ولد عبد المحسن القطان في مدينة يافا في 5 تشرين الثاني 1929، وتوفي في 4 كانون الأول 2017 في منزله بلندن. بدأ القطان دراسته بالمدرسة الأيوبية في يافا، ثم التحق بكلية النهضة في القدس، التي كان يرأسها المربي خليل السكاكيني الذي كان له الأثر الكبير عليه، وعلى فكره. التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت العام 1947، حيث بدأ دراسته في مادة العلوم السياسية، إلا أن أحداث النكبة أرغمته على تغيير مسار تعليمه إلى إدارة الأعمال من أجل إعالة أسرته التي تشردت من يافا إلى عمان. في العام 1951، تخرج بدرجة البكالوريوس، وبدأ حياته المهنية مُعلماً في عمّان أولاً، ومن ثم في الكويت، وهناك التقى بليلى المقدادي، ابنة المربي الفلسطيني درويش المقدادي، وتزوجا، ليبدآ معاً مسيرة العطاء والبذل من أجل فلسطين.
في العام 1953، التحق القطّان بوزارة الماء والكهرباء في الكويت، وعمل فيها إلى أن أصبح بمرتبة المدير العام للوزارة. وفي العام 1963، أسس شركة الهاني للإنشاءات والتجارة، بالشراكة مع المرحوم الحاج خالد المطوع، التي أضحت خلال فترة وجيزة إحدى أكثر شركات المقاولات نجاحاً في الوطن العربي.
شارك القطّان في العمل الاجتماعي والخيري والتنموي على مستويات مختلفة منذ ستينيات القرن الماضي، فكان أحد مؤسسي مؤسسة الدراسات الفلسطينية ومؤسسة التعاون، ومحافظ فلسطين في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وعضو مجلس أمناء الجامعة الأمريكية ببيروت.
قدم القطان منحاً للعديد من الطلاب الفلسطينيين والعرب في دراساتهم الجامعية، ووفر الدعم والمساندة للعديد من المؤسسات؛ مثل مركز دراسات الوحدة العربية، ومؤسسة أحمد بهاء الدين، وجامعة بيرزيت، والمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) ... وغيرها.
وعلى الرغم من حياته المهنية الناجحة، انخرط عبد المحسن القطان في السياسة الفلسطينية والعربية، فمثَّل شعبه في زيارات دولية عدة، حيث رافق أحمد الشقيري إلى الصين في العام 1964، ودعم منظمة التحرير الفلسطينية الوليدة في أيام مهدها في الكويت. في العام 1969، انتخب رئيساً للمجلس الوطني الفلسطيني خلال اجتماع المجلس في القاهرة، إلا أنّه استقال بعد بضعة أيام بعد رفض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الاتفاق على قيادة موحدة للأصول العسكرية والمالية للمنظمة. وكانت هذه نهاية انخراطه المباشر في السياسة، إلا أنّه استمر عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني حتى استقالته في 1990، جنباً إلى جنب مع صديقيه إدوارد سعيد وإبراهيم أبو لغد، احتجاجاً على موقف منظمة التحرير المساند لاجتياح صدام حسين للكويت.
في نهاية العام 1993، أطلق مؤسسة عبد المحسن القطان في لندن، التي أصبحت بحلول العام 1998 نشطة تماماً في فلسطين، من خلال مجموعة من البرامج والمشروعات في مجالي الثقافة والتربية. وفي أيار العام 1999، عاد إلى فلسطين، وزار لأول مرة منذ العام 1948 مسقط رأسه يافا، ومُنح شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة بيرزيت.
في آذار 2011، أعلن القطان عن قراره تخصيص ربع ثروته لإنشاء صندوق لضمان استدامة واستقلالية المؤسسة التي تحمل اسمه، واستمرارها في إحداث التغيير المجتمعي المطلوب.
لقد قدم عبد المحسن القطّان مثالاً يحتذى في وطنيته وعطائه، من خلال مسيرة حافلة بالأعمال الخيرية والتنموية، جنباً إلى جنب مع زوجته المرحومة ليلى المقدادي. ولقد كانت آماله برفعة الشعب الفلسطيني وتحرره هاجساً دائماً له، وحلماً بذل في سبيله الكثير. وكان من المنتظر أن يفتتح أبو هاني مبنى مؤسسة عبد المحسن القطان الجديد في حي الطيرة في رام الله خلال حزيران 2017، لكن الموت لم يمهله كي يبصر حلمه متجسداً على أرض الواقع. غيب الموت عبد المحسن القطان، لكن إرثه سيبقى حياً بيننا.