نظمت وحدة التكون التربوي/برنامج الثقافة والتربية في مؤسسة عبد المحسن القطَّان، بتمويل مشترك مع مؤسسة دروسوس، خلال الفترة بين 13-15 تموز 2021، مساقاً صيفياً لمسار الدراما في التعليم، وذلك بحضور 24 معلماً ومعلمة من مختلف التخصصات، ومن مناطق مختلفة في الضفة، و10 من المعلمين والمعلمات من قطاع غزة، شاركوا بالتزامن عبر تقنية "زووم"، وذلك بإشراف وتنفيذ الباحثين معتصم الأطرش في رام الله، وغسان أبو لبدة في غزة، إضافة إلى مشاركة المعلمين ثائر صلاح، وسماح موسى، كمساندين في المساقات، وهما من خريجي المدرسة الصيفية: الدراما في سياق تعلمي.
وهدف المساق إلى تمكين المشاركين من الربط بين ما يختبرونه ويطورونه من معرفة ومهارات وفهم داخل المساق، وبين ممارستهم في الغرفة الصفية في إطار احتياجات الطلبة ومتطلبات المنهاج. كما ركز المساق على آليات واستراتيجيات تطوير التفكير الناقد لدى الطلبة، من خلال توظيف الدراما، وتعزيز القدرة لدى المشاركين على البدء في التخطيط من منظور احتياجات طلبتهم ومواد تدريسهم، لتطوير مخططات تعليمية قابلة للتنفيذ داخل الصف.
انطلق المساق من دور المعلم وأهمية أن لا ينحصر ذلك الدور في تمرير المنهاج، بحيث يطور المعلم عمله ودوره في بناء وتوظيف سياقات تعلم فعال، تجعل دور المعلم يتخطى حدود الغرفة الصفية إلى سياق المدرسة والمجتمع بشكل عام.
وتركز سياق العمل في اليوم الأول على تطوير قدرة المشاركين على تحليل المصادر من قصص ودروس ونصوص لاختيار مواضيع تعلم تمس حياة الطلبة واهتماماتهم واحتياجاتهم، وتشجع على التحليل والنقد والاستكشاف من منظورات متعددة.
وانخرط المشاركون في اليوم الثاني في دراما تكونية مبنية على قصة قصيرة بعنوان "الرضيع" للكاتب الإيطالي ألبرتو مورافيا، حيث وازنت التجربة بين تمرير مهارات توظيف الدراما للمشاركين كمعلمين، وبين انخراطهم واستكشافهم للموضوع وصنع المعنى لأنفسهم.
وركز اليوم الأخير على أهمية "المعايشة" في الدور في السياق المتخيل، من خلال توظيف استراتيجية "المعلم في دور" بأشكال ومستويات متعددة، كما تم التركيز على ممكنات الدور الغنية التي يمكن للمعلم استثمارها في التنقل بين الدراما والواقع، وبدأ المشاركون التخطيط من أجل تطوير مخططات قابلة للتطبيق في الغرفة الصفية، وتم عرض بعض المخططات ومناقشتها.
عبر المشاركون من مجموعة غزة عن غنى التجربة، وكيف أثرت في منظورهم كمعلمين، حيث قالت المعلمة لجين شراب من مدرسة البسمة الحديثة في قطاع غزة: "كانت تجربة غنية جداً، من خلالها أيقنت أن دور المعلم لا يقتصر على المادة العلمية التي يقوم بتدريسها، وإنما بإتاحة الفرصة للطلاب بإنشاء أنفسهم والتعرف على أبعاد شخصيتهم المختلفة، وعدم الخضوع أو الاستسلام لما حولهم؛ سواء من أفكار أو ظروف أو أشخاص، وإنما بنقدها وتقييمها وتحسينها أيضاً. كمعلمة من قطاع غزة، أتمنى الاستمرار في مثل هذه المساقات، وتحسين ظروف التدريب ليكون وجاهياً مع المدربين من الضفة الغربية حتى تكون الاستفادة أكبر".
