تبدأ اللقطة السينمائيّة من اللحظة التي يُضغط فيها على "زرّ التسجيل"، وتستمرّ إلى أن نضغط "زرّ التوقّف"، ولا يبدو أنّ المعلّمين والمعلّمات ينوون التوقّف، لا من قريبٍ ولا من بعيد؛ فهم دوماً يتعلّمون وسائط جديدة تعينهم وتطوّرهم في تفاعلهم اليوميّ مع الطلبة.
انضمّ 26 معلّماً ومعلّمة للّقاء الثاني من المشروع التدريبيّ للمعلّمين والطلبة في إنتاج الأفلام، الذي ينظّمه برنامج الثقافة السينمائية ضمن مسار الفنون في التعليم/برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان، بالشراكة مع مبادرة مدرستي-فلسطين، التي تسعى، بدورها، إلى تعزيز قطاع التعليم في القدس -بشكلٍ خاصّ- ويشكّل معلّموها غالبيّة المشاركين في المشروع التدريبيّ.
وقدّم اللقاء الثاني، الذي عقد يومي الخميس والجمعة 27 و28/10، المخرجُ الفلسطينيّ جورج خليفي، وتمحور حول كتابة السيناريو للأفلام، وكيفيّة تحويل المعلّم/ة تفاصيل حياتهم وظروف عيشهم اليوميّة إلى أفكار أفلام تحمل حكاياتٍ بسيطة.
وقال خليفي للتأكيد على أنّ البساطة لا تنتقص شيئاً من العمق: "أهمّ شيء إني أطلّعكم من فكرة إنكم رح تصلّحوا العالم بفيلمكم"، مضيفاً بلهجته النصراويّة: "بتقدروش تحوّقوا (بمعنى تجمعوا) كلّ شيء في لحظة"، داعياً المشاركين إلى أن يبحثوا في التفاصيل، وفي إقامة صلةٍ إنسانيّة مع لمحاتٍ صغيرة من الحياة.
وعمل خليفي مع المعلّمين على مبادئ أساسيّة عدّة في السينما والكتابة لها، ومنها تطوّر الأفلام من كونها ذات لقطةٍ واحدة إلى اكتشاف المونتاج وإمكانيّة دمج العديد من اللقطات في مشاهد، لتشكّل علاقات ترابطٍ بين الصور.
كما كتب المشاركون -ضمن مجموعات- جملاً تسمّى "جمل الرصاصة"، وهي جملةٌ عادةً ما تُكتب على أفيش الأفلام لتلخّص قصّة الفيلم بنوعٍ من التشويق والمفارقة، وحاولوا استلهام أفكارٍ لنصوص سينمائية من أخبارٍ يوميّة نقرأها في الصحف وعلى الإنترنت.
تُعتبر مشاهدة الأفلام العربيّة والأجنبيّة عنصراً مهمّاً في البرنامج، ويشبّه خليفي من يريد خوضَ مجال السينما بينما لا يشاهد الأفلام بذاك الذي نطلب منه أن يصبح شاعراً وهو لم يقرأ قصيدةً في حياته؛ فمن الأفلام التي شاهدها المشاركون في اللقاء الثاني: Make a wish، Rope، مشهد درج أوديسا، البرتقال، وهي تتنوّع بين أفلامٍ فلسطينيّة وأجنبيّة، ومنها فيلمان صامتان تباين دور الموسيقى الدراميّ فيهما.
ولم يقتصر نقاش المشاركين وعملهم مع المخرج حول التقنيات في كتابة النصّ، كالتمهيد والحبكة و"قفلة" المشهد؛ بل خاضوا نقاشاً حول الموعظة مثلاً في الأفلام، ففي أحد الأفلام المعروضة خلال اللقاء؛ تلجأ طفلةٌ للتسوّل والسرقة من أجل تأمين مبلغٍ صغير لشراء كعكة عيد ميلادٍ لأبيها المتوفى، فرأى بعض المعلّمين أنّ هذا قد يشجّع الأطفال على هذيْن السلوكيْن، بينما رأى آخرون أنّ وظيفة السينما ليست تقديم عبرةٍ وموعظةٍ أخلاقيّة للمشاهدين، وليستْ مجبرةً على تقديم نماذج أخلاقيّة مثاليّة.
يُذكر أنّ هذا اللقاء هو ضمن سلسلة لقاءات مجموعها 114 ساعة تدريبية، وستستمرّ لغاية شهر نيسان من العام 2017، ضمن برنامج تدريبي في مجال إعداد الأفلام، بحيث ينخرط المعلمون في عمليّة إيجاد الفكرة وكتابة السيناريو والتصوير والمونتاج، بإشراف من باحثي برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان، ومخرجين سينمائيين محليين، لينقل بذلك المعلمون التجربة للطلاب بالتزامن مع فترة التدريب.