ميسرة أبو شعيب
مقدّمة:
لطالما كنت أنادي بأن الطلاب بشر، لديهم مراحل نمو معرفية مختلفة ومستويات للإدراك، وليسوا أرقاماً في جداول، وبيانات مصمتة، أو دالة حسابية نقيس تعلمهم بأرقام ونسب مجردة، ونهمل اهتماماتهم وجوانب شخصيتهم العاطفية وحبهم لتجريب الأشياء وتعلمهم لمهارات الحياة التي هم بأمس الحاجة إليها، وبخاصة أنهم متمركزون في محيط منزلهم، بعيدون عن مدارسهم. وكنت أتساءل دائماً كيف يمكننا أن نضفي الطابع الشخصي على بيانات الطالب، ونتعامل مع كل واحد منهم كشخص حقيقي تتم مساعدته على التعلم وفق احتياجاته، وتقديره أثناء التعلم عن بعد، دون أن نفقد اللمسة الإنسانية واحترامه لذاته وقدراته، ومستثمرين في الوقت ذاته التعلم عن بعد في تقويمه والتعرف على جوانب قوته وشخصيته؟ كنت أؤمن دائماً بالتعلم الخبراتي المباشر، والممارسة العملية، والتعلم عبر اللعب والتجريب، ووجدت أنه يمكنني تحقيقها خلال الحجر المنزلي عندما يتعلم الطالب مع أقرانه عن بعد، وذلك عبر توجه الفصل المفتوح.
شاعت نماذج الفصل المفتوح في الولايات المتحدة في السبعينيات، حيث تم بناء المدارس بأكملها دون جدران داخلية، وبتصميمات للصفوف التي تركز على الطالب، وتضم مجموعة كبيرة من الطلاب المتفاوتين في مهاراتهم في فصلٍ واحد كبير يشرف عليهم فيه معلمون عدة. ويعتمد التعليم في الفصل المفتوح على التعلم من خلال التجربة، ولا يخلو من المغامرة والترفيه والتعلم في البيئة الخارجية والحدائق المنزلية وغرف الطلاب، فهي بيئات طبيعية، ويشتمل على رحلات ميدانية في الطبيعة للبحث عن حشرات أو نباتات أو حيوانات أو صخور أو زيارة متحف أو مسرح أو سوق شعبي. ويمكن توظيف تلك البيئة التعليمية افتراضياً، أيضاً، ودمجها بالتعلم الواقعي، ما يساعد على تطوير المهارات الاجتماعية والتواصلية والتخيلية لدى الطالب.
ويتم إعداد البرنامج التعليمي في الفصل المفتوح بطريقة مرنة تستغل المساحات الواسعة ووفق حاجات الطالب ومتطلبات نموه. ويُقسم الطلاب عادة عند دراسة كل مادة إلى مجموعاتٍ صغيرة مختلفة المهارات لإنجاز الأهداف الموضوعة لهم، وذلك غالباً في نظام تعاوني. ويجمع المعلم في مثل هذا الفصل بين دور الميسر والمعلم.
لم تعد الفصول المفتوحة دارجة هذه الأيام، والعديد من المدارس التي بنيت "بدون جدران" تم وضع الحواجز الثابتة ذات ارتفاعات مختلفة، لكن فلسفة الفصول المفتوحة، كأسلوب تعليمي، لا تزال موجودة بمسمياتٍ أخرى. وقد لاقى التعليم المفتوح نجاحاً عندما نبعت من القائمين على العمل، وليس نتيجة توجيهات من المستويات العليا. وما يعزز نجاح توجه الفصل المفتوح الأبحاث التي تقارن بينها وبين التعلم التقليدي من حيث مستوى تحصيل الطلبة. فمثلاً، وجد كلين (Klein) في دراسة أجراها العام 1975، أن الأطفال الذين لا يعانون من مستوى عالٍ من القلق، أكثر إبداعاً في المدارس المفتوحة عن التقليدية. ووجدت الأبحاث، أيضاً، أن طلاب المدارس المفتوحة يفضلون التغيير، ويطلبون كل ما هو جديد مقارنة مع طلبة المدارس التقليدية (Elias & Elias, 1976).
ويمكن اعتبار المنزل بيئة مناسبة لنموذج "الفصل المفتوح"، حيث يمارس الطفل ومعلمه حرية التعلم داخل المنزل وفق الأهداف المحددة من المنهاج الدراسي. يتساعد الأطفال مع أقرانهم داخل المنزل على اختلاف مستوياتهم التعليمية لإنجاز المهام مع بعضهم البعض، ويستكشفون ويختبرون ويبحثون في مشاكل ومسائل ذات قيمة بالنسبة لهم. ويستخدم المعلم المنهاج التكاملي، عبر مجموعات التعلم داخل المنزل التي تشكل بحسب ميول الأطفال في الأسرة الواحدة وحاجاتهم الأكاديمية، في أجواء يسودها الثقة والتقبل واحترام الاختلاف والفروق الفردية. هذا التوجه يقودني كمعلمة إلى أن أرى الأسرة ومنزل الطفل بيئة تعليمية تؤدي إلى تطوره الذاتي، ويتحول دوري إلى ميسر ودليل وموجّه وأحد المصادر التي يحتاجها الطفل وأسرته، ومانح الراحة النفسية للأطفال الذين يستكشفون تحت أشعة الشمس ومن حدائق منازلهم مع أقرانهم وزملائهم. ويجهز الأطفال الأسئلة قبل البدء في الموضوع التعلمي كمقدمة للبدء في عملية التعلم.
نموذج لأهم العناصر التي انطلقت منها في الفصل المفتوح مع الطلاب وأهلهم.
تجاربي خلال الجائحة في التعلم عن بعد واستخدام "الفصل المفتوح"
أولاً. السرد القصصي:
صممت مع أهالي الأطفال نموذج المربعات الستة لتطوير السرد القصصي واتبعته مع الأطفال. ما يهمنا في هذا النموذج التحول الحاصل خلال التجربة. كنت متيقنة بأن الإبداع هو كسر للقواعد الروتينية، وبالتالي قمت باستخدام النموذج والقواعد الموجودة فيه مع الأطفال وأقرانهم وأهاليهم وجهتهم لمسار سرد قصصهم، بشكل منتظم، دون الإفلات من أحد عناصر المربعات الستة.
لقد صمم الأطفال قصصاً رائعة من ذوات خيالهم، ومعظمها مرتبط بالمنهاج. فمثلاً، صمم الطفل حماد قصة بعنوان "العم عاشور بائع البذور"، متحدثاً بلغته البسيطة عن أحجام البذور وألوانها وأشكالها، وكيف كان العم عاشور يخزن البذور في محله، لكنه يواجه مشكلة كبيرة تهدد إنتاجه؛ مشكلة تسوس البذور، وكيف ضمن العم في نهاية المطاف سلامتها. ساعد والد حماد طفله في التعرف على أنواع البذور وطرق تجفيفها، ووضع تلك المعلومات في القصة، أما والدته، فقد ساعدته في رسم القصة وغلافها موظفة مهاراتها في الرسم والأعمال اليدوية.
ونتج عن هذا النوع من التعليم واستخدام نموذج المربعات الستة داخل توجه "الفصل المفتوح" قصصاً كثيرة ومتنوعة، تعاون عليها الأطفال وأهاليهم وأخواتهم بالمنزل. وفي بعض القصص استعان الأطفال بخبرات أخوتهم في التكنولوجيا في تحويل أحداث القصة إلى فيديو أنيميشن.
|
استخدمت خلال الجائحة والحجز نموذج الصف المفتوح للتعلم، حيث صممت أنشطة متنوعة يتعاون عليها افراد العائلة جميعاً، ويتفاعل فيها الأطفال في العمل والاستكشاف. فمثلا استخدمت السرد القصصي
صمم الطلاب كثيراً من قصصهم الرائعة ، بعضها عن بعض مفاهيم من المنهاج مثل قصة
" العم عاشور بائع البذور" التي صممها الطالب فارس حماد متحدث فيها بلغته البسيطة عن أحجام البذور وألوانها وأشكالها ، وكيف أن العم يخزن البذور في محله وتهدده مشكلة تسوس البذور وكيف ضمن العم في نهاية المطاف سلامتها ، ساعده والده بحكم معرفته بالبذور وطرق تجفيفها في المعلومات التي وضعها في القصة ، ووالدته التي تحب الرسم وموهبتها في الأعمال اليدوية في تصميم غلاف للقصة .
