حمدان يوسف الأغا*
المساقات الصيفية ضمن برنامج الدراما في سياق تعلمي مع مجموعة معلمين، رام الله، آب 2020 |
"إنني مصاب بحمى التفكير،
أفكر فيما حدث، وما سيحدث، وما قد يحدث،
أفكر في الأشياء التي لن تحدث، وماذا سيحدث لو حدثت فعلاً".
فيودور دوستويفسكي
توطئة: محطات مرئية
وجهات نظر مختلفة طرحها المعلمون والأهالي والطلبة والخبراء تجاه توظيف التعليم الإلكتروني كمتطلب ضمن متطلبات المرحلة الحالية في التعليم العام في ظل انتشار جائحة كورونا في فلسطين. ظهر تباين في درجات الوعي والثقافة الإلكترونية بين الأهالي والمعلمين والطلبة، والإمكانيات المتوفرة لذلك من كهرباء وإنترنت وأجهزة، وكذلك الأهالي الذين ليس لديهم إمكانيات ولا يمتلكون قوت يومهم. أما على مستوى الوزارة، فدربت طاقم المعلمين على أدوات التعليم الإلكتروني، وسهلت الأمر على المعلمين بوجود منسقين ومدربين ومشرفين على الصفوف الافتراضية، ومنحت لكل منهم أدواره الخاصة به؛ للمتابعة وتذليل الصعوبات، حيث سخرت الوزارة في مديرياتها كافة (الضفة الغربية وغزة) إمكانياتها من مواد ووسائل ووسائط (قناة فلسطين التعليمية، إذاعة صوت التربية والتعليم، موقع رافد التعليمي، خدمة (Gmail) المرتبط بروافد، منصة ميكروسوفت تيمز، التنسيق مع الشركات التكنولوجية، ... وغيرها).
محطات لا مرئية
فكيف يمكن لكل هذه الممكنات أن تساعدنا في إيجاد فضاء مغاير عبر أدوات التعليم الإلكتروني؟ يمكننا أن نطرح تساؤلات على أنفسنا للإجابة عنها وخلق حالة من الحوار والوعي وكشف اللامرئي. ثمة تساؤلات نطرحها لعلنا نجد لها إجابات، ومن هذه التساؤلات:
- ما التعليم الإلكتروني؟ وكيف يمكن أن يلعب دور الوسيط الثقافي الاجتماعي؟
- ما الشراكات التي يمكن أن ننطلق من خلالها (الأهالي والطلبة والمعلمون)؟ وكيف سيكون شكل الانطلاق والتفاعل بينهم؟
- ما الرؤى والأنشطة التي قد تبدو مناسبة لتوظيف ممكنات التعليم الإلكتروني الثقافية؟
يُعرف التعليم الإلكتروني بأنه التعليم بوساطة الإنترنت أو الشبكات أو جهاز الحاسوب، وتتضمن تطبيقات التعلم الإلكتروني أنماطاً متعددة، منها: التعلم المبني على الموقع الإلكتروني (الويب) والتعلم المبني على الحاسوب والصفوف الافتراضية والمحتوى الإلكتروني، ويتم من خلاله استخدام الوسائل والأدوات الإلكترونية الحديثة بما يتضمنه من أجهزة حاسوب وشبكات الإنترنت والبريد الإلكتروني والسبورة الذكية والهاتف المتنقل(بني دومي والشناق، 2009)، أما السياق الثقافي الاجتماعي فهي منبثقة من النظرية البنائية الاجتماعية كما يعرفها (الأغا، 2012) فهي تعلم يتمحور حول منهج فكري يعالج تكوين المعارف وتركز على أن التعلم عملية نشطة يستخدم فيها الأطفال خبراتهم في بناء وإدراك المعارف الجديدة التي يتعرض لها الأطفال في حياتهم، ويتم ذلك من خلال الاستكشاف للسياقات الاجتماعية التي تثير وتحفز الوعي عبر التفاوض الاجتماعي مع الآخرين كما يراها فيجوتسكي. ويضيف (الريماوي، 2020) أن السياقات الثقافية الاجتماعية هي مقاربات ومخططات تعليمية وأنشطة تفاعلية حوارية مصممة ينفذها الآباء والأبناء والمعلمون معاً، وتأتي استجابة للتحديات الراهنة لجائحة كورونا، ليس لأجل استمرار التعليم فحسب، بل من أجل استمرار الحياة نفسها، فالحياة ليست مجرد البقاء المادي أو البيولوجي فحسب، بل هي إرادة الإنسان في تنظيم الوقت، وضبط إيقاعه، والتواصل مع الآخر، وتحقيق فاعلية الذات ضمن سياق إنتاج المعنى؛ لأجل تفعيل المضمون الثقافي للوجود في المنزل، وفتح آفاق لتفاعلات أسرية فكرية وعملية، وبناء صلات تواصلية مع الآخرين، متمثلة في لعب أدوار، وإنتاج مواد عملية وفنية في سياق تطبيق مهارات، واختبار قيم.
