"تجربة جديدة.. كونها المرة الأولى بالنسبة لي أن أقابل صيادين وأحاورهم في ميناء غزة"، هكذا وصفت سارة السلوت (10 سنوات) عضوة في نادي الكتابة الإبداعية في مركز القطان الثقافي – غزة، زيارة أعضاء النادي إلى ميناء غزة البحري ومحاورة الصيادين، وذلك في سياق انطلاق أول أنشطة البحث والتقصي التاريخي حول شكل الساحل الفلسطيني الحر، وتاريخ الصيد على سواحل غزة. ويأتي هذا المشروع كأحد مشاريع البرنامج التعليمي التي ينظمها المتحف الفلسطيني ضمن فعاليات معرضه "بلدٌ وحدّهُ البحر: محطات من تاريخ الساحل الفلسطيني"، بالشراكة مع مركز القطان الثقافي–غزة.
ويهدف المشروع إلى تكوين مجموعة من الأطفال ذوي الميول الأدبية في المجال المسرحي، لقيادة عملية البحث التاريخي حول تجليات الصيد في غزة قبل نكبة العام 1948، بالاستناد إلى تجارب الناس والتاريخ الشفوي والمكتوب، من أجل تحويل المادة البحثية إلى عمل فني، من خلال مسرحية دمى، تتناول علاقة الصيادين الغزيين مع الساحل، وتوضح الفروقات بين الحاضر والماضي.
وحاور الأطفال المشاركون الصياد الفلسطيني زكريا بكر، نقيب جمعية الصيادين، والصياد خالد الهبيل، حيث أجابا عن الكثير من التساؤلات التي طرحها الأطفال حول أنواع المراكب وشكلها، وطريقة عملها، وعادات الصيادين في الصيد، وعائلات غزة التي كانت تعمل بالصيد قبل العام 1948، والمدن التي هاجر منها الصيادون إلى الساحل الغزّي.
نادي الكتابة الإبداعية هو مظلة إبداعية ثقافية تهتم بتطوير مجال التدريب في موضوعات التفكير الإبداعي، والكتابة الإبداعية متضمنة الشعر، والقصة القصيرة، والرواية، واليوميات، والمذكرات، والسيناريو، والمسرح، ... إلخ، إضافة إلى تنفيذ تدخلات ثقافية (فعاليات، ورشات، دورات) من أجل الاستقطاب والترويج لعمل النادي، ودمج المشاركين في المجتمع الأدبي.
يُقدّم معرض "بلدٌ وحَدُّهُ البحرُ" محطّات من تاريخ السَّاحل الفلسطيني في الفترة بين 1748 - 1948، ويتتبّع الإمكانيّات المُستقبليّة عبر إخضاع تجارب الماضي للتأمُّل والمراجعة. ينطلق المعرض من منتصف القرن الثامن عشر ويتوقّف عند العام 1948، مُتيحًا بذلك قراءة مُتجدّدة لحدث النّكبة عبر محطّات تاريخيّة امتدّت على طول مئتَي عامٍ من الزّمن.
هذا ويعرض المتحف في المعرض عملًا فنّيًا تركيبيًا للباحث أشرف حمدان، يقدَّم فيه الصيّاد الفلسطيني بعد مرور عقود على النَّكبة. يقوم العمل على تسجيلات صوتيّة ومقابلات ورسائل حديثة العهد لثلاثة صيّادين: الصيّاد محمّد أبو ريالة، الذي يعيش الحصار في غزّة، ونقيب الصيّادين في صيدا، جمال البلبيسي، والذي ينحدر من عائلة فلسطينية لها تاريخ في مهنة الصيد، وشيخ الصيّادين في قرية جسر الزرقاء، خليل جربان، الذي يعاني ظروف الحصار في قريته. يُظهر العمل رسائل هؤلاء الصيّادين الذين اقتُلعوا من مناطقهم السَّاحليّة أو حوصروا فيها، ترافقها صور لمناطق تواجدهم وصيدهم اليوم.