*محمود شقير
أطفال روضة راس كركر الحكومية أثناء مشاركتهم في مخطط تعلمي مع مربيتهم حول استخدام منهجية "عباءة الخبير " الدراما في سياق تعلمي داخل الروضة ،ضمن مشروع التكون المهني لمربيات رياض الأطفال، القطّان 2020. |
(1)
مهدي هو حفيدي الذي لم يحظَ أحفادي الآخرون بمثل ما حظيَ به من حبّي واهتمامي؛ ربّما لأنّه آخر العنقود كما يقال؛ مع أن حفيدة جديدة اسمها ريتا حلّت في مكانه منذ خمسة شهور، وبقدومها صار لدي خمسة عشر حفيداً وحفيدة.
مهدي الآن في الثامنة من العمر؛ وقد تابعت وما زلت أتابع تفاصيل حياته منذ ولادته، وهو بدوره اعتاد أن يظل قريباً منّي، أطرح عليه الأسئلة عن الروضة، وفيما بعد عن المدرسة، فيجيبني أحياناً عن أسئلتي ويمتنع عن الإجابة في أحيان أخرى؛ لكنّه لم يكن يتردّد في الإجابة عن سؤالي: هل تحبّ الروضة؟ يجيب على الفور: لا. وحين أسأله: لماذا لا تحبّها؟ يجيب: المعلّمة لا تسمح لي بالكلام مع الأولاد والبنات. وفيما بعد والآن حين أسأله: هل تحبّ المدرسة؟ يجيب: لا.
حفيدي مهدي لا يحبّ المدرسة، ولا يحبّ مراجعة دروسه أو حلّ واجبه المدرسي في البيت؛ هو مغرمٌ باللعب أكثر من أي شيء آخر. واليوم؛ في زمن كورونا والتدريس عن بُعد من خلال "النيت" و"الواتس آب"، فإنّ حفيدي لا يجلس للدراسة إلا بشقّ الأنفس؛ وبعد جهود مُضنية من أمّه التي تتولّى تدريسه.
لكنّه أثناء دوامه في المدرسة، وبسبب ما يتمتّع به من ذكاء، كان يحرز علامات عالية، ويحظى بتقدير معلّماته ومعلّميه. (الآن وأنا أكتب هذه السطور في الصباح، جاء حفيدي إلى بيتنا المجاور لبيت أهله، وراح يتحدّث عن قنفذه الذي ضاع؛ راح يتحدّث عن أشواك القنفذ، وحين طلبتْ منه جدّته أن يستعدّ للدراسة، غضب وقال: اليوم السبت وهو يوم عطلة).
ما أخشاه؛ أن يظلّ حفيدي مهدي كارهاً للمدرسة؛ غير مستعد للانضباط مثلما فعل من قبل شقيقه محمد الذي أصبح شابّاً وهو لا يجيد القراءة والكتابة.
(2)
قبل الاسترسال في الكلام على الحفيد مهدي، أشير إلى أنّني تابعت من قبل كلّ أحفادي وحفيداتي بمقادير متفاوتة؛ وكنت منذ اللحظات الأولى في التعاطي معهم ومعهنّ أدرك بأن الكبار في مجتمعنا لا يروقهم شغب الأطفال، فيقومون بترويضهم وتدجينهم وفقاً لمفاهيمهم التي نقلوها من المجتمع، وهي التي تتّسم بقدر من التقليدية، ومن الرغبة في تقييد حرية الطفل وتعليمه الخضوع لرغباتهم والانصياع لتعليماتهم.
وما زلت إلى اليوم أتأسّى على مفاهيم المربي خليل السكاكيني؛ تلك المفاهيم التربوية الحديثة التي كان هذا المربي المقدسي يطبقها على تلاميذه، لكنّ منهجه المبني على رفض العقاب البدني، وعلى ضرورة احترام التلاميذ، وتنمية عقولهم عبر الاستنتاج وليس التلقين، لم يجد طريقه إلى مدارسنا إلا على نحو شحيح، ما يجعل هؤلاء التلاميذ يشعرون بأنّ المدرسةَ سجن، ولهذا السبب يكرهونها، وتكون النتيجة تخريج أجيال غير مبدعة؛ بسبب القمع الذي يتخذ أشكالاً عدّة، وبسبب أسلوب التلقين في التعاطي مع العلوم ومع غيرها من المعارف.