وقصص كثيرة أخرى كثيرة استخدم فيها الطلاب نموذج المربعات الست مع اخواتهم بالمنزل ، بعض الطلاب استعان من أخيه الأكبر بالمنزل في تحويل جمل وأحداث القصة إلى فيديو أنيميشن مستفيدا من تخصصه في التكنولوجيا أيضاً .
ثانياً. نشاط/منيو صغار العائلات:
عملت مع الأطفال وأهاليهم على نشاطات يحبها الأطفال كثيراً، ومنها نشاط الطهي وصنع أطعمتهم المتنوعة بأيديهم. وبنيت نموذجاً مع الأهل يتّبعه الأطفال في صنع أطعمتهم المتنوعة.
نموذج/قالب تم تصمميه مع الأهالي لوضع وصفات أبنائهم الطلاب.
ناقشت النموذج مع الأهالي وركزت على ضرورة تسجيل الوصفة كتابياً وترتيبها وتنظيمها في جداول. فمثلاً، عملت الطالبة ريتال على جدول يصف صناعة كيك الحليب. ووضعت ريتال اسم المكون/المنتج، والمقادير، ووصف عمل المكون في الوصفة، ووضع بدائل عن المادة إن لم تكن متوفرة. تعاونت ريتال مع أختها الكبرى في بناء الجدول، وبحثتا معاً عن المواد والبدائل عبر الإنترنت، وأضافت الأم والجدة بدائل مجربة للوصفة. وقام طالب آخر بمشاركة المنيو كعكة الزنجبيل بالمقادير والوصفات مضيفاً سعر كل منتج، إضافة إلى حسابه المجموع الكلي للمشتريات.
اسم المنتج/المكون |
المقدار/العدد |
وصف استخدام المنتج |
بدائل فيما لو لم يوجد |
بيكينج باودر |
3 باكو – 3 ملاعق حجم صغير |
مادة رافعة تستخدم في التخمير |
كربونة |
فانيلا |
3 باكو – 3 حجم صغير |
الوَنِيْلِيّة أو الڤانيليا (الونيلية تطلق على النبات أو الثمر أو العطر) هي ثمرة نبتة الڤانيليا، وهي عبارة عن قرن طويل جداً يصبح أسود وعطرياً عندما يجف، وتصنع منها الحلويات وله رائحة زكية، وتعد إندونيسيا صاحبة أعلى إنتاج للفانيليا حول العالم. إن المحتوى الغالب في مستخلص الونيلية هو الونيلين، والونيلين الصناعي يستخدم في أغلب المأكولات والمشروبات والأدوية كمُنكه بديلاً عن الونيلين المستخلص من نبتة الونيلية.
|
بشر ليمون – منكهات كماء الورد |
بيض |
عدد 3 حجم متوسط |
منتج من |
لا بديل عن البيض |
دقيق أبيض |
3 أكواب – 400 جم |
الطحين أو الدقيق هو مسحوق يصنع عادة من الحبوب مثل القمح، والشعير، والذرة ... إلخ، وفي بعض الأحيان يصنع كذلك من البطاطس، أو الرز أو أي محصول غني بالنشا.
|
دقيق ذرة – دقيق لوز |
حليب سائل |
كوب 200 مل |
|
حليب باودر بالكمية نفسها |
زيت نباتي ويفضل زيت دوار الشمس |
نصف كوب 100 مل |
الزيت النباتي هو الزيت المستخرج من أصول طبيعية نباتية، مثل زيت السمسم وزيت الزيتون وزيت دوار الشمس وزيت الذرة وغيرها من الزيوت. |
زبدة حيوانية، سمن نباتي |
فإضافة إلى التعلم عن تنظيم البيانات في جداول، تعرف الأطفال على مكونات ومقادير صناعة الكعك، وبدائل متوفرة ومجربة، ومشاركة الأهالي في إضافة وصفات بديلة مجربة. كانت التجربة التشاركية ضمن إطار الفصل المفتوح غنية جداً، وحققت التوجه التكاملي، فقد شاركنا أحد الأطفال فيديو تفصيلي لصنع كرات اللوتس كما ووصفها، وكتب في جدول لتنظيم البيانات تاريخ انتهاء المنتج بالكلمات، وبلد المنتج، وخانة أخرى اسم المصنع إذا كان المنتج فلسطينياً. كما ربط الأطفال النشاط بدرس النباتات التي تؤكل أجزاء منها، ووضعوها في أطباق متنوعة كسلطات وكأغذية، وهو تطبيق مباشر على درس نباتات تؤكل جذورها – أوراقها – سيقانها – ثمارها – أزهارها، وكانت بمثابة تقييمات نهائية كلية لهم على جميع الدروس التي حملت العنوانين السابقة منفصلة. كما تعلم الأطفال مهارات حياتية كثيرة منها غسل الخضروات، وكيفية استخدام أدوات المطبخ، وطريقة تقطيع الخضروات، والذوق البصري، وترتيب الأطعمة داخل الأطباق.
