظمته وقضاياه، وذلك في إطار تطوير مشاريعهم التعلّمية، وتقصّيهم لقضايا مجتمعهم عبرها.
وقامت كل معلّمة بإعداد قائمة تصف حياتها اليومية، عبر رسم الأغراض والأدوات التي تستخدمها خلال الأفعال المعيشيّة التي تقوم بها عادة أو ترتبط بها، إضافة إلى رصْد ما قد يتوارد لها من أفكار خلال القيام بهذه الأفعال، حيث تضمّنت أفكارهنّ هموماً وغاياتٍ شخصيّةً ومشاكل حياتية متعدّدة.
وعملت المشاركات على استكشاف كيف يدور التفكير الاجتماعي في الأساس حول رؤية الغريب في المألوف، عبر الرّبط بين الأغراض والأدوات التي قُمن برسمها، بما تمثّله من أفعال واختياراتٍ وهمومٍ حياتيّة يومية من جهة، وتقصّي الغايات والدوافع المحتملة نحوها من جهة أخرى، فلم تعدْ صينيّة الضيافة بما تشتمله من أطعمة أمراً مألوفاً، بل مدخلٌ للتساؤل حول التغيّرات في العادات الاجتماعيّة، ونظرة الشخص لنفسه وللآخرين، وأنماط الاستهلاك، ومفاهيم الكرم والارتباط الأسري والصداقة، والصّحة والاستدامة، والهيمنة الاقتصادية والتأثير الإعلامي.
ومن الأمور الشخصيّة التي لاحظتها المشاركات، على سبيل المثال، أنّ معظمهنّ كنّ يفكّرن بما عليهنّ القيام به من أعباء منزلية خلال قيامهنّ بأفعال حياتية أخرى مختلفة، قد لا تبدو ذات علاقةٍ بها، ما لا يتيح لهنّ فرصة الاستمتاع بلحظاتهنّ الحياتيّة اليومية، الأمر الذي ولّد لديهنّ تساؤلاتٍ عن حالة المرأة العاملة، وماذا يعني عمل المرأة في مجتمعهنّ، ونظرة المجتمع نحو الأدوار المجتمعيّة ومفهوم العمل المنزلي، ولماذا لا تعتبر المرأة التي لا تعمل خارج البيت امرأة عاملة.
وعن انطباعات المشاركات في الورشة، فقد شاركت المعلمة رهام أحمد الشرفا من مدرسة بنات بيت حانون الإعدادية، مخاوفها التي شعرت بها بداية التحاقها بالمشروع قائلة "كنت أشعر أنني أسير نحو المجهول، وأجهل البداية المناسبة، وطريقة استدعاء الأفكار من عقول طالباتي، وقد أثارت الورشة لديّ الكثير من الأفكار التي يمكن تطبيقها، وأهمّها التفكير بعمق في أبسط الأشياء التي نراها يومياً، ولكنها تحمل الكثير من المعاني، وطرح الأسئلة بطريقة تستفزّ تفكير الطلبة فتتشارك لنخرج برؤية مختلفة.
وعبّرت ياسمين زبيدة مديرة مدرسة فهمي الجرجاوي أنّ الورشة أخذتها إلى عوالم أخرى لم تعد تنظر فيها إلى الأمور نظرة سطحية، وأنّها تفكر الآن مليّاً بكل ما يحيط بها، وترى في كل شيء إمكانيّة لمشروع يحتاج منا التأمل والتفكّر.
أمّا المعلمة منى عبد الهادي من مدرسة بنات الصبرة الإعدادية، فقد أكّدت أنّها اكتشفت عبر الورشة أساليب وأنشطة يمكنها توظيفها مع طالباتها، ويمكن من خلالها استنباط الأفكار وتوجيه العقل للتعمّق والتفكير في أمور حياتيّة كثيرة وربطها مع بعضها لإنتاج أفكار جديدة، إضافة إلى اكتشاف ما بداخلنا وداخل الطلبة وربطه مع أمور خارجية مجتمعية وعالمية.
هذا، وهدفت الورشة إلى إعادة التفكير في معنى المشروع للإنسان في حياته، وإلى أهميّة النظر إلى العالم بمناظير متعدّدة، عبر رؤية واستكشاف العناصر المادية والثقافية للحياة الاجتماعية، وذلك في محاولة لتعزيز التفكير النقدي عند الطلبة، وبخاصة في ظل تنشئةٍ مدرسية واجتماعية تبرز الجانب السّطحي من المشكلات الاجتماعية المعقّدة، وتعزّز الرواية المهيمنة.
صُور الورشة التقطها المتطوّع عبد الحيّ معتصم الحسيني.