ندوة "خارج الرؤية" حول الثقافة البصرية في فلسطين
يدعوكم فريق رام الله الذي يسعى إلى دعم صانعي/ات الأفلام الفلسطينية دوك لحضور ندوة عامة تحت عنوان "خارج الرؤية" . تأتي الندوة ضمن إطار مشروع "خارج الرؤية" بهدف مساءلة سبل الرؤية المعهودة في سياق الثقافة البصرية في فلسطين، بإشراف وتقييم عدنية شبلي، بتاريخ 25 آذار في المركز الثقافي لمؤسسة عبد المحسن القطان في الطيرة. بمشاركة كل من: لارا الخالدي، أميرة السلمي، روبرت ج.س. يونغ، عامر شوملي، كمال الجعفري، أندريا لوكا زيمرمان، بن جيسبون.
ستكون الندوة باللغتين العربية والإنجليزية مع توفر ترجمة فورية للجهتين.
خارج الرؤية
برنامج وملخصات الندوة
البرنامج
الجلسة الأولى: الرؤية بوصفها ثورة
١٦:٠٠-١٨:٠٠
تبحث هذه الجلسة في الطرق والأدوات الممكنة لمواجهة الحالة التي يصبح معها المرء مرئيًا ولامرئيًا في الوقت نفسه، في السياق الفلسطيني. كما تطرح الجلسة سؤال كيف يمكن للمرء أن يتموضع بحيث يستطيع رؤية الواقع لا كما يُراد له أن يُرى، بل بوصفه سلسلة من الأعمال المقاوِمة التي تسعى لتغيير ما تم تعريفه كواقع.
تبعًا لذلك، ستُناقَش حالات كانت فيها الصور جزءًا من فعل ثوري، لا توثيقًا أو تسجيلًا له فحسب. تشمل المشاركات: "عتمة مرئية"، لروبرت ج.س. يونغ؛ "خرق الرواية الاستعمارية: المعرفة بوصفها فعلًا مقاومًا"، لأميرة سلمي؛ و"الوسيط والثورة"، للارا الخالدي.
الجلسة الثانية: أضداد بصرية
١٨:٣٠-٢١:٠٠
إحدى تمظهرات عملية صنع الأفلام في فلسطين هي الابتعاد عن "الإخراج من قبل" نحو "الإخراج مع"، حيث يصبح الإخراج الجمعي الاجتماعي والثقافي امتدادًا للأفعال الثورية. من خلال شعرية الخلق، والحق في الحلم، والرقّة المتناهية في التعبير، ستُستكشف في هذه الجلسة التمظهرات الفيلمية للتعبيرات -المنخرطة أخلاقيًا والمؤثرة ثقافيًا- عن الإنسانية المعلنة، وعن التعايش ضمن بيئات أوسع (أبعد من حدود الذاتية المتمحورة حول البشر). إلا أن المشاركين/ات سيتطرقون/سيتطرقن أيضًا لأسئلة ما إذا كنا غير قادرين على ذلك بشكل متأصل، لأن وجودنا مقيد بنظام معتمد على الرؤية، وما إذا كان بوسع الصور في المجتمعات المقهورة أن تجمع ما بين تحدي واستبدال الصور التي يفرضها الإعلام، بوصفه أحد أنظمة الرؤية والإظهار.
المشاركات: "الإخراج بالاشتراك مع"، لعامر شوملي؛ "أن تكون مرئيًا"، لأندريا لوكا زيمرمان؛ "التأمل بلا هدف"، لكمال الجعفري، و"حول الشكل الجديد الممكن للأفلام"، لبن جيبسون.
ملخصات
"عتمة مرئية" - روبرت ج.س. يونغ
"لعلني أحب لويس آرمسترونغ لأنه خلق شعرًا من كونه لامرئيًا. أعتقد أن ذلك يعود لكونه غير واعٍ بأنه لامرئيٌ فعلاً". رالف إليسون، "الرجل اللامرئي"، (١٩٥٢).
"أتيت إلى العالم مشبعًا بالعزم على إيجاد المعنى في الأشياء، روحي كانت تملؤها الرغبة في الوصول إلى مصدر العالم، ثم اكتشفت أنني شيء بين أشياء أخرى". فرانز فانون، "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء" (١٩٥٢).
