انطلقت في 3/ 8 فعاليات "المدرسة الصيفيّة: الدراما في سياق تعلميّ" التي ينظّمها برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسّسة عبد المحسن القطان، للسنة العاشرة على التوالي في مدينة جرش الأردنيّة، بمشاركة 101 من المعلّمين والمعلّمات من فلسطين والأردن ومصر وتونس والمغرب وموريتانيا.
واشتمل حفل افتتاح المدرسة الصيفية على فقرات عدة من ضمنها عرض فيلم قصير عن تجربة المدرسة الصيفية خلال الأعوام العشرة، من إعداد لما رباح، الإعلامية التربوية في برنامج البحث، إضافة إلى كلمة الأستاذ اليوناني كوستاس أميروبوليس الذي انضم للهيئة التدريسية للمدرسة منذ انطلاقها في العام 2007.
وتُعقد المدرسة الصيفيّة سنويّاً منذُ العام 2007 لتكون برنامجاً مكثّفاً يتضمن مادة نظرية وتطبيقية في مجال الدراما في التعليم، يستهدف المعلّمين والمعلّمات ومربيّات مرحلة الطفولة المبكّرة.
وكانت المؤسّسة تلّقتْ 694 طلباً للمشاركة في المدرسة منذ الإعلان عن طلبات الالتحاق في كانون الثاني 2016، وعقدت ثماني ورشات لاختيار المشاركين في شهريْ نيسان وأيّار في الضفة الغربية وقطاع غزة، واختير 51 مشاركاً من فلسطين والوطن العربيّ، للانضمام لمساق مستوى سنة أولى موزعاً على ثلاث شعب؛ و29 مشاركاً للسنة الثانية موزعين على شعبتين، و21 مشاركاً للسنة الثالثة، أي لمستوى نيل شهادة الدبلوم في "الدراما في سياق تعلميّ".
ويشارك هذا العام ثلاثة من خريجي المدرسة الصيفية كمعلمين مساندين ومركزين للطلاب الجدد في الشعب الثلاث لمساق سنة أولى.
وقال وسيم الكردي المدير الأكاديمي للمدرسة، مدير برنامج البحث والتطوير التربوي، إن "هذا هو العام العاشر للمدرسة الصيفية، وقد تمكنتْ من خلق حالة تعليمية جديدة وخطاب تربوي يمكن أن يكون ملهماً كأحد مسارات التكون المهني للمعلمين، ليس في فلسطين فحسب، بل في العالم العربي أيضاً، وقد بدأنا نلمس تغيراً في خطاب المعلمين الذين انخرطوا في البرنامج منذ بداياته إلى الآن، وتحديداً في الممارسة التعليمية.
وأكد الكردي "لدينا حالياً ما يمكن أن نعتبره تراثاً تربوياً جديداً من معلمين وتجارب وتطبيقات صفية وكتابات تأملية واستضافات عالمية ومنشورات وترجمات، كلها تصب لخدمة تطلعات البرنامج المستقبلية، ونعمل حالياً لتتويج هذا العقد من العمل بمؤتمر دولي في العام القادم، نشارك فيه العالم تجربتنا ونتشارك مع العالم في تجاربه المختلفة.
وشدد الكردي على "أن المدرسة بتكوينها وعلاقاتها ومشاركيها تتميز بالانفتاح والتنوع، وهذا ما نعمل على الاستمرار فيه وتطويره، ولكن من المؤسف أن الذي يجري حالياً في العالم العربي ألقى بظلاله الإيجابية من ناحية، بحيث فتح أسئلة الحرية والعدالة مرة أخرى، وهي ما نراه أيضاً في سياق التعليم في فلسطين والعالم العربي، وبالمقابل فإنه انعكس سلبياً على عدد من المعلمين الذين لن يتمكنوا من الانخراط معنا هذا العام بسبب إجراءات السفر المعقدة، والتأشيرات التي بات من الصعب الحصول عليها. وفي هذا العام، سنفتقد أحد عشر معلماً ومعلمة من أصل 18 معلمة ومعلماً من قطاع غزة لن يتمكنوا من الالتحاق بالبرنامج، وسنعمل لاحقاً على بحث الكيفية التي تمكنهم من تعويض ذلك.
وتعتبر المدرسة الصيفيّة جزءاً بنيوياً من برنامجٍ طويل؛ فبعد انتهاء اللّقاء السنوي يقدّم المشاركون ملخّصاً لمساقات المدرسة الصيفيّة مدعوماً بقراءاتٍ يوفّرها برنامج القطّان للبحث والتطوير التربويّ، ويلي ذلك حضور المساق الشتوي في الكتابة البحثية؛ الذي يمتد على مدار ثلاثة أيام، ويتضمن ورشاً نظرية وتطبيقية هدفها مساندة ودعم المعلمين على إنهاء متطلباتهم الأكاديميّة.
وبعد الانخراط في المساق الشتوي؛ يترتب على المعلّمين بناء مخطّط أوليّ لتجارب تعليميّة صفيّة في ضوء المساقين الصيفي والشتوي، ثم تطوير المخطّط وتطبيقه في صفوفهم، ومع نهاية نيسان من كلّ عام، يخضع عملُ المعلّمين للتقييم من قبل الهيئة الأكاديمية للمدرسة الصيفية تمهيدا للالتحاق بالمستوى التالي.
بدورها؛ تحرص "القطّان" على تجديد المصادر التعليميّة والبحثية المتوفّرة للمشاركين باستمرار، وذلك بترجمة أحدث ما نشر عالمياً في مجال الدراما في التعليم؛ سواء كتب أو مقالات.
ويسعى البرنامج بشكل مستمر لإغناء برنامج المدرسة عبر الورش المسائيّة خلال المدرسة الصيفيّة التي تشمل استضافات في مجال التاريخ والثقافة والمسرح، وورشة في الكتابة السينمائية، وعرض فيلم فلسطيني، متبوعا بنقاش مع الجمهور.
كما تتنوّع خلفيّات الأساتذة وجنسيّاتهم؛ فيضمّ فريق الأساتذة كلّاً من وسيم الكردي (المدير الأكاديمي للمدرسة، ومالك الريماوي (فلسطين)، وكوستاس أميروبوليس (اليونان)، وماغي هلسون، وريتشارد كيران، وتيم تايلور (المملكة المتحدة)؛ وبيتر أوكونور (نيوزيلاندا)، إضافة إلى ثلاثة خرّيجين من المدرسة قد انضمّوا إلى هيئة التدريس هم: فيفيان طنوس، معتصم الأطرش، يوسف الخواجا.
من جانبها؛ قالت هلسون؛ التي انضمّت لهيئة التدريس العام 2012: إنّ تجربة المدرسة الصيفيّة عميقة إلى درجةٍ تدفعها إلى البكاء؛ ليس حزناً إنّما كردّ فعلٍ على ثراء التجربة، فالدراما تضعنا في مواجهةٍ مع أنفسنا، وتجعلنا نتقدّم على وعينا، فنجد أنّنا نتعلّم حتى من أنفسنا وعن أنفسنا؛ مضيفةً أنّها عملت خلال 30 عاماً في مهنة التدريس مع معلّمين من كوسوفو واليونان وكندا وغيرها من الدّول، وفي كلّ مرّة كانت تجد أنّه على الرغم من أنّ الصراعات التي يواجهها كلٌّ من هؤلاء المعلمين تختلف عن بعضها؛ بالقدر نفسه الذي تقرّبنا فيه الدراما من بعضنا البعض.