نظم مركز القطان للبحث والتطوير التربوي في 21/ 11، ندوة حوارية بعنوان "عندما تتكلم المعلمة: لقاء حول المعلم والباحث وأدواره في الزمن المأمول"، استضاف فيها المعلمة والمؤرخة نهيل عويضة مؤلفة كتاب "معارك القدس الجديدة ومداخلها عام النكبة: سيرة البطل إبراهيم أبو دية".
وبين قصة البطولة الملحمية للقائد إبراهيم أبو دية، ودفاعه المستميت عن أحياء القدس، ورؤاه الإستراتيجية لمعركة حي القطمون، وقصة المعلمة التي كانت تلميذة تبني بالإرادة والتعليم فكرتها عن المرأة الجديدة، امرأة مرحلة التحدي، جاءت الندوة كشهادة في التاريخ من جهة، ومن جهة أخرى شهادة في الكتابة؛ كتابة تاريخ الشهيد أبو دية كسيرة كفاح وقصة حياة، تقوم الباحثة بجمعها بالرواية الشفوية والوثيقة والصورة والخبر الصحافي، لتروي قصة البحث وقصة السيرة معاً، وتتطرق لعدة المؤرخ وإيمانه ويقينه.
وبين مجالي التاريخ والتربية، قدمت عويضة شهادتها كمعلمة وطالبة في مدرسة رام الله الثانوية، وبدايات انتمائها لحركة القوميين العرب، ومشاركتها في النضال والتعليم، مشددة على أنها شاهدة على مرحلة أهم ما يميزها هو خروج المرأة من دائرة الأحلام الضيقة إلى الفضاء العام.
وعويضة التي ولدت العام 1935، تروي قصتها وتشهد على مرحلة هي مرحلة التحدي، وتقول إنها ولدت في العام نفسه الذي ولد فيه إدوارد سعيد وتشاركت معه سنة الميلاد والحي نفسه والداية نفسها؛ "مرحلة طبعت وجودنا وشكلت خريطة مستقبلنا؛ بدايات ثورة القسام واستشهاده، وبداية الإضراب العام في العام 1936".
وانتقلت عويضة لتقدم شهادة حول دراستها الثانوية بحضور مجموعة من زميلاتها في المدرسة، ووصفت مرحلتهن بكونها مرحلة التنافس على "ليس أقل من العلامة الكاملة".
وفي وصفها لتحديات التعليم في تلك الفترة، تقول: كان سؤالي -كمعلمة لغة إنجليزية- كيف أساهم في خلق جيل من الفتيات يكنّ فتيات المرحلة؟ وكيف أوفق بين صرامتي كمعلمة لمادة اللغة الإنجليزية وإيماني باليقين وضرورة الكفاح لأجل الحرية؟ فطلبت من الطالبات أن تختار كل طالبة شخصية نسائية من التاريخ العالمي والعربي والوطني، تبحث عنها وتكتب سيرتها وتقدمها لزميلاتها في فترة اللقاءات الحرة بين المعلمة والطالبات، ما أن انتهى المشروع حتى أصبحن طالبات ليس عاديات".
وقد تمحورت الندوة حول تجربة عويضة كمعلمة، وكاتبة، ومناضلة، وحول أسلوبها في كتابة التاريخ وطريقة مقاربته، وقدمت الندوة وأدارتها المناضلة والكاتبة عائشة عودة؛ وهي إحدى طالبات عويضة في المرحلة الثانوية، وقد قامت عويضة بتنظيمها سياسياً.
وقدمت عودة شهادتها في مدرستها وفي مرحلتها، وبين شهادة المعلمة وشهادة الطالبة انبثقت صورة مرحلة؛ مرحلة التعليم والمقاومة، وتاريخ النضال النسوي وتطور شكله النقابي، وبذلك كانت لدينا شهادتان: شهادة المعلمة، وشهادة الطالبة، وشهادتهما معاً على مرحلة تاريخية مهمة من حياتنا.
كما تضمنت الندوة تجربة الباحثة في كتابة التاريخ وطريقتها في مقاربته، وأدير الحوار حول المعلم والدور، والمؤرخ والشاهد، الراوي والرواية التاريخية، تعليم التاريخ وكتابته.
لقد كانت الندوة في الذاكرة والتاريخ، ولكن بوجود عدد من زميلاتها ورفاقها القدامى، منهم عادل سمارة، وعائشة عودة، وبديعة خلف، ورقية النجاب، تحولت إلى فضاء من الحميمية المفعمة بالحنين والبوح، لكن ذلك لم يكن ليمنع من القراءة النقدية، حيث المناضلة لطيفة حواري ورقية النجاب تطرقتا إلى الصنمية التنظيمية، والتحوصل على الذات، وعدم الاعتراف بالأخر، ودعتا إلى الانفتاح؛ انفتاح الأفكار والأحزاب والناس على بعضهم، ورأتا أن ما يميز تلك المرحلة التاريخية هو تلك التنويعة من قوميين وشيوعيين ووطنيين، وما كان بينهم من تنافس وحوار، تلك المرحلة التي لم يكن ينقصها سوى الكثير من الانفتاح والاعتراف.
يذكر أن عويضة عملت في التعليم لأربعة عقود ما بين فلسطين والأردن وسورية ولبنان، وتعمل الآن صحافية وباحثة وكاتبة باللغتين العربية والإنجليزية، ولها أعمال منشورة عدة في المرأة الفلسطينية واللهجة الفلسطينية، وتأريخ القدس ورجالاتها، وتعكف الآن على إصدار كتابين يتحدثان عن القدس الجديدة.
واختتمت الندوة بمقابلة صحافية مع تلفزيون فلسطين ذكرت عويضة خلالها أنها سعيدة جداً بهذه الندوة، وبخاصة مع وجود معلمين ومعلمات ومربين قرروا أن يستفيدوا من خبرتها في التعليم والكتابة.