أتأسى كذلك على المفاهيم التربوية الحديثة التي أطلقها المفكر البرازيلي باولو فيريري التي تقوم على الحوار، وعلى مشاركة التلاميذ في إنتاج المعرفة، وليس الاكتفاء باستهلاكها.
لذلك؛ بذلت جهوداً غير قليلة لتعليم حفيدي محمود أصول القراءة والكتابة، ولم أفلح في مهمّتي هذه، بسبب أن حفيدي يعاني من تخلّف عقلي بسيط، كان ولا يزال يعيقه عن التركيز والاستيعاب، وحين ظل سنوات طويلة مداوماً في مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة في القدس، فإنه لم يتعلّم سوى قليل من المعارف العامّة في المدرسة، وظل أميّاً حتى الآن.
من بين حفيداتي وأحفادي من تخرّجوا في الجامعات، وبعضهنّ وبعضهم ما زالوا يتلقّون العلم في الجامعات وفي المدارس. حفيدي محمد هو الوحيد الذي ظل يذهب إلى المدرسة طوال سنوات من دون أن يفتح حقيبته المدرسية، فلم يتعلم شيئاً بسبب إهمال أهله له وإهمال معلّميه.
حين كان طفلاً كنت أهتمّ بتعليمه وبمساعدته في إنجاز واجبه المدرسي، وكان على قدر من الذكاء والاجتهاد؛ لكنه فيما بعد أهمل دروسه وظل كارهاً للمدرسة، غير راغب في التحصيل العلمي. الآن وهو في العشرين من العمر لا يكاد يفك الحرف إلا بمشقة وصعوبة.
(3)
ولم يسلم حفيدي مهدي من آفة الترويض والتدجين التي نمارسها عليه كلّ يوم تقريباً. وقد تبدّت لديه مواهب منذ سنواته الأولى تجلّت في عدد من الهوايات، وللأسف؛ فإنّنا لم نأخذ بيده لتطوير واحدة من هذه الهوايات، ولإحداث التميّز المطلوب فيها.
حين كان في الثالثة من العمر اعتاد أن يركب درّاجته ذات العجلات الثلاث؛ ويدخل مكتبي وهو يقلّد صوت بائع الخضروات الذي يجيء إلى حيّنا. يقترب منّي مهدي وهو يعلن بصوت مرتفع: معنا بندورة، معنا خيار، معنا كوسا، معنا تفّاح. أطلب منه أن يبيعني كيلوغراماً واحداً من التفّاح. يتظاهر بتسليمي التفّاح وأنا أتظاهر بتسليمه النقود. ثم يكرّر الأمر ذاته مرّات عدّة من دون أن يصيبه مَلل.
في سنوات لاحقة؛ بدا ميّالاً للرقص والغناء. كنّا نصطحبه معنا إلى سهرات الأعراس، يقتحم حلبة الرقص ويرقص مع الشباب الراقصين، ويواصل الرقص في البيت كلّما خطر بباله، ويغنّي مقلّداً بعض المغنّين، وأحياناً يرتجل كلمات منغّمة ويغنّيها، ثم في وقت لاحق صار يحاول الرسم بتشجيع من شقيقته ميس التي تدرس التصوير في الجامعة، ولم يستمرّ فيه.
وكان يلازمني دوماً لكي نروي القصص. يبدأ القصة بجملة عن الثور والذئب والثعلب، وأكملُ أنا بجملة ثانية عن هذه الحيوانات التي تتحالف ضد الخصوم، وبخاصة ضدّ رجال الشرطة. وقد كان خياله يتبدّى على نحو مدهش؛ فيذهب بأبطال القصص مذاهب شتى.
