على مدار ساعة من الزمن، نقل الفنان العالمي مايكل راكوفيتش الحضور خلال محاضرة نظمتها مؤسسة عبد المحسن القطان برام الله، في رحلة بين مدن مختلفة كانت محط مشاريعه وأعماله الفنية التي تعمل في معظمها بصورة مباشرة مع الناس، وتتطرق إلى مواضيع سياسية واجتماعية عديدة.
وتحدث الفنان الأمريكي ذو الأصول العراقية عن مجموعة من مشاريعه وتجاربه وأعماله الفنية، ومنها: مشروع العودة" (Return)، ومشروع "غنائم" (Spoils)، وهو عبارة عن تدخل غذائي قُدِّم في مطعم يقع في بارك "أفينيو" بمدينة نيويورك، ومشروع "مطبخ العدو" (Enemy Kitchen)، الذي أطلق في العام 2003 وما يزال مستمراً حتى الآن.
ومن المشاريع التي تحدث عنها، أيضاً، "لا وطأة للعدو الخفي" (the invisible enemy should not exist)؛ وهو الاسم الذي أطلقه البابليون على القسم الشمالي من الشارع الذي كان يعبر بوابة عشتار (الموجودة حالياً في متحف البرغامون في العاصمة الألمانية برلين)، وتقوم فكرة المعرض على إعادة بناء مجسمات تحاكي الآثار المسلوبة من المتحف العراقي بعد الغزو الأمريكي للعراق العام 2003، باستخدام عبوات المواد الغذائية في منطقة الشرق الأوسط، وباستخدام الصحف العربية.
وحول هذا المشروع، قال المعماري والأنثروبولوجي خلدون بشارة، مدير مركز رواق الذي حضر اللقاء: "هناك علاقة بين الذاكرة والمادة، نحن لا نستطيع أن نتحدث عن الأشياء بغيابها، وغيابها يجعلنا نصنعها لكي نتمكن من الحديث عنها، فالمشروع الذي أعده عن الآثار المسلوبة التي صنعها من ورق، كانت أكثر شيء مؤثر فيه، وتحاول أن تجعل الناس العاديين يعرفون لماذا نحاول المحافظة على الأشياء المادية".
من ناحيته، قال يزيد عناني مدير البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان إن "المحاضرة تأتي في سياق مهم، ولإعادة تذكيرنا بمفهوم الفن، وماذا يعني العمل الفني لمجتمعات فيها أزمة اجتماعية وسياسية"، مضيفاً "ما يفعله مايكل هو فن يتحدث وينتج مع الناس، وكل خطوات مشاريعه لها مدلولات سياسية ومجتمعية وإثنية، ويثير مواضيع مجتمعية تكون أحياناً "محرمات"، ويضع هذه المشاكل كمرآة أمام الناس لتتناقش فيها".
وسيعمل راكوفيتش في ورشة عمل مع مجموعة من المعلمين وطلبة الفنون والهندسة المعمارية ضمن تعاونه مع مؤسسة عبد المحسن القطان، لإنتاج أعمال فنية ستعرض خلال المعرض الافتتاحي "أمم متعاقدة من الباطن"، لمبنى المؤسسة الجديد.
ويعمل راكوفيتش أستاذاً لنظرية الفن وممارسته في جامعة نورثويسترن (Northwestern University) في الولايات المتحدة الأمريكية، وظهرت أعماله في مجموعات رئيسية في الفضاءات الخاصة والعامة وفي محافل في شتى أنحاء العالم، بما فيها النسخة الثالثة عشرة من معرض "دوكيومنتا"، ومتحف الفن المعاصر (MoMA PS1)، ومتحف ماساتشوستس للفن المعاصر (MassMOCA)، ومعارض قلعة ريفولي (Castello di Rivoli)، والعديد من البياناليات العالمية.
كما أقام راكوفيتش معارض فردية عدة في لندن، ونيويورك، وتورينو، وإنزبروك، ونال العديد من المنح والجوائز لممارساته الفنية.
وحول مشاركته في الندوة وورشة العمل، قال راكوفيتش: "لي الشرف أن أعاود الاتصال بمجتمع أشعر بأني جزء منه، ويسعدني جداً العمل مع المعلمين والطلاب لإعادة إنتاج آثار فلسطينية باستخدام تقنية استعملتها في أعمال سابقة لي، وباستخدام مواد ستتحول لاحقاً إلى شيء مختلف".