رام الله – (مؤسسة عبد المحسن القطان):
قالت الكاتبة الفلسطينيّة سعاد العامريّ أن دمشق لعبت دوراً كبيراً في صقل شخصيّتها، لأنّها عاشت فيها بعد أنّ هُجر أهُلها من القدس إلى عمّان ثم دمشق، فكانت يافا المنشأ الأصلي لأبيها بعيدةً عنها، فعوضتها بدمشق، جاء ذلك أثناء حفل إطلاق روايتها "دمشقي"، السبت 20 تموز، في مؤسسة عبد المُحسن القطّان.
تروي العامري في روايتها مسيرةَ ثلاثةِ أجيالٍ في دمشق، بدايةً بجدّها التاجر الدمشقيّ الغنيّ ذي الـ28 عاماً، وجدّتها بسيمة عبد الهادي -من بلدة عرّابة- ذات الـ14 ربيعاً، وطريقة تعارفهما وزواجهما وانتقال جدّتها إلى دمشق العام 1889. ثمّ تنتقل إلى قصّة أبويها العام 1950، وتنتهي بقصّتها وقصة ابنة خالتها "نورما" في الزمن الحديث، حيث تعتبر "نورما" الخيط الذي يربط بين الأجيال الثلاثة.
ولعبت "الأمومة" دوراً رئيسياً في بناء الرواية، فقد اعتبرت العامري أن الأمومة لا تختلف في مفهومها، سواء أكانت عن طريق أمّ بيولوجية أم عن طريق التبنّي، فالشعور الأسمى هو شعور الأمومة، بغض النظر عن الطريقة التي نحصل فيها عليه.
وتعتبر الرواية سيرةً ذاتيّة لحياة العامريّ، إذ شاركت فيها تفاصيل حياة عائلتها، وطريقة عيشهم، وجمال دمشق وسوريّا، من خلال وصف بيت جدّها كنموذج عن البيوت الشاميّة، والأكلات وأصناف الأطعمة السوريّة.
لكّن "دمشقي" تختلف عن سابقاتها من إنتاجات العامريّ، كانت في الروايات السابقة تشعر أنّها حكواتيّة أكثر من كاتبة، تروي قصصاً سريعة وقصيرة تتحدّث عن الحياة الفلسطينيّة اليوميّة في ظلّ الاحتلال الإسرائيليّ، لكّنها في "دمشقي"، أخذت وقتاً طويلاً لكتابتها، كما شكلّت نقلةً نوعيّة في سردها للأحداث، وتركيزها على حياتها من خلالها.
وتُعدّ الرواية "نسويّة" بامتياز، فقد ركزت العامري فيها على الشخصيات القويّة في حياتها، بدءاً بخالتها "سُعاد" الآمرة في البيت، وحتّى والدتها التي لا تخاف من شيء -على حّد قولها- فكانوا سبباً رئيسياً فيما هي عليه الآن، وترى أن التركيز على الجانب النسويّ لم يكن مقصوداً، إنّما كانت الشخصيات المؤثرة هي النساء في الرواية.
وقالت العامريّ أنّ الدافع لكتابة الرواية ليس وليد الحاضر، وإنّما بدأ التفكير فيه عند إصدارها رواية "شارون وحماتي" العام 2003، حيث تحدثّت في روايتها عن دمشق بشكلٍ بسيط، وهنا بدأ التفكير بكتابة رواية خاصة عن تاريخ دمشق من خلال قصّة حياتها.
وتستعد العامري لكتابة رواية جديدة عن يافا، ولكنها تقول إنها تجد صعوبة في الكتابة عنها، كونها لم تترعرع فيها، وعندما عادت إليها حديثاً، شعرت بأنها غريبة عنها، وكل معلوماتها حولها جاءت من التسجيلات الصوتية التي جمعتها حولها، وليس من تجربة معاشة كما حدث مع دمشق.
ويأتي إطلاق رواية "دمشقي" ضمن سلسلة إطلاقات الكتب التي تنظمها مؤسسة عبد المحسن القطان، احتفاءً بالكتاب وبإنتاجاتهم في الحقول الأدبية والأكاديمية، ولتشجيع الجمهور على قراءة آخر ما ينشر عربياً وعالمياً، وذلك إضافة إلى مسابقة الكاتب الشاب التي تنظمها مؤسسة عبد المحسن القطان سنوياً.
يشار إلى أن الرواية صدرت عن دار المتوسط في إيطاليا، وقام بترجمتها بالتعاون مع الكاتبة عن الإنجليزية عماد الأحمد، وقامت دار الرقمية في رام الله بإصدار طبعة خاصة بفلسطين من الرواية التي تقع في 286 صفحة من القطع المتوسط.