نظمت مؤسسة عبد المحسن القطان، السبت 13/4/2019، ورشة حوارية حول الفن والنشاط السياسي، قدمها الفيلسوف البلجيكي ليفين دي كوتير، بحضور مجموعة من الفنانين والناشطين في مجالات فنية متنوعة.
وانطلق كوتير في النقاش من تعريف النشاط السياسي والاجتماعي بحصره في النشاطات ذات الأثر المادي المباشر، نافياً هذا التعريف عن الأفعال التي تصب في البناء المعرفي أو الفن فقط، وبذلك تخرج الأعمال الفكرية والأكاديمية من كونها نشاطاً سياسياً اجتماعياً.
وأضاف "إنه لتعريف الفعل على أنه نشاط، يجب أن يكون قابل للقياس بحسب معايير النجاح والفشل، أي حسب ما يحققه من أثر مادي ملموس، كتغيير في سياسات المؤسسة الحكومية في النظام الديمقراطي".
وأشار كوتير إلى أنه يتبنى هذا الفهم للمصطلح من جذوره الأوروبية بالأساس، حيث يتطلب نجاح أو فشل النشاط السياسي وجود دولة ديمقراطية تحمل مفاهيم المواطنة، يتم داخلها هذا التفاعل الجدلي بين كيان الدولة والمجتمع، ليصب في نهايته إما بتحقيق المطالب، وإما رفضها.
وتطرق ضمن هذا التقسيم إلى مفهوم الفضاءات الأخرى "الهيتروتوبيا"، التي تشكل المساحات التي تنتج معرفة وفكراً خارج السياسة والاقتصاد، مثل الجامعات والمؤسسات غير الحكومية. فهذه الفضاءات لا تحدث تغييراً مباشراً في شكل عمل المنظومة السياسية، بل تعمل كإحدى الوسائل لبناء عمليات تراكمية من التنمية المعرفية والتواصل مع المجتمع على المدى الطويل، وليس كأهداف ذات نهايات محددة.
وتأتي هذه الورشة ضمن برنامج الندوات السنوي متعدد التخصصات الذي تنظمه مؤسسة عبد المحسن القطان، ويعمل هذا البرنامج على جمع أكاديميين وباحثين ومحللين وصانعي ثقافة إقليميين وعالميين، بهدف إثارة قضايا ملحة في مجالات الفن والسياسة والمجتمع.
ويتمحور البرنامج حول تبادل الاتجاهات الفكرية والنقدية المختلفة، والتعرف على طرق عمل الأكاديميين في بناء وتشكيل الأفكار والمعاني، ويأتي ذلك كمحاولة لإعادة تفكيك هذه القضايا على مجالات واسعة، مستندة إلى النظر إلى الثقافة في إطار أوسع من سموها وقيمتها الجمالية، بما يشمل كونها واحدة من المنابر القليلة الباقية في المنطقة التي تنتج المعرفة النقدية، وتحفز على التغيير المجتمعي والصمود والخيال السياسي.
يشار إلى أن ليفين دي كوتير هو فيلسوف ومؤرخ فنّي وكاتب وناشط بلجيكي، يدرِّس فلسفة الثقافة في دائرة الهندسة المعمارية بجامعة لوفان الكاثوليكية، والمعهد الملكي للمسرح والسينما والصوت (RITCS)، وله ما يقارب اثنا عشر كتاباً منشوراً، تناول فيها مواضيع الفن المعاصر، والتجربة والحداثة.