أصدر برنامج البحث والتطوير التربوي في مؤسسة عبد المحسن القطَّان، بالشراكة مع دار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن، بداية الشهر الجاري، الترجمة العربية لكتاب "قراءة العالم: ما يتعلمه الأطفال الصغار من الأدب" (Reading the World: what young children learn from literature)، للمؤلفة الجنوب أفريقية ساندرا سميت.
وشارك في الترجمة كل من الناشطة الثقافية والمترجمة سيرين حليلة، والطبيب والأكاديمي الفلسطيني/المصري عبد الله البياري، ويأتي الكتاب في 244 صفحة من القطع المتوسط، ويتوفر في مكتبة ليلى المقدادي القطان في رام الله، كما يتوفر قريباً في الأسواق.
وللمؤلفة سميت العديد من الكتب حول خصائص مرحلة تطور الطفولة المبكرة، ولعل أحدثها كتابها حول أعمال جيروم برونر. وتسعى سميت إلى أن تجعل غير المتاح متاحاً، وأن تفتح باب التفكير الأكاديمي لهؤلاء الذين ينتمون إلى خلفيات غير أكاديمية، وهي، مثل برونر، تؤمن بأن القصص توفر لنا طريقاً لفهم العالم الذي نعيش فيه.
وعن فكرة ترجمة هذا الكتاب، تقول حليلة: "في النصف الثاني من العام 2018، التقيت بأحد أصدقائي القدامى الذي لم أره منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكان في صغره متفوقاً في العلوم والرياضيات، وحقق نجاحاً كبيراً في المجال التقني، وسألني: لماذا نقرأ الأدب؟ ما الفائدة منه؟ دهشت قليلاً من السؤال، والأهم من ذلك أن هذا السؤال طرح عليَّ بينما كنت على وشك البدء في ترجمة هذا الكتاب "قراءة العالم: ما يتعلمه الأطفال الصغار من الأدب"، بتكليف من مؤسسة عبد المحسن القطان. ضحكت وسألته: "هل هذا سؤال جدي؟ لم يطرحه أحد عليَّ من قبل". فأكد لي أنه جدي فعلاً في سؤاله، وهو يطرحه لأنه يعرف كم أحب الأدب والقراءة بشكل عام، ولكنه، رغم محاولات خجولة، لم يشعر أبداً بجدوى الأدب، ولهذا السبب لا يقرأه على الإطلاق. مع ذلك، يبدو أنه شعر، مؤخراً، بافتقاده شيئاً ما قد يكون موجوداً في الأدب، ولكن، ولأن عقليته "علمية بحتة"، فإنه يحتاج إلى برهان وسبب مقنع لهذا الاعتقاد. مختصر إجابتي كان "لأن الأدب عين على الحياة وعلى النفس، ومن خلاله يمكن لنا أن نفهم العالم ونفهم أنفسنا". وحين بدأت بقراءة وترجمة كتاب ساندرا سميث، تمنيت لو قرأه صديقي وكثيرون غيره، لا أن يقتصر الأمر على المهتمين بالعمل مع الأطفال أو بأدب الأطفال بشكل خاص، والأدب بشكل عام. فمن يعمل في هذا الحقل، يعرف في قرارة نفسه/ـا أن عالم الأدب هو الذي يفتح عوالم الخيال، ويستنبط الأمل من الألم، ويبني الطبقات المختلفة للشخصية الإنسانية التي ترى نفسها جزءاً من هذا العالم وامتداداً للبشرية، وبداية لها، ولكن هذه القناعة قد لا تنسحب، بالضرورة، على كل الناس الذين يشكلون المجتمع الأصغر والأكبر الذي تتربى فيه الأجيال".
وتضيف: يعطينا هذا الكتاب مفاتيح مختلفة للكيفية التي يمكن بها للأطفال الصغار، والعاملين معهم، وأهاليهم، التعامل مع الأدب –المكتوب، والشفهي، الشعبي وغير الشعبي- وعن المهمة المعقدة لمترجمي كتب الأطفال، والطفل كحكواتي، والعلاقة الوثيقة بين الأدب واكتساب اللغة، والأدب والحكي والمسرح، وغيرها من المواضيع الشيقة والحيوية الملهمة. يوضح هذا الكتاب اتجاه البوصلة لمن ينتج أدب الأطفال، ومن يقرأه ويستخدمه، اتجاهاً واضحاً لا لبس فيه: يركز على معرفة الأطفال وحياتهم ومفاهيمهم العفوية، كما يعطي أهمية للغة المحكية، كما المكتوبة، حين نتحدث عن الأدب".
وتقول حليلة: "خلال عملي على ترجمة هذا الكتاب –بالتعاون مع صديقي عبد الله البياري- تمنيت لو كانت هناك إمكانية لتعريبه، واستخدام مراجع عربية وقصص باللغة العربية، لكن إطار العمل كان مقتصراً على الترجمة فقط. أمنيتي أن يلهم هذا الكتاب آخرين لتأليف كتب أخرى تتحدث عن هذا الموضوع، ولكن من منظور الأدب المحكي والمكتوب باللغة العربية، والبناء على أبحاث عربية على غرار الأبحاث الميدانية العديدة التي تشير إليها الكاتبة بناء على تجارب داخل غرف الصف المدرسية وخارجها".