|
ثالثاً. نشاط الرحلات الافتراضية:
استخدمت "الرحلات الافتراضية" مع أطفال لكي أجعل من الحصص أكثر جاذبية ومتعة، عبر رحلات سفر افتراضية إلى بلدان لكي نتعرف عليها جميعاً، وذلك باستخدام (Google map)، وبعض المواقع المتخصصة بالرحلات الافتراضية التعليمية للأطفال. كنت أضع إعلان للطلاب لعناوين تجذبهم وتنقلهم من نطاق شاشات الكمبيوتر والجوال إلى عالم متخيل مثل: هل ترغبون في الذهاب لباريس؟"، أو "انتباه .. انتباه .. انتباه، إنه النداء الأخير لمستكشفي الفصل المفتوح للصعود على متن الصاروخ الفضائي لاستكشاف كوكب المريخ"، أو "لنحزم أمتعتنا ونرى اللوحات الموجودة في متحف اللوفر"، أو "مخلوقات بحرية غريبة تنتظركم في إكواريوم مونتيري"، أو "لنتعلم الوضوء داخل أروقة المسجد الأقصى"، أو "رحلة اليوم لسور الصين العظيم".
قمت بتزويد الأطفال ببعض المعلومات عن الرحلة الافتراضية، وفتح تساؤلاتهم واستفساراتهم، ما يزيد من تركيز الأطفال نحو الأهداف التعليمية أو الترفيهية المراد تحقيقها. كانت إحدى الجولات الافتراضية الممتعة جولة لمتحف فني، حيث وضعت عنواناً للرحلة وحضّر الطلاب الأسئلة ثم شاركتهم الرابط خلال حصة على "زووم"، وكانت الملاحظات توزع بين الطلاب وإخوتهم عبر الكتابة الحرة، أو الإجابة عن أسئلة من الطلاب، وهي المهمة الأساسية لطلابي، وإعطاء مهام متنوعة يتشارك بها الإخوة لتنفيذها، تتضمن نقاطاً واضحة شاركتها كصحيفة ملاحظة ودليل لإخوانهم اشتمل بعضها على:
- الرسم أو تركيب أجزاء المكان الذي كانت الرحلة تستهدفه عبر تصاميم بازل.
- معلومات ومقارنات الكائنات البحرية الموجودة في إكواريوم مونتيري وهاواي والبحر الأبيض في فلسطين.
- قياس الارتفاعات لسور الصين العظيم وتحويلها من المتر ومضاعفاتها إلى السنتيمتر.
- المسافات والأزمان للمعالم التاريخية والتماثيل التي زارها الطلاب افتراضياً، وتشكيلها بالصلصال.
- زيارة لجبل إفرست وملاحظة أنواع الصخور الموجودة فيه، والبحث عن أنواعها، وكيف تشكلت.
كانت تلك التجارب الإلكترونية نقلة نوعية في الفصل المفتوح مع طلابي، حيث سمحت لأطفالي وأسرتهم الحصول على رحلات تعليمية دون مغادرة جدران المنازل، وجعلتني أتوسع في التعرف عليهم أكثر، وأضافت لي كمعلمة خبرة تعليمية وتقنية مميزة لتنشيط عملية التدريس في فصلي المفتوح، وعملية تقييم أطفالي وفق مدى إضافة خبرات تعليمية لديهم.
ساعدني التعلم داخل الفصل المفتوح وعبر التعلم الإلكتروني على إيجاد حلول لصعوبات التعلم التي كان يعاني منها بعض الأطفال، ووجدت أن التعلم بهذه الطريقة، وفي هذا السياق الجديد، يعزز الذاكرة البصرية عبر استرجاع الصور-مثلاً صور الحروف والكلمات والأشكال- التي يتعلمها الأطفال خلال الأنشطة التي ننفذها سوياً، ما يسرع في عملية قراءتها واستيعاب الأنماط الرياضية والعمليات الحسابية (Smith,2007,15)، وكذلك المساهمة في حل مشكلة القراءة ومهارات الإصغاء والكتابة التي يعتقد أنها تتصل بمشكلات داخلية (الظاهر، 2004: 236).
