برنامج الثقافة والفنون
شهدت فترة التقرير هذه بدايات تشكل علاقة عضوية وتكاملية ما بين برنامج الثقافة والفنون والبرنامج العام الذي أخذ يرسم حضوره كأحد برامج المؤسسة الأساسية، ويتخذ مكانة في الحياة الثقافية. وتقوم هذه العلاقة على التواصل المستمر والحوار المنفتح والدعم المتبادل، بهدف تحقيق أفضل النتائج.
يعرض التقرير التالي أهم نشاطات برنامج الثقافة والفنون للعام 2016-2017:
إن المتتبع لمسيرة عمل البرنامج وفعالياته يلحظ تطوراً وتنامياً كبيرين في طبيعة تدخلاته التي شهدت تزايداً في التركيز على بناء القدرات، وعلى توسيع قاعدة الشراكات، وفي الانخراط في تنظيم فعاليات مشتركة كبيرة مثل قلنديا الدولي، وميوزيك إكسبو، إضافة إلى استمرار البرنامج في تنظيم وتطوير برامجه الأساسية مثل مسابقة الفنان الشاب، ومسابقة الكاتب الشاب، وتقديم منحه المختلفة، واستقطاب مشاريع منح جديدة.
خلال فترة هذا التقرير، نظم البرنامج الدورة التاسعة من مسابقة الفنان الشاب 2016، بعد أن كلف القيّمة الهولندية نات مولر بقيادة هذه الدورة، والإشراف على عملية تطوير وإنتاج وعرض الأعمال الفنية المشاركة التي قدمها 9 فنانين شباب في إطار النسخة الثالثة من قلنديا الدولي في الفترة بين 5 - 31 تشرين الأول من العام 2016، التي تتناول موضوع العودة كثيمة أساسية لها، بمشاركة 15 مؤسسة من رام الله وحيفا والقدس وبيت لحم، وغزة ولندن وعمان وبيروت. كما نشر البرنامج خلال هذه الفترة الأعمال الأدبية الفائزة والمنافسة ضمن مسابقة الكاتب الشاب للعام 2015، ونظم حفلات إطلاق لها.
وقطع قلنديا الدولي في نسخته الثالثة شوطا كبيراً، من حيث الشراكات العريضة، والتوسع الجغرافي، إضافة إلى تكريسه هذا الحدث في نسيج العمل المؤسسي، وفي الحياة الثقافية في فلسطين، وعلى الرزنامة الدولية للفنون البصرية. كما شكّل مهرجان ميوزيك إكسبو الذي ساهم البرنامج في تنظيم ودعم نسخته الأولى، إضافةً جديدةً ونوعية إلى المشهد الثقافي في فلسطين، ولاسيما في سياق تعزيز عالم صناعة الموسيقى، ما قد يفتح أبواباً وآفاقاً جديدة أمام الموسيقيين الفلسطينيين، والتجارب الموسيقية في فلسطين، وربطهم بالمشهد الموسيقي الأكبر.
أما فيما يتعلق برام الله دوك، فقد اتفق البرنامج مع شركائه؛ معهد غوته، والقنصلية الفرنسية، وفيلم لاب فلسطين، على تنظيم هذا البرنامج كل عامين، وذلك لإتاحة المجال أمام المخرجين والمنتجين لتقديم مشاريع أكثر نضجاً وجودة. وفي هذا الإطار، عمل البرنامج، بالتعاون مع فيلم لاب، على تنظيم ورشة عمل متخصصة في مجال إدارة التصوير، شارك فيها أكثر من 15 شخصاً متخصصاً ممن يطمحون إلى تطوير مسيرتهم المهنية في مجال إدارة التصوير في فلسطين.
شهدت فترة التقرير تنفيذ الدورة الأولى من مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية"، بتمويل من الوكالة السويسرية للتنمية (SDC). وشكلت دورة المشروع تجربة ثرية للبرنامج وللشركاء المختلفين. كما أطلق البرنامج مشروع "الفنون البصرية: نماء واستدامة"، بتمويل من القنصلية السويدية العامة، ممثلةً بالوكالة السويدية للتنمية الدولية (Sida). ويطمح هذا المشروع إلى جعل مشهد الفنون البصرية في فلسطين أكثر حيوية واستدامة، عبر تمكين المؤسسات الفاعلة فيه من بناء وتطوير قدراتها وبرامجها ومواردها وتحديث رؤاها وطرائقها في العمل، والتعاون مع قطاع أوسع من الفنانين والشركاء المختلفين، وبالتالي بناء جمهور عريض لها.