نصّان من عام ١٩٥٢ جُمعا لتبيان مفارقة الجسد المُعرقن في السياق الاستعماري: بكلمات رالف إليسون في "الرجل اللامرئي"، فإن الأغلبية البيضاء في الولايات المتحدة ببساطة لا ترى الرجل الأسود الذي تحيط به، كونه جزءًا من الطبقة الدنيا. وعلى النقيض، في عالم كتاب فرانز فانون "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء"، يبرز الرجل الأسود، إذ تتجه إليه أصابع الأشخاص البيض الذين يتحرك وسطهم. وبسبب اختلافه، يصبح "محبوسًا في تشييئه القاهر" ومحرومًا من تعريف نفسه، معرّفًا من الخارج. رغم أن هذه البنية المزدوجة التي يصبح معها المرء مرئيًا ولامرئيًا في الوقت نفسه موجودةٌ في أي حالة استعمارية، فإن الأمر لا ينتهي هناك. ففي حياته الخاصة، يكون المستعمَر تحت رقابة لصيقة من الدولة الأمنية، وفي الوقت نفسه، في العالم خارج المستعمرة، الذي يسيطر فيه المستعمِر على كثير من وسائل الإعلام والعلاقات الدولية، عادة ما يكون المستعمَر لامرئيًا، متجاهَلًا، مهملًا، ومنسيًا. وإن لم يكن، فهو مُشيطن، وكأن المعاملة التي يلقاها تحت الاستعمار كانت مجرد عقاب على تعدياته.
يعيش الفلسطينيون في فلسطين على عتبات الوعي. كيف لصانع/ة أفلام أن تـ/يتجاوب مع الأشكال التي تكون فيها فلسطين والفلسطينيون غير مرئيين؟ في هذا العرض، سأتأمل الطرق والأدوات الممكنة لمواجهة هذه الحالة الوجودية من "العتمة المرئية".
خرق الرواية الاستعمارية: المعرفة بوصفها فعلًا مقاومًا - أميرة سلمي
تقوم هذه المداخلة على ادعاء أن تحرير المعرفة عن فلسطين لا يكون من خلال خلق خطاب بديل ومعارض. طالما أن الخطاب مشكّل أيديولوجياً ويقوم على قواعد تحدد أطره، ما يقال وما لا يمكن أن يقال، وحتى ما يُعرف وما لا يجب أن يُعرف، فإنه لا يمكنه أن يكون جزءًا من مشروع تحرري. بينما يشكل الفعل المقاوم في تعدديته، خرقه المستمر للقواعد والثوابت، والإزاحات التي يحدثها في أي تشكيل إطاري، القوة الأساسية التي منها ومعها يمكن معرفة فلسطين كموقع للنضال التحرري، بدلاً من مشروع مأسسة بديل.
كونه ناتجاً أيديولوجياً، فإن الخطاب لا يمكنه تصوير الواقع المستعمَر حتى لو كان موضوعه الاستعمار، كما لا يمكنه أن يطرح القضية الفلسطينية حتى لو كان موضوعها الحق الفلسطيني، فالخطاب يقوم على عمى يبتعد عن الحقيقة حتى وهو يبحث عنها. الواقع الذي يطرحه الخطاب محدد بالقواعد الأيديولوجية، التي تكون متضمنة بشكل غير قابل للفكاك بعلاقات القوة الاستعمارية التي تشكله وترسم الحدود غير المرئية للإطار الذي يعيد صياغة الواقع وتشكيله، ليس فقط كجزء مختزل مما هو، بل أيضاً كجزء أعيدت صياغة معانيه بما ينسجم بالرسالة الأيديولوجية التي يسعى إليها هذا الخطاب.
المداخلة بالتالي ستطرح السؤال عن الكيفية التي يمكننا بها تحرير الواقع، وأنفسنا، من الشكل المحدد خطابياً لمعرفته من خلال الكشف عن الحدود التي يرسمها والوقوف بمواجهتها، ولكن ايضاً، وهي مسألة ضرورة في سياق مستعمَر، الكيفية التي يمكن بها إعادة موقعة الذات بحيث يمكنها رؤية الواقع كما لا يُراد خطابياً أن تتم رؤيته، بحيث لا تكون المعرفة جزءاً من نظام ممأسس يسعى إلى تثبيث الواقع والسيطرة عليه، بل جزءاٍ من فعل مقاوم يسعى لتغيير ما هو قائم.
الوسيط والثورة - لارا خالدي
يقدم هذا العرض تحليلًا للفيلم الوثائقي "تسجيلات ثورة بالصوت والصورة" (١٩٩٢) لهارون فاروقي، عبر تفحص تغيرات الممارسة الفنية في فلسطين خلال الانتفاضة الأولى (١٩٨٧-١٩٩١). يتطرق العرض لأسئلة حول ماهية الفن الثوري، ومركزية وسيط الكاميرا في إنتاج صورة الذات خلال الثورة والفعل الثوري نفسه. يعالج الفيلم التسجيلات غير الرسمية للمظاهرات الحاشدة في رومانيا عام ١٩٨٩ واستيلاء الثوريين على المحطة التلفزيونية، كاشفًا كيف تصبح الصور فاعلة في الثورة.