ولكي نفكر أكثر في سياق التعليم الإلكتروني، أعتقد أنه بإمكاننا أن نفكر في شكل التعليم الثقافي الاجتماعي الذي سيخطط له المعلم والطلبة والأهل، وشكل التعلم الناتج، وخلق شراكات فاعلة، ونحدد معاً نوع السياق وشكل الانطلاق؛ لذلك لا بد من إعداد وتنفيذ ورشات عمل تشاركية تفاعلية لبناء المنظومة بشكلها التكاملي القابل لإحداث الحوار والوعي والثقافة في المجتمع. قد يبدو التعليم الإلكتروني كمنظومة تكاملية ثقافية اجتماعية كما في الجدول الآتي:
المنظومة الثقافية التكاملية
مشاركة الأهالي والطلبة والمعلمين في التخطيط والتنفيذ |
|||
المدخلات |
العمليات (الأنشطة والمصادر والطرق والأساليب) |
المخرجات |
التغذية الراجعة |
1. مهمات معرفية يبني المشاركون معرفتهم بأنفسهم عبر سياق بحثي استقصائي معرفي للكشف عن مقولات وافتراضات وطرق فحصها. 2. مهمات اجتماعية ثقافية يتفاوض المشاركون مع بعضهم لبناء رؤى ومنظور شخصي وجماعي. سياق درامي قصصي لمناقشة قضايا وقيم اجتماعية إنسانية. سياق منهجية عباءة الخبير لعرض طرق عملية واختبار مضمونها الإنساني. 3. مهمات ثقافية فنية سياق استقصائي دلالي لاستكشاف الدلالات والتعبير عنها فنياً. |
|
1. تعلم معرفي اجتماعي ثقافي عميق لمخرجات تشمل دلالات ومعاني كلمات وتعبيرات، وتحليل نصوص وإعادة بنائها وتركيبها، والكتابة في سياقات بحثية واستقصائية، وسياقات تخيلية أدبية. |
|
2. إنتاج لوحات فنية وتقارير علمية وأسئلة ضمن إطار قصصي كسياق لاستكشاف فرضيات ومقولات معرفية واجتماعية، من خلال توظيف منهجيات الاستقصاء والبحث والدراما. |
|
||
|
يتضح من الجدول السابق مدى تلاؤم المدخلات مع العمليات والمخرجات التي سيتم التخطيط لها بناءً على شركات حقيقية مع الأهالي والطلبة والمعلمين.
الرؤية المقترحة
يمكننا أن نفكر في رؤية مقترحة مناسبة ومنبثقة من المنظومة الثقافية التكاملية، ويتضح ذلك في الخطوات الآتية (شبير والأغا، 2020):
1. فلسفة الرؤية المقترحة: تنبثق فلسفة الرؤية المقترحة من النظرية البنائية الاجتماعية، التي تعتمد على المهمات الأصيلة التي تتطلب العمل الجماعي وفقاً لنشاط أو مبادرة أو مشروع بسيط ينخرط المشاركون معاً من خلال استعراض المشكلات والقضايا وربطها بالسياق الاجتماعي ومعالجتها بالفنون واتخاذ قرار بشأنها عبر طرح التساؤلات والأفكار وفرض الفرضيات واختبارها وإعطاء التفسيرات والتأويلات، وتوظيف عمليات العلم وبناء قصص وإعادة إنتاجها، والبحث والاستقصاء الدلالي والأعراف الدرامية والأسئلة العشوائية (الأغا، 2012).