وفيما يتعلق بمجتمعات محلية أكثر مشاركة في تحديد مشكلاتها، والسعي إلى حلها، من خلال تدخلات فنية وثقافية، فقد عمل البرنامج إلى جانب برنامج البحث والتطوير التربوي على إنجاز الدورة الأولى من "مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية"، الذي يستمر لثلاث سنوات قابلة للتجديد بتمويل مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية (SDC). وقد قدم البرنامج، في إطار هذا المشروع، أربع منح لتنفيذ أربعة مشاريع مختلفة تم اختيارها من بين 126 مشروعاً تقدمت للمنحة. وانخرط البرنامج قبل ذلك في عملية طويلة مع المستفيدين في تطوير مشاريعهم التي انطلقت فعالياتها كل في موقعه؛ في منطقة دورا جنوب الخليل من قبل مسرح نعم (الخليل)، وفي منطقة الأغوار في أريحا من قبل مسرح عشتار (رام الله)، وفي منطقة طولكرم من قبل دار قنديل (طولكرم)، وفي غزة من قبل جمعية الخريجات الجامعيات (غزة).
وقد جاء إطلاق "مشروع الفنون البصرية: نماء واستدامة" ليضيف هدفاً أساسياً إلى عمل البرنامج خلال السنوات الأربع القادمة، يتمثل في جعل مشهد الفنون البصرية أكثر حيوية وقدرة على الاستدامة. وسيقدم برنامج الثقافة والفنون، من خلال هذا المشروع، منحاً للمؤسسات والمجموعات الفنية العاملة في حقل الفنون البصرية ومؤسسات أكاديمية لديها برامج في حقل تعليم الفنون البصرية، على دورتين، تستمر كل منهما لمدة تقارب العامين. ومن المتوقع أن تستفيد ما بين سبع إلى تسع مؤسسات من منح المشروع في كل دورة. وستشمل المنح تغطية النفقات التشغيلية الأساسية، والنفقات المرتبطة بتطوير القدرات المؤسساتية وبناء أنظمتها المالية والإدارية وإمكاناتها التقنية، والنفقات البرامجية.
قدم البرنامج 20 منحة دراسية جديدة لطلاب في مجال الموسيقى، والفنون الأدائية الأخرى، أو حقول متصلة اتصالاً مباشراً بها، منها 13 في مجال الموسيقى، وأربع منح أخرى لطلاب مسرح ورقص لمواصلة دراستهم في معاهد وجامعات مختلفة حول العالم، وثلاث منح في مجالات فنية أخرى. في حين أنهى خمسة طلاب هذا العام دراستهم برامج البكالوريوس والماجستير بدعم من البرنامج، وقد التحق أكثرهم بالعمل في مجالات اختصاصهم، و/أو في إنجاز مشاريع فنية جديدة لهم، أو المشاركة في مشاريع فنية مختلفة.
إلى جانب ذلك، واصل البرنامج تقديم فرص متنوعة للإقامات الفنية، بالتعاون مع شركائه المختلفين، لفنانين بصريين وأدائيين في كل من مدينة الفنون بباريس، ومدرسة الأفكار في شيتيديلارتيه ببيلا في إيطاليا، وتونس، داعماً التحاق 10 فنانين في برامج إقامات مختلفة.
ولعب البرنامج دوراً أساسياً في تطوير وتنفيذ ثلاثة برامج تدريبية متخصصة؛ أحدها في مجال الفنون البصرية مع بيت التقاء الفنانين، وآخر في مجال المسرح مع جمعية بسمة للثقافة والفنون، وكلاهما في غزة، وثالث في مجال الكتابة عن الصورة. وشارك في هذه البرامج حوالي 50 شخصاً من كلا الجنسين من الفنانين والكتاب الشباب والمهتمين بتطوير مهاراتهم ومعارفهم. وقد بلغ مجموع الفنانين المنخرطين في المشاريع الجديدة 217 فناناً، ما بين فنانين شباب وجدد ومكرسين، من بينهم 66 فنانة.
كما واصل البرنامج عمله في تقديم الدعم للمشهد الثقافي والفني في فلسطين، وتعزيز الحضور الثقافي الفلسطيني في الخارج، وتمكين مزيد من الفنانين من تطوير معارفهم ومهاراتهم، سواء عبر الدراسة أو التدريب أو الالتحاق بإقامات فنية، أو عبر الانخراط في إنتاجات فنية جديدة، وذلك من خلال ما يقدمه من منح متنوعة، أو ما ينظمه من تدخلات وفعاليات مختلفة.