وكنّا في بعض الأحيان نمارس تمارين لغوية، بحيث نشتقُّ أفعالاً من أسماء بعض الحيوانات؛ فأقول: جاء الكلب يُكلبِب. ويقول: جاءت البطّة تُبطبِط. أقول: جاء الذئب يُذئبِب، فيقول: جاء الأرنب يُؤرنِب.
وذات مرّة؛ غضب مهدي منّي حين جاء من الروضة، حاملاً دُمية على هيئة خروف أبيض الصوف؛ أهدتها له معلّمته جرّاء تميّزه في فرقة الرقص التي درّبتها المعلّمة للمشاركة في حفل نهاية العام. تسرّعتُ وقلت له: من أين لك هذا الأرنب؟ فلم يلبث أن قال بصوت غاضب: هذا خروف وليس أرنباً. فاعتذرت منه.
كانت لدى حفيدي رغبة في اقتناء الحيوانات والطيور. اقتنى في أوقات متفاوتة كلباً وقطة، واقتنى أفراخ حمام وأفراخ دجاج وعصافير، واقتنى سلحفاة. وكنّا نحاول إقناعه بالتخلّص من أفراخ الحمام والدجاج للتخلّص من إزعاجها جرّاء ضيق المكان، فلا يوافق ويظلُّ مصرّاً على رأيه، فتبادر جدّته إلى ذبحها وطبخها، يفتقدها مهدي حين يعود من المدرسة، فتضطرُّ جدَّته إلى عدم مكاشفته بالحقيقة لتجنّب غضبه، تقول له: افترسَها القطُّ الأصفر. فيصدّق كلامها، وحين يرى القطّ الأصفر يطارده للانتقام منه.
يمكن القول: ما زال حفيدي حتى اليوم وهو في الثامنة من العمر يتمرّد على الترويض؛ هذا التمرد الذي يعرّضه للتأنيب وأحياناً للعقاب البدني من أمّه وأبيه؛ فيضطرّ إلى تقديم تنازلات تكبر يوماً بعد يوم.
روضة راس كركر الحكومية، مشروع التكون المهني لمربيات رياض الأطفال، القطّان 2020. |
(4)
مع الخشية المشروعة من فايروس كورونا؛ صرت أحثّ حفيدي على عدم الاقتراب منّي كيلا ينقل إليّ الفايروس، لأنه دائم الاختلاط مع أقرانه من أطفال الحي.
ذات مرّة؛ قلت له: عليك أن تحافظ على مسافة مترين بيني وبينك بحسب تعليمات الدوائر الصحية. قال محتجاً: يعني أكون في آخر العالم؟! قلت له: لا؛ فقط اجلسْ على الكنبة المقابلة لي ولا تقترب مني. يوافق على مضض، ثم ينسى ما اتفقنا عليه.
ولم أعد أشجّعه على إحضار إحدى القصص التي كتبتُها عنه؛ أو كتبها مؤلف آخر للأطفال لكي نقرأها معاً، وهو أمر اعتدناه قبل وصول الجائحة إلى بلادنا. لم أعد، كذلك، أطلب منه أن يكتب بعض الكلمات أو الأرقام، أو أتابع معه درس اللغة أو درس الدين.
اضطلعتْ أمّه بالمهمة، وصارت تتابع معه الدروس من خلال برنامج "زووم"، بالتعاون مع معلّمات المدرسة. ولا يُقبل مهدي على تلقّي الدروس إلا بصعوبة؛ وفي بعض الأحيان يتمرّد ويرفض تلقّي الدروس، ونظلُّ كلُّنا في صراع معه، نستحثُّه حيناً ونتغاضى عنه حيناً آخر، نمنحه ما يشاء من نقود لكي يشتري البوظة وغيرها، ونهدّده بعدم منحه النقود فينصاع لتهديدنا حيناً، ولا يكترث له حيناً آخر، لكنّ تلقّي الدروس يتمُّ بصعوبة وبقليل من الفائدة، ومع ذلك؛ فإن هذا القليل أفضل من لا شيء في هذا الزمن الصعب، وفي ظنّي؛ أن التعليم عن بُعد واستخدام الحاسوب والهاتف النقّال والبرامج التعليمية الإلكترونية أو المتلفزة سيكون ملازماً لبناتنا وأبنائنا لزمن قد يطول، وعلينا أن نسعى إلى تطوير هذا التعليم استناداً إلى التجارب المحسوسة، وتقديمه للتلميذات وللتلاميذ على نحوٍ مُقنع ومعقول.
