"نريد أن تُصبح مدرستنا أجمل". عبارةُ خطها أطفالٌ بأناملهم الصغيرة تجسيداً لحلمهم في توفير بيئة مدرسية جاذبة وصحية تساهم في تطوير مهاراتهم وتنمية قدراتهم وزيادة تحصيلهم العلمي، خاصة وأنهم يمكثون داخل غرف صفية ضيقة غير مؤهلة في مدرستهم "طارق بن زياد الأساسية للبنين" بمدينة نابلس، ويرصدون بدورهم حركة طيور الحمام من وراء شبابيك خشبية قديمة مهترئة معلقة منذ عام 1965 دون أن يتم إصلاحها وترميمها.
آمال الطلبة معلقة بتفعيل وتأهيل المدرسة كي تصبح مكاناً أفضل وأكثر راحة بالنسبة لهم، ومبادرة " مدرستي أجمل" التي أطلقتها المدرسة بالتعاون مع مؤسسة القطان وطلبة جامعة النجاح الوطنية وبدعم مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC) جاءت كي تساهم في توفير المكان لتطوير طاقات الطلبة وتعزز قدراتهم الفنية والابداعية من خلال تزيين المدرسة بالرسومات والجداريات التي تعبر عن انفعالاتهم المجتمعية، بجانب إعادة ترميم جزء من المدرسة بما يشمل استبدال الشبابيك الخشبية بالألمنيوم ووضع الإنجيل الأخضر عند مدخل المدرسة.
والناظر لها يجد بأن شبابيكها المكسرة ينفذ من خلالها مطر الشتاء، وجدرانها وأسطح الغرف الصفية السبعة التي تحتضن في كل منها 26 طالباً معرضة للتلف ولم يطالها الدهان بل تُركت مشققة لتنخر بها الرطوية، أما الممرات فهي ضيقة ولا تتسع لشغف الطلبة ومشاكساتهم في سباق للركض بعد سماعهم جرس انتهاء الحصة.
وأكد نائب مدير مدرسة طارق بن زياد، محمود عيسى، خلال حديثه، بأن المدرسة تعاني من عدة إشكاليات تتعلق في هيكلها وبنائها الداخلي والخارجي بسبب قدمها وإهمالها وعدم ترميمها، حيث لم يلتفت لها أحد من قبل.
وقال عيسى أثناء تنقلنا ما بين الصفوف والممرات: "الغرف ضيقة لا تكاد تتسع لـ 26 طالباً وهذا يعيق حركة المعلم أيضاً، والمدرسة تضم سبع غرف صفية وبها قرابة 200 طالباً". مشيراً بقوله بأن المدرسة المؤجرة كانت في السابق منزل قديم.
إذا عشرون طالباً أخذوا على عاتقهم زمام تنفيذ مبادرة " مدرستي أجمل" مع المعلم لؤى خليل، حيث قاموا بتنفيذ عدة لقاءات تحضيرية مع الأهالي لبناء سياق مجتمعي للمبادرة انطلق من فكرة "وردة من كل بيت" و"شيكل من كل بيت"، بمشاركة طلبة المدرسة، كما قاموا بالتعبير عن أفكارهم المجتمعية من خلال انخراطهم بنشاط عملي مع عدد من طلبة جامعة النجاح، حيث تخلله رسم جدارية بألوان زاهية عند مدخل المدرسة بهدف لفت انتباه الطلاب أثناء دخولهم وإشعارهم بالراحة النفسية التي يبحثون عنها.
وفي منتصف شهر مايو/ آيار الماضي تم كمرحلة أولى عقد تنظيف جدارن المدرسة الخارجية وطلائها بالدهان الأبيض بهدف تجهيزها لرسم الجدارية، وتحضير المكان المخصص لوضع الإنجيل الأخضر وتزين المدرسة بالورود. حيث من المتوقع خلال الأيام القادمة وضمن مسار المبادرة رسم عبارات قيمة على درج المدرسة، وعمل جدارية على مساحة واسعة تتضمن مقترحات وأفكار قدمها الطلبة من خلال المبادرة، بمشاركة من الأهالي.
وقال الطالب عادل أبو الريش (12) عاماً من مخيم العين أثناء مشاركته في فعالية رسم الجدارية:"نريد تزيين المدرسة التي نحبها كي تصبح أفضل، و نتساعد جميعا من أجل إصلاحها، وأمي قدمت لي وردة كي أزرعها في المدرسة".
وأشار منسق المبادرة، لؤي خليل وهو معلم اللغة العربية بالمدرسة، إلى أهمية استخدام الفن والكلمة معاً للتعبير عن روح القضايا المجتمعية. قائلاً :" الفن يترك أثراً كبيرا بموازة الكلمة، فهو يعكس انفعالات ونشاط ذهني ذاتي لدى الطلبة، وعندما يشاهدون الجدارية يشعرون براحة كبيرة ما ينعكس ايجاباً على أدائهم العلمي خلال الحصص الصفية هذا من جانب، ومن جانب أخر، نحاول بناء علاقة جديدة بين الطلبة والمدرسة تكون مبنيةً على العمل والفن".