بعض من صور أنشطة لتنمية الذاكرة البصرية |
رابعاً: توظيف مهارات الأباء و وظائفهم في الفصل المفتوح :
|
كان للأهل دورا كبيرا في تعلم أطفالهم، حيث وظفوا المهن المختلفة ونقلوا خبراتهم على الأطفال داخل الفصل المفتوح. فمثلا، أحد الأجداد كان مربي نحل حيث أخذ أحفاده والأطفال في جولة عبر الفيديو إلى مزارع النحل الخاصة به، وتعرفنا على دورة حياة النحل وصناعة العسل ودور الملكة والعاملات والشغلات .
وتعلمنا مع أحد الآباء الذي كان مزارعاً عن حراثة الأرض والاعتناء بها وقطف الزيتون، وكيف ننظف الأرض. وكانت إحدى الأمهات صيدلانية، حيث علمتنا مع أولادها كيف نصنع مطهر سائل للأسطح. وأم أخرى لأحد الأطفال كانت محاضرة جامعية، عرفتنا على الألعاب الإلكترونية التعليمية للأطفال، وتصميم المواقع الإلكترونية، وشاركتنا أكثر من لعبة مصممة من أبنائها.
إنترنت الأشياء داخل الفصل المفتوح
استخدم مفهوم "إنترنت الأشياء" (Internet of Things) من قبل كيفين آشتون في العام 1999، فبمقدور الأشياء أن تكون أكثر فائدة عبر ربطها مع بعضها البعض بشبكة الإنترنت، وتمكينها من التفاهم فيما بينها. بالتالي، فإن التعليم عبر الإنترنت يعطي بعداً جديداً في التعليم بأن الأشياء متصلة وتكاملية. ساعدتني مواقع إلكترونية متنوعة وجاذبة للأسرة والطفل في تنفيذ أنشطة الفصل المفتوح، منها مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع تصميم الألعاب التعليمية الإلكترونية، وتطبيقات لإنشاء محتوى بصري جاذب للطلاب. واستخدمت مواقع تصميم يستخدمها الطلاب وإخوانهم، ومواقع لتنفيذ ألعاب تربوية وتحديات لحل مشاكل. وساعد الإنترنت من حل تحدي كنت خائفة منه كثيراً وهو خوفي من عدم معرفة الأطفال استخدام هذه التقنيات، لكن تواصلي مع إخوة الأطفال وأهاليهم ساعدني كثيراً. مكنني استخدام تطبيقات مثل "زووم" من توفير فضاء يشبه الفصل المفتوح، حيث استثمرت المواد الموجودة داخل البيوت من عناصر وألعاب وألوان لتكون مساعدة لهم أثناء الحصص الافتراضية، ثم انتقلت إلى استخدام تطبيقات الإنترنت ودمجها في نشاطاتهم وأفعالهم الحياتية مع إخوانهم وأسرهم. طورت أدوات البحث عن مواقع لتصميم بطاقات تفاعلية للمهارات الموجودة بالمنهاج، وألعاب تفاعلية، ثم تحويل المعلومات البحثية التي يجمعونها الأطفال إلى قصص رقمية ومعلومات مصورة مع دمج فيديوهات للمفهوم من الطبيعة، وصولاً إلى التعبير عن شخصياتهم داخل عالم الإنترنت، كما حصل في أحد النشاطات التي كانت عن درس "الشعوب تختلف بالصفات"، حيث استخدمنا برنامج (avatar)؛ وهو شخصية افتراضية يقوم الطلاب بتصميمها على الإنترنت (3D)، حيث بنى الطفل مظهره، ووظف تخيلاته ليحولها إلى أفاتار لشخصيته.