تبقى الملاحظة الأهمّ أنّ حفيدي الذي يدرس في مدرسة خاصّة، ويتباهى في بعض الأحيان، بأنّه في الصف الثاني الابتدائي، يظلُّ في قرارة نفسه كارهاً للمدرسة، لا يحبّذ الدروس ولا يحبّ الكتب، وحينما أهديه كتاباً ما، فهو لا يهتمّ به، وبالكاد يتصفّحه ثم لا يعود إليه؛ ربّما لعيبٍ فينا وفي المدرسة، ما يجعله متمرّداً مشاكساً لا يعرف الانضباط.
ما أخشاه وما يخشاه خالد وراوية أن يكرّر حفيدي وابنهما سيرة شقيقه محمد، فيظلّ رافضاً للمدرسة؛ رافضاً للتحصيل العلمي، وهو الأمر الذي لن نقبله؛ وسنحاول بذل كلّ جهد ممكن لكي نجعل مهدي، وهو الذكي النبيه، يُقبل على الدراسة وعلى المدرسة، برغم ما في مدارسنا من خَلل وسوء معاملة، وبرغم ما في مناهجنا المدرسية من ابتعاد عن الجوهر المطلوب من العملية التعليمية التعلّمية؛ وهو تنمية عقول التلاميذ والتلميذات وتحفيزها على الإبداع والابتكار، عبر الحوار والمشاركة الحيّة، وبذلك لا تبقى هذه العقول مجرد مستودعات لتخزين المعارف والمعلومات.
(5)
ما يُدخل البهجةَ إلى قلبي أنّ علاقتي اليوميّة الحميمة مع أحفادي بشكل عام، ومع الحفيد مهدي على وجه الخصوص، ألهمتني التحدّث عن طفولة أحفادي وحفيداتي في كتابي "تلك الأمكنة"؛ وهو كتاب سيرة، كما ألهمتني علاقتي مع حفيدي محمود تأليف رواية للفتيات والفتيان هو بطلها؛ عنوانها: "في انتظار الثلج"، وألهمتني علاقتي مع حفيدي مهدي كتابة عدد من القصص التي ظهرت في كتاب للأطفال عنوانه: "أغنية مهدي وقصص أخرى". وكتابة سداسيّة قصصية ظهرت في ستة كتب في سلسلة اسمها: "أقمار القدس"، وكان مهدي هو بطل القصص كلّها ومعه الطفلة جمانة.
ذات يوم، تفاخرَ مهدي أمام أقرانه الأطفال بالكتاب الذي ألّفه جدّه عنه، فتح باب مكتبي من دون استئذان وهم معه، ثم وقفوا على مقربة مني وهو يخاطبهم قائلاً: هذا هو جدّي.
نظروا إليّ بفضول، ونظرت إليهم بمحبّة وإعجاب، ثم ما لبثوا أن انصرفوا كما لو أنّهم سيّاح انتهوا للتوّ من زيارة موقع سياحي.
وذات مرّة جاءني غاضباً، لأنّ الرسام الذي تولّى إنجاز رسومات الكتب جعل لباص الروضة لوناً أصفر. قال مهدي: باص الروضة لونه أبيض، فلماذا اللون الأصفر هذا؟!
شرحت له الأمر، وقلت: من حقّ الرسام أن يتخيّل الأماكن والشخوص والأشياء مثلما يريد.
غادرني وهو بين مقتنع وغير مقتنع بما قلت.
(6)
في المساء؛ جاء مهدي وفي يده قطعة من بلاستيك مخروطية الشكل مثل ميكرفون، وكنت أتابع نشرة أخبار على التلفاز.
قال إنه سيغني لي أغنية جديدة؛ ثم طلب منّي أن أخفض صوت التلفاز.
