نظّم برنامج البحث والتطوير التربويّ/مؤسسة عبد المحسن القطان لقاءً لمنتدى مربيات الطفولة المبكّرة في قاعة جمعية الهلال الأحمر في البيرة السبت 17 كانون أول العام 2016، وذلك ضمن برنامج التكوّن المهنيّ لمرحلة الطفولة المبكّرة في المؤسسة.
وتضمّن اللقاءُ فعاليّتيْن؛ الأولى حول تطوير الفعل المهنيّ والدور الاجتماعيّ لمربيات الطفولة، بحيث عُرضت تجربة تعليميّة في توظيف نهج "عباءة الخبير" كمشروعٍ تعلّمي مع الأطفال؛ بينما تمحورت الفعاليّة الثانية حول التواصل والتعبير الجسديّ كسياقٍ لفهم الهويّة وتطويرها في رياض الأطفال، بدءاً من التواصل مع الآخر، وليس انتهاءً بالتواصل مع الذات بحالاتها كافّة.
تبادل التجربة
وشاركت في اللقاء مربيّات انضممن للبرنامج منذ حوالي العام، مع أخرياتٍ مضى على انخراطهنّ فيه أعوام، وذلك لتبادل التجربة، بحيث عرضت المربية براءة أبو حمّاد، من روضة الوكالة الفلسطينيّة/العيزريّة، مشروعاً وظّفت فيه نهج "عباءة الخبير" التربويّ، ونفّذته مع أطفالها حول إنقاذ حيواناتٍ في غابةٍ نشب فيها حريقٌ كبير، وذلك على مدارِ فصلٍ دراسيّ كامل.
وأشركت أبو حمّاد أمّهات الأطفال في المرحلةِ الثانية من مشروعها، حين حوّلته إلى ورشةِ عملٍ مع الأمّهات لمحاكاة مشروع أبنائهنّ، ونتج عنه معرضٌ مشترك، للصور والقصص التي رواها كلّ طفلٍ لوالدته وكتبتها هي.
وتعلّم الأطفال من خلاله مفاهيم عديدة؛ منها المهن، فعالج الأطفال الحيوانات المتخيّلة كأطباء، وصنعوا لها البيوت كنجّارين، وأعادوا زراعة الأشجار في الغابة كمزارعين، واقترحَ طفلٌ منهم يهوى الطبخ، أن يكون طبّاخ الحيوانات كي تستعيد عافيتها.
وقالت أبو حمّاد، إنّ التحوّل الذي خاضته منذ التحاقها ببرنامج التكوّن المهنيّ في "القطان" جذريّ، مضيفةً أنّها ترى الأطفال الآن بشكلٍ أعمق، وكأنّما تعرّفت عليهم من جديد، فهناك أطفال اعتادوا اتّخاذ مواقف عدائية من زملائهم، تغيّر سلوكهم تماماً، وأطفال تخطوا- خلال المشروع- خوفهم من تركِ أمهاتهم لهم في الروضة كلّ صباح؛ مشيرة إلى تعلّق طلبتها وانغماسهم بالتجربة، ما دفع طفلة إلى البكاء رفضاً للتخلي عن الحيوانات عند انتهاء الفصل.
وتفاعلت المربيّات، بدورهنّ، مع تجربتها التي ألهمتهنّ، وشجّعتهنّ للاستمرار في العمل، فقالت إحداهنّ: "أنا عرفت حالي أكثر معكم، وصرت حابة أوسّع تجربتي أكثر"، موجّهات أسئلة عمليّة للمربيّة أبو حمّاد، ولمدير مسار اللّغات والعلوم الاجتماعيّة في البرنامج مالك الريماوي، والباحثة في البرنامج فيفيان طنّوس؛ اللذيْن يشرفان على برنامج التكوّن المهنيّ لمرحلة الطفولة المبكرة.
من أنا؟
كما تضمّن اللقاء في مرحلته الثانية جلسةً بعنوان "الحياة حركة"، أشرفت عليها المعالجة العاطفيّة والنفسية -عن طريق الرقص- نانسي عيسى، وهدفت أولاً إلى تواصل المربيات حركيّاً مع أنفسهنّ، ثمّ مع أطفالهنّ.
وأجبنَ فيها -ضمن ثنائيات- عن سؤال: "من أنا؟" مرّات عدّة، في وضعيّات مختلفة، ليكتشفنَ أنّ السؤال كان يزداد صعوبةً مرّة بعد مرّة، وتصبح إجابته أكثر دقّة وعمقاً، كما أنّ النظر في عينيّ المشاركة المقابلة يجعل الإجابة أكثر صراحة، مقارنةً بإدارة الظهر لها.
وفي الفعاليّة التي تليها، اختارتْ كلٌ من المربيّات قطعتين من القماش، لصنع دميةٍ تمثّل طالباً أو طالبةً لديها، ولتحكي قصّة عنهما أثّرت فيها ولم تكن هيّنة عليها.
قصص مشتركة
لم يكن من السهل أن تشارك المربيّات قصصهنّ مع طلبتهنّ، وأن يناقشنَ مواضيع حسّاسة يواجهنها يوميّاً، مثل تعاملهنّ مع الأطفال المصابين بإعاقةٍ حركيّة، واضطراباتٍ نفسيّة، ومن يمرّون بظروفٍ أسريّة صعبة، والأطفال الذين يعانون فرطاً في الحركة، وغيرهم من المعنّفين الذين ينقلون العنفَ الممارَس عليهم إلى الصفّ.
وقالت عيسى في هذا الصدد، إنّه يجب على المربيات طلب الإرشاد النفسيّ، في حال شعرنَ أنّهنّ قريباتٍ جداً من قصص الطلبة، وذلك لأنهنّ لن يرينها بوضوح كافٍ لإيجاد الحلول حين يكنّ متورطّاتٍ عاطفياً لهذا الحدّ، مضيفةً: "يجب أن تبتعدوا قليلاً عن الصورة، كلنا نحبّ أن ننقذ الأطفال، لكننا لا نستطيع عمل كل شيء وحدنا"، مؤكّدةً على حاجة الأطفالِ لنموذجٍ يرون فيه إيجابيةً ودعماً وفهماً لكينونتهم، فذلك أهمّ بكثير من تعليمهم القراءة والحساب.