2. مبررات الرؤية المقترحة:
يمكن إبراز أهم مبررات الرؤية المقترحة في النقاط الآتية:
- انخفاض الوعي الثقافي لدى الطلبة والأهالي والمعلمين.
- انخفاض الوعي الاجتماعي بسبب الاهتمام بالبعد الذاتي على حساب التفاعل الاجتماعي.
- التركيز على التحصيل وإهمال البعد الثقافي والاجتماعي.
كما تأتي هذه المبررات في ضوء ما ألم بواقع التعليم العام في ظل جائحة كورونا من احتياج حقيقي وواقعي للجوء إلى التعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد، في ظل صعوبة ممارسة التعليم الوجاهي، كما أن التعليم الإلكتروني يمثل إضافة قوية لمساندة ودعم التعليم الوجاهي في ظل تسارع المعرفة، وما أضافته التكنولوجيا إلى المعرفة الإلكترونية من العديد من القيم الرقمية التي تخدم العملية التعليمية، وهو ما دعا إلى تقديم هذه الرؤية.
3. منطلقات بناء الرؤية المقترحة:
- المقابلات مع الخبراء.
- نتائج الأبحاث والدراسات السابقة المرتبطة بالتعليم الإلكتروني في السياق الثقافي والاجتماعي في التعليم العام.
- التوصيات والمقترحات المرتبطة بموضوع التعليم الإلكتروني في التعليم العام في ظل جائحة كورونا.
- تبين قلة معرفة المعلمين بأدوات التعليم الإلكتروني وتوظيفيها في التعليم العام في إطار ثقافي واجتماعي.
- توصيات ونتائج ندوات أعدت في فترة الجائحة.
- أهمية موضوع التعليم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا ودمجه مع التعليم الوجاهي الصفي.
4. الفئة المستفيدة (الشركاء): الأهالي والطلبة من الصفوف (6- 8) والمعلمون في مدراس التعليم العام.
5. أهداف الرؤية المقترحة:
- الهدف الأول: التعرف إلى المهمات المعرفية في سياقها التشاركي.
- الهدف الثاني: استنتاج علاقة المهمات بالتعلم العاطفي الاجتماعي.
- الهدف الثالث: تفعيل السياق الثقافي للمهمات المعرفية.
6. الإجراءات والأنشطة والمصادر والتقويم كسياق لبناء الرؤية المقترحة:
الأهداف |
الإجراءات والأنشطة والأساليب |
الزمن المناسب |
المصادر والوسائل |
أساليب وأدوات التقويم |
الهدف الأول |
|
8 ساعات |
|
|
الهدف الثاني |
|
8 ساعات |
|
|
الهدف الثالث |
|
8 ساعات تدريبية |
|
|
7. المؤشرات (الأدلة والشواهد):
تظهر المؤشرات من خلال ما يلي:
- قائمة المهمات المعرفية.
- الفيديوهات والصور المتعلقة بالجانب العاطفي الاجتماعي.
- قائمة المشاركين.
- المسابقات الثقافية.
- صور للقاءات المشاركين
- توثيق أعمال الطلبة وما دار بينهم من حوارات.
- كتابات المشاركين وتأملاتهم.
- لوحات وأعمال فنية واجتماعية للمشاركين معاً.
أنشطة تطبيقية تفاعلية
انبثق من الرؤية المقترحة مجموعة من الأنشطة والمهام التطبيقية التفاعلية، حيث يمكن للمعلم أن يوظف الأنشطة مع طلابه أو مع الطلبة والأهالي معاً وفقاً لما يراه مناسباً مع الاعتماد على الشراكة قدر الإمكان.