وفيما يتعلق بانخراط فنانين في إنتاجات ثقافية أو معرفية نوعية جديدة تقودها أو تدعمها المؤسسة، وتحقق لهم فرصة للاعتياش جزئياً أو كلياً من العمل في الحقل الثقافي، فقد دعم البرنامج 26 مشروعاً فنياً جديداً في الفنون الأدائية والبصرية تم اختيارها من بين عشرات المشاريع الأخرى، من قبل لجان تحكيم متخصصة، وبناءً على معايير تقوم على الجودة والمهنية، وذلك في إطار منحة القطان للفنون الأدائية، ومشروع "صلات: روابط من خلال الفنون" بالشراكة مع صندوق الأمير كلاوس، ومسابقة الفنان الشاب للعام 2016، والمنح الفصلية. وقد أتاحت كل هذه المشاريع فرصاً لعشرات الفنانين أن ينخرطوا فيها، وأن يتقاضى جزء كبير منهم أجراً مقابل عمله، سواء من خلال عملية الإنتاج، و/أو من خلال تقديم عروض وغيرها، كما أتاح عدد من هذه المشاريع انخراط جزء آخر من الفنانين الشباب في برامج تدريب وبناء قدرات مكنتهم من تطوير مهاراتهم ومعارفهم، وحسنت من فرص اعتياشهم من العمل في المجال الفني مستقبلاً.
ومن الفعاليات الأخرى التي يجدر التوقف عندها مساق "الكتابة عن الصورة"، الذي يمكن أن يشكل نموذجاً ملهماً من حيث الطريقة التي تم بها تنظيمه وتمويله وتنفيذه. فقد شكل هذا المساق الذي شاركت في تحقيقه خمس مؤسسات، وقادتها مؤسسة عبد المحسن القطان، نقطة التقاء لتيارات عديدة في مجال الفنون البصرية ومختلف ممارساتها، من أماكن مختلفة من العالم، حيث تمكن المشاركون من التفكير في الممارسات البصرية في السياق الفلسطيني، بعلاقته أيضاً مع السياقات المختلفة.
وقد أثمر عن ذلك إنتاج ثمانية نصوص تتمحور حول أعمال وممارسات فنية في سياق قلنديا الدولي للعام 2016 أو مستلهمة منها، ونشرت هذه النصوص محلياً في ملحق الثقافة في صحيفة الأيام، كما ستنشر في موقع إبراز، وبذلك تكون مقدمة لتحول إبراز إلى نشر نصوص بالعربية.
أما فيما يتعلق ببناء جمهور أوسع وأكثر تنوعاً للثقافة الفلسطينية محلياً وعالمياً، من خلال برامج مدعومة من المؤسسة، فقد واصل البرنامج دعمه لعدد من المهرجانات الفنية المهمة التي تتمتع بجودة فنية جيدة، وبجماهيرية واسعة، وتتوزع فعالياتها على مناطق مختلفة في فلسطين، حيث دعم تسعة مهرجانات دولية ومحلية في مجالات فنية مختلفة ما بين الرقص المعاصر، والموسيقى، والمسرح، والسينما، والفولكلور، امتدت فعالياتها إلى كثير من المدن والبلدات الفلسطينية، واستطاعت أن تصل عشرات الآلاف من المهتمين من فئات اجتماعية وعمرية متنوعة. ومن خلال منحه الفصلية، أيضاً، دعم البرنامج 29 فعالية ومشروعاً فنياً مختلفاً في مجال الأدب والفنون البصرية والفنون الأدائية والتدريب في مناطق مختلفة، كما دعم 10 مشاركات لأفراد أو فرق فلسطينية مختلفة في فعاليات ثقافية وفنية دولية، ما يساهم، أيضاً، في بناء جمهور أوسع للثقافة الفلسطينية في الخارج. وقد دعم البرنامج ما يزيد على 307 فعاليات حضرها جمهور زاد على 92,570 شخصاً في مناطق جنين، ورام الله، وبيت جالا، وبيرزيت، وعنبتا، وبيت عنان، والقدس، وحيفا، وشفاعمرو، ومجدل شمس، والجليل، وبيت لحم، والخليل، وأريحا، ونابلس، وغزة. في حين بلغ جمهور الفعاليات التي نظمت خارج فلسطين، بدعم من البرنامج، بما فيها جمهور عروض بدكة، أكثر من 24,026 شخصاً في فرنسا، واسكتلندا، والإمارات العربية المتحدة، ولبنان، والبرتغال، وألمانيا، والسويد، وسويسرا، ولتوانيا، وتونس، والولايات المتحدة الأميركية.