احتفل في مقر مؤسسة عبد المحسن القطان، في رام الله في 10/ 4، بإطلاق مشروع الفنون الأدائية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبالشراكة بين مؤسسة "القطان" وإحدى عشرة مؤسسة شريكة في برنامج الفنون الأدائية الذي تديره المؤسسة، وهي (أبجدياً): أيام المسرح، جمعية الكمنجاتي، فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، مدرسة سيرك فلسطين، مركز الفن الشعبي، مسرح الحارة، مسرح الحرية، مسرح عشتار، مسرح نعم، معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، معهد الماغنيفيكات.
وأشار زياد خلف المدير العام لمؤسسة عبد المحسن القطان في كلمة له خلال الاحتفال، إلى أن المشروع الذي يمتد لسنتين "بدأ في شباطِ الماضي، بمنحةٍ من الاتحادِ الأوروبيِّ تبلغُ 965 ألف يورو، وبميزانيةٍ إجماليةٍ تصلُ إلى 1.2 مليون يورو، وتقومُ بتنفيذِه إحدى عشرةَ مؤسسةً وهي من أنشطِ المؤسساتِ الفاعلةِ في مجالِ الفنونِ الأدائيةِ في فلسطين"، مبيناً "أن هذه المجموعةُ من الشركاءِ تُشكّلُ نواةَ إنشاءِ الشبكة، وقد توافقتْ على أن يتمَّ تسجيلُ الشبكةِ رسمياً خلالَ العامِ 2014، كما اتفقتْ على أن يتمَّ فتحُ بابِ العضويةِ بعد التسجيلِ ضمنَ شروطٍ وآليةٍ يتم العملُ حالياً على تطويرِها".
وأوضح خلف أن أهمية هذه الشبكة تكمن في "أنَّ الثقافةَ هي أساسُ الكينونةِ الإنسانيةِ، وعمادُ عمليةِ التنميةِ المستدامة، وبالأخذِ بعينِ الاعتبارِ ما يتهددُ مجتمعنَا من الاحتلالِ الإسرائيليِ وتبعاتِه، الذي يواصلُ انتهاكَ حقوقِنا الوطنيةِ ومبادئِ حقوقِ الإنسان، بما في ذلك حقوقُنا الثقافية، ومع تعمُّقِ التشرذمِ والتفكك، فإنَّ الشبكةَ ستعملُ على وضعِ الثقافةِ بشكلٍ عام، والفنونِ الأدائيةِ بشكلٍ خاص، على سلّمِ الأولوياتِ الوطنية".
ولفت إلى أن "الشبكة ستعملُ على زيادةِ التنسيقِ مع القطاعِ العام، وبخاصةٍ وزارتي الثقافةِ والتربية، كما ستلعبُ دوراً فاعلاً في المشاركةِ في وضعِ السياسات، وستقومُ، حيثُ يلزم، بحملاتِ الحشدِ والمناصرةِ لزيادةِ الوعيِ المجتمعيِّ بأهميةِ الفنونِ الأدائية، وللتأثيرِ على صانعي القرارِ والدولِ المانحةِ والمؤسساتِ الأجنبية. كما ستعملُ على التعاونِ مع الشبكاتِ الشبيهةِ إقليمياً ودولياً".
وأضاف خلف: "من خلالِ إنتاجاتٍ وفعالياتٍ فنيةٍ إبداعية، ستعملُ شبكةُ الفنونِ الأدائيةِ على تحفيزِ الحوارِ المجتمعيِّ حولَ أمورٍ حياتيةٍ مهمّة، وستشجعُ التعبيرَ عن الذات، واحترامَ الاختلافِ والتعددية، وستعملُ أيضاً على ترويجِ الخطابِ الفنيِّ الفلسطينيِّ في الخارج. ولا ننسى الفرحَ والمتعةَ التي سيجلبُها أعضاءُ الشبكةِ لمجتمعٍ يعاني من الصدمةِ وأوضاعٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ قاسية".
وبين أنه "على صعيدِ الشركاء، ستعمل الشبكة، وبمنهجيةٍ تشاركية، على بناءِ الرؤيا، وزيادةِ التنسيقِ والمشاركةِ في المعلوماتِ وفي الخبراتِ الفنيةِ والتقنية، وتحفيزِ العملِ المشترك، وتطويرِ القدراتِ الفنيةِ على صعيدَيْ الأفرادِ والمؤسسات، والممارساتِ الإداريةِ والمالية، واستخدامِ المواردِ بكفاءةٍ أعلى لزيادةِ الاعتمادِ على الذات".
وأوضح خلف أن "منحة مشروعِ الفنونِ الأدائيةِ تُشكّلُ المنحةَ الثالثةَ من الاتحادِ الأوروبيِّ التي تديرُها المؤسسةُ، ففي العامِ 2004، تم الحصولُ على تمويلٍ مشاركٍ مع الاتحادِ الأوروبيِّ للمشروعِ الفلسطينيِّ للمرئي والمسموع، الذي ركّزَ على تطويرِ قدراتِ العاملينَ في مجالِ السينما، وإنشاءِ نوادٍ للأفلامِ في المدارس. وفي العامِ 2007، حصلتْ المؤسسةُ على المنحةِ الثانيةِ لمشروعِ كلاسيكياتِ الأفلامِ الأوروبيةِ بالعربية، حيثُ تمَّ الحصولُ على حقوقِ ترجمةِ ستةَ عشرَ فيلماً من كلاسيكياتِ السينما الأوروبيةِ إلى العربيةِ ونشرِها".