النشاط الأول: يمكن لنا أن نشاهد مع أطفالنا فيلماً قصيراً عن فايروس كورونا لربما يتكون من مشهد أو مشهدين، وتكون الانطلاقة من هنا، ونترك لهم فرصة لطرح تساؤلاتهم الخاصة، بحيث لا نجيب عنها، ويتم تدوين تساؤلاتهم، لربما الإجابة عن تساؤلاتهم تكون هي المشاهد التي يمكن أن نضيفها لمشاهد الفيلم، فما المشاهد التي يمكن أن نضيفها؟ هذا السياق يولد وينتج تساؤلات أخرى، هل يمكننا أن نبني مشاهد للفيلم؟ كيف سنفعل ذلك؟ ما البرامج التقنية التي يمكن أن نستفيد منها؟ من سيساعدنا في ذلك؟ هل يمكن أن نتواصل مع خبير في صناعة السينما؟ لكن ما التساؤلات والمهمات والأنشطة اللازمة لصناعة الفيلم وبإمكان الأطفال أن يتعلموها؟ لربما تكون: ما شكل الفايروس؟ ما نسبة الإحصائيات في العالم للمصابين بالفايروس؟
النشاط الثاني: تجربة في تعلم الرسم للأطفال استخدمها المعلم جاكوطو مع الأطفال كنهج قائم على التعلم الشمولي والتحرر الذهني (رانسيير، 2014)، مع العلم أن المعلم قام بتدريس الفنون، ومنها الرسم، وهو لا يعلم شيئاً عن الفنون، لكنه انخرط مع الأطفال من حيث يجهلون، وكانت الخطوات على النحو الآتي: طلب من الأطفال في البداية أن يحدثوه عما يريدون رسمه، تناقشوا معاً وتم الاستقرار على محاكاة رسم آخر. قبل البداية بالرسم، قدم للأطفال رسماً معيناً (وجه لشخص)، وطلب منه التعليق عليه. تم تكرار الخطوات مع الأطفال مرات متعددة، أنجز الأطفال المحاكاة للرسم، تم افتتاح معرض لأعمال الأطفال.
النشاط الثالث: تدريب الطلبة والأهالي على كتابة قصة (أدبية أو علمية) بشكل تشاركي عبر معالج النصوص على الدرايف (Drive)، ومناقشة المشاركين لبعضهم على التعليقات، ويتم طرح تساؤلات عشوائية ومنظمة حول القصص، والإجابة عنها بأشكال مختلفة، منها: الرسم واللوحات الفنية، بورتريه فني، شرائح ومطويات تفاعلية، تسجيلات صوتية ومرئية، ورفع كل هذه المنتجات على قناة اليوتيوب كمعرض تفاعلي يشاهده الطلبة والمعلمون والأهالي والنشطاء ويتفاعلون معه.
النشاط الرابع: ينسق المشاركون مع بعضهم البعض لمناقشة موضوع، مثلاً "فقر الدم"، بعمل لقاءات واجتماعات فيديو، يتناقشون معاً، ويفسرون ويصممون تعلمهم بأنفسهم، ويبحثون عن المرض وأسبابه، ويُجرون مقابلات مع المصابين ويرسمون لوحات للوقوف بجانب المصابين، ويراسلون الأطباء، وتتم استضافتهم عبر الفيديو ومراكز ومؤسسات مختصة بهذا الموضوع.
النشاط الخامس: صمم دليل للحوار العائلي والحوار مع الأصدقاء مستخدماً 5 صور، بحيث تعبر عن أشكال الحوار المختلفة في العائلة وبين الأصدقاء، وتحت كل صورة أو بجانبها نكتب عبارة مرتبطة بالصورة، ونقوم برفع الألبوم على الصف الافتراضي أو على قناة يوتيوب، ويتم عرض كل الأدلة التي يشارك فيها الأهل والأطفال.
