إن حصر التعليم بحدود التخصص يُفقد الفرصة لتشكّل المعاني للأشياء، فتدريس العلوم كتخصص، يؤدي إلى الشكلانية التقنية في العمل المعرفي، ما يُفقد الإحساس بالأبعاد الإنسانية التي تكون خلف إبداع النظرية أو القانون أو المعادلة. وتدريس الأدب، كقواعد، ومجاز، واستعارات، قد يؤدي إلى الشكلانية الجمالية والابتعاد عمَّا هو حقيقي في الحياة، وتعليم الرياضيات كتخصص قد يؤدي إلى عوالم مجردة بعيدة عن أي معنى، أو عن أي وظيفة في الحياة. من هنا، وحتى يكون للرياضيات معنى، يجب أن تُعلّم كموضوع مفتوح على المعارف والعلوم، دون أن تكون محصورة في عالم من الرموز والمجردات، وبالتالي يجب تقديمها في سياقات حقيقية وواقعية وأصيلة، بعيداً عن السياقات المجردة والشكلية، فالمجرد والشكلي لا يُعطي مجالات للتعلم، ولا يوفّر كفاية للتواصل الحقيقي، حيث لا فرصة للانفتاح الاجتماعي والنفسي والثقافي ... ولكن الرياضيات الموجودة في السياقات الواقعية للمجتمع والبيئة، هي التي تُعطي للمفهوم الحياة والمعنى، وتوفر للطالب فُرصة بناء المعاني... . لهذا، فقد جاء هذا الكتاب انطلاقاً من هذه القناعة، فتضمن أنشطة وتطبيقات نعتقد أنها تجاوزت في مضمون بعضها التخصص، وقد انفتحت على اللغة، والحياة، والعلوم، وهذا بدوره وفّر سياقات أزاحت الشكلي والمجرد إلى الحقيقي والمُجسّد، الأمر الذي قد يوفر طاقة تشغيلية خصبة يكون السياق فيها وسيطاً لبناء المعارف وإنتاج المعنى.
الكتاب متوفر للاطلاع و/أو البيع في مكتبة ليلى المقدادي القطان.
ليانا جابر:
باحثة سابقة في مركز القطان للبحث والتطوير التربوي. تعمل مدرّسة رياضيات. كما عملت سابقاً مشرفةً لمعلمي الرياضيات. لها دراسات ومقالات في مجال تعليم الرياضيات ومجالات أخرى في الحقل التربوي.
وائل كشك:
باحث سابق في مركز القطان للبحث والتطوير التربوي، وعمل كذلك في تدريس مساقات في أساليب التعليم في دائرة التربية في جامعة بيرزيت. كما عمل سابقاً مدرساً لمادة الرياضيات لسنوات عديدة. له دراسات ومقالات في الفكر والممارسة في المجال التربوي والثقافي.
