غزة – (مؤسسة عبدالمحسن القطان)
نظّم برنامج البحث والتطوير التربوي/مؤسسة عبد المحسن القطان، في غزة، مؤخّرا، ورشة عمل حول الفن والعلوم بعنوان "رمادٌ وطين"، قدمتها الفنانة رنا البطراوي، وشارك فيها مجموعة من المعلّمات والمعلّمين المنخرطين في البرنامج، وذلك في إطار التّحضيرات لمهرجان أيام العلوم في فلسطين 2019.
جرت الورشة عبر شِقّين من العمل؛ أحدهما نظريّ، تناولت فيه الفنانة تجربتها لإنتاج معرضها الشّخصيّ، الذي حملت الورشة عنوانه، والآخر عمليّ، جرّب فيه المعلّمون والمعلّمات التعامل مع عيّنات من الرّماد في إنتاج لوحاتٍ فنّية عبر العمل في مجموعات.
واستكشف المشاركون خلال الورشة مجموعة من أعمال الفنانة الخاصّة بمعرضها الأخير "رماد وطين"، وتأملوا في عددٍ من المنحوتات واللّوحات والصّور، وسجلوا تساؤلاتهم حولها.
وتحدّثت البطراوي عن تجربتها "رماد وطين"، وكيف انطلقت في رحلة بحثٍ وتعلّم واستكشاف لمدّة عامٍ ونصف، جمعت عبرها رماداً لمواد مختلفة من الطبيعة، كأوراق أشجار الحمضيّات، والأخشاب، والصّحف، وشرحت كيف تعاملت مع هذه المواد عبر تعريضها لظروفٍ متعدّدة، ومُراقَبة النتائج، والتّفكير والتّجريب في ما يمكنها إنتاجه منها، إضافةِ إلى ما خاضته عبر رحلتها من مشاعرَ متنوّعة، كالخوف والغموض والتحدّي وعدم الاستسلام للفشل.
كما شاركت البطراوي أفكارَها حول ما يعنيه لها الرّماد، وما استدعاه العملُ عليه من ذكرياتٍ وخبراتٍ، وتجاربَ سابقةٍ في حياتها الشخصية وحياةِ مدينتها غزّة، وعن رؤيتها له كفعل ولادةٍ ونضالٍ وإبداع، بعد عناءٍ واحتراقٍ وموت.
وقالت البطراوي: "فجأة ... لَفَت انتباهي الرّمادُ في المِنفَضة، لم أفهمْ لحظتها لماذا شدّني .. صرتُ أسأل نفسي لماذا شدّني، وصرتُ أفكّر وأفكّر، لأجدَ لديّ مخزوناً بصريّاً وفكرياً ووجدانياً، فضلاً عما تختزنه الذاكرة، من مدينتي غزة، لاسيّما خلال الحروب والاعتداءات التي تعرّضت لها، ومن مدنٍ أخرى، زرتها في الضفة الغربية، حيث الكتل والأسوار الإسمنتيّة".
ورأت البطراوي في الورشة فرصةً لفتح آفاق جديدة، مؤكدة أهميّة السّعي لفتح هذه الآفاق في الفنون البصرية، والتأكيد على الابتعاد عن السّرد التقليدي في التربية.
في الجزء الثاني من الورشة، جرّب المشاركون التعاملَ مع عيّناتٍ من الرّماد والماء والغِراء، لإنتاج أعمالٍ فنّية، عبر التّجريب الُحرّ ضمن العمل كمجموعات، ثم قاموا بتأمّل وقراءة اللوحات التي أنتجوها، وتشارُك رؤاهم للمعاني التي تحتملها، والتي يعتقدونها بشأنها.
كما سرَد المعلمون والمعلمات ما فكروا فيه وشعروا به خلالَ عملهم معاً في التجريب، حيث قالت المشاركة دينا أبو ديّة "في الأوّل كنّا مش عارفين شو بِدنا أو شو ممكن نعمل، صِرنا نجرّب، فكّرنا بالرّماد إنه شيء يتعلّق بالأرض، حتى وصلنا لفكرة إنتاج "ميدوزا خاصّة بنا ... من تلك الأسطورة التي تحوّل البشرَ إلى حجر".
وقالت المشاركة ميسرة أبو شعيب "لم نكتفِ بالرمّاد، صرنا نجرّب، فكّرتْ أنا بشيء آخر مختلف ممكن أضيفه، واستفدت من ورق المحارم، لعمل عجينة مع الّرماد لإبراز ما أريده باللوحة من معانٍ، وصار كلّ شخص فينا يضيف فكرة وهكذا ...".
أمّا المشاركة سعاد الجوجو، فعبّرت عن المعاني التي رأتها في لوحة مجموعتها حول شجرة الليمون بأنّ "الموت لا ينتهي، ولا يُنهَى، دوماً تُخلَق حياة جديدة، كثيراً ما نشعر نحن المعلّمات بالتّعب لدرجة أننا نتوقع الموت، وفي لحظة كهذه أفكر بالليمون، فخطر ببالي تحويل الرّماد إلى شجرة ليمون تُجدّد الحياة".
بينما رأت مجد الحلبي أنّ الوردة التي أنتجتها من الرّماد، هي رسالةٌ، تقول: "مهما انكسرنا، وذهب صوتنا، وأخذتنا المشاكل، ما لازم تروح منّا الحياة".
وعن تجربتها في إنتاج اللوحة، قالت لورين بصل "أول شيء وضعنا الرمّاد، ونثرناه متل البودرة، جرّبنا نعجنه صار لدينا شكل مختلف، وصرنا نشتغل على الأشكال المختلفة التي نتَجت ونجرّب ونفكر فيها".
وقال المشارك بشير الرّش "خرجت من الورشة بأفكار متعدّدة، سأبني عليها مع طلابي، وبخاصّة ما يتعلّق بمفاهيم العلوم، وكيف أجعل الطلبة يحبّونها ويحبّون التعلّم".
وأكدت حنان الأطرش أهميّة الورشة لها في أنها "بتعلّم كيف نفكّر؟ وكيف نجرّب؟ وكيف أصنع شيء من أشياء متنافرة، وكيف أكون مرنة بتغيير أهدافي والعمل على التجريب والاكتشاف".