النشاط السادس: ماذا لو انطلق المشاركون من أقصر قصة في العالم "حذاء طفل للبيع" إلى قصصنا جميعاً، وقام المشاركون بتأليف قصصهم بناءً على القصة السابقة، ويتم سرد القصص عبر تقنيات درامية، منها: القصة كفيلم، القصة كمسرح صورة، والتعبير عن بعض شخصيات القصة بالرسم وأقنعة بورتريه، واقتراح عناوين للقصص، وصناعة الحذاء كسياق متخيل، والتعبير عن بعض القصص كمشاهد صامتة، وأصوات من الرأس للطفل، ومدى ارتباط القصة بأشياء تم بيعها في ذواتنا.
النشاط السابع: تلقينا -المشاركين- رسالة من زبون (جمعية المكفوفين في العالم) يريدون منا تحويل القصص التي قمنا بإعدادها إلى قصص صوتية (سمعية)، بجودة عالية، وأن تكون قصصنا إنسانية، وأن يكون عملنا تطوعياً إنسانياً بدون مقابل مادي، هكذا كانت شروط الزبون، فوافقنا على مساعدة الجمعية، بدأنا بكتابة المواد والأدوات التي ستساعدنا في تحويل القصص المكتوبة إلى قصص صوتية، وقمنا بإحضارها إلى القاعة، ولكن ليس لدينا الخبرة الكافية في التسجيلات، لذلك تمت الاستعانة بخبير في الملتيميديا، وقمنا بتجهيز التسجيلات، لكن تفاجأ الجميع من دخول ممول من شركة تقنية، سمع عن دورنا الإنساني ويريد شراء التسجيلات التي تم إعدادها، والتوقيع على الاتفاق، فرفض غالبيتنا التوقيع مع العلم بالإغراءات التي قدمها لنا، وجلسنا مع الجمعية التي استمعت للتسجيلات، وأبدت إعجابها مع بعض التعديلات، فأتاحت لنا فرصة ووقت للتعديلات قبل عرضها في معرض الكتاب.
واقترح المشاركون: كيف سيتم التجهيز للمعرض؟ ما المواد والأدوات اللازمة لذلك؟ هل سنضع قصصنا في المعرض؟ ما الفئات التي ستتم دعوتها؟ هل يمكن أن نصمم بروشوراً تفاعلياً للمعرض؟ هل يمكن أن يتحول بناء السياق المتخيل إلى سياق واقعي (هيئة المفوضين) أو دراما الواقع الحقيقي أو الواقع المعاش؟
النشاط الثامن: يصمم المشاركون من الأهالي والطلبة والمعلمين عبر تقنية "زووم" أنشطة في الفنون، وتصميم أقنعة من حيث يجهلن، يبحث المشاركون عن فنانين يجيدون هذا النوع من الفنون. ويتم عرض الأعمال في معرض على اليوتيوب أو على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم صناعة القناع من قصاصات الورق، ولا يفضل الاعتماد على الأشكال الهندسية النمطية. ويفسر المشاركون الأشكال المختلفة من الأقنعة ويوظفونها في شخصيات درامية في قصة معينة يعيدون إنتاجها.