وشكر خلف الاتحادَ الأوروبيَّ على دعمهِ هذا المشروع، آملاً أن يستمرَّ في تعزيزِ ودعمِ عملِ مؤسساتِ العملِ الأهليِّ في فلسطين، وبخاصةٍ في القدس.
كما طالب الاتحادَ الأوروبيَّ، باتخاذِ مواقفَ أكثرَ حزماً في مناصرةِ الفلسطينيين، وفي مواجهةِ سياسةِ إسرائيل، التي تُمعنُ في نقضِ المواثيقِ الدولية، وقوانينِ حقوقِ الإنسان، وحصارِ غزّة، واستغلالِ مواردِنا الطبيعية.
من ناحيتها، شدّدت أولغا باوس غيبرت، رئيس قسم الشؤون الاجتماعية في مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي، على أهمية الثقافة بشكل عام، وعلى الدور المحوري الذي تلعبه في المجتمع الفلسطيني بشكل خاص.
وأضافت غيبرت: "إنّ وجود عدد كبير من المؤسسات الثقافية والفنيّة الفاعلة في المجتمع الفلسطيني من شأنه أنْ يحدث تقارباً بين أفراد الشعب، وبخاصة في ظل الانقسام الذي يعيشه الشعب الفلسطيني"، مؤكدة على أنّ "تعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية هو السبيل نحو الوحدة الوطنية".
أما مارينا برهم، مدير عام مسرح "الحارة"، فقد عبّرت عن سعادتها بهذا المشروع، وبخاصة أنّه يضمّ باقة متنوّعة من المؤسسات الفنيّة والثقافية في فلسطين، التي تروّج لإشكال عدّة من الفنون الأدائية، وهو ما سينعكس إيجاباً على المجتمع الفلسطيني الذي يعاني من تأثيرات الاحتلال.
وشكرت برهم مؤسسة عبد المحسن القطان لإدارتها المشروع، مشيرة إلى أنّ البرنامج سيعمل على مدى السنتين القادمتين على إنتاج أعمال راقصة، ومسرحية، وموسيقية، وغيرها ... كما سيكون له حضور واضح في مهرجانات ثقافية محليّة عدة، إضافة إلى تنظيم أنشطة ثقافية وفنيّة مشتركة بين المؤسسات الشريكة.
يشار إلى أن توقيع الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تمّ في 19/ 12/ 2013، حيث ستقوم مؤسسة عبد المحسن القطان بموجبها بإدارة المشروع الذي تبلغ قيمته 1,5 مليون دولار أميركي على مدى عامين، حيث يموّل الاتحاد الأوروبي ما نسبته 80% من قيمة المشروع، أي حوالي 1,2 مليون دولار أميركي، فيما تغطّي المؤسسات الشريكة في البرنامج الـ 20% المتبقية، وقيمتها 125 ألف دولار أميركي. وأعقب توقيع الاتفاقية قيام المؤسسة بتوقيع اتفاقيات فردية مع المؤسسات الإحدى عشرة الشريكة في البرنامج، وقيمتها الإجمالية حوالي 640 ألف دولار أميركي للعام الأول.
وأوضحت مؤسسة عبد المحسن القطان في بيان لها، أن "المشروع يهدف إلى المساهمة في خلق مجتمع ديمقراطي وتعدّدي يحترم حقوق الإنسان، ويعزّز الهوية الفلسطينية، وذلك باستهدافه فئتي الأطفال والشباب الفلسطيني من خلال تعزيز مبادئ الديمقراطية لديهم، وإدراك حقوقهم، وتعزيز هويتهم الثقافية".
وأضافت: "سيتمّ تحقيق الهدف الأساسي للمشروع، وهو إحياء قطاع الفنون الأدائية في فلسطين، من خلال إشراك فئات متعدّدة من المجتمع الفلسطيني، مع التركيز على فئتي الأطفال والشباب (الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6-25 عاماً)، حيث تشكّل هذه الفئات الشابة الأمل في بناء حياة ديمقراطية. وستشارك الفئات المستهدفة بمجموعة واسعة من الأنشطة في أربعة أشكال من الفنون الأدائية، هي: الموسيقى، المسرح، الرقص، السيرك، وذلك من أجل الارتقاء بقدراتهم على التعبير عن الذات، وارداك حقوقهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وغرس مبادئ احترام الآخرين وتقبّل الرأي الآخر، سعياً إلى تعزيز هويتهم الفلسطينية، ونشر رسالة الثقافة الفلسطينية محلياً وعالمياً".
وأكدت المؤسسة أنّ "إنشاء شبكة قوية وثابتة من مؤسسات الفنون الأدائية في فلسطين، سيعمل على تحفيز المجتمع عامة، وقطاع الفنون الأدائية خاصة، فقد تضافرت جهود الشركاء من خلال هذا المشروع لتفعيل دور المؤسسات العاملة في مجال الفنون الأدائية، وتعزيز الحوار البنّاء بين أفراد المجتمع الفلسطيني ككلّ، وبين المؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني، والمؤسسات الرسمية الفلسطينية".