رام الله – (مؤسسة عبد المحسن القطان)
اخُتُتِمت، في مدينة رام الله، المدرسة الصيفيّة المُكثّفة للرقص للعام 2019 (Les Ateliers Déplacés – workshops on relocation)، الأربعاء 31 تموز، بعد أن استمّرت 10 أيام في مبنى مؤسسة عبد المحسن القطّان، وسرية رام الله الأولى.
وأقيمت المدرسة التي شارك فيها 53 راقصةً وراقصاً فلسطينيين وعالمييّن بالشراكة مع (les ballets C de la B)، وسرية رام الله الأولى لأول مرةٍ في فلسطين. وتضمنّت فعاليات المدرسة خمسَ ورشاتٍ، أقيمت أربعٌ منها في القطّان حملت عناوين: "كيف نكشف أرشيفنا؟" مع المدربة فرح صالح، "بداية عرض جديد" مع المدربة هيلداغارد دي فوست، وقدّم كل من سلمى عطايا ويزن عويضات ورشة حملت عنوان "ممارسات الرقص المعاصرة في ثنائيات"، وقدم المدرب سيرجامه كوليبالي ورشة حول "الجسد السياسي". كما قُدّمت الورشة الخامسة للأطفال بعنوان "لقاءات غير لامعة" مع فريق كابينت كا (جوكي لورينس، وكوينت مانسهوفن) في سرية رام الله الأولى.
وتميّز برنامج المدرسة هذا العام، بورشاته المتنوّعة والقائمة في فكرتها على مساعدة الراقصين والفنانين الأدائيين على تصميم عرضٍ مستقبليّ عبر أدوات الرقص الجديدة، التي يمكنهم تطويعها في المجال الذي يريدونه، ولم يكن الهدف من الورشات إنتاج عروض راقصة فقط، إنّما العملُ على إنتاج راقصين قادرين على إخراجِ عروضٍ خاصةٍ بهم في مجالات الرقص المختلفة، بناءً على أساسيات الرقص: الجسد والجسد الآخر والمساحة بينهما.
واعتمدت المدرّبة دي فوست في ورشتها التي حملت عنوان "بداية عرض جديد" على أسلوب البناء الفكري للدراما (دراماتورجي)، إذ تعلّم الراقصون كيف يستطيعون بناء مسرحيّة أو عرض من خلال الرقص بدون كلام، مروراً بخمسِ مراحل: البداية، الحدث الصاعد، الذروة، ثم الحدث النازل، فالنهاية، وهذا النوع من الدراما يكون ببناء الأحداث بناءً على الزمن لكلّ مرحلة.
أمّا صالح، فأكّدت أنّها السنة الأولى التي تجمع أساتذة رقص فلسطينيين وعالميين، وكانت فكرة التنظيم للورشات قائمةً لضرورة تعرّف الفنانين والطلّبة الأجانب على فلسطين والرقص الفلسطينيّ من خلال هذه المدرسة. وبمشاركتهم، اختلفت صورة الورشات عن السنوات السابقة بتعمّقها في الجانب النظري.
وأضافت: "كيف نكشف أرشيفنا" هي ورشة لفهم الإيماءات والحركات اليومية التي يقوم بها كلّ جسد في سياق حركته الطبيعيّة، وبفهمنا لها يمكننا تصميم عروض بناءً على أرشيف كلّ فرد، ليصبح فيما بعد أرشيف الجماعة، حيث يحلّل كلٌّ من المشاركين حركاته وحركات زملائه، بعد ذلك يستطيع إدراكها والتعامل معها كمجموعة على خشبة المسرح. تشمل الورشة مفاهيم نظريّة وكيف تتطابق مع الحركات اليوميّة، إذ يستطيع الفرد تفسير تحرّكاته، فلا تكون الحركة لأجل الحركة فقط.
وشملت الورشات على الجانب النظريّ الذي تخللّه النقاش والعصف الذهني حول كيفيّة بناء عرض وإخراجه، والذي تميز بوجود راقصين من دولٍ مختلفةٍ إلى جانب فلسطين، ما أعطاهم الفرصة للتعرّف على رؤى مختلفةٍ عن أنواع الرقص، وطُرق إنتاجه وإخراجه. ونتيجةً لتنّوع جنسيات المشاركين، أعطت الورشات المتنقلة في رام الله فرصة للتعارف ما بين الراقصين المحليين والأجانب، وسمح لهم ذلك بتحليل نماذج رقص بعضهم، وفهمها والتعامل معها بالطريقة التي تناسب جسدهم.
وأشاد المدرّبان عطايا وعويضات بالاختلاف بين الراقصين في أعمارهم وخلفياتهم الثقافيّة، التي ساعدت على التجاوب بسهولةٍ مع التمارين المختلفة، ورغم التفاوت في أساليب الرقص بين الراقصين المحليين والأجانب، فإن الأرضيّة واحدة، بمعنى أن أساسيات الرقص هي ذاتها باختلاف الهويّات والثقافات، لكّن الأمر يختلف باختلاف استخدام الحركات والتمارين.
كما أُعجب الراقصون بالطاقة الهائلة التي بثّها المدرّبون عبر الأيام الخمسة المتواصلة، بدءاً بالنقاشات الجديّة حول أساليب الرقص، وانتهاءً بالمساحة المفتوحة للراقصين للتعبير عن أنفسهم بالدبكة الشعبيّة، والهيب هوب، والرقص المعاصر وغيرها