جانب من ورشات الطفولة المبكرة مع مربيات رياض الأطفال، رام الله، آب 2020 |
النشاط التاسع: مناقشة فكرة مخطط الفايروسات الاجتماعية
تمت مناقشة المقترح مع الباحث معتصم الأطرش كفكرة، وكانت النقاشات على النحو الآتي: تخيل لو فريق من الخبراء "علماء" في الفايروسات الاجتماعية يبحثون عن مصل لمقاومتها، وتخيل كيف سيرسمون شكل كل فايروس من مخيلتهم، كيف سيكون شكل فايروس التمييز أو فايروس التسلط؟ وكيف سيعملون معاً على خطة متكاملة لمكافحة الفايروسات؟ كيف ستتطور الفايروسات؟ ما جيناتها؟ كيف تنتقل طرق العدوى؟ وكيف سنفكر في المقاربات الدرامية لهذا الموضوع؟ (الفايروسات الاجتماعية – كشفها واستكشافها – استكشاف الأعراض وقوتها – وأخيراً اقتراحات للعلاج)، حيث تصبح منطقة الاستكشاف كيف نبين أمراضاً أخطر من أمراض الجسد وفايروسات أخطر من كورونا؟ ماذا لو اخترعنا جهازاً للفريق (يشبه المجهر) يستكشف الأمراض الاجتماعية، وأعراض كل مرض، ومشاهد لأمراض اجتماعية نشاهدها وكأننا نرى الأشياء تحت المجهر، ماذا لو ركّبا كاميرات في الشوارع والمؤسسات والبيوت؟ ماذا سترصد الكاميرات؟ ثم نمثل المشاهد كفيلم، كأنما نلاحظ مشاهد (التسلط، التنمر، الإهمال، الإساءة، التكبر، الواسطة، الأذى) ثم يتم وصف الأمراض التي تم رصدها من وجهة نظر الطلبة، وماذا لو انتقلنا من الدراما كسياق متخيل إلى دراما الواقع الحقيقي (هيئة المفوضين)؟ يمكننا العمل مع الطلبة على بوسترات وبروشورات تفاعلية للتوعية، تحويل الصور والرسومات لبوسترات معبرة، نشر أفكارهم التي اقترحوها في الإذاعات وعبر الإعلام المرئي، القيام بحملات تطعيم.
من الفكرة إلى المخطط
أولاً. الدراما في السياق المتخيل
معلومات أولية
|
يقوم الميسر/المعلم بعرض فيديو –منظم متقدم– عن الفايروسات، تتم مناقشته وتحليله من خلال الآتي: ماذا تلاحظ؟ ناقش مع زميلك أنواع الفايروسات التي تم ذكرها في الفيلم؟ ما الأمراض التي تسببها الفايروسات للكائنات الحية؟ يرسم الطلبة أشكالاً مختلفة للفايروسات، وعلى كل شكل يكتبون عبارة يشعر بها المصاب بالفايروس، يتم وضع الرسومات في منتصف القاعة، ويتجول الطلبة ويتبادلون الرسومات والمشاعر. |
يتلقى الطلبة رسالة من شخص من كوكب آخر غير كوكبنا، يريد أن يتعرف إلى أشكال الفايروسات ومسبباتها وطرق العلاج، يقوم الطلبة بتجسيد مشاهد ثابتة لحظة دخول هذا الشخص عليهم، ونسمع أصواتاً من الرأس، يتحاور الطلبة معاً، كيف سنساعد هذا الشخص؟ كيف سنقدم له شكل المادة (تقارير، فيديو وثائقي، بوسترات، مطويات، ...)؟ |
يرسل الطلبة أشكالاً مختلفة من المواد التي تم تجهيزها إلى الشخص المتواجد في الكوكب الآخر، يشاهد الشخص هذه المواد (طالب في دور)، ويرسل رسالة للطلبة يقوم طالب بقراءة هذه الرسالة بصوت هذا الشخص، والطلبة يستمعون ويدونون الملحوظات التي وردت في الرسالة، ومنها: (سأرسل لكم مجهراً من نوع خاص غير المجاهر الموجودة لديكم، وسأرسل لكم، أيضاً، طريقة تصميم وتجهيز المجاهر؛ لكي تستخدموها مرة أخرى في رصد فايروسات أخرى لم تكتشفها المجاهر لديكم). |
يبدأ الطلبة بتصميم المجاهر، ويكتشفون أنهم بحاجة لخبير في مجال تصميم المجاهر، بحثوا عنه؛ ووجدوا إيميله الشخصي، وأرسلوا له رسالة (يقوم الطلبة بكتابة الرسالة)، وحددوا موعداً للاتصال به عبر تقنية الفيديو، وليس لدى الخبير وقت كافٍ، والمعلومات ليست كافية كي توصل الطلبة إلى تصميم هذا النوع الخاص من المجاهر. |