كثيراً ما كنت أركز على تلك الأشياء الموجودة في غرفة الطفل ومحتوياتها للعمل عليها في تعليم مفاهيم وأشكال وأغراض متنوعة موجودة في المنهاج. فمثلاً، عند عرض مفهوم الأشكال الهندسية، طلبت منهم البحث عن محسوسات في غرفهم تمثل دائرة –مستطيل– مثلث، ومشاركتها لنا عبر الكاميرا المفتوحة للكل، فأنا وبقية الطلاب نشاهد ما جلبه الطلاب حين عرض المفهوم. وعند عرض مفهوم القسمة، رسم الطلاب مباشرة جمل القسمة، وقسمت أدواته وقرطاسيته على مجموعات وفق جمل القسمة المعطاة لهم. وفي حصة الحيوانات التي تتغذى على النباتات/اللحوم، جلب الأطفال ألعابهم البلاستيكية من الحيوانات وعرضوها على بعضهم البعض، وصنفوها وفق المطلوب من المعلمة. أما درس تقريب الأعداد، فاستخدم أحد الأطفال لعبة الأعواد البلاستيكية التي كانت في غرفته (لعبة التركيب) وحولها إلى خط أعداد، ووضع الأعداد، وحدد العدد وقربه. وللعلوم حكاية كبيرة وجميلة وقريبة لقلبي أدهشتني كثيراً، بدءاً بوحدة النباتات، والأجزاء التي تؤكل من النباتات كما هو موضح في الصور أدناه.
|
خاتمة
في هذا المقال نقلت لكم ما استخدمته من بعض تقنيات إنترنت الأشياء داخل الفصل المفتوح الذي يضم الأسرة، والإخوة، والأجداد، والجيران، وفق نموذج متفق عليه معهم جميعاً، مستخدمة طرق تدريسية متنوعة، كان الأساس فيها تعلماً تعاونياً تكاملياً موازياً للمهارات التي يجب أن يكتسبها الطلاب بهذا الشكل الممتع من المنهاج في حيواتهم، مع إعطاء وقت أكثر للطلاب لتعلّم مفاهيم جديدة، وفهم أنهم يمتلكون تعلمهم، وللتمكن من رؤية الأشياء بوضوحٍ أكثر بعدستهم المكبرة للأشياء التي لا يراها المعلم، ولا يراها منظور البطاقات التعليمية الإلكترونية المقتصرة على سؤال وجواب، وعلى الأرقام والإحصاءات وكأنها مجردة من الإنسانية. إن تقييماتنا للطلاب يجب أن تستند إلى أدلة لاكتساب المهارات واستخدامها في حياة الطالب. يجب على التعليم أن يلهمنا ويحرك فينا الفهم الفعلي للطلاب، ويجعلنا قادرين على معرفة ما الذي يجب فعله لمساعدة أسرة الطلاب وأقرانهم داخل الحجر والمنزل، فالتعلم عبر الفصل المفتوح يرتبط بحاجة الأطفال وتعلّمهم اليومي، ويراجع الطالب خلاله أداءه وممارسته بناء على تغذية وصفية يتلقاها من المعلم والأبوين والأصدقاء والإخوة.
معلمة في مدرسة غزة الابتدائية المشتركة (ب)
المراجع
الأكلبي، علي. 2019. "العائد من تطبيقات إنترنت الأشياء على العملية التعليمية"، المجلة الدولية للبحوث في العلوم التربوية (IJRES)، رقم المجلد 2، رقم العدد 3.
السيد، سحر؛ ركزة، سميرة. (2020). "تقييم الذاكرة البصرية عند الأطفال ذوي صعوبات تعلم الرياضيات"، مجلة العلوم التربوية والنفسية، العدد 6، ص 82.
الظاهر، قحطان أحمد. (2004). صعوبات التعلم، عمان: دار وائل للنشر والتوزيع.
فرماوي، محمد، والمجادي، حياة. (1999). مناهج وطرق تدريس رياض الأطفال وتطبيقاتها العملية، الكويت: مكتبة الفالح.
أبو سنينة، عودة؛ الطوس، دانية. (2018). "أثر استخدام نموذج الصف المفتوح في تنمية مهارات التواصل والتخيل لدى طالبات الصف الرابع الأساسي في مقرر التربية الاجتماعية"، مجلة العلوم التربوية والنفسية، المجلد الثاني، العدد الثالث عشر.
https://wordwall.net/ar/myactivities موقع تطبيقي مساعد للمعلمين لإنشاء موارد تعليمية ومباريات وألغاز للطلاب..
Smith, D. (2007). Introduction to special education: Making a difference. Boston: Allyn & Bacon.
Pick et al., “Development of Spatial Cognition”, Lawrence Erlbaum Associates, ISBN 0-89859-543-6, copyright 1985, page 99).