خلال الانتفاضة الأولى، حدثت نقلة في الممارسة الفنية الفلسطينية. ففيما رأى الفنانون/ات أن دورهم/ن يأتي من كونهم/ن منتجي/ات صورة الفلسطينيين وفي الوقت نفسه منظِّمين/ات على الأرض قبل الانتفاضة، فقد أدركوا/ن أنه ليس بوسعهم/ن منافسة الصورة ذاتية الإنتاج التي أتت لاحقًا، لذا أصبحت ممارستهم الفنية ثورية من خلال الوسيط. إن كانت الصور الفعّالة، كما يقول فاروقي، هي "صورًا لا تعكس شيئًا، بل هي جزء من عملية"، ففي الحالتين، تصبح الصور جزءًا من الفعل الثوري، لا توثيقًا أو تسجيلًا له. هل يمكن للصور أن تكون جزءًا من مشروع انعتاقي؟ وما التغيرات السياسية والاجتماعية التي يمكن للصور خلقها؟
"الإخراج بالاشتراك مع" - عامر شوملي
في مداخلتي، أنتوي تأمل عملية إخراج فيلمي "المطلوبون الـ١٨" (٢٠١٤). نشأتُ خارج فلسطين، في سوريا، حيث تشكّلت صلتي الأساسية بفلسطين من خلال صور النضال الفلسطيني في الانتفاضة الأولى. حين وصلت إلى فلسطين، وُضعت تلك الصور والمخيلة التي شكلتها عن المكان أمام الواقع الذي واجهته. هل كان كل ما رأيته وتخيلته في تلك الصور وهمًا؟ قال البعض إن بوسعي إيجاد شيء من الحقيقة فيما رأيته في الماضي. لكن، بما أنني لا أستطيع العودة بالزمن فعليًا، كان علي أن أعود به في الخيال. في هذا السياق، بدأت مشروع فيلمي "المطلوبون الـ١٨". لكن عملية صناعة الفيلم ساءلت بشكل متكرر تأكيدي على كونه "فيلمي". في الجوهر، كنت أسعى لاستعادة ذكرى لم أعشها، بل عاشها آخرون. وفي النهاية، ما حدث لم يكن أنني تمكنت من الوصول إلى ذكرى ما واستملاكها، بل أنني تخليت عن فكرة أن الفيلم لي، أو أنني أنا، وحدي، من أخرجه. ما تبع ذلك كان عملية من الإخراج الاجتماعي الجمعي؛ "الإخراج مع" لا "من قبل".
أن تكون (مرئيًا) - أندريا لوكا زيمرمان
عبر مقاربتي الخاصة لصناعة الأفلام، سأتفحّص التمظهرات المتنوعة "للسلطة" وتحدياتها (خاصة في هويتها "ما وراء الكواليس"، من العمليات العسكرية العلنية إلى تخطيط المدن). السلطة مراوغة، مَلِصة، وما يقابلها هو عادة ما يُعبّر عنه بسردية الضعف؛ الشعور الذي يصاحب كون المرء لامرئيًا، ضئيلًا، صوتًا مهملًا. لهذا السبب، أستند إلى فكرة العناد بدلًا من التكيف ببساطة. كيف لنا أن نقاوم تأطيرَنا بشكل حصري من خلال الطبقة، والنوع الاجتماعي، والإعاقة، والعرقية، والجنسانية، وحتى الجغرافيا؟ كيف لنا أن نعبر عن أكمل إمكانياتنا إبداعيًا وجمعيًا؟ كيف لنا أن نتمسك بالنظرة الفضولية التي تقاوم ما قد يأتي إلى مكان وجودنا، بقواعده المقرّة مسبقًا ونواياه وسجلات المرئي الخاصة به؟
في موقع كهذا، يمكن للنظر الثابت، على سبيل المثال، أن يُصوِّر كلب شوارع أشعث على أنه ذليل، فيما يمكن للاكتراث الدافئ أن يجعلنا نراه رمزًا للحب والصمود. بالنسبة لمن يسكن أوروبا، فإن مصير هذه الحيوانات هو تذكير بعنف الحداثة، حيث يجب أن يُنفى من المشهد كل ما لا ينتمي للفكرة الحداثية. حين تدخل الأفكار والأفعال الجدلية إلى مساحة مُتَوسَّطة اجتماعيًا، كثيرًا ما تُخلق ثنائيات فجة (الفعل ورد الفعل، الذات والآخر.. إلخ)، وكما هو جلي اليوم حول العالم، فإن هذه الثنائيات شديدة الخطورة. لذا، أسعى لتقديم تعبير منخرط أخلاقيًا ومؤثِّر ثقافيًا عن الإنسانية المعلنة، والتعايش الإيجابي ضمن بيئات أوسع (أبعد من حدود الذاتية المتمحورة حول البشر) من خلال شعرية الخلق، والحق في الحلم، والرقّة المتناهية في التعبير.