أما المعلمة إخلاص سدر من مدرسة الدرج (أ) في قطاع غزة، فقد عبرت عن شغفها بالتجربة رغم تحديات المشاركة عن بعد، مشيرة إلى أنه "على الرغم من أن اللقاءات الثلاثة كانت عبر التعلم عن بعد، فإن التجربة كانت مليئة بالشغف، فكان تعلم الدراما أشبه برحلة تعليمية عبر آلة الزمن محركها الأفكار والخيال".
وعبرت المعلمة رجاء فرح من مدرسة بنات بيتونيا الثانوية عن شغفها وعن تأثير المساق على رؤيتها لدورها، وكيف بدأت ترى أن دورها كمعلمة يتعدى حدود الصف، مضيفة: "حرّرتني اللقاءات الأخيرة من صوت المعلم في قاعات الانتظار والتعليم البنكي والسياق التقليدي، فأصبحت شغوفة بسياقات التعلم الفعال، ومنها "الدراما التكونية"، وهي أكثرها جذباً لاهتمامي. تأثير الدراما خاصّتي لا بدّ أن يتّسع ويتنقّل في جميع الاتجاهات من غرفة الصف إلى المدرسة إلى المجتمع، لينمّي حقول المعرفة المختلفة، ويطور التكون المهني لديّ، ويرتقي بالطالب".
وأكد المعلم أحمد عواودة من مدرسة ذكور بني حارث الأساسية على أثر المساق في تمكنه من اختيار الدرس المناسب، واستعداده لنقل التجربة إلى صفه قائلاً: "بعد المساق الصيفي؛ أشعر أن لدي قدرة على إدارة حصة درامية بنوع من التمكن، وسأترجم هذا الشعور على أرض الواقع بحصة صفية لدرس قمت باختياره مؤخراً".
كما عبرت المعلمة براءة الطيبي من مدرسة محمود أبو غزالة عن تأثير الدراما في شخصيات المشاركين أنفسهم كمعلمين ومتعلمين، وتعمق الفهم لدور الدراما، وأثرها على الطلبة، مضيفة: "ما مارسناه من لعب أدوار كان له من الأثر العميق أولاً على نطاق شخصياتنا كأفراد مشاركين، وثانياً أثر فينا على تعميق معنى الدراما، وكيف أنها تحتوي على ممكنات ومكنونات التربية والتعليم، وهذا بالتالي سينعكس إيجابياً على طلابنا، وهم الهدف الأول في مسيرتنا الدرامية التعليمية".
بدورها، تحدثت المعلمة سناء عبده من المدارس الإنجليزية الحديثة عن استنتاجها لأثر الدراما على الطلبة قائلة: "الدراما التي تقود إلى التعلم تقوم على تعزيز مفهوم التفكير والتحليل والاستكشاف، وتؤثر تجارب الطلاب في عالم الخيال على شخصيتهم في الواقع، فالطلاب يعيشون الحدث الذي يخلقونه، ويكتشفون مع معلمهم اللحظات الراهنة هم مساعدون في عمل استكشافي ومحللون، وهذا يساعد على خلق جيل واعٍ قادر على اتخاذ القرارات".
وأضافت المعلمة يافا أحمد من مدرسة بنات سرطة الثانوية، عن أثر الدراما على الطلاب والتعلم: "من خلال مشاركتي في المساق وجدت أن الدراما تلبي الأهداف المعرفية مثل التذكر والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب، والأهداف الوجدانية مثل تقبل وجهات النظر المختلفة بحب واحترام، والأهداف المهارية مثل الاستجابة والابتكار. الدراما تعمل على الجانب الواعي واللاواعي للطالب والمعلم، الجانب اللاواعي يتعلق باكتشاف أعماقنا من خلال تبطيء الزمن (توظيف الأعراف)، واتحاد الواعي مع اللاواعي يعزز التعلم والاستقصاء واكتشاف الذات".
يذكر أن هذا المساق يأتي استكمالاً لمساقات سابقة، وسيتبعه لقاءان استكماليان مطلع الشهر القادم للمجموعة، للشروع في تطوير وتجريب مخططات بدأ المشاركون في بنائها فعلياً في هذا المساق لتكون قابلة للتطبيق مع بداية السنة الدراسية القادمة.