بدأ الطلبة في التفكير، أين سنضع المجاهر؟ شكلها مختلف (يجمع بين الكاميرا والمجهر والتلسكوب)، ماذا تقترحون؟ كيف سنعرضها؟ ليس لدينا أدوات كافية للتركيب (يشكل الطلبة فريقاً من الخبراء؛ لكتابة قائمة بالمواد والأدوات اللازمة لذلك)، يرصد الطلبة ما تمت مشاهدته، أشخاص يتحركون كالفايروسات، ما شكل حركتهم؟ هل يسببون أمراضاً كالفايروسات؟ |
يكتشف الطلبة فايروسات أخرى (عندما وضعوا المجاهر في الشوارع، والبيوت، والمؤسسات)، ويعبرون عنها بالرسم (الأقنعة)، (فايروسات التنمر، التسلط، الإهمال، الأذى، الواسطة، ...)، يقوم المعلم في دور (بالاتصال على الشخص المتواجد على الكوكب الآخر)، وأطلعه على ما توصل إليه الطلبة، وطلب اجتماعاً معهم؛ وتناقشوا معاً، هل يوجد على كوكبكم مثل هذه الفايروسات؟ ماذا تشبه الأقنعة في حياتنا؟ ما الأقنعة التي نود التخلص منها؟ (يقترح الطلبة كفريق من الخبراء طرقاً للتخلص من الفايروسات الاجتماعية). |
ثانياً. الدراما كسياق واقعي (هيئة المفوضين -المتعهدين)
يحول الطلبة أعمالهم إلى مشروع واقعي، كما يأتي:
|
خلاصة
لم يعد التعليم قادراً على إحداث حالة من الوعي المجتمعي الثقافي بشكله الاعتيادي، بل يجب علينا أن نفكر جدياً في شكل التعليم والتعلم المتجاوب مع الأزمات والقابل لإكساب الطلبة الوعي عبر الممارسة والفعل؛ ولذلك تم إعداد منظومة ثقافية متكاملة انبثقت منها رؤية مقترحة وأنشطة تفاعلية قابلة للتطبيق كسياق ثقافي اجتماعي على شكل مهمات تعليمية- تعلمية، يقوم الأهالي والطلبة والمعلمون ببنائها واكتسباها بالتفاوض والمشاركة معاً.
*معلم في مدرسة الحاج محمد النجار الثانوية للبنين –خان يونس
المراجع:
- الأغا، حمدان. (2012). فاعلية توظيف استراتيجية Seven Es البنائية في تنمية المهارات الحياتية في مبحث العلوم العامة الفلسطيني لدى طلاب الصف الخامس الأساسي. رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة الأزهر، غزة.
- شبير، محمد والأغا، حمدان. (2020). "رؤية مقترحة لتوظيف التعليم الإلكتروني كسياق ثقافي اجتماعي في التعليم العام". المؤتمر العلمي الإلكتروني بعنوان: التعليم الإلكتروني في ظل جائحة كورونا- رؤى وتجارب، الذي ينظمه المنتدى الثقافي في ملتقى عائلات محافظة خان يونس، وبالتعاون مع اتحاد المدربين العرب، خان يونس 5- 7 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
- الريماوي، مالك. (2020). رزمة تعليمية بعنوان التعليم المنزلي: الحرائق سياقاً وأنموذجاً، نشرت على الصفحة الإلكترونية لمؤسسة عبد المحسن القطان/برنامج البحث والتطوير التربوي، على الرابط الآتي:
- رانسيير، جاك. (2014). المعلم الجاهل: خمسة دروس حول التحرر الذهني، ترجمة: عز الدين الخطابي، رام الله: مؤسسة عبد المحسن القطان.
- بني دومي، حسن والشناق، قسيم. (2009). أساسيات التعلم الإلكتروني في العلوم. عمان: دار الشروق للنشر التوزيع.
- مصلح، صابرين والأغا، حمدان. (2014). "دور معلمي العلوم في إكساب مهارات التعلم الإلكتروني لدى طلبة الصف العاشر الأساسي بمحافظات غزة". المؤتمر الدولي للتعلم والتعليم في العالم الرقمي بجامعة النجاح الوطنية، نابلس، 30 آذار/مارس 2014.