التأمل بلا هدف - كمال الجعفري
في العام ٢٠٠٦، كسر أحدهم، أكثر من مرة، نافذة سيارة أختي التي كانت مركونة أمام منزل عائلتي. اشترى أبي بعدها كاميرا مراقبة، وسجل المشهد لشهر كامل، ليلًا ونهارًا، أربعًا وعشرين ساعة يوميًا، سبعة أيام في الأسبوع.
نادرًا من نستقطع وقتًا لنتأمل ونتفكر في حياتنا الخاصة. في فيديوهات أبي، كان لدى الكاميرا الوقت لتتأملنا وتتفكر فينا. إنها تختار كل لحظة ودقيقة تصورها، وتقرر متى تقطع البث وتنطفئ. إننا نعيش من أجل لحظات قصيرة، تمنحنا البهجة والعجب. ويبدو لنا أن هذه هي الطريقة الوحيدة لصناعة فيلم جاهز. أمام الكاميرا، يبدو أن لكل كائن فرصة في الوجود. وكل خطوة، وفعل، وحركة، مطبوعةٌ في ذاكرة آلة، سواء شوهدت أم لا؛ بلا وعي، ولا إدراك، ولا هدف.
وحدها الآلة يمكنها استيعاب الحياة في العرض البطيء، واختزالها لنا في وقت قصير. هل نحن غير قادرين بشكل متأصل، لأن وجودنا مقيدٌ بنظام معتمد على الرؤية؟
حول الشكل الجديد الممكن للأفلام - بن جيبسون
تتفحص هذه المداخلة أثر البث الدولي على القيم اليومية التي نتقبلها جميعًا في النهاية، بطريقة قلقة نوعًا ما. فمن جهة، هناك الشبكات التي نجحت بوصفها تنقل الكثير من المعلومات (مثل سي إن إن، بي بي سي، الجزيرة)، فيما هي تخلق المسافات وسوء الفهم بشكل ممنهج. شبكات أخرى (مثل بلومبرج) تبنت مهمة منهجية واحدة داخل الرأسمالية المعولمة: تقييم ونقل أخبار الأمان المحتمل للاستثمار الأجنبي وأمن شركات العالم الأول وموظفيها التنفيذيين. السؤال الذي تطرحه هذه الحالة هو كيف للإعلام في المجتمعات المقهورة أن يجمع ما بين تحدي واستبدال برنامج أولويات الأخبار التقليدية، وإعادة ضبط النظام القيمي إلى مستوى إنساني ذاتي؟ وأي أنماط الأفلام يمكنها الجمع بين ضرورتين هامتين: المعلومات المضادة (داخل نمط برنامج الأولويات الثابتة للأخبار) والثقافة المضادة (بإعادة رسم حدود من يُسمح له بالظهور بوصفه صاحب حياة مركبة وذات قيمة)؟
أحاجج أن جزءًا من الإجابة على هذه الأسئلة يكمن في المسافة بين ما يُسمى "الفيلم الذاتي"، الذي يركِّز على الوعي بالحجّة المقدّمة، وفي الوقت نفسه، على حضور الصوت السردي الذي لا يخفيه تركيبه وشخصيّته، والأفكار السائدة حول "الوثائقي الرصدي" و"التقرير الصحفي". يتربط هذا أيضًا بنقاش أسئلة: عن ماذا نصنع الأفلام؟ وبأي "أصالة" نتاجر، وهل هي مستمدة من تصوّرنا لها أن من تصور مستعار؟ وأي تحالفات بين أوساط الناشطين/ات والأوساط الثقافية يمكن لها أن تدعم ظهور أنماط جديدة من الانخراط الكلي واسع الخيال في الحياة والصراع؟
يهدف مشروع رام الله دوك، الذي يقام بالشراكة ما بين مؤسسة عبد المحسن القطان، وفيلم لاب، ومعهد جوته رام الله، والمعهد الفرنسي في القدس، إلى دعم صانعي/ات الأفلام الفلسطينيين/ات، في حقل الأفلام الوثائقية بشكل عام، وذلك من خلال توفير الفرصة لهم/ن لعرض مشاريعهم/ن الوثائقية، والدفاع عنها مباشرة أمام مجموعة تضم عدداً من المنتجين والمحررين المفوضين من محطات تلفزيونية وشركات إنتاج عالمية.