يتشابك "البيت" في السياق الفلسطيني -كحيز تُغرز فيه الجذور كما تُقتلع منه- مع العديد من الاستعارات والمعاني. تشير الجذور، عادةً، إلى الأرض (الوطن المحتل)، الذي هُجّر ويُهجّر منه الفلسطيني في الشتات ومخيمات اللجوء. وتشكل الأرض عنصراً رئيسياً عند تخيل "البيت". فالبيت هو حيث يحرث الفلسطيني الأرض، ويسقي شجرة العنب، ويتذوق طعم التين العسلي في صباحات الصيف. البيت هو انعكاس لأهله وتراثهم الثقافي المادي وغير المادي، سواء ذلك الموجود في لغة المشهد الطبيعي، أم في النسيج العمراني والحضري للمدن والقرى، أم في الثقافة المادية لمقتنيات تم تجميعها في الصالونات.
تتخذ الصالونات، كمساحات للضيافة والضيف، شكل المتحف البيتي، حيث تستعرض من خلالها الأسرة مجموعة من المقتنيات التي تعبر عن هويتها ومعتقداتها، إضافة إلى مكانتها وعلاقاتها الاجتماعية. وتُبرز الثقافة الحسية للصالونات علاقة أهل البيت مع الفقدان والذاكرة، فتحتفي بحياة الأجداد، وبرحيلهم أيضاً. تُصمَد بعض المقتنيات والصور في الصالون كنُصب تذكارية، تحتفي بالسلطة الأبوية، وبالشهادة، وبرحيل قادة سياسيين وشخصيات ثقافية مهمة. ومع ذلك، بالإمكان الاستدلال على سطوة التوسع العمراني في فلسطين وما يواكبه من مظاهر الحداثة في الصالونات أيضاً، من خلال العلاقة المتآكلة مع المشهد الطبيعي وخسارته، المتمثلة في الزخارف النباتية والنباتات الاصطناعية واللوحات ذات المناظر "الخلابة" على الجدران وأواني الأزهار المستوردة.
تستحضر هذه المساحات قصصاً عن ممارساتنا للعقيدة، وكيفية تواصلنا مع العالم، وعرضنا لكنوزنا وتلبيتنا لاحتياجات الضيوف. وهكذا تصبح الصالونات متاحف أسرية صغيرة للذاكرة والتذكر والتمثيل، تحافظ وتتأمل في هويات فلسطينية آخذة بالتغيير.
يهدف المعرض إلى إلقاء نظرة خاصة على المقتنيات الموجودة على حائط الصالون، التي تشكل الطبيعة المادية للبيت، وتمثل هوية العائلة واهتماماتها الاجتماعية والدينية والسياسية.
يتناول المعرض المواد البصرية التي تشكل هوية البيوت الفلسطينية من أغراض وأعمال معلقة على جدران الصالونات. والمعرض هو استكمال لنشاط رقمي سابق للمؤسسة، تم العمل عليه خلال جائحة (كوفيد-19) العام 2020، ضمن مشروع بعنوان "على الحائط". كان الهدف من المشروع، في ذلك الوقت، جمع مقاطع فيديو لأناس من مناطق مختلفة في أنحاء فلسطين، يروون قصص اللوحات والصور العائلية والمواد التاريخية وغيرها من المقتنيات والأغراض المعلقة على جدران صالوناتهم.
الفنانون/ات:
رنا بطراوي، رنا نزال، ريم مصري، شام أبو صالح، عامر أبو مطر، علا زيتون، عيسى غريب، لارا سلعوس، مهدي براغيثي.
طاقم الإنتاج:
ضياء الجعبة، عامر خليل، صدام أحمد، ثائر محمود.
منسقة المشروع:
ديما سقف الحيط