مسابقة الفنان الشاب هي إحدى مبادرات برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطان التي تهدف إلى دعم الفنانين الشباب، وتحفيزهم، ونشر أعمالهم وترويجها. وقد أطلقت المؤسسة على جائزة المسابقة اسم حسن الحوراني، تكريماً لهذا الفنان المبدع، الذي كان أحد الفنانين الفائزين بجوائز المسابقة في دورتها الأولى في العام 2000، وذلك بعد وفاته بحادث غرق مأساوي في العام 2003.
كرَّست مسابقة الفنان الشاب نفسها كإحدى أهم الفعاليات في مجال الفنون البصرية في فلسطين، وأرست أساساتها المتينة في الحياة الثقافية والفنية الفلسطينية، حيث استمر البرنامج منذ العام 2000، بتنظيم هذه المسابقة كل عامين، بإشراف لجان تحكيم شملت فنانين ونقاداً فنيين محليين وعالميين، كان من بينهم في السنوات الماضية مايكل أنجلو بوستيليتو، ومنى حاطوم، وكاترين ديفيد، وسليمان منصور، وحسين البرغوثي، وجاك برسكيان، وجين فيشر، وأملي جاسر، وراجي كوك، وكمال بلاطة، وخيراردو موسكيرا، وسامية حلبي، وسعاد العامري، وسلوى مقدادي، وسمير سلامة، وعادلة العايدي، وتينا شيرويل، وخليل رباح، وأكوي إنفيزور، وساشا كرادوك، ونيكولا جري، وشريف واكد، وخالد حوراني، وإبراهيم المزيّن ... وغيرهم.
ولكون مؤسسة عبد المحسن القطان إحدى الجهات المؤسِّسة والمنظمة لقلنديا الدولي، فقد أصبحت المسابقة تجري في إطار قلنديا الدولي، وعليه، قامت المؤسسة في العام 2016 بجعل المسابقة فعالية مقيمة تدور على ثيمة محددة، يتم اشتقاقها من الثيمة العامة لقلنديا الدولي المتمثلة في إعادة تخيل التصور الفني لـ "العودة"، ولذلك أخذت المؤسسة تقوم بتكليف قيّم للمسابقة بحيث يعمل على تطوير معالجته الخاصة للثيمة الأساسية لقلنديا الدولي.
بناء على ذلك، يعلن البرنامج عن بدء استقباله لمقترحات مشاريع فنية في أي مجال من مجالات الفنون البصرية، بما في ذلك الرسم، والنحت، والتصوير الفوتوغرافي، وفن الفيديو، والتركيب متعدد المواد والتقنيات، وفن الأداء ... وغيرها، يتقدم بها فنانون شباب تتراوح أعمارهم ما بين 22 و30 عاماً، شريطة أن يكون المتقدم فلسطيني الأم أو الأب، بغض النظر عن مكان الإقامة (وابتداءً من العام 2008، اتخذت المؤسسة قراراً بإتاحة المجال أمام مشاركة فنانين من الجولان السوري المحتل في هذه المسابقة)، وأن يلبي عدداً من المعايير المتعلقة بحجم العمل الفني، وتنوعه، وأصالته، ويجب أن يكون العمل الذي ينوي المشارك التقدم به للمسابقة قد أعد خصيصاً لذلك.
ويعطى أفضل تسعة مرشحين أو مشاريع يقع الاختيار عليهم من لجنة التحكيم، فترة تصل إلى ستة أشهر لإعداد أعمالهم وتقديمها للمرحلة النهائية من المسابقة. ويقدم البرنامج لكل واحد من المشاريع العشرة جائزة مقدارها 1000 دولار تقديراً من البرنامج لوصوله إلى المرحلة النهائية، وللمساعدة في تغطية تكاليف إنتاج العمل. ويتوج هذا الإعداد في معرض يدوم ثلاثة أسابيع، يضم الأعمال المتنافسة في المرحلة النهائية للمسابقة، وذلك في الأماكن التي يحددها قيِّم أو قيِّمة المسابقة. ويتم التئام لجنة التحكيم مجدداً لمشاهدة المعرض، وتقييم الأعمال الفنية، والالتقاء بالفنانين المشاركين، واتّخاذ قرار بشأن الأعمال الفائزة. ويحصل الفائزون على المراتب الأولى والثانية والثالثة على جوائز نقدية قيمتها 12000 دولار.
وتشكل هذه المسابقة بداية لعلاقة طويلة الأمد مع الفنانين المشاركين، حيث تقوم المؤسسة بنشر المشروعات المشاركة في المرحلة النهائية للمسابقة؛ سواء عن طريق إصدارها في كتاب خاص، أو كتالوج، أو غير ذلك. كما تعمل على تمكين الفنانين من المشاركة في برامج إقامات فنية في الخارج، وتقدم لهم أشكالاً متعددة من الدعم لعرض أعمالهم الفنية محلياً ودولياً.
الصورة ل: عمر شلا، "خيول" من مشروع حديقة حيوان غزة، 2020، تصوير فوتوغرافي
عرافات: فن تذكر المستقبل | مسابقة الفنان الشاب 2020
"كنت قد التقيتها في أحد مكاتب "الثورة"، ولمّا لم يكن لديّ ما أفعله، فكرت بإقامة علاقة معها...".[1] هكذا تبدأ الحركة الثانية في قصة الكاتب رسمي أبو علي "قط مقصوص الشاربين اسمه ريّس". تصوّر القصّة التي ظهرت في مجلة الآداب العام 1977 العلاقة ما بين فلسطيني مهنته كما هو ظاهر في بطاقة التعريف على أحد الحواجز، "مقاتل في مقاومة"، وصحافيّة سويسريّة، وقطّ شوارع. تدور أحداث القصّة في بيروت خلال السبعينيات في أوج "الثورة" الفلسطينية التي تبدو مع مصطلحاتها وكل "أدوات العمل" الفلسطينية خلفيّة باهتة للقصّة.[2] في حين ركزت القصة على الأبعاد المعقدة والمتعددة للشخصية الثورية، بما في ذلك تصرفاتها السخيفة العدمية والعبثية، وبالتالي تهشيم الصور الجاهزة والمثالية وشبه الكاريكاتورية للثوري في الأدب حينذاك، كشخص جدي، وعلى استعداد دائم لمتابعة النضال والمقاومة المعادية للاستعمار. فالقصة بهذا المفهوم، قد ثوّرت صورة الثوري والثورة من خلال إرساء الرغبات الإنسانية والحياة بحد ذاتها كقاعدة لها.
تأتي كتابة القصّة بالنسبة لأبو عليّ باعتبارها محاولة تصحيح لـ"الثورة" في السياسة والفكر والثقافة، من خلال تحويل الانتباه إلى هوامش تلك الثورة التي نكرها الثوريون ورفضوا الاعتراف بها. تشير عمليّة نشر تلك القصّة في مجلة الآداب اللبنانية إلى وجود أعمال غير مرحبّ بها في الثقافة الثورية الفلسطينية في تلك الفترة. قدم أبو علي القصة بداية لمجلة "شؤون فلسطينية" ورئيس تحريرها محمود درويش الذي أعرب عن إعجابه بالنص قائلاً إنها إحدى أروع عشر قصص قصيرة قرأها في حياته، إلا أنه لا يستطيع نشرها في مجلة سياسية جدية مثل "شؤون فلسطينية".[3]
بيد أن محاولات أبو علي الاحتفاء بالهوامش والتسليم بها لم تُستنزف، حيث قام بعد سنتين من نشر "قط مقصوص الشاربين" بإصدار "مانيفستو الجنازة رقم صفر للفن والعمل واللعب" مع الكاتب التونسي الصافي سعيد في مسعى إلى العودة إلى الحلم الشيوعي وإلى ماركس كشاعر. تلى ذلك إصدار مجلة "رصيف 81" مع الشاعر الفلسطيني علي فودة وثلة من الكتاب والشعراء العرب الذين دعوا أنفسهم بـ "الرصيفيين". طمح الرصيفيون، عموماً، إلى تثوير الثورة عبر الأدب؛ توقاً لبدء حركة احتجاج ثقافية وفكرية على هوامش حركات التحرر والمقاومة الفلسطينية التي -بحسب كلمات أبو علي- "محكومة بالبيروقراطية الثورية المشابهة لبيروقراطيات الأنظمة العربية".[4] يكتب أبو علي في اعتراف لاحق حول دوافعه لابتداع "رصيف 81"، ومن ثم الانتقال إلى الشعر:
كانت لي خطة إبداعية وهي محاولة تهشيم البنية الفوقية الإبداعية للثقافة الفلسطينية، باعتبار أن تهشيمها أو إضعافها، يفتح الطريق لثقافة ثورية أخرى كنت أطمح إليها، وكنت وقتها أنظر إلى الثقافة الفلسطينية، وبالتالي السلوك الفلسطيني، باعتباره محافظاً جداً. أردت أن أحدث ثورة داخل الثورة، وهنا برز دور الشعر باعتباره سلاحاً يومياً، تكتيكياً وسريعاً وخاطفاً، أشبه بحرب عصابات إبداعية تحت عنوان "اضربْ، واهربْ"، لقد كنت أشن حرب عصابات ثقافية بأشعار قصيرة ... .
[...]
كنت أؤمن، أيضاً، بنظرية "التفجير المتسلسل" عن طريق الكلمة المختلفة الصادمة، بحيث تحدث نوعاً من التفجير في ذهن القارئ، قد يقود إلى تغير في الواقع.[5]
في كافة الأحوال، استمر أبو علي بتعريف "رصيف 81" كـ "حركة المهمّشين؛ ومن هم مهمشون الآن أو من سوف يهمشون في المستقبل، مع الأخذ بالاعتبار "أن الرصيف يتسع يوماً بعد يوم إلى حد ما". (وقد أعلن في الواقع في العدد الأول من المجلة أنه "لا مسافة بيني وبين الرصيف، فأنا الرصيف").[6]
استُقبل الاصدار الأول من "رصيف 81" بالترحاب في الأوساط الثقافية والأدبية في بيروت عموماً. وجعل الإحجام عن تسمية رئيس للتحرير القراءَ يدركون بأنها مجلة ثورية، سوى أنها بمفردات وأسلوب يختلف عن تلك التي اعتادوا عليها. وهكذا، ولّد العدد الأول جواً جديداً شبه طليعي. غير أن العدد الثاني تزامن صدوره مع الاجتياح الإسرائيلي لبيروت العام 1982، فضلاً عن استشهاد علي فودة أثناء القصف وتشتت الباقين، ما أدى إلى توقفها. وصل أبو علي إلى عمّان بعد حين، حيث استمر في سُكنى الهامش وحراسته حتى وفاته في مطلع 2020.[7]
في غضون ذلك، وكما في العديد من الأمكنة الأخرى، كان تبني سياسات اقتصادية نيوليبرالية لبناء الدولة الفلسطينية المزعومة في أوجه. فمنذ العام 2007، وُجّه حلم "الثورة" والتحرر الفلسطيني إلى إعادة هيكلة مجتمعية نيوليبرالية، ممهدة لبزوغ أشكال جديدة من الترتيبات المكانية، استمرت بالتزامن مع الممارسات القمعية للدولة والجيش الإسرائيلي في فلسطين، وهي في الواقع حصيلة للأخير. وقد انبثقت مثل هذه الأشكال المكانية على سبيل المثال، على شكل مناطق سكنية حصرية، ومشاريع إسكانية، وأبراج تجارية راقية، تضخ مفاهيم استهلاكية للمواطنة، ورؤية جديدة ونسخة جديدة من الهوية الفلسطينية.
