استكشاف لحظة ذروة دراميّة: كيف يتصرّف الناس في أزمةٍ جماعيّة
بيت النار في القطار (المصدر)
1. استكشاف دراميّ
- تعود الميسّرة للحديث مع الأطفال وكأنّما هي عضو في فريق الباحثين: لقد وصلنا أيضاً هذا النصّ.
- تشارك الميسّرة الأطفال النصّ الثالث، وتطلب منهم قراءته جيّدا.
لم تمضِ ساعاتٍ من الليلة الثانية حتى سمع الركّاب أنه قد تمّ إصلاح القطار، ولكنّهم لم يتمكّنوا من الفرح بالخبر، ففي تلك اللحظة، كان الثلج قد غطّى كامل العجلات، وأوشك الوصول لنوافذ القطار، وكان هناك الكثير الكثير من العمل المطلوب لإزالة الثلج، في جوٍّ قارسٍ لا يُطاق، وكثيرٌ من ركّاب القطار على وشك التجمّد في أماكنهم، وهنا سمع الرّكاب صوتا يقول: " علينا استخدام الفحم المخًصص كوقود للقطار ... علينا إشعاله هنا... لندفأ جميعا" انقسم ركّاب القطار لفريقين: فريقٌ لا يريد استخدام الفحم في المدفأة، بل لبيت النار لتسيير القطار، ويروْن أنّ عليهم التحمّل وإزالة الثلج ليمضي القطار إلى وُجهته، ويمضون هم إلى وُجهاتهم وغاياتهم التي يسعون لها فالوقت لم يعدْ يحتمل أيّ تأخيرٍ مطلقا، بينما فريقٌ آخر يريد حَرق الوقود للتدفئة فوراً وفي الحال! |
|
مدفأة قديمة في قطار (المصدر) |
- تتفّق الميسّرة مع الأطفال على تجريب تلك اللحظة الدرامية، التي يتمّ فيها اتخاذ قرار من قِبَل كلّ راكبٍ في القطار- من الحالات التي بنتها معهم، ولعبوا أدوارها من قبل والتي لا تحتمل أيّ تأخيرٍ في القطار- بحيث يختاروا:
إما وضع الفحم في بيت النار لتسيير القطار، أو جلب الفحم للمدفأة لكي يدفأوا، وما يمكن أن يترتّب على أيّ من هذين القراريْن من تبعات، وبأن يؤدّوا المشهد وكأنما يحدث معهم الآن، وبحيث يركّزون على لحظة اختيار مكان وضع الفحم، وعمل ذلك ببطء مع التفكير جيّدا وبعمق في تبعات قرارهم على حياتهم (أيّ حياة الركّاب الذين يلعبون أدوارهم).
- تضيف الميسّرة وهي بدور سائق القطار: الآن ... على جميع ركّاب القطار اتّخاذ القرار:
هل ستضع الفحم في المدفأة...أم ستضع الفحم في بيت النار ليسير القطار؟
- يعمل الطلبة على استكشاف هذه اللحظة، فرديّاً، وبالدّور عبر الشاشات.
2. تحليل معاني
- تتفق الميسّرة مع الأطفال على العمل ضمن مجموعات على دراسة حالات الركّاب التي لعبوا أدوارها، وفحص ما الذي يجعل هذا الشخص يرفض خيارٍ أو يقبله، عبر تناول الأسئلة التالية:
1.ما السبب المباشر لهذا الفعل؟
2. ما الغاية من ورائه؟
3.كيف يستثمر/يستفيد الشّخص من فعله؟
4. كيف تعلّم الشخص هذا التصرّف؟
5. لماذا يعدّ مهمّا له/ا؟ أيّ قيم وفلسفة يحملها هذا الشخص في حياته ذات عِلاقة؟
مثال
ما السبب المباشر لذلك؟ (مثلا، ربّما توافق أمٌ على حرق الوقود للتدفئة، لأنّها تريد أن يشعر طفلها بالدفء)
ما الغاية من وراء ذلك؟ (الأم لا تريد أن يحدث لطفلها مكروه وتشعر بالخوف على طفلها والمسؤولية عنه)
كيف يستثمر/يستفيد الشّخص من موقفه أو قراره؟ (الأمّ ستظهر بمظهر الأمّ المثاليّة كما يعرفها مجتمعها، والتي تضحّي بغاياتها لأجل أطفالها)
كيف تعلّم الشخص هذا التصرّف؟ (الأمّ تعرفه من أمها أو من جدتها أو من امرأة تحبّ أمومتها لأطفالها)
لماذا تعدّ هذه الغايات مهمّة له/لها؟ (الأمّ تعتبر أن التضحية بغاياتها الشخصية هي قيمة أخلاقية سامية، وأنّ موضوع الأطفال لا يمكنها المغامرة فيه بأيّ حالٍ من الأحوال)
3. حلقة تأمّل
تنشئ الميسّرة جلسة تأمّل فيما حدث، تتناقش فيها مع الأطفال في لحظة اتّخاذ القرار لركّاب القطار الذين جمّدت العاصفة الثلجية زمنهم، كما جمّدت مكانهم، في قطارٍ صُنع ليحرّرهم من قيْد الأماكن وقيْد الزمن. حيث تعمل على تعميق التفكير في الغايات والأحلام الفردية وأهمّيتها من جهة، وكذلك المسؤوليات الاجتماعية، والعيْش المشترك من جهة أخرى، عبر سؤالهم عما فكروا أو شعروا به، وعمّا يمكن أنّهم قد اكتشفوه، أو تعلّموه. كما تناقشهم في معنى الانتظار وعلاقته باتّخاذ قرارٍ لا رجعة فيه، هل على الإنسان أن ينتظر؟ هل عليه أن يتخّذ قرار بفعل شيء، لا رجعة فيه؟؟
ملاحظات للميسّرة هذه أمثلة لأسئلة قد تتناولها الميسّرة مع الطلبة، في حال لم يتناولونها: هل نحرق أحلامنا لأجل دفءٍ لحظيّ وخشية التجمّد في مكاننا؟ هل نغامر بتجميد أنفسنا برداً في سبيل وقودٍ لحلم بعيد؟ أيهما سيجمّدنا أكثر؟ تجمّد أجسادنا أم تجمّد أحلامنا؟ ماذا عن جسدنا الاجتماعي وأجسادنا الفردية؟ كيف نقرّر أيّهما الأهم؟؟ |