أذعنتُ لطلبه؛ ثبّتَ الميكرفون قريباً من شفتيه كما يفعل المطربون، وراح يغنّي أغنية ارتجل كلماتها، بعد أن أدخل إليها بعض جمل من الأغاني التي يستمع إليها في الأعراس، أو على الهاتف النقّال، أو على شاشة التلفاز.
غنّى حفيدي، وكنت أشجّعه وأنا أهزّ رأسي طرباً، وهو ممعنٌ في الغناء.
(7)
انقطع خطّ الهاتف فجأة وتعطل الإنترنت.
جاء مهدي وراح ينحي باللائمة عليّ لأن "النيت" لا يعمل. حاولت إقناعه بأن ثمة خللاً في سلك الهاتف، وهو غير مقتنع.
في المساء عاد خطّ الهاتف إلى وضعه الصحيح، وعاد معه "النيت"، وعاد مهدي إلى استخدام هاتفه النقّال المكتظّ بوفرة من الأغاني والألعاب؛ وهو منشغل عما حوله، فلا يلتفت إلينا ولا يكلمنا ولا يرد على أسئلتنا كعادته كلما انشغل بأمر ما.
(8)
عتبَ عليّ مهدي لأنه طلب منّي أن أؤلِّف له أغنية لكي يغنيها.
قلت له إنني لا أجيد تأليف الأغاني؛ فلم يقتنع. ظلّ مصرّاً على أنني أستطيع تأليف أغنية. قال: أعود إليك في المساء وتكون قد كتبت الأغنية.
جاءني في المساء؛ حاولت إقناعه بأن يغني واحدة من أغاني المطربين المعروفين، فلم يوافق، وظل عاتباً عليّ.
(9)
مهدي حتى الآن لا يدرك حقيقة الموت. كلّما قلت له: حين تخرج من بوابة البيت عليك أن تتمهّل كيلا تمرّ سيارة مسرعة فتدهسك وتموت. يقول لي بهدوء: أموت ثم أنهض من موتي وأعود إلى البيت.
هذا المفهوم اكتسبه حفيدي من التلفاز؛ حيث يرى توم وجيري لا يعيقهما الموت عن مواصلة الحياة.
قبل أيّام؛ صعد إلى سطح البيت للاطمئنان على أفراخه المقيمة هناك، ثم تسلق حافّة السور الذي يُفترض فيه أن يحمي الأطفال من السقوط من أعلى، وقف على قمة السور، وكان يمكن أن يسقط على الأرض من علوّ ثمانية أمتار فيموت في الحال.
(10)
بعد إغلاق باب السطح بقفل متين؛ اضطرّ مهدي إلى إنزال قفص الأفراخ إلى ساحة البيت، ما جرَّ عليه غضب أمّه وجدّته، وبخاصة حين يفلت أفراخه للتجوال في الساحة، وما يعقب ذلك من أوساخ.
اقترحتُ عليه أن يبيعني أفراخه الثلاثة. امتنع في البداية عن الخوض في الموضوع. بعد ذلك تنازل ووافق على أن يبيعني فرخة واحدة، ثم وافق على بيع فرختين. اشتريتهما بمئة شاقل، في انتظار أن يتنازل عن الفرخة الثالثة بالثمن الذي يطلبه.
(11)
حين كانت الكورونا في أيّامها الأولى نشرنا على الفيسبوك شريطاً مصوّراً لمهدي وهو ينصح الناس بتغسيل أيديهم، وبضرورة تناول الفواكه وخصوصاً الخسّ والتفاح، وكان مسروراً لأن مدرسته تمّ إغلاقها بسبب الكورونا.
الآن؛ كلّما اقترب مني وطلبتُ منه الابتعاد عنّي، يقول لي: لا تخفْ من الكورونا. ويضيف: الكورونا انتهت؛ لا تخفْ.
وحين أقول له ونحن نشاهد التلفاز: اسمعْ وشاهدْ؛ إنّهم يتحدّثون عن الكورونا.
يقول بعدم اكتراث: بلا كورونا بلا هَبل.
ويظلّ على عناده الذي لا يغادره.
*قاص من القدس