نظّم برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان في 19 آب، لقاءً حواريّاً بعنوان "جراندايزر وسيلفر: تأمّلات في مفهوم البطولة"، استضاف فيه –عبر السكايب- الكاتب عبد الله البياري؛ الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، والمتخصّص بالنظريّة النقديّة.
وحضر اللقاء 50 شخصاً من معلّمين ومعلمات وروّاد مكتبة القطان، وأدارته علا بدوي مديرة مكتب البرنامج في غزة.
بدأ اللقاء بمشاركة البياريّ تجربته الخاصّة مع "جراندايزر وسيلفر"، متحدّثاً عن الجزء الشخصيّ والعلاقة الحميميّة مع أبطال الرسوم المتحرّكة، وعن البطل الخارق والبطل الإنسان، وكيف يمكن أن يحبّ الإنسان بطلاً مثل "جون سيلفر" رغم أنه قرصان.
وعرض البياري رؤيته لكيفية تكوَّن مفاهيم البطولة، وعلاقتها بالرسوم المتحرّكة، وتحوّلات المفهوم، وكيفية إدراكه وتداوله محلياً وعالمياً، وبخاصّة عبر ما تقدّمه المركزيّة الأمريكية والغربيّة.
وفي معرض رده على مداخلات المشاركين، عرض البياريّ أمثلة متنوّعة من الرسوم المتحرّكة والكومكس مثل كابتن ماجد، وعائلة بيونك (6 Bionic Six)، وجزيرة الكنز، وكابتن أمريكا، وفيونا وروبنسون كروزو، متناولاً ما أنتجته المركزية الأمريكية وثقافة الرجل الأبيض عبر الكرتون، كما تعرّض للتقسيمات الجندريّة للكرتون الياباني، وتوجّهات الإنتاج الثقافي بعد انتهاء الحرب هناك.
وتناول البياريّ التوجّه نحو البطولة كقدرة خارقة، من خلال قصّة "يقضم الأحجار"؛ وهي قصّة من الأدب الصينيّ تتحدّث عن شخصيّة ذات قدرة خاصّة على معرفة ما إذا كان الحجر مرّاً أو حلواً أو مالحاً أو حامضاً، بمجرّد لمسه، ليبيّن كيف يتمّ تناول القدرات الخاصّة والخارقة للفرد من ناحيتيّ العقل والمجتمع، فعِوضاً عن أن نتساءل عن صاحب هذه القدرة كإنسانٍ له أحلامه وخياراته، سيتحوّل صاحب القدرة إلى عيّنة مختبراتٍ للدراسة العقلية من قبل المجتمع، ولفحص إمكانات الاستفادة الجمعيّة من تلك القدرة.
كما تناول البياري نموذج "بيردمان" للبطل الأمريكي الخارق في فيلم (Birdman)، كمثال على البطل الخارق الذي تنتجه الثقافة الأمريكية، والذي يُتِمّ ما لم تستطع مؤسّسة الدولة إتمامه، لينتهي به الحال وحيداً محبطاً يعاني العزلة بعد انتهاء الحاجة إليه؛ متسائلاً: "ماذا لو حدث ما أراده البطل الخارق وانتهى الشرّ والأشرار؟ ألن يتمنّى البطل الخارق عندها وجودَهم مجدّدا؟".
وعمّا تعنيه البطولة، اختتم البياريّ حديثه قائلاً: "ما تعنيه البطولة بالنسبة لي أشياء عدّة؛ امتلاك المعنى، والقدرة على رؤية العالم بشكلٍ مختلف، والقدرة على إحداث التغيير".
وحاور الحضور البياري في سؤال الحريّة وتناوله في العالم وعالمنا العربي، وأشكال البطولة في الموروث الشعبي من قصصٍ وأدب، ونماذجها في الثقافة العربية، كشخصيّة "تودّد" الجارية في "ألف ليلة وليلة".
وشارك الحضور تجاربهم وذكرياتهم وأحلامهم مع الرسوم المتحرّكة، التي شاهدوها خلال طفولتهم، وتركت انطباعاتها وآثارها في حياتهم، وبخاصّة ما يتعلّق بمن اعتبروهم أبطالاً وأحبّوهم.
كما شارك الحضورُ البياري تساؤلاتٍ عديدة منها: ما الذي يجعلُ البطلَ بطلاً، وكيف تنبَني العلاقة بيننا وبين من نراهم أبطالاً في الحياة، وفي الرسوم المتحرّكة؟ وكيف تغيّرت الشخصيّات البطولية والتوجّهات التي تجسّدها من جيل إلى جيل، وعلاقة البطولة بالقدرات الخارقة، وبالجوهر الإنساني، وعلاقة العدوّ أو الخصم في تحديد معنى البطولة، وزمنية البطولة، وإن كان هناكَ تاريخ انتهاء صلاحيّة للبطل، أو ليكون المرء بطلاً، وغيرها من تساؤلاتٍ وأفكار.
وقالت المشاركة ريم راضي "كنت أميلُ للمسلسلات متل "هايدي" و"سالي"؛ البطولة عندي إنّك تفرّح إنسان أمامك، هايدي قدرت تغيّر كثير أشياء، وعن أمنيتي للبطولة أتمنى أكون غير مرئيّة".
وعبّرت المشاركة سمية رجب عن الحيرة التي شعرت بها إزاء الرسوم المتحرّكة في طفولتها والآن، قائلة "ونحن صغار تعوّدنا أن البطل شخصية خيرة وكلّ الصفات الحلوة فيه، بعدها صار انفتاح وصرنا نشوف البطل شرير، ومع ذلك نحبّه، صار لخبطة عندي كيف ومين نحب؟!".
وقال المشارك أحمد الفرا إنّ هناك تقصيراً من مجتمعنا بمعرفته عن البطولة، مؤكّداً: "فيما يتعلّق بالأبطال العرب، لازم نمسك التاريخ العربي، راح نطلّع قصص بطولية كتيرة، منها ألف ليلة وليلة، وحذاء الطنبوري".
وعن العالم الافتراضي والبطولة، قالت المشاركة خلود أبو حمادة "في عصرنا هذا نعاني من ازدواجية البطولة، نشاهد ونتابع أشخاصاً في العالم الافتراضي، ونتعامل معهم على أنهّم أبطال، لكن لما نقابلهم هم أشخاص عاديون، لكن هم يجيدون التسويق لأنفسهم، ممكن يكون في ناس أبطال، لكنها لا تبرز على شبكات التواصل الاجتماع - هناك أبطال مخفيون".
انطباعات المشاركين
وعن انطباعات الحضور عن اللقاء، أبدى المشارك مجدي خريس سروره باللقاء قائلاً "ناقشنا موضوعاً خارج إطار المألوف. من المشوّق البحث عن دور البطولة في حياتنا؛ نحن بحاجة إلى بطولة في حياتنا".
أمّا المشاركة آلاء مرتجى، فقالت "استمتعتُ جداً من خلال استرجاع ذكريات الطفولة؛ وأيضاً الاستماع لآراء المشاركين والانتقادات ووجهات النظر المعروضة".
وقالت المشاركة رانية المقيّد أنّ "اللقاء كان مميزاً وشيقاً، وأعطانا فرصة للتفكير في كيفيّة تناول موضوعه في المدارس؛ ومعرفة ما هو مفهوم البطولة من وجهة نظر الطلبة، وكيف ستكون رؤيتهم لصفات البطل من خلال الرسوم المتحركة التي يشاهدونها".