لا يستطيع المرء على ضوء هذه التبدلات، أن يتفادى استدعاء قصة أبو علي القصيرة "قط مقصوص الشاربين" المنشورة العام 1977، كنبوءة للحياة التي قد يعيشها الفلسطينيون اليوم، ليس في الهوامش وكعمل ثوري، بل في المركز وكطريقة محافِظة للحياة. وباتت العدمية والعبثية والتهربيّة هي الأدوات التي وفّرتها النيوليبرالية اليوم لتحييد الثوريين. وبهذا يجوز القول، إن الحياة الكئيبة في مركز حياتنا الحاضرة هي حلم مستقبلي لماضٍ ثوري مهمّش.
وحيث يخيم إرث أبو علي على حاضرنا، نجد أنفسنا مدفوعين لإعادة قراءة نصوصه وأفعاله الثقافية متسائلين: كيف يمكننا في ظل مثل هذه الظروف وهذه المدركات، تخيل مستقبل يأبى أن يكون ضحية حلم محافظ بالتحرير، تجري تغذيته في الحاضر؟
يتضح في يومنا هذا أن فلسطين، باعتبارها فكرة تحرير تشكّلت على مدى عقود من النضال والمقاومة والخلق الفني على يد فلسطينيين وغير فلسطينيين، كانت موضوعاً لعملية تفكيك متواصلة. لذا، هناك ضرورة لعملية إعادة تشكيل وإعادة بناء مسؤولة لتعريفات فلسطين والفلسطينيين في نضالاتهم وثوراتهم من جديد، باعتبارها موقعاً للاعتراض على الاضطهاد والقسر، وباعتبارها قاعدة لتخيل شكل جديد للتكاتف يجتاز كل الحدود الوطنية والإثنية والجغرافية، ويمهد تبعاً لذلك الطريق للانعتاق من الإنسان بحد ذاته. ونتساءل: ما هو الفضاء الذي بمقدورنا تخيله أو خلقه، باستلهام اللاءات كافة التي يستمر الفلسطينيون بترديدها، والمقترحات كافة التي يستمرون برفضها؟ وكيف نعتبر الهوية الفلسطينية موقفَ شاهد، ومنظوراً يمكن أن يرسي أسس عالم يقوم على الرعاية المتبادلة بدلاً من التعاطف القومي؟ وفي هذه الحالة، نطرح سؤالاً عملياً: ماذا يتوقع الفلسطيني من الآخرين حتى تصبح حياته أو حياتها صالحة للحياة؟ وماذا يتوقع الفلسطيني من نفسه أو نفسها حتى تصبح حياة الآخرين صالحة كي تعاش؟
للمخيلة والمقاومة أهمية كبرى لمعالجة هذه الأسئلة، وللتفكير في كيفية مقاومة وهدم التجليات الحاضرة للقمع الذي نشهده، أيضاً، في جمود المخيلة السياسية، والتمزيق المستمر للمجتمعات، وبناء المبني على المعايير الثقافية والاقتصادية والدينية والفضائية الحيزية من بين أمور أخرى.
يمكن لحقل الثقافة -كما اقترح أبو علي والرصيفيون قبل أربعة عقود- أن يكون حقلاً ريادياً في توفير الأدوات اللازمة لنشر ونقد ومساءلة العنف اللامحدود الذي يهدف إلى نزع إنسانيتنا باستمرار، وفي الوقت ذاته، يمكن للثقافة أن تكون إحدى الوسائل الرئيسة في عملية تحريض مخيلتنا لمواجهة الاضطرابات الجارية، وفي طرح الرؤى لمستقبلات بديلة. لذلك، من الضروري أن ينخرط ممارسو الثقافة والأكاديميون والفنانون والمفكرون النشطون في الحاضر في عملية الاستذكار والكهانة للتوصل لرؤى بديلة لمستقبل أكثر عدالة.
بإطلاق مشروع "عرافات: فن تذكّر المستقبل"، تسعى مؤسسة عبد المحسن القطَّان إلى مقاربة هذه الأسئلة، إلى جانب أسئلة أخرى ذات علاقة. وبناءً عليه، تدعو الفنانين، والمثقفين، والأكاديميين، والقيّمين، ومؤرخي وناقدي الفن، وبخاصة الذين شاركوا في النسخ الماضية من مسابقة الفنان الشاب (اليايا) إلى مشاركة رؤيتهم حول مستقبل يقلب ظروف الحرمان الإنساني الحاضرة التي يخضع لها العديد في كل أنحاء العالم، في ظلّ النزاعات المحلية والإقليمية والعالمية السياسية والاجتماعية الراهنة.
خلافاً للدورات العشر الماضية، سيتم تكريس هذ الدورة من "اليايا" كمحطة تأملية فارقة لتخيل شكل المستقبل، بما سوف ينطوي عليه من فرص وإمكانات ومخاطر، وذلك من خلال تشجيع سلسلة من نماذج تعلُّم. هذه النماذج هي عبارة عن عملية تعلّم وبحث، وتشمل سلسلة من ورشات العمل، وتدخلات فنيّة، ونقاشات، وجولات مشي، ومساقات تعليمية، ... إلخ. سيتم عرض مخرجات هذه النماذج، ومناقشتها بإمعان وتوليفها، بهدف التأمل في المستقبل، وإعادة تخيل "اليايا" كمبادرة قادرة على الاحتفاظ بدور ريادي وسبَّاق في الاستجابة لمتطلبات ذلك المستقبل، والحفاظ على تميزها في مشهد الفنون البصرية في فلسطين وخارجها للسنوات القادمة.
يدعو المشروع الفنانين والمفكرين، لتقديم طلباتهم لتخيّل مستقبل فلسطين والاحتماليات والإمكانيات التي بمقدور التجربة الفلسطينية تقديمها للبشرية جمعاء، معتمدين على توقعات قيم ثقافية ومعايير فنية جمالية جديدة. إضافة إلى ذلك، نسعى إلى مساءلة دور الثقافة في تشكيل المستقبل، مع التعويل على توجهات ثقافية تشيع حاليّاً عن الافتقار إلى الظروف السياسية، وتطبيع ممارسات التحكّم والمحافظة العنيفة. يرحّب المشروع، بشكل خاص، بالمقترحات ذات الطبيعة الاستقصائية التي تحتوي على أسئلة تفسيرية عن المستقبل القيمي (الآكسيولوجي) للثقافة والفنون البصرية، والاتجاهات والمناهج التي يسلكها العمل الثقافي، بما يشمل العمل المكاتف والرغبة في تكاتفية العمل. يرحب، أيضاً، بمقترحات متقدمين ينتوون العمل في فضاءات فنية، وبالتكاتف مع مبادرات عبر فلسطين، أو من خلال حوارات مباشرة مع غير فنانين.
من المخطط تنظيم مؤتمر خلال الربع الأخير من عام 2021، بهدف توليف المخرجات والتجارب التي ستنتج عن عدد من التدخلات المختارة ضمن مشروع "عرافات: فن تذكر المستقبل"، والضرورية للتأمل في دور المؤسسات الثقافية، ومن ضمنها مؤسسة عبد المحسن القطان في المستقبل، وللمراعاة والإمعان في اتجاهات وإمكانيات أخرى لمشاريع فنية مثل "اليايا".
لقراءة قصة "قط مقصوص الشاربين اسمه ريّس" اضغط هنا
[1] رسمي أبو علي. "قط مقصوص الشاربين اسمه ريّس"، مجلة الآداب، مج 5-6، بيروت، أيار 1977. [دخول إلكتروني 9 كانون الثاني/يناير 2020: https://archive.alsharekh.org/Articles/255/20303/460752]
[2] عبده وازن. "رسمي أبو علي، مبدع في قلب الأدب الفلسطيني... وعلى هامشه"، إنديبيندنت عربية، 9 كانون الثاني/يناير، بيروت، 2020. [دخول إلكتروني 24 آذار/مارس 2021: https://www.independentarabia.com/node/85301/ثقافة/رسمي-أبو-علي-مبدع-في-قلب-الادب-الفلسطيني-وعلى-هامشه]
[3] المصدر نفسه.
[4] حسين بن حمزة. "رسمي أبو علي على رصيف بيروت"، صحيفة الأخبار، بيروت، 6 كانون الأول 2011.
[على الإنترنت 18 آذار/مارس 2020]:https://al-akhbar.com/Last Page/81561
[5] رسمي أبو علي. "قط مقصوص الشاربين اسمه ريس"، جريدة الأخبار، بيروت، 5 كانون الأول 2014، ملحق كلمات.
[6] المدن، رحيل رسمي أبو علي، 9 كانون الثاني 2020، [نشرت على الإنترنت بتاريخ 18 آذار 2020]: https://www.almodon.com/culture/ رحيل رسمي أبو علي منظّر الهامشية في زمن الثورة.
[7] العربي الجديد، "رسمي أبو علي، نهايات عند ذاك الرصيف"، 9 كانون الثاني/يناير 2020، [على الإنترنت 20 آذار/مارس 2020]:
https://www.alaraby.co.uk/culture/رسمي أبو علي نهايات عند ذاك الرصيف.
مسابقة الفنان الشاب للعام 2018
بيان لجنة التحكيم
نحن أعضاء لجنة التحكيم الخمسة، نشعر بتقدير شديد لكوننا لجنة تحكيم مسابقة الفنان الشاب للعام 2018. على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية، رسخت المسابقة نفسها كإحدى الفعاليات الفنية الأكثر احتفاءً واستدامةً في الحياة الثقافية في فلسطين.
نرغب في أن نتقدم بجزيل الشكر إلى مؤسسة عبد المحسن القطان، لدعوتنا، ومنحنا هذه الفرصة، وللثقة التي أبدوها فينا بتحميلنا مسؤولية هذه المهمة، ونشعر بالامتنان للدعم والمساعدة التي قدمها كل من نسرين نفاع، ولميس شلالدة، ومحمود أبو هشهش، ويزيد عناني.
نرغب في أن نشكر، بشكل خاص، أملي جاسر لجهودها الاستثنائية في تقييم معرض المسابقة؛ من خلال خلق فضاء آمن وملهم يجمع الفنانين ويسمح لهم بمشاركة أفكارهم، ومن خلال توظيف هذه المنصة من أجل تعزيز حس بالجماعة الذي نأمل أن تكون له آثار بعيدة المدى. لقد خلق الفنانون العشرة مع أملي معرضاً متماسكاً وقوياً.
لقد أثارت انتباهنا الجودة العالية للأعمال وتنوع ديناميكية المسارات التي من الممكن اتّباعها في نقاط مختلفة، -وبخاصة حين نأخذ بعين الاعتبار الخلفيات المختلفة للفنانين الذين يعيشون ويعملون في ظروف مختلفة في فلسطين والشتات الفلسطيني.
باستخدام وسائط مختلفة، ومن خلال أصوات فردية لهؤلاء الفنانين، تنجلي وتتكشف سرديات مختلفة، رابطةً القصص الشخصية بالأسئلة الملحة حول فلسطين وعالم ما بعد الكولونيالية، المعولم والرقمي. تمثل الأعمال حساسيات فردية وفنية مميزة، ولكنها تظهر، أيضاً، نقاط ارتباط مثيرة فيما بينها.
من الممكن لنا كلجنة تحكيم أن نقيم هذه السرديات ونربطها بشكل مختلف، ولكننا نريد أن نؤكد، وبخاصة نحن الذين جئنا إلى فلسطين لأول مرة من أجل هذه المناسبة، أننا تعلمنا الكثير عن الظرف هنا، من خلال كل واحد وواحدة من هؤلاء الفنانين.
نحن محظوظون لفرصة الحديث مع سبعة من هؤلاء الفنانين وجهاً لوجه أمام أعمالهم. هناك ثلاثة فنانين يعيشون حالياً في الشتات (في الولايات المتحدة، وأوروبا) ولم يتمكنوا من القدوم إلى فلسطين، ولكننا استطعنا، على الأقل، أن نتواصل معهم عن بعد. إن هذا التداخل بين الإمكانيات المختلفة للقاء والحديث، هو بحد ذاته قضية لا يمكن تفاديها أثناء التأمل في ظروف الفن الفلسطيني المعاصر.
بالأخذ بعين الاعتبار التنوع المثير للأعمال المشاركة كان من الصعب تقليص القائمة إلى عدد صغير من الفائزين، ولا بد أن نشير إلى أن هذا لم يكن ممكناً دون تسويات. على الرغم من أن كل مرتبة تملك مزاياها الخاصة، وتستحق تنويهاً خاصاً، قررنا أن نحافظ على الترتيب الأول والثاني والثالث، ولكننا أخذنا الحرية بأن نناصف إحدى الجوائز ما بين فنانين.
بإعلاننا الفائزين بترتيب عكسي، نمنح الجائزة الثالثة إلى علا زيتون عن عملها "تنخر". لقد تأثرنا بشجاعة الفنانة المتمثلة في عرض لحظات حميمة من حياة عائلتها وضعفها الشخصي، وبقدرتها على التوفيق بشكل متوازن بين الإنجاز الدقيق، باستخدام وسيط غير سهل مثل القلم ذي الرأس الكروي، وبالاعتماد على دافع تدميري في تشويه ومحو الملامح الشخصية للشخصيات المصورة، حيث قامت الفنانة بتلطيخ وجوههم باللون الذهبي (وهو وسيط يحمل إشارات ثقافية وتاريخية مختلفة من التجميل إلى أقنعة الموت) وعرض الصور الناتجة في إطارات تجارية مذهبة مألوفة. إن الألفة المنزلية للإطار المعروض، تتحد مع المحتوى المقلق والمتوتر.
بعد نقاش مطول، قررت لجنة التحكيم منح الجائزة الثانية لفنانين استجابةً لجوانب مختلفة من الواقع الفلسطيني، بطرق مختلفة، ومن مواقع متميزة باختلافها. تمنح الجائزة الثانية لكل من فراس شحادة، وديمة سروجي.
يعتمد عمل فراس شحادة على التجربة الشخصية للفنان كلاجئ يعيش بين الأردن وفلسطين. في فيلمه الاستحواذي "لا ذكريات رائعة هنا"، وجد فراس شكلاً فنياً قوياً من التعبير الصوتي البصري، يقتفي من خلاله تجربة النزوح، ويتأمل في السؤال الثقيل لقضية حق العودة، مستكشفاً الذاكرة المتخيلة والصدمة المتعددة الأجيال من خلال النص والصور. إن أسلوب الفنان السينمائي شاعري بشكل غني في الطريقة التي يتناول فيها التعقيدات السياسية كلاجئ فلسطيني. يعرض الفنان مداخلته في المعرض بطريقة حساسة، يضع فيها المشاهد في موقع ليتأمل المشهد الطبيعي وإمكانية الوصول إليه، ويتأمل الثبات والحركة كظروف لا يتم بالعادة اختيارها بشكل إرادي.
أنتجت الفنانة ديمة سروجي، أيضاً، عملا منشغلاً بتمثيل سياسيات المشهد. على الرغم من أن الفنانة تمارس الهندسة المعمارية، بشكل رئيسي، فإنها تعمل بأسلوب تجريبي يلائم بشكل كبير طبيعة المعرض. إن عملها "قانون تعاقد الطبقات" يركز، بشكل ثنائي، على مسح مدينة القدس والحفريات الأثرية من أجل استكشاف دور الخريطة في التأكيد على الهيمنة الكولونيالية. يمثل بناءها المتقشف والصادم -الذي يجمع بين نماذج المسح لمواقع في القدس- محاولة نحتية مبدعة في مساءلة سياسيات إعداد الخرائط وأنظمة الإظهار والإخفاء، ويدعونا إلى أن نحتل موقع الناظر العلوي للاستعماري، بينما يتيح دراسة المشهد من الأسفل.
عند اختيار الجائزة الأولى لمسابقة الفنان الشاب للعام 2018، كان هناك نقاش مسؤول وواسع، ولكن خيارنا ذهب إلى عمل أثار إعجاب جميع أعضاء لجنة التحكيم بطرق مختلفة. إن الفائز في مسابقة هذا العام (جائزة حسن الحوراني) هي صفاء خطيب عن عملها "تمرد الضفائر". أثنى أعضاء لجنة التحكيم على العمل من ناحيتي التعقيدات التقنية والمفهومية؛ فهو عمل صارم بشكل استثنائي، ويستخدم، بشكل غير اعتيادي، ممارسة التصوير، من خلال المسح الضوئي بشكل حيوي ومثير للتحدي. بشكل أساسي، فقد كان إنجاز صفاء العميق والمؤثر الذي تجلى بخلق شكل فني غير اعتيادي من التمثيلات الجمالية والسياسية التي أثارت إعجاب اللجنة. من خلال تصوير ضفائر الشعر التي تبرعت بها أسيرات فلسطينيات أثناء حملة للتبرع لمرضى سرطان الثدي (شباط 2017)، يركز عمل صفاء على فعل من السخاء الإنساني، وشكل من أشكال التضامن بين حياة السجن والعالم الخارجي. إن النتيجة المتمثلة في العمل التركيبي الفوتوغرافي، تحمل كثافة جمالية عالية، وفي الوقت نفسه قوية بالكيفية التي تثير فيها مواضيع حول المقاومة والتمكين.
نهنئ الفنانة على مشاركتها المتميزة في مسابقة الفنان الشاب للعام 2018، ونبارك للفائزين الأربعة، ونحن مؤمنون بأن "اليايا" تخدم كأداة رمزية وعملية في تعزيز الفنانين في بداية مسيرتهم الفنية. نجن نؤمن، بشدة، بأن المشاركة في معرض "سنكون وحوشاً"، بحد ذاتها، إنجاز مهم للمشاركين العشرة، ونتطلع، بشدة، إلى متابعة مسيرتهم في المستقبل.
أحلام شبلي، إيفا شارير، خورخه تاكلا، ديكلان لونغ، ساندي هلال
بيان لجنة التحكيم:
نادراً ما تحظى جائزة بمثل هذا الترقب الذي يحيط بجائزة الفنان الشاب. يشهد ذلك على معنى الجائزة في المشهد الفني الفلسطيني، وأهميتها بالنسبة لمشاريع الفنانين الشباب، وما تشرعه أمامهم من احتمالات.
تود لجنة التحكيم في البداية أن تشيد بالجهود المتواصلة لمؤسسة عبد المحسن القطان لجمع شتات الجغرافيات الفلسطينية الشاسعة والمتنوعة بممارستها الثقافية، وفي خلق مثل هذه الفرص للفنانين.
كما نود أن نهنئ القيمة نات مولر على انخراطها الكبير في عملية الجائزة في دورتها الحالية، وعلى عملها عن قرب مع الفنانين الشباب القادمين من سياقات وتجارب وإمكانات مختلفة، وكذلك على منحها إياهم فرصاً متساوية، الأمر الذي بدا جلياً في معرض المسابقة.
اللجنة واجهت مهمة تنطوي على كثير من التحديات، وذلك لأسباب متعددة، من بينها القيود الموضوعة على المسابقة نفسها، والصعوبة الناتجة على محاولة استجابة الفنانين لثيمتين محددتين مسبقاً؛ واحدة لقلنديا الدولي، "العودة"، وتلك التي وضعتها القيمة، "تمييز الأنماط"، إضافة إلى العملية التقييمية، التي، في بعض الحالات، قادت الفنانين إلى تقديم بعض الأعمال بالشكل الذي ليس بالضرورة يفضله أصحابها. والصعوبة الأكبر تجلت في عدم القدرة على التنقل الذي حدَّ من مشاركة بعض المتأهلين للمسابقة، حيث أن إحدى المشاركات، وللمرة الثانية، لم تستطع تجاوز الحصار المفروض على غزة، للانضمام إلينا هنا، بينما تواجدت مشاركة أخرى في الجزائر بعد اضطرارها للنزوح مع عائلها من سوريا.
وآخذة هذه النقاط بعين الاعتبار أيضاً، فإن اللجنة اتخذت قراراتها بناء على الأعمال النهائية في معرض اليايا 2016، وعلى الإمكانية التي نراها لدى الفنانين لتطوير ممارساتهم مستقبلاً.
لقد قررت لجنة التحكيم منح الجائزة الثالثة لـ
أسمى غانم
على مشروعها الصوتي
"الوطن هو ..."
ترى اللجنة أن الفنانة تحدت نطاق ممارستها الفنية، عبر الانخراط في وسيط جديد، والتجريب في مواد ومناطق بعيداً عما اعتادت عليه خارج المنطقة المريحة التي تعمل داخلها. لقد أثارت انطباع اللجنة فكرتها في تقديم التاريخ بوسيلة تقتصر على الصوت، وبرغبة الفنانة في دفع الجمهور إلى التفاعل مع العمل، وترجمتها للمؤلفة الصوتية كخريطة إيقاعية. إننا نمنح هذه الجائزة، لتشجيع الفنانة لتواصل سعيها، وللخوض أعمق في البحث التاريخي، وللانخراط أعمق في العمل الميداني، والتجريب في بناء الصوت.
تمنح الجائزة الثانية لـ
سومر سلام
عن عملها الفيديو
"بناء وهمي"
أعجبت اللجنة بالقوة الترابطية للعمل، وقدرته على تصوير الخسارة والدوائر المفرغة والبناء وإعادة البناء والهدم، الذي هو جزء من تجربة الاستقرار وإعادة الاستقرار، بواسطة لغة نحتية وجسدية وأدائية، وفيلمية باقتصاد عميق بالوسائل. جاء العمل محكوماً بشروط متعلقة بظروف خاصة، ووسائل إنتاج محددة، ما يثبت إمكانية حدوث الفن في ظل بيئة تسودها الندرة.
أما الجائزة الأولى، فتمنح بقرار إجماع أعضاء اللجنة، لـ
إيناس حلبي
عن عملها الفيديو
"نيموسين"
الذي يتناول قصة ندبة على جبين الجد الراحل، حيث تقوم الفنانة بالطلب من أفراد عائلتها، بإعادة سرد القصة وراء الندبة، ما يراكم فسيفساء من القصص الغنية التي تأتي أحياناً مناقضة لبعضها البعض، والتي تشير إلى نسبية الذاكرة، وعدم ثباتها. كل إعادة قص للحكاية تنطوي على اختلاف صغير وفروق دقيقة لدرجة أن أحد أخوال الفنانة، يقدم الرواية بلسان الراوي الأول. وعبر الفيلم، فإن عملية السرد تنقطع عندما يتوقف السارد/ة لشرب رشفة ماء من كأس بالجوار، كمرجعية رمزية لنهر النسيان في الأسطورة الإغريقية. بوسائط متقشفة، استطاعت إيناس حلبي تفكيك الروايات الرسمية، والعمل بدلاً من ذلك على نفاذية القصص. لقد طوعت بطريقة طازجة وهادئة وموضوعية، ثيمة التكرار والعودة، هذه الثيمة التي عادة ما يتم تدويرها في الفن الفلسطيني المعاصر، وقد فعلت ذلك عن طريق تجنب كليشيهات الضحية، ومشهدية/ فرجوية الصدمة.
وقبل أن نهنئ الفنانين ونحتفل معهم، لا بد أن نذكر أن عملية صنع القرار شابها الحزن الناتج عن الحادث المروع الذي حصل، أمس (الأحد 9/10/2016)، بينما كنا منخرطين في غمرة النقاش في قاعة الاجتماعات في مؤسسة القطان الملاصقة تماماً لموقع البناء، حيث توفي عامل بشكل تراجيدي، بينما أصيب عدد من زملائه بجراح خطيرة، حينما انهارت، فجأة، سقالات العمل حول ذلك المبني الشاهق.
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أنه بينما يعتبر البحث جزءاً أساسياً من عملية مسابقة الفنان الشاب، فإن اللجنة تشعر أن البحث، لم يكن كافياً كما ينبغي في جميع هذه الأعمال. وبرغبة منها للمساهمة في تطوير المسابقة، فإن اللجنة تود أن توصي أن يمنح الفنانون وقتاً أطول لإتمام هذه العملية، ونود أن نشجع الفنانين على التعمق أكثر في مصادر البحث، سواء أكانت مادية أو مفاهيمية أو تاريخية، وإثراء ممارساتهم الفنية، من خلال الحوار الذي يمكن أن يطلقه العمل الفني.
مسابقة الفنان الشاب (اليايا) 2014
أطلق برنامج الثقافة في 23/ 10/ 2014، ضمن فعاليات قلنديا الدولي 2014، الدورة الثامنة لمسابقة الفنان الشاب (اليايا) للعام 2014، التي شارك فيها تسعة فنانين فلسطينيين شباب تمكّنوا من الوصول إلى المرحلة النهائية من المسابقة، من بين 28 مشاركاً تقدموا بطلبات للمشاركة في المسابقة من فلسطين والخارج، وهم: آية أبو غزالة (فلسطينية مقيمة في عمّان)، إيمان السيد (فلسطينية مقيمة في الإمارات)، بشار خلف (رام الله)، فرح صالح (رام الله)، محمد غنام (حيفا)، مجدل نتيل (غزة)، نور عابد (فلسطينية مقيمة في أمريكا)، نور أبو عرفة (القدس)، هنادي أبو جمل (القدس).
واتخذت دورة المسابقة لهذا العام من "التأريخ الذاتي والمنهجية الأرشيفية" ثيمة لها وضعتها قيمة المسابقة فيفيانا كيكيا في استجابة للمفهوم الأساسي، الأرشيف، الذي يقوم عليه "قلنديا الدولي 2014".
وتمّ افتتاح معرض المسابقة الذي يحمل عنوان "شهادات معلّقة"، ويقدم تسعة أعمال فنية جديدة، في 23/ 10 في مسرح بلدية رام الله، كما أعلن عن أسماء الفائزين بجوائز المسابقة الثلاثة في 28/ 10 في مقرّ المؤسسة في رام الله.
وقامت لجنة تحكيم مختصة تضم عدداً من الفنانين والقيّمين والنقاد الفنيين من فلسطين والخارج، بلقاء الفنانين المشاركين ومشاهدة المعرض لاختيار الفائزين بالمسابقة، حيث حصل الفائزون الثلاثة الأوائل على جوائز مجموعها 12,000 دولار، علماً أنّ كل فنان من الفنانين التسعة كان قد حصل أيضاً على منحة مقدارها 1,000 دولار للمساهمة في تغطية تكاليف إنتاج عمله الفني في المرحلة النهائية.
يُذكر أنّ دورة هذه المسابقة مختلفة عن سابقاتها، إذ شهدت، للمرة الأولى، تنظيم معارض المسابقة في فضاء واحد، حيث جرت العادة في الدورات السبع السابقة، على تنظيم المعارض في عدة أماكن مختلفة، كما ساهم انضمام فيفيانا كيكيا لفريق برنامج الثقافة والفنون لتتولى العمل قيّمةً لمسابقة الفنان الشاب في إحداث تغييرات جذرية في تصميم العملية برمتها من الناحيتين المفاهيمية والعملية على حد سواء، بدءاً من مرحلة فتح باب التقدم للطلبات، وصولاً إلى المرحلة النهائية.
اضغط هنا للمزيد من المعلومات حول المحاضرات التي عُقدت إلكترونياً للمشاركين في المرحلة النهائية من المسابقة.
يشار إلى أن مسابقة الفنان الشاب تنظمها مؤسسة عبد المحسن القطّان كل سنتين، وهي تهدف إلى تشجيع ودعم وترويج أعمال الفنانين الفلسطينيين الشباب. وانطلقت المسابقة في العام 2000 في إطار عمل برنامج الثقافة والفنون في المؤسسة، وهي الآن تحمل اسم الفنان الراحل حسن الحوراني تكريماً له كأحد الفائزين في دورتها الأولى، وأحد الفنانين الشباب الموهوبين، وقد توفي في حادث غرق مأساوي العام 2003.
والمسابقة مفتوحة أمام الفنانين الفلسطينيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 22 – 30 عاماً، على أن يكون المتقدم/ة فلسطيني/ة الأصل بغض النظر عن مكان الإقامة. كما يمكن للفنانين من الجولان السوري المحتل أن يتقدموا للمسابقة. ويقوم المتقدمون بتقديم مقترحات لأعمالهم الفنية، بحيث تكون قد أعدت خصيصاً لهذه المسابقة ولا يحق للمشارك/ة عرضها أو نشرها قبل إعلان النتائج، كما لا يحق لمن سبق وفاز بالجائزة الأولى في مسابقة الفنان الشاب التقدم للمشاركة مجدداً.
وتستمر المؤسسة في تواصلها مع الفنانين المشاركين في المرحلة النهائية للمسابقة عبر خلق فرص لإقامات دولية، إضافة إلى توفير فرص لدعم عرض أعمالهم الفنية محلياً وعالمياً.
إعلان المسابقة:
بناءً على ما راكمه البرنامج من خبرة في الدورات السبع الماضية من المسابقة، وأخذاً بعين الاعتبار التغييرات والتطورات المهمة على صعيد الفن المعاصر والممارسات الثقافية على مدى تلك السنوات الأربع عشرة محلياً ودولياً، فإنه سيتم تقديم دورة مسابقة اليايا 2014 بشكل مختلف. وعلى خلاف الدورات السابقة، فإنه سيتم تعيين قيّمة فنّيّة لتعمل على تصميم العملية برمتها من الناحيتين المفاهيمية والعملية على حد سواء، بدءاً من مرحلة فتح باب التقدم للطلبات، وصولاً إلى المرحلة النهائية - مرحلة المعارض، حيث سيتم عرض الأعمال الفنية المشاركة في المرحلة النهائية من المسابقة كجزء من فعاليات قلنديا الدولي للعام 2014. ولهذا، وفي إطار الموضوع المفاهيمي لمهرجان قلنديا الدولي لهذا العام، وهو "الأرشيف"، فسوف يُطلب من جميع الفنانين المتقدمين للمسابقة اقتراح مشاريع تستجيب للمفهوم المقترح من قبل قيِّم المسابقة، والمبين أدناه (ولن يتم النظر في أية طلبات لا تستجيب في بنائها لهذا المفهوم).
إن المفهوم الذي ترتكز إليه دورة المسابقة لهذا العام هو التأريخ الذاتي والمنهجية الأرشيفية. التأريخ الذاتي هو إستراتيجية يفرضها الفنانون لإدارة تاريخهم في الأوضاع التي لا تقوم فيها المؤسسات بكتابة التاريخ وتحليله. إنها وسيلة متاحة أمام الفنانين لأخذ زمام المسؤولية، والسيطرة بشكل شخصيّ على الرواية في سياقهم الخاص.
تستند الفكرة إلى حقيقة أن الكثير من الروايات المختلفة يتم نسيانها، أو استبعادها، أو حتى منعها باستمرار على يد أولئك المنخرطين في فعل كتابة التاريخ. حتى مع افتراض حدود الذاتية في فعل الكتابة وأرشفة التاريخ، فإنه يمكن أن تكون لهذا العمل أهمية كبيرة في إعادة تقديم الحلقات المفقودة من الصورة التي من شأنها أن تظل مجزأة، طالما بقيت تلك الحلقات ناقصة.
يمكن لممارسات الفنانين في هذا الإطار أن تشمل، على سبيل المثال، مواد موجودة مرتبطة مع أرشيفات شخصية أو رسمية (تاريخية)، حكايات عابرة أو غير مادية. إن الفنانين مدعوون لتجريب أشكال مختلفة من أجل تقديم الوثائق، والموجودات والمواد الأرشيفية. وبانخراطهم في هذه العملية، يصبح الفنانون أنفسهم منتجين مشاركين للخطاب/الرواية التي يختارونها.
وتدعو القيّمة الفنيّة وبرنامج الثقافة والفنون، الفنانين إلى تقديم مقترحات فنية تستجيب لهذا المفهوم، على أن يكون سن الفنان، وقت التقدم للمسابقة، ما بين 22 – 30 عاماً (مواليد ما بين 1/1/1984 و31/12/1991)، وأن يكون فلسطيني الأصل بغض النظر عن مكان الإقامة. كما يمكن للفنانين من الجولان السوري المحتل أن يتقدموا للمسابقة. ويجب أن يكون العمل الذي ينوي الفنان التقدم به لمسابقة اليايا 2014، قد أعد خصيصاً للمسابقة، ولا يحق للمشارك/ـة عرضه أو نشره قبل معرض المسابقة.
وتقوم لجنة تحكيم مستقلة وقيّمة المسابقة بمراجعة جميع المقترحات المقدمة، واختيار أفضل عشرة مشاريع منها للمشاركة في المرحلة النهائية، حيث يتم ذلك بناء على معايير الامتياز، والجدية في العمل، وأصالة الفكرة، والتجديد، والإبداع، ... وغيرها.
وسيعطى المتقدمون بهذه المشاريع العشرة، فترة ستة أشهر لإنتاج أعمالهم الفنية التي سيتم تقديمها للمرحلة النهائية من المسابقة. خلال تلك الأشهر الستة، يتوقع من الفنانين التواصل بشكل مستمر ومنتظم مع قيِّمة المسابقة التي ستعمل عبر التحاور مع الفنانين العشرة المرشحين للمسابقة على وضع خطة عمل لفترة الأشهر الستة. وسيتم عرض الأعمال الفنية النهائية في معرض يدوم ثلاثة أسابيع، كجزء من مهرجان قلنديا الدولي في تشرين الأول 2014.
سيقدم البرنامج لكل واحد من المشاريع العشرة منحة مقدارها 1,000 دولار للمساهمة في تغطية تكاليف إنتاج العمل الفني. كما سيتم تقديم جوائز يبلغ مجموعها 12,000 دولار، للفائزين الثلاثة الأوائل الذين يقع عليهم اختيار لجنة التحكيم.
وتعتبر مسابقة الفنان الشاب التي تحمل اسم الفنان الراحل حسن الحوراني، من أهم الفعاليات في المشهد الفني الفلسطيني. فمنذ العام 2000، يتم تنظيم هذه المسابقة مرة كل عامين، وتمت دعوة فنانين ونقاد وقيّمين فنيين معروفين على المستويين المحلي والعالمي للمشاركة في لجان تحكيمها المتعاقبة مثل: منى حاطوم، أكوي إنفيزور، سليمان منصور، مايكل أنجلو بوستوليتو، جاك برسكيان، ساشا كرادوك، شريف واكد، خليل رباح، جيراردو موسكيرا، ... وغيرهم الكثير.
البيان الختامي
في البداية، أود باسم أعضاء اللجنة الخمسة (نيجار آزيمي، ونيكولا جري، وماركو نيريو روتيللي، ورلى حلواني، وخالد حوراني) أن نشكر مؤسسة عبد المحسن القطان التي سمحت لنا كلجنة تحكيم، ولاسيما أعضاء اللجنة الذين مثلت لهم هذه التجربة الزيارة الأولى لفلسطين، المشاركة في هذه العملية المثيرة والنادرة، وبالتالي إلقاء نظرة على مشهد فني ديناميكي وحيوي.
نود التشديد على أنه، على مدى عمل اللجنة خلال أيام الأسبوع الماضية، وما تضمنته من مشاهدة الأعمال الفنية، والتحدث إلى كل فنان على حدة -علماً أن أربعة من الفنانين المشاركين لم يتمكنوا من الحضور هنا، وجرت مقابلتهم عن طريق الاتصال عبر الإنترنت، الذي لم يكن ليحل محل وجودهم الشخصي، فإن كل واحد منا توقف، أكثر من مرة، عند الأعمال المشاركة، وما انطوت عليه من اتساع وتعقيد وأفكار مركبة. إنها أعمال تقول الكثير عن المشهد الفني، وعن المؤسسات، والأفراد، والظروف، وكل العوامل الأخرى التي ساهمت في تطوره.
وقد رأينا في اختيار الفنانين العشرة المشاركين في هذه الدورة من المسابقة، بالتحديد، أعمالاً كثيرة متميزة: فقد شاهدنا تنوعاً في المواد والوسائط المستخدمة، وقد عكس استخدام هذه المواد والخامات اهتماماً وتفكيراً يقظاً. كما لم يكن اختيار المواضيع، بأي شكل من الأشكال، عرضياً، بل أصيل ويشف عن تركيب وتعدد في الطبقات. وقد حملت كل الأعمال أصداء متعددة خارج فلسطين، بل خارج حدود عالم الفن. إننا نحيي الفنانين العشرة على ذلك.
إن اللجنة تهنئ لجنة تنسيق معرض المسابقة يزن خليلي، وريم الشلة، ومحمد مسلم، وإخلاصهم للعمل، وللفنانين المشاركين، وللعملية، ولتطور المشهد الفني بشكل عام. وبدون رؤيتهم الفردية لم تكن لهذه الدورة من المسابقة أن تكون كما كانت عليه.
ففي رام الله بالتحديد، قام كل من يزن وريم بعملية مبدعة تجلت في أخذ المسابقة إلى الفضاء العام، عبر مسارات ثلاثة تم تحديدها لتدل الناس في المدينة على مواقع عرض الأعمال الفنية المختلفة، في خطوة فنية عمدت إلى إشراك مصممين ومعماريين وفنانين شباب، والمجتمع ككل في هذه التظاهرة الفنية. إن مسلك الأثاث الذي قام بتصميمه فريق أستوديو شمس أرض، والذي قام بتصميم قطع أثاث للطرقات من مواد أعيد استعمالها، جذب الانتباه إلى قضايا بيئية في صلب حياتنا. أما مسلك الغرافيتي الذي يقوده رسم لشخصية محددة في مواقع مختلفة من المدينة، تم تنفيذه من قبل الأخوة سامي وبشار زعرور. وأخيراً، مسلك سيارة السرفيس التي تقل الزائرين عبر محطات مختلفة تم نصبها قرب أماكن العرض، عارضة رحلات إلى الأعمال الفنية مع إمكانية وجود تدخلات مختلفة داخل المركبة نفسها، وهو تدخل لكل من دينا وسميحة خليل.ويمثل موقع مدونة المسابقة مساهمة مميزة أخرى. وتحث اللجنة الجميع لزيارته، لأنه يقبض على عناصر عملية إنتاج الأعمال الفنية عبر أسابيع وأشهر، مشكِّلاً فضاء غير مسبوق، حيث يتأمل الفنانون في أعمالهم، ويتشاركون مع زملائهم الفنانين والمجتمع، ويسهل الحصول على التعقيبات. وبالتفكير في هذه المسابقة بشكل عضوي، فإن هذه المدونة، في الحقيقة، في صلب نسيج العمل الكوني المقدم هنا. وتأمل اللجنة أن تتواصل النقاشات المهمة التي بدأت على هذا المنبر خلال الأيام والأسابيع القادمة. إن برنامج المسابقة الذي صممه يزن خليلي يستحق الإشادة، ويعتبر نقلة نوعية عن السنوات الماضية، وربما ليس مصادفة أن يزن قد تلقى تعليمه كمعماري، كما من موقعٍ عمليِّ وجماليِّ، فإن بروشور المسابقة هو منشورة ديناميكية بشكل كبير، كما أنه يشكل مرجعاً ودليلاً للمسابقة.
والآن لنعد إلى صلب الموضوع، ولما ينتظر سماعه الكثير منكم.
نود الإشارة إلى أن عملية التصويت، وما خرجت به من قرارات لم تكن بالإجماع. كان هناك نقاش محتدم حتى اللحظات الأخيرة من عمل اللجنة، وعليه لم تكن النتائج النهائية تعبر بالضرورة عن رضى أعضائها الخمسة كافة. لعل هذا أمر حتمي في مسابقة كهذه، احتوت على كثير من الأعمال القوية التي كان على اللجنة تقييمها. فهل كان علينا مكافأة العمل النهائي، أو ما تنطوي عليه العملية من تطور للفنان؟ أم هل علينا تقدير التميز الجمالي أم التعقيد الفكري؟ إن هذه بعض من نقاط التوتر التي شابت عملنا كلجنة تحكيم. وكما يعلم الجميع، فإن المسابقات، وما يرتبط بها من جوائز، تعكس، بشكل لا يمكن تفاديه، عملية ينقصها الكمال. لذا، ارتأينا أن نشير إلى هذا الأمر.
وقبل الإعلان عن الفائزين بالجوائز الثلاث، فإن اللجنة تود الإشادة بقوة بعمل
"زي التشريفات" لـ عمر يوسف بن دينا
لأنه يمثل بناءً محكماً من تقنيات وممارسات تصميم الأزياء، مشحوناً بالتفاصيل التاريخية المرتبطة بالتاريخ الثقافي والسياسي الفلسطيني، حيث يقدم عملاً نحتياً قوياً، يتمتع بحضور لافت، وسمات قوية من الغرابة والغموض. إن التفاصيل التاريخية هي جزء مهم من العمل، وهي تدخل في نسيجه بشكل محسوب جيداً، وقد استكشف، بشكل خلاق، قضايا لها علاقة بفكرة القومية، والرجولة، والمعاني الثقافية والأدائية، وطبيعة اللباس والأقمشة. إن انتباه هذا الفنان الشديد للتفاصيل، واعتناءه بتفاصيل الصنعة، يقدمان سابقة مهمة، حيث أصر على تقديم حرفية ماهرة كطريق لدمج لغتين تبدوان ظاهرياً مختلفتين، وهما التصميم والفن.
والآن سنمضي مباشرة، إلى إعلان الفائزين بالجوائز، ومن ثم سنقوم بالتعقيب على أعمال الفنانين الآخرين، بدون ترتيب محدد، الذين جميعهم، في نظرنا، فائزون، وجديرون بالمكافأة.
لقد قررت اللجنة منح الجائزة الثالثة مناصفة لكل من:
إيناس حلبي عن عملها "صافي"
فعلى الرغم من أن عمل إيناس حلبي لم يتم إنجازه تبعاً للمخطط الأصلي، فإن ذلك الشروال الشمعي المنتصب على أرضية الغرفة الأرضية في مركز خليل السكاكيني الثقافي، وهو كعلامة نحتية، يمثل دقة شكليةً وغموضاً عاليين. إن ذلك الشروال يشير إلى كثير من التقاليد الدينية والروحية والأبوية، ويوقظ الكثير من العوالم. ولقد كان من المؤسف أن عناصر أخرى من العمل لم تصل في الوقت المحدد للعرض، ولكننا نؤكد أننا قمنا بتقييم العمل بالكيفية التي عرض بها.
ولـ:
ميرنا بامية عن عملها "لأعبرَ أرضَ بياضِهم"
يعكس عمل ميرنا انخراطاً مقنعاً بالفن الرقمي، والوسائط السائدة التي عبرها، وبشكل جمعي نقيم صلة كبشر معاصرين مع الصور التي تأتينا عبر اليوتيوب، وشاشات التلفاز، والهواتف النقالة وغيرها. لقد اقتطعت ميرنا مسيرة أشخاص من الذين تجرأوا على اجتياز الحدود المليئة بحقول الألغام من سوريا باتجاه هضبة الجولان المحتلة، وذلك في ذكرى يوم النكبة في العام 2011. وما نتج عن هذه العملية التي انطوت على عمل كثيف على تلك الجزئية الرقمية، خلق تأثيراً تصادى مع تقاليد رسم المنمنمات في بعض اللحظات، وكما جاء في وصف أحد أعضاء اللجنة: شابَهَ رقصة افعوانية خفيفة. إن الأفراد الذي نراهم على الشاشة البيضاء، يترددون، بشكل غامض، ما بين الاحتفال والخوف، وبين المجيء والذهاب. ومرة أخرى، فإن هذا العمل ببساطته كان تأملاً مهماً في الشكل الرقمي وبالحيوات الغامضة للصور بشكل عام.
أما الجائزة الثانية، فتذهب إلى
ضرار كلش عن عمله "صوت مستصخر"
قدم ضرار بشكل حي عرضي أداء صوتي، واحد أمام اللجنة، وآخر أمام جمهور افتتاح قلنديا الدولي في بلدة قلنديا. وقد حمل هذان العرضان كل من شاهدهما إلى تجربة مختلفة. جمع مشروعه الفني، إضافة إلى الأداء، عملي فيديو وصور. وقد أثار انطباع اللجنة طموح الفنان للتأمل في الطبيعة الزلقة للوسيط واللغة، واستخدامه لممكنات الصوت المقارب للنحت، وبالتالي فإنها أعمال تتخذ حيوات جديدة بعلاقتها، بعضها ببعض. إن اتساع رقعة المفاهيم التي يحاول طرحها في أعماله كانت معقدة وطموحة، بينما شعرنا في التحليل النهائي للعمل أن عناصر العمل النهائي لم تشكل وحدة واحدة، لكننا شاهدنا في الأداء عملاً متكاملاً وقوياً. إن الإحساس المختلف للوقت الذي تحتاجه عروض الصوت ليتم تأديتها، واستقبالها لهو اقتراح جديد للعمل، قد يفيد ويلهم فنانين شباباً آخرين.
أما الجائزة الأولى، التي نود أن نشير إلى أن القرار بخصوصها كان بالأغلبية العظمى لعضوية اللجنة، وليس بإجماعها، فتذهب إلى
جمانة مناع عن عملها "مدن متخيلة"
لقد شعرت اللجنة أن عملها مثل علامة غنية وشفيفة ومتعددة الطبقات. فإن كانت إحدى خصائص العمل الفني القوي أنه يفتح عوالم متعددة، ويطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات، فإن هذا العمل يحقق هذا الوعد. فإن تأمله في تاريخ الصورة، وفي لحظة الحداثة في المنطقة، وفي الحيلة والتشتيت المقصود للحقيقة، يحوز أهمية كبيرة.
إن استخدامه الأشياء الموجودة والنحتية لخلق ما سمَّته الفنانة بالأورا (أو الهالة)، ولكن أيضاً للتأمل في الشكل والذاكرة، أمر بارز.
للأسف ليست هنا سوى عدد محدود من الجوائز، لذا ترى اللجنة ضرورة التعقيب على الأعمال المشاركة الأخرى. إن تأمل عبد الله الرزي في الحياة المبكرة للإنسان عبر ذلك التركيب النحتي ذي الشكل البيضاوي، عكس ارتباطاً عميقاً وخاصاً بالتكنولوجيا في العالم المعاصر. وإن العمل نفسه، وهو عمل نحتي يتم عرضه في قاعة أرضية من مبنى جمعية الشبان المسيحية في غزة، مثير للانطباع فيما يتعلق بحجمه، وغني باقتراحه الأمل والتجدد. إن اللجنة تشيد بعبد الله على إنجازه هذا العمل بما اعتراه من تحديات تقنية، كما تشيد بشغفه المتواصل لتطوير أفكار ووسائط ولغة عمله الفني. بسبب وجود العمل في غزة، اضطر أعضاء اللجنة لبناء صلة مع هذا العمل عبر وساطة السكايب، والصور التوثيقية، وعمل فيديو يصور عملية القيام بعرض العمل، التي جميعها لم تكن لتسد مكان رؤية العمل في الواقع. لكن اللجنة، في الوقت ذاته، تعرب عن سعادتها لأن الفرصة ستتاح لجمهور غزة لمشاهدة عمل عبد الله.
إن إشراك مجد عبد الحميد نساء قرويات ليقمن بإنجاز صورة مطرزة تحمل وجه الثائر التونسي محمد البوعزيزي، يعكس بشكل مقصود استخدام لغة وتصوير البوب آرت مقروناً مع الممارسة التقليدية الفلسطينية. إن قرار الفنان في إعادة إنتاج صورة البوعزيزي يذكرنا بالفعل الذي قام به البوعزيزي الذي لقي أصداء واسعة في العالم العربي، وقاد إلى تداعيات ونتائج كبرى.
وترى اللجنة أن عمل شذى الصفدي الذي يوظف الظل باقتصاد ودقة وحساسية، أدخل كل واحد منا في النضال الجمعي الذي يغلف سوريا وكل المنطقة. ووراء السياق الخاص بسوريا، يقدم العمل تجربة نادرة من توريط المشاهدين في خلق لحظة جمالية وحتى سيكولوجية.
كما أن ضياء العزة أدخلنا في سياق، حيث العالم ينقسم ما بين فاعلين ومشاهدين. إن استخدامه الرسوم المتحركة والموسيقى خلق جوّاً، لم يكن ليكون أكثر اقتضاباً، ليشد المتلقي، وأخيراً يحركه بعمق. إن طبيعة العمل التفاعلية تثير فكرة المشاركة والتمكين، وتمكن كلاً منا ليدرك، أو كما يحدث، تجاهل ممكناتنا كفاعلين في هذا العالم.
إن عمل ستيفاني سعادة يتناول طبيعة الحدود بعشوائيتها وانزلاقاتها، لكن بحقيقتها أيضاً. إن حقيقة أن هذا العمل كان عليه أن يخط رحلته الخاصة من بيروت ليصل هنا، تقبض على المشاكل العملية الكامنة في السياق الخاص بهذه المسابقة. إن هذا، مضافاً إليه رغبة الفنانة في دعوة الجمهور إلى المشاركة في تشكيل العمل الفني نفسه، كان أمراً جديراً بالتنويه.
مرة أخرى، نود شكر مؤسسة القطان على دعوتها لنا للمشاركة في هذه العملية الخلاقة، ونود الإشادة برؤية المؤسسة ودعمها العضوي المستمر للفنانين الفلسطينيين الشباب. ونأمل أن يستمر ذلك في التطور على مستويي الطموح والإنجاز. وأخيراً فإننا نتمنى لكل واحد من الفنانين العشرة كل النجاح في مشاريعه المستقبلية ومسيرته الفنية.
بيان لجنة التحكيم
تعبّر لجنة تحكيم مسابقة الفنان الشاب للعام 2010 عن عميق امتنانها لمؤسسة عبد المحسن القطَّان التي تنظم هذه المسابقة، وتنوّه بشكل خاص بدور المؤسسة وقَيِّمة المعرض الضيفة نيكولا غري في إيجاد حلول تغلبت على العوائق التي فرضها فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وللتنسيق مع الفنانين، وعرض الأعمال في غزة والضفة الغربية.
هذه هي السنة العاشرة والدورة السادسة للجائزة، وفي هذا الصدد، أخذت اللجنة، بعين الاعتبار، من كانوا قادرين قبل عشر سنوات على الحضور مع أعمالهم إلى رام الله، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك هذه المرة. وهذه هي الدورة الأولى للمسابقة التي تعرض فيها بعض الأعمال الفنية في غزة.
اجتمعت اللجنة في شباط 2010، ودرست اثنين وستين مقترحاً فنياً تقدم بها فنانون شباب يعيشون في فلسطين التاريخية والشتات. وقد راجعت اللجنة كافة المشاريع المقترحة والرسوم التوضيحية وجميع الوثائق ذات الصلة، واختارت من بينها عشرة مشاريع فنية، أوصت بتنفيذها، ووضعها على قائمة اللائحة القصيرة. وقد مُنح الفنانون ستة أشهر لإعداد مشاريعهم للعرض أمام الجمهور في تشرين الأول. وشملت القائمة القصيرة الفنانين التالية أسماؤهم: إبراهيم جوابرة (الخليل)، أحمد ومحمد أبو ناصر (غزة)، جمانة منّاع (القدس)، دينا مطر (غزة)، سلمان النواتي (غزة)، عايد عرفه (بيت لحم)، عبد الله الرزّي (غزة)، عيسى عبد الله (رام الله)، مجد عبد الحميد (رام الله)، ونور أبو عرفة (القدس).
وقد وجدت اللجنة أن هذه المشاريع الفنية تمتاز بالتفرد وبتعددية الشكل واللغة، وتأثرت بالمفاهيم المركبة الكامنة وراء هذه الأعمال، على الرغم من أن بعض الأعمال كانت في غاية الطموح، وانطوى تنفيذها على مصاعب عملية جمّة.
وتود اللجنة الإشارة إلى أهمية تشجيع الفنانين في بداية حياتهم الفنية، وقد تأثر أعضاء لجنة التحكيم بحيوية وعمق المفاهيم التي تناولها الفنانون في أعمالهم، على الرغم من التناقضات المؤلمة التي يجابهها المجتمع الفلسطيني. كان ثمة العديدُ من الحلول الفنية المتخيلة الكامنة في الحق في التعبير عن النفس، وفي تحقيق الذات، إزاء ضغوطات ظالمة وطاغية داخلية وخارجية في بعض الأحيان. وقد تجلَّت موضوعات تتصل بالحرية والقيد، وبالفقدان والتجدد، وبالواقع والحلم والإلهام بطريقة تسِمُها الحساسيةُ، وطموح الإنجاز الذي يعكس مدى تعقيد هويات الفلسطينيين، التي هي في حالة حراك دائم.
اعتمدت اللجنة الابتكار، والرؤية الفنية، والتنفيذ الناجح للمشروع، وموضعة الفنان لنفسه في الإطار الاجتماعي الأعرض، معاييرَ لعملها. وقد ناقشت اللجنة الأعمال الفنية من زاوية ما يشهده الفن المعاصر الآن من سجالات وموضوعات. وتشعر اللجنة أن الفنانين كافة بلوروا موقفهم الفني في سياق العلاقات والموضوعات الاجتماعية ذات الصلة، وبقدر ما وجدنا جوانب معينة من الضعف، وجدنا مساحة للتطور في المشاريع كافة. وكان الانطباع الطاغي هو الطاقة الكبيرة لكافة الأعمال الفنية التي وصلت إلى القائمة النهائية، وبخاصة أولئك الذين نالوا الجائزتين الأولى والثانية. فقد أظهروا جودة استثنائية عالية، وتطوراً في مفاهيمهم، وفي التنفيذ الدقيق لأعمالهم.
وبعد مداولات ونقاشات وزيارات عديدة للمعارض شملت لقاءات مع الفنانين، لم تتمكن اللجنة من التوصل إلى قرار بالإجماع بشأن الجائزة الثالثة، فقد وجدت أن ثمانية من الأعمال تمتاز بمفاهيم معبّرة، بيد أنها تعاني من إشكالات غير محلولة في مكوناتها البصرية، ومن فجوة بين الإطار المفهومي للأعمال وبين شكلها النهائي، الذي كان يستدعي المزيد من التفكير، من حيث تحرير المادة والمواءمة بين الخامات. امتاز العديد من المشاريع بالجدارة، وبكشفه عن إمكانية قوية للتطور في المستقبل.
وفي هذا السياق، تنوه اللجنة بإبراهيم جوابرة الذي اتخذ قراراً شجاعاً موصوماً بالقلق، حينما تقدم بعمل أدائي في المسابقة، كما اتسم عرض الفيديو "التواء في رقبة الوقت" الذي قدمه سلمان النواتي بالقوة التي يصيبها بعض الوهن، للأسف، نتيجة إضافة عنصر النحت إليه.
وتود اللجنة أيضاً الإشارة إلى دينا مطر التي قدمت عملاً متماسكاً، ونجحت في تنفيذ رؤيتها في مشروعها "عكس ما تحب النساء".
وقفت اللجنة أمام خمسة من الأعمال التي بدت على قدرٍ متساوٍ من حيث استحقاقها الجائزةَ الثالثة، وبسبب صعوبة اختيار مشروع واحد، اتخذ قرار بمنح الجائزة الثالثة لأثنين من الأعمال الفنية، وهما:
"بكجة بحر" لـ عايد عرفة،
و
"فقد طُرحتَ بعيداً عن قبرك" لـ جمانة منّاع.
ونحن ننوه بـ"بكجة بحر" للمفهوم الطموح الذي أسهمت في تحقيقه أطراف مختلفة حول العالم، حيث بدأ هذا المشروع من تجربة شخصية للفنان، وتمكَّن من تحقيق عمل يتسم بدلالة جمعية. فالمياه التي جُمعت جاءت من مناطق مختلفة من العالم، وتجمعت في كيس بلاستيكي ضخم، تستدعي حساً لطيفاً بالفكاهة إزاء المساعدات الخارجية المقدمة للشعب الفلسطيني، ولكن بجماليات بصرية مفاجئة. وعلى الرغم من إخفاقات تقنية في النتيجة النهائية للعمل، فإن العمل يرغم المُشاهد على التفكير في البحر الوحيد الذي لا يستطيع عايد أن يصله؛ أي الساحل الفلسطيني. وهذا ما تجلى أيضاً في عمل الفيديو "أفق".
يعالج مشروع "طُرحت بعيداً عن قبرك" لجمانة منَّاع مسألة ذات تداعيات جدية في فلسطين، تتمثل في فقدان الموروث الثقافي، وعدم إمكانية استعادة آثار وشظايا الماضي، وقد وجدت اللجنة هذا العمل الفني على قدر كبير من التركيب والتعقيد، ويتسم بأناقة الشكل وبراعة الصنعة. إن قرار البدء بهذا المشروع من بقايا شواهد القبور في مقبرة الكازاخاني المهملة بيافا، وإعادة تقديمها، كأنصاب صغيرة، من خلال خامة البرونز مثَّل عملاً انطوى على مفهوم يتسم بالقوة. وربما طغى على العمل التركيزُ على حكاية إبراهيم أبو لغد. وفي سياق تأمل المصاعب التي يجابهها الفلسطينيون في اختيار قبورهم، وتحقيق إبراهيم أبو لغد لحق العودة، تشعر اللجنة أن هذا العمل يمثل رواية مضادة. وإذ تثمِّن اللجنة محاولتها للتعاطي مع كيفية عرض الأعمال ضمن التقاليد المتبعة في المتاحف، إلا أن الشكل الذي قدم من خلاله العمل كان يحتاج إلى مزيد من التفكير النقدي.
وقررت اللجنة منح الجائزة الثانية
للفنان عبد الله الرزي عن عمله التركيبي "جرثومة".
فقد فوجئت بالتكوين البصري الجريء، وأناقة الشكل الذي اتَّسم بها العمل، وعلاقته بالتقاليد الفنية، بطريقة تمنح الجدارة لرؤية الفنان وعمله.
وعبر استخدامه لغة بصرية متطورة، عالج الفنان، من خلال عمل ضخم الأبعاد، موضوع الألم الشخصي باعتباره مجازاً للمجتمع بأكمله. فقد استكشف الجانب الشخصي، وكذلك المعضلة الاجتماعية في الوقت نفسه، وهذا من خلال استخدامه خاماتٍ ضارة وقد تسبب التسمم في بناء عمله، وكان ناجحاً في تذليل العقبات التي جابهت تركيب العمل وبنائه. وقد تأثرت اللجنة كثيراً بالخيار الدرامي وغير المألوف للعمل، وتصميم الفنان على إيجاد مكان العرض وتأمينه. واللجنة تنوه بما احتوى عليه العمل من توظيف لحواس مختلفة مثل الصوت، والفضاء، والضوء، وكذلك البنية المادية لخزان المياه. لقد بلور الفنان جمالية فردية فعالة، وقابلة للفهم من خلال الفكرة النحتية والمفهوم. إن بعض الأعمال تمتاز بقدرة التحول إلى أساطير حضرية في المجتمعات التي توجد فيها، كما يمكنها أيضاً أن تعبر الحدود، وقد نجح هذا العمل في كلا الأمرين.
أما الجائزة الأولى "جائزة حسن الحوراني"، فقد قررت اللجنة منحَهَا
للأخوين أحمد ومحمد أبو ناصر (طرزان وعرب)
عن مشروعهما "غزة وود"
إذ تأثرت اللجنة كثيراً بقدرتهما على دمج السياق الثقافي والسياسي والاجتماعي لغزة، إضافة إلى إحالات أوسع، بطريقة ساخرة ومبتكرة. وكان من الواضح أن العمل نجم عن سنوات عديدة من البحث، عبَّرت عن نفسها بوسائط مختلفة ضمن إطار مشروع متماسك قادر على نقل مدى ما يسم العديد من القضايا من تعقيدات. يعكس هذا العمل المهنية العالية، والانخراط بشغف مع عناصره ومكوناته كافة، بما في ذلك جوانبُ تتصل بالتمثيل والأداء والتصوير والتصميم، وكذلك فهمهما الذكي للغة السينما وتاريخها، وأخيراً عرض العمل في أماكن عامة خارج الفضاءات التقليدية المخصصة لعرض الأعمال الفنية. إن "غزة وود" يعالج بوضوح وشجاعة، التاريخ، من خلال المقارنة الساخرة مع شركة إنتاج سينمائي معروفة، ويعيد توليف ملصقات هوليوود بطريقة تتصل بالتجربة الشخصية للفنانين. إن عناوين الأفلام تستغل، بطريقة بارعة، عبثية التسميات التي يطلقها الإسرائيليون على عملياتهم العسكرية. وقد وجدت لجنة التحكيم أن هذا المشروع مكتمل ويتسم بالخيال، وقد نفذ وعرض بطريقة ناجحة.
نشكر، نحن أعضاء لجنة التحكيم، الفنانين كافة، لما بذلوه من جهد وحماسة، ونرجو لهم النجاح في المستقبل، كما نود أن نشكر طاقم مؤسسة عبد المحسن القطَّان، وبخاصة طاقم برنامج الثقافة والفنون، وقَيِّمة المعرض نيكولا غري وفريقها، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة صعبة تتمثل في تنظيم المعرض هنا في رام الله وفي غزة، وفي مساعدة الفنانين على إنجاز أعمالهم، كما نشكر المراكز الثقافية في غزة ورام الله والبيرة على تعاونها واستضافتها الأعمال المشاركة.
أعضاء لجنة التحكيم
أملي جاسر، جين فيشر، حسن خضر، رائدة سعادة، راجي كوك
رام الله، تشرين الأول 2010
البيان الختامي
لجنة تحكيم مسابقة الفنان الشاب للعام 2008
التأمت لجنة تحكيم مسابقة الفنان الشاب في شباط العام 2008 للنظر في 58 مشروع فني قدمها فنانون فلسطينيون شباب من كافة أنحاء فلسطين ومن المهجر أيضاً، ولأول مرة من الجولان السوري المحتل. وقد قررت اللجنة توسيع قائمة الفنانين المؤهلين للدخول في المرحلة الثانية والنهائية من المسابقة، لتضم إثني عشر فناناً وفنانة بدلاً من عشرة فقط.
وقد ضمت هذه القائمة كلأ من: أكرم حلبي (الجولان)، وجاد سلمان (طولكرم)، وجميل دراغمة (جنين)، وحازم حرب (غزة)، وديالا مداح حلبي (الجولان) ورندة مداح (الجولان)، وسلامة الصفدي (الجولان)، وليان شوابكة (رام الله)، ومجد عبد الحميد (رام الله)، وهاني عمرة (القدس)، ووفاء ياسين (طمرة – الجليل).
ولاحظت اللجنة التنوع في المواضيع التي تتناولها الأعمال الفنية، وفي سعيها لتناول عدد من القضايا المتناقضة والمعقدة المعاشة، من غير أن يحول ذلك دون قدرة هذه لأعمال على تأويلات متعددة. تناول كل فنان وفنانة قضايا مرتبطة بمجتمعاتهم وبخبراتهم الشخصية. وجاءت كثير من الأعمال طموحة في الأفكار التي تود استكشافها وفي طرائق تنفيذها، وفي هذا السياق تود اللجنة أن تحيي الفنانين كافة على الجهد المبذول في محاولاتهم لصياغة مواضيعهم بطريقة بصرية خلاقة.
لقد لفتت إنتباه اللجنة الكيفية التي قدم بها الفنانون أعمالهم لها، والتي تنم عن تأمل واستقصاء آفاقها، الأمر الذي مكن اللجنة من فهم الأعمال بشكل أكبر، والتعرف إلى مراحل تطور مفاهيمياً وتقنياً. وتود اللجنة الإشارة إلى حاجة الفنانين لبذل المزيد من الانتباه والتفكير فيما يخص العلاقة ما بين الفضاء والعمل وكيفية العرض.
وبهذا قررت اللجنة منح الجوائز الثلاثة تقديراً منها لأهمية تقديم الدعم والتشجيع لهؤلاء الفنانين في بداية مشروعهم الفني. وبينما وجدت اللجنة قصوراً متفاوتاً في كثير من الأعمال الفنية، وحاجة لمزيد من التطوير ، هو إلا أن هذا لن يقلل من تقدير اللجنة للعناصر الكامنة والواعدة في الفنانين المشاركين جميعاً، ولا سيما لدى الفنانين الحائزين على المرتبة الأولى والثانية والثالثة.
وبعد كثير من النقاش والتقييم وزيارات متعددة للأعمال الفنية ولقاء الفنانين، خرجت لجنة التحكيم بالنتائج التالية:
لما يكشفه عملها من كفاءة في مجال الرسم في هذه المرحلة من حياتها الفنية، ولقدرته على استكشاف قضية محددة حول رمزية الغراب في المجتمع الذي ربطها بالتشاؤم وأخذها إلى آفاق أرحب، وما يحويه عملها من مقاربات محددة تستكشف قضايا الخاص وسؤال الوحدة، ولتمكن الفنانة من تحقيق حضور مكثف من خلال أعمالها الفنية، ومن تطوير تمايز وتفرد في الأسلوب، قررت لجنة التحكيم منح الجائزة الثالثة للفنانة شذى الصفدي عن عملها "في حضرة الغراب".
لحساسية الموضوع الذي يتناوله عملها، والذي جاء نتيجة سنوات من البحث، واستخدامها لوسائط متعددة لإيصال التعقيد الكامن في الموضوع الذي تتناوله، ولا سيما استخدامها لوسائط متعددة تخاطب حواس مختلفة مثل الرائحة والحيز الجسدي. ولقدرة عملها على استكشاف الطقس اليومي ودعوته المشاهد للمشاركة في هذا الطقس. قررت اللجنة منح الجائزة الثانية لوفاء ياسين عن عملها "وجع معدة".
لقدرتها البصرية الجريئة على التكوين، وفي البحث الجاد والرجوع إلى التقاليد التاريخية بطريقة بنت صلة مع سياقها الشخصي ومشروعها. ولتناولها موضوع الفقد الذي نجربه جميعاً كجزء من الشرط الإنساني، والذي تستهلكه وسائل الإعلام، لحد إفراغه من مضمونه ومعناه، وقد قررت اللجنة منح الجائزة الأولى – جائزة حسن الحوراني، لـ ليان شوابكة عن عملها "فقد".
والتي للمرة الأولى بتاريخ الجائزة تحصل ثلاث فنانات على الجائزة، ونود الإشارة بإنجاز هؤلاء الفنانات.
نشكر جميع الفنانين لمشاركتهم، وعلى ما بذلوه من جهد وعمل، ونتمنى لهم كل النجاح في مستقبلهم الفني. كما نود شكر جميع العاملين في مؤسسة عبد المحسن القطان لتنظيمهم لهذه المسابقة، واستضافتهم عمل اللجنة، وعلى وجه الخصوص نشكر طاقم عمل برنامج الثقافة والفنون في المؤسسة.
أعضاء لجنة التحكيم: إبراهيم المزين، إسماعيل الناشف، تينا شيرويل، جاك برسكيان، مايكل أنجلو بوستيليتو.
البيان الختامي
لجنة تحكيم مسابقة الفنان الشاب للعام 2006
في كانون الثاني من هذا العام، تلقت لجنة تحكيم مسابقة الفنان الشاب، خمسة وأربعين مقترحاًً فنياً قدمها سبعة وأربعون فناناً وفنانة يعيشون في فلسطين والمهجر. وقد تم اختيار عشرة مشاريع قدمها اثنا عشر فناناً، من بينهم أربعة فنانين عملوا على مشروعين مشتركين، وإعطاؤهم الفرصة والمساعدة المالية وفترة تجاوزت ستة أشهر لتنفيذ مشاريعهم.
وهؤلاء الفنانون هم: أحمد المالكي (رام الله)، أيمن الأزرق (رام الله)، سلمى سمارة (الطيرة) وسليم شحادة (يافا)، شادي حبيب الله (القدس)، شادي الزقزوق (غزة)، فؤاد إغبارية (أم الفحم)، محمد فضل (حيفا)، مهند يعقوبي ويزن الخليلي، وفا الحوراني (رام الله)، ووفاء ياسين (طمرة الجليل).
ومن خلال تقييمها للأعمال الفنية، أخذت اللجنة بعين الاعتبار، الأوضاع الاستثنائية والتحديات القائمة في فلسطين خلال فترة هذه المسابقة منذ أوائل هذا العام، حيث تم عزل المجتمع الفلسطيني من قبل المجتمع الدولي، عن طريق منع المساعدات المالية، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، ونشر البطالة، وإغلاق المؤسسات، ما أثر كثيراً على قطاع الشباب.
إن الاجتياحات اليومية، والاعتقالات، وإغلاق قطاع غزة، إضافة إلى العزلة المستمرة، وتقييد الحركة، وبناء جدار الفصل، أدت مجتمعة إلى تجزئة المجتمع، وبالتالي، وفي سياق هذه المسابقة، أعاقت حركة الفنانين الشباب ما بين هذه الأوصال الجغرافية المقطعة لفلسطين.
إن هذا الوضع بالغ الصعوبة جعل من غير الممكن للفنان شادي الزقزوق الالتحاق بزملائه، والعمل مباشرة مع منسقة المعرض، واللقاء مباشرة مع لجنة التحكيم في رام الله.
لقد لاحظت لجنة التحكيم أن كل واحد من هؤلاء الفنانين، وإن كان يعيش ظروفاً خاصة به، قد عكس مناحي من الحياة الفلسطينية في عمله بطريقة فريدة، تخص ذلك الفنان أو تلك الفنانة، سواء أكان ذلك عبر الفكاهة، أم الاستعارة، أم الاستغراق الداخلي، أم المشاهدة المباشرة. وبشكل عام، فقد شعرنا أن هناك إحساساً بالقلق يبطِّن كثيراً من الأعمال. وليس هذا الأمر مفاجئاً إذا أخذنا بعين الاعتبار الضغوطات التي يواجهها الكثيرون من هذا الجيل، الذي يشعر بأن حياته معلقة ومستقبله غير واضح.
وبهذا المعنى، فإن الفنانين وظفوا أعمالهم الفنية كمنبر أو وسيلة لإيصال أفكارهم وتأملاتهم حول الظروف التي يعيشونها. وجاءت الأعمال طموحة في نواياها، وفي كثافة بعض الموضوعات والمواد التي استخدمها كل فنان من الفنانين، وتود اللجنة الإشادة بالجهود التي استثمرها الفنانون في أعمالهم، وبخاصة أولئك الذين استخدموا تقنيات جديدة في أعمالهم لأول مرة.
وحرصاً على الحفاظ على أعلى المعايير التي نعتقد أن على الفنانين الفلسطينيين الشباب التمسك بها، وبخاصة في هذه المرحلة المبكرة من حياتهم الفنية، ومن أجل الحفاظ على مستوى الجائزة التي تقدمها مسابقة الفنان الشاب، قررت اللجنة حجب الجائزة الأولى.
وبعد الإطلاع على الأعمال الفنية، والنقاشات المستفيضة حول كل عمل منها، ومقابلة كل فنان شخصياً أو عبر الهاتف، قررت اللجنة أن ليس هناك عمل منفرد باستطاعته أن يكون في مرتبة متقدمة عن الأعمال الأخرى بشكل واضح، ليحتاز الجائزة الأولى بجدارة، لذلك قررت منح جائزة ثانية لعملين، وثالثة لعمل واحد.
وقبل الإعلان عن الفائزين، تود اللجنة الإشادة والتنويه بعمل وفاء ياسين، وبخاصة عمل الفيديو "طريق الدودة" الذي يشي بتطور ملموس في مفهوم مشروعها الفني.
هذا وقد قررت اللجنة منح الجائزة الثالثة وقدرها ألفا دولار لـ وفا الحوراني عن عمله متعدد المواد والتقنيات "حياة الصورة". وتود اللجنة الإشارة إلى أنه على الرغم من الخيال الخصب للفنان، كان هناك نقص في السيطرة على مكونات المشروع، وقصور في الإخراج النهائي للعمل، وأخذةً ذلك بعين الاعتبار، فإن منح اللجنة لهذه الجائزة يأتي للإشادة بوجود عنصرين أثنين في عمله، وهما الفيلم الذي يعرض كمقدمة للدخول في معرضه بشكل عام، وعمله التركيبي "قلنديا 2047"، حيث شعرت اللجنة، أنه من خلال هذين العنصرين، حقق الفنان خلق تناقضٍ ما بين الإغواء الظاهر، وتلك المسحة، التي تبدو بشكل خادع، طفوليةً، في هذا النموذج الذي يصور الوضع ومرارة الحياة في مخيم اللاجئين في المستقبل المتخيل. هناك قبول للوضع، لكن هناك أيضاً شغفاً للحياة العادية في هذا العمل التركيبي، كما أن هناك اعترافاً بالإحساس باستمرارية المصيدة والكمين، الذي تم التعبير عنه بسخرية سوداء، لكن تخالطها فكاهة.
وبعد الكثير من النقاش والتقييم، قررت اللجنة منح الجائزة الثانية لكل من شادي حبيب الله عن عمله التركيبي "حكاية مستمرة"، ولمحمد فضل عن سلسلة لوحاته "سماء مربعة".
لقد أثار عمل شادي انطباع اللجنة، وبخاصة لما مثله من سيطرة ذكية، واستخدام تقنية جديدة بالنسبة للفنان. يتناول العمل قضايا إنسانية كونية، لكنها أيضاً متجذرة في الوضع الفلسطيني. إنه مشروع طموح، وترجمة مقنعة للمفهوم أو الفكرة الأساسية التي تقف وراءه. يعبر العمل عن استخدام معقد ومقتصد للمخيلة، على الرغم من أن البساطة الظاهرة هي التي تغلف تعقيد المفهوم وإخراج العمل بشكله النهائي. كما أن هذا العمل يمثل نموذجاً مهماً للفن في فلسطين، كونه يتخذ شكلاً جديداً، وتم إنجازه عبر تكريس الجهد والوقت والاقتصاد في الوسائل والسيطرة على التقنية. وقد تم تحقيق بعض المهام التقنية في هذا العمل بمساعدة فنانين شباب آخرين، وهذا ما تود اللجنة الإشادة به أيضاً.
تظهر لوحات محمد فضل موهبة أصيلة ذات خيال متّقدٍ، حيث يجمع الفنان في هذا العمل روايته الشخصية مع عالم متخيل، من دون إهمال الواقع. كما جاء التعبير عن قضايا اجتماعية وسياسية، من خلال صور مفعمة بالخيال والفنتازيا، ليكشف قدرة الفنان البارعة على استخدام اللون، والاستعارة، والرمزية. إن محمد فضل فنان دائم السعي والبحث عن مفاهيم جديدة لأعماله وتنفيذها بتكريس كبير وثبات في أسلوبه الشخصي.
وأخيراً تود اللجنة شكر مؤسسة عبد المحسن القطان على مبادرتها في إطلاق هذه المسابقة ومواصلة تنظيمها، ودعمها للفنانين الفلسطينيين. كما تشكر منسقة المعرض نيكولا غري ومساعدها مصباح أبو ديب، على أخذهما مهمة تنسيق المعارض الشاقة والمليئة بالتحديات وعلى تسهيل عمل الفنانين أثناء المراحل النهائية في إنتاج أعمالهم. كما أن الشكر موصول لكل من ساهم في التحضير للمسابقة، وبخاصة للفنانين الذين ساعدوا بعضهم البعض، حيث أننا نشيد بروحهم التعاونية، أملين أن يستمر ذلك خارج نطاق المسابقة أيضاً.
ومرة أخرى نود شكر جميع الفنانين لمشاركتهم ولما بذلوه من طاقة وجهد، متمنين لكل واحد وواحدة منهم النجاح مستقبلاً.
أعضاء لجنة التحكيم:
تيسير مصرية، سلوى مقدادي، سمير سلامة، عادلة العايدي، كاترين ديفيد.