انطلقت من فلسطين، ووصلت إلى العالمية، إنها قصة "سبيل"، ليست اسماً لاسطوانة موسيقية فحسب، بل هي كذلك قصة مثابرة وصبر ثنائي موسيقي فلسطيني رسمتها ألحان أحمد الخطيب، عازف عود ومؤلف موسيقي، ويوسف حبيش، عازف إيقاعات، مبدعة بذلك حواراً موسيقياً جديداً بين العود والإيقاع.
صدرت أسطوانة "سبيل" التي يحمل الثنائي اسمها مطلع العام 2012 عن معهد العالم العربي في باريس، وبدعم من برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطان في فلسطين. وما أن صدرت الاسطوانة حتى تأهلت للمشاركة في مسابقة "توب ميزو" الموسيقية العالمية التي تنظمها قناة "ميزو"، أكبر قناة موسيقية في أوروبا، وحصلت على المركز الأول في فئة الجاز، منافسة بذلك أسماء عالميةً كبيرة. "النقطة الأساسية هنا أن الترشيح في هذه القناة يأتي من الناس، وليس من إدارة القناة وحدها، ما يعطي مصداقية أكبر، ويشعرني شخصياً بالفخر أن عملنا نال ثقة الناس وحاز على إعجابهم"، يقول حبيش. ويُعلق الخطيب قائلاً: "هذا النجاح برأيي يعطي صورة مختلفة عن فلسطين، فهذه ليست موسيقى أو أعمالاً فنية مجردة، بل هي نوع من الثقافة التي هي مرآة الشعب، وواحدة من أقوى الأسلحة التي تلعب دوراً في صمود الإنسان وصياغة وعيه، وإيصال صوته ولو عبر مضمون موسيقي يحمل اسم فلسطين".
وتأتي اسطوانة "سبيل" تتويجاً لزمالة فنية نشأت منذ العام 1998 بين الخطيب (37 عاماً) وحبيش (45 عاماً)، قاما خلالها بإنجاز مشاريع موسيقية متعددة بالشراكة مع فرق مختلفة. وقد بدأت فكرة اسطوانة سبيل منذ سنوات طويلة، ولكنها استغرقت وقتاً طويلاً حتى تفرغ لها الفنانان، فهي كما يصفها حبيش: "نضجت على نار هادئة على مدار أعوام طويلة، حتى بدأنا بها العام 2011".
وتحتوي اسطوانة "سبيل" على 11 قطعة موسيقية من تأليف الثنائي خطيب وحبيش دون تكرار لأي تراث موسيقى قائم، فقد كتبت خصيصاً لهذه الاسطوانة، واشترك الثنائي في تنفيذ التوزيع الموسيقي. وما يميز الأسطوانة أنها موسيقى شرقية بروح عصرية؛ فهي تحمل مضامين جديدة في عالم الموسيقى بدمجها بين العود كآلة عزف شرقية، وبانتمائها في الوقت نفسه إلى فئة الجاز الذي يعتمد في كثير منه على الارتجال.
وكانت مؤسسة عبد المحسن القطان، من خلال برنامج الثقافة والفنون، قد قدمت دعماً جزئياً لهذا الإنتاج الموسيقي في جوانب التسجيل والمزج والتكاليف اللوجستية اللازمة لإصدار الاسطوانة، وذلك كجزء من دور البرنامج في دعم مشاريع فنية مميزة، واستناداً إلى معاييره في الجودة والامتياز والجدية والأصالة. "إننا نشعر بالاعتزاز أننا جزء، ولو صغير، من قصة النجاح لهذا المشروع الذي هو مثار اعتزاز لكل العاملين في المشهد الثقافي في فلسطين"، يقول محمود أبو هشهش، مدير برنامج الثقافة والفنون في المؤسسة.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة عبد المحسن القطان، وإيماناً منها بالمستوى الموسيقي الرفيع الذي من شأنه أن ينتج عن التقاء هذين الموسيقيين المهمّين، قامت بإقرار منحة جديدة لإنتاج اسطوانة موسيقية ثانية للموسيقيين الخطيب وحبيش، تتضمن متتالية للعود والإيقاع والوتريات، ومن المتوقع إنتاجها في صيف العام 2012. كما تنظم المؤسسة أمسية موسيقية خاصة بالثنائي في تشرين الأول 2012 في لندن.
فيما يلي بعض مقاطع أسطوانة سبيل: