شاركَ طلبةٌ من كليّة التربية في جامعة بيرزيت، مؤخّراً، في خمسةِ لقاءاتٍ حول توظيف الدراما في التعليم، نُظّمت ضمن تعاونٍ جمعَ "القطّان"، وجامعة بيرزيت، ومدرسة فلسطين المونتيسوري في رام الله.
وحضر الطلبة، مقسّمين إلى شعبتيْن، أربع محاضرات قدّمهما الباحث في برنامج البحث والتطوير التربويّ/مؤسّسة عبد المحسن القطّان، معتصم الأطرش، في الجامعة بمعدّل ستّ ساعاتٍ عمليّة، تعرّفوا فيها على أساسيات الدراما في بناء سياق متخيل للتعلم، واستحضار العالم إلى غرفة الصف من خلال الفعل والأيقونة والرمز، وأدوار مختلفة للمعلم والطلبة، وبعض الاستراتيجيات والأعراف التي يمكن توظيفها؛ إضافةً إلى زيارتهم حصّة تطبيقيّة في الدراما مع الأطفال.
حياتنا في الصورة:
لم تخلُ المحاضرات من نقاشاتٍ اجتماعيّة، أثارتها الدراما؛ ففي اللقاء الأوّل، مثلاً، قاد نقاشُ الطبقات الخمس لمعنى الفعل؛ الفعل نفسه والدافع والاستثمار والنموذج ومنظور الحياة، إلى حوارٍ عن الأمل والفرص، فلماذا نستيقظُ كلّ يوم ونمارس ما نمارسه، ومن علّمنا أن نسير في هذا الطريق؟
ثمّ اختار الباحث الأطرش صورةً لرجلٍ وامرأةٍ وطفل مُطأطئي الرؤوس، ويحيطهم غلافٌ شفاف، يبدو كالكيس، وطرح على الطلبة سؤالاً واحداً: "ما الذي يمكن أن يشبه حياتنا في هذه الصورة؟".
رأى الطلبة، أنّ هذه الأكياس قد ترمز للنظام الذي يُفرض علينا، أو تعبّر عن العادات والتقاليد التي تعزلنا عن التجربة، ومن الممكن أن تكون وسائلَ التواصل الاجتماعيّ التي تضع الحواجز بين أفراد العائلة، حتى لو كانوا في الغرفة ذاتها.
بينما رأى آخرون من زملائهم أنّها تعبّر عن مأوى، أو ببساطة تعزل الأشخاص عمّا يحيط بهم من جراثيم، وأكّدت طالبةٌ أنّ الأب هو من وضع طفله وزوجته في الأكياس بقصد حمايتهم، فتصاعد النقاشُ حول هذه النقطة، لتتحوّل الأكياس إلى المجتمع الذكوريّ الذي يخوّل الرجل لأنْ يمنع عائلته من أن يقرّروا بأنفسهم.
وفي المحاضرات اللّاحقة؛ جسّد الطلبة لحظة من الحياة عبر مشاهد؛ طارحين أسئلةً مثل: متى بدأ دخولنا إلى ذلك الكيس؟ وما هو الكيس الذي يطوقنا في حياتنا؟ وكيف يمكننا التحرّر منه؟
التطبيق
تضمّنت المرحلة الثانية زيارةً إلى مدرسة فلسطين المونتيسوري، حيث حضرتْ الشعبة الأولى من الطلبة الجامعيين درساً فعليّاً مع طلبة الصفّ الرابع طُبّقت فيه الدراما، ونفّذها المعلّم غسّان ندّاف، وهو طالبٌ في المدرسةِ الصيفيّة: الدراما في سياقٍ تعلّميّ التي ينظّمها برنامج البحث في "القطّان" سنويّاً، وأنهى المستوى الأوّل منها في آب الماضي.
شاهدَ الطلبةُ عن كثب كيف وظّف ندّاف الأعراف الدراميّة، وقاد تعلّماً في سياق متخيّل لسكان قرية يعانون من نقص في الموارد المائيّة، وعليهم وضع خطة ليثبتوا أنّهم قادرون على ترشيد استهلاك المياه والمحافظة عليها، وكتب الأطفال من داخل الدور، في السياق المتخيل، حلّاً لمشكلة المياه، ثمّ صمّموا تمثالاً كنصب تذكاريّ يخلّد ذكرى من أعادوا للقرية مياهها.
وستنضمّ الشعبةُ الثانية نهاية الشهر الجاري لحصّة تطبيقيّة مع المعلّمة والطالبة في المدرسة الصيفيّة للدراما مي الرفاعي، في المدرسةِ ذاتها.
ولم تنتهِ الزيارة قبل مناقشةِ الحصّة مع ندّاف، وطرح التأمّلات في تجربته، والاجتماع بمديرة المدرسة هانية الدجاني، التي قدّمت تعريفاً بنظام المونتيسوري في التعليم.
يُذكر أنّ هذه اللقاءات تمّت بالتعاون مع كليّة التربية في جامعة بيرزيت، ممثّلةً بالدكتورة خولة الشخشير؛ وتعدّ مقدّمةً لتعاون أكبر، يمرّ خلاله طلبة كلية التربية بتجارب أخرى في الدراما، ويتيح إمكانية انخراطهم في برنامج الدراما في